حذر أكثر من مركز أبحاث بريطاني من أن البلاد مقبلة على انهيار مالي يمكن أن يكون أسوأ من ذلك الذي حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008، وتتباين الآراء فقط في ما كان الاقتصاد البريطاني دخل بالفعل أو على وشك الدخول في ركود اقتصادي عميق.
وتوقع "المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية" أن الاقتصاد أصبح في حالة ركود بالفعل، مقدرا أن عدد الأسر البريطانية التي ستكافح لتحمل تكاليف المعيشة سيتضاعف ليصل إلى سبعة ملايين أسرة بحلول عام 2024.
أما "مجموعة باو"، وهي من أقدم مراكز الأبحاث المحافظة في العالم، فتحذر من أن انهياراً أسوأ من ذلك الذي شهدناه في 2008 أصبح وشيكاً جداً.
وقال رئيس المركز بن هاريس-كويني إن الحكومة لا يمكنها التهرب من المسؤولية من هذا الوضع بل إنها الملام الرئيس، حسب ما نقلت عنه صحيفة "الديلي اكسبريس". وأضاف، "لطالما حذرت مجموعة باو من أن الحكومة تتجاهل حقيقة اقتصادية بسيطة، وهي أنه لا يمكنك أن تقترض وتنفق بكثافة ولا تتحمل تبعات ذلك".
ورداً على حجج مسؤولية أزمة وباء كورونا أو حرب أوكرانيا عن هذا الوضع، قال هاريس-كويني، "هذا ليس نتيجة الوباء فقط، فمنذ أن جاء المحافظون إلى السلطة في 2010، تضاعف الدين القومي ثلاث مرات. وكانت سياساتهم عكس كل التقاليد المحافظة من حيث الترشيد المالي والإدارة الاقتصادية السليمة".
تضاعف خدمة الدين
يواجه من سيتم انتخابه زعيماً لحزب المحافظين ورئيساً للحكومة خلفاً لرئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون مهمة في غاية الصعوبة وهي كيف سيدبر للخزينة مستحقات خدمة الديون ومدفوعات الضمان الاجتماعي في الفترة المقبلة. وحسب تحليل لصحيفة "فايننشال تايمز" نشرته في عددها الأسبوعي، فإن خدمة الدين ستتضاعف في العام المالي المقبل نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة سعر الفائدة.
استند التحليل إلى ارقام بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" في بيانه الأخير وإلى توقعات معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وبالنتيجة ستضاف أكثر من 60 مليار دولار (50 مليار جنيه استرليني) للمستحقات التي على الحكومة البريطانية تسديدها.
ومن المتوقع أن ترتفع كلفة خدمة الدين الحكومي البريطاني من نحو 60 مليار دولار (50 مليار جنيه استرليني) حالياً إلى أكثر من 115 مليار دولار (95 مليار جنيه استرليني) العام المقبل. ذلك لأن هناك نحو 607 مليارات دولار (500 مليار جنيه استرليني) من الدين العام البريطاني مرتبطة بمؤشر أسعار المستهلكين "مقياس التضخم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المتوقع كذلك أن ترتفع مدفوعات الضمان الاجتماعي المرتبطة بمؤشر الأسعار بنحو 28 مليار دولار (23 مليار جنيه استرليني) سنوياً على مدى العامين المقبلين.
وحسب تقرير "فايننشال تايمز" فإن ذلك سيكون المشكلة الأضخم التي تواجه من سيخلف بوريس جونسون. ويتنافس وزير الخزانة المستقيل ريشي سوناك ووزيرة الخارجية ليز تراس في المرحلة الأخيرة من انتخابات حزب المحافظين الحاكم لاختيار خليفة جونسون خلال أسابيع قليلة.
شكوك حول إمكانية الحل
تتزايد الشكوك حول قدرة أي من سوناك أو تراس على مواجهة الأزمة الحالية أو وقف اتجاه بريطانيا نحو انهيار اقتصادي. وحسب ما نقلت "ديلي إكسبريس" عن رجل الأعمال النائب البرلماني السابق عن حزب بريكست بن حبيب فإن عمق الأزمة، وليس حلها، "سيعتمد بشكل كبير على نتيجة المنافسة الحالية على زعامة المحافظين".
وحسب حبيب فإن فوز ريشي سوناك بزعامة الحزب ورئاسة الحكومة لن يعني سوى استمرار الوضع الحالي و"تقريباً عدم فعل أي شيء". وأضاف، "هو (سوناك) يعترف بأن الاقتصاد يحتاج إلى إعادة بناء، وهذا اعتراف مثير من وزير الخزانة السابق، لكن استراتيجيته للقيام بذلك هي اتباع السياسات ذاتها التي أوصلتنا إلى هذا الوضع. فهو سيبقي على الضرائب المرتفعة وربما يزيد بعضها ولن يؤثر في إصلاح جانب العرض في الاقتصاد". وعلى الرغم من إعرابه عن أمله في فوز ليز تراس، إلا أنه اشار أيضاً إلى أنه "لن يكون أمام تراس فرصة للمناورة لعمل شيء".
ويخلص رجل الأعمال النائب البرلماني السابق في تحليله إلى أن "إمكانية أن تتفادى بريطانيا شتاء غضب كما حدث في عام 1979 وخسارة المحافظين للانتخابات يعتمد على قدرة تراس على الفوز والتصرف بسرعة".
الناس تفضل جونسون
تلك الآراء لمراكز الأبحاث ورجال الأعمال عكستها نتائج استطلاع للرأي بين أعضاء حزب المحافظين الحاكم نشرت أخيراً، وحسب نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة "أوبينيوم" فإن الأغلبية من أعضاء الحزب يفضلون بوريس جونسون على كلا المرشحين لخلافته، ليز تراس وريشي سوناك.
واختار 63 في المئة من أعضاء الحزب بوريس جونسون مقابل 22 في المئة اختاروا ليز تراس. ورداً على السؤال حول المفاضلة بين بوريس جونسون وريشي سوناك، اختار 68 في المئة رئيس الوزراء الحالي بينما صوت 19 في المئة فقط لصالح سوناك.
وبالنسبة إلى المرشحين المتنافسين أظهرت نتائج الاستطلاع تقدم ليز تراس بنحو 22 نقطة على منافسها ريشي سوناك. فمن بين أعضاء الحزب، هناك 61 في المئة يدعمون تراس مقابل 39 في المئة يدعمون سوناك.
جاءت نتائج الاستطلاع بين الجمهور العام (أي الناخبين البريطانيين) عموماً وليس أعضاء حزب المحافظين فقط، بالنسبة إلى المفاضلة بين بوريس جونسون والمرشحين لخلافته مختلفة بعض الشيء، ففي المفاضلة بين رئيس الوزراء وليز تراس، اختار 31 في المئة ليز تراس مقابل 29 في المئة لبوريس جونسون، أما مع ريشي سوناك فاختار 32 في المئة من جمهور الناخبين العام سوناك مقابل 31 في المئة لبوريس جونسون.