Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أكبر اقتصاد أوروبي يتحول من "قاطرة النمو" إلى الركود

ألمانيا تواجه تحديات مع التحول من "دينامو مالي" إلى التباطؤ

جانب من التداولات اليومية في بورصة فرانكفورت (رويترز)

تستعد الحكومة الألمانية لرفع سقف الشرائح الضريبية في البلاد كوسيلة لتخفيف عبء ضريبة الدخل على المواطنين الألمان الذين يواجهون تبعات غلاء المعيشة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ومن المقرر أن يطرح المقترح للنقاش داخل الحكومة الأسبوع المقبل. وبحسب ما أعلنه وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر سيتم رفع الحد الأدنى لتحصيل الضريبة على الدخل، ما يعني زيادة حجم الدخل غير الخاضع للضريبة، كما يتضمن المقترح رفع سقف الدخل الذي تحصل عليه الشريحة الأعلى من الضرائب عند نسبة 42 في المئة. وسيعني رفع سقف الشرائح الضريبية إعفاء الألمان دافعي الضرائب بأكثر من 10.03 مليار دولار (حوالي 10  مليارات يورو)، إضافة إلى ذلك يتضمن الاقتراح المسمى "قانون تعويضات التضخم" تقديم ما يقارب مئتي دولار (194.17 يورو) للأسر الألمانية كدعم نقدي مباشر. وفي ظل عدم نمو الاقتصاد الألماني ما بين الربعين الأول والثاني من هذا العام، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، قال وزير المالية الألماني: "إن السماح بزيادة الضرائب في ظل هذه الظروف لن يكون عادلاً، وهو أمر خطير للتنمية الاقتصادية".وقد يشهد الاقتراح الألماني بعض التغييرات حين تتم مناقشته الأسبوع المقبل، خصوصاً من بعض الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحكومي مع حزب المستشار الألماني أولاف شولتز، بخاصة وأن حزب الخضر المشارك في الائتلاف الحكومي يميل نحو اليسار سياسياً، ويعارض خطة تخفيف الأعباء الضريبية، ويطالب بدعم أكبر بشكل مباشر موجه للأسر الأكثر فقراً.

تحديات الاقتصاد

في الوقت الذي شهدت فيه بعض الاقتصاديات الأوروبية نمواً، ولو ضعيفاً، لم يحقق أكبر اقتصاد في أوروبا نمواً في الربع الأخير. وأرجعت صحيفة "الفاينانشيال تايمز" في تحليل مطول لها ذلك إلى اعتماد الاقتصاد الألماني بشكل رئيس على التصدير، وهو ما جعل تأثره بالأزمات العالمية المتتالية من وباء كورونا إلى حرب أوكرانيا ثم الصراع الغربي مع الصين أكثر ضرراً من غيره.وبحسب الصحيفة يتحول الاقتصاد الألماني من قاطرة النمو في أوروبا إلى عبء شديد يجر اقتصاد دول منطقة اليورو كلها نحو الركود، إذ من غير المستبعد أن يدخل الاقتصاد الألماني في ركود تقنياً، أي بمعنى نمو سلبي لربعين متتاليين، بسرعة.وبالفعل رسم كريستين ليندنر الأربعاء صورة قاتمة للمستقبل الاقتصادي لبلاده، واصفاً مستقبله بأنه "هش". وتم بالفعل خفض توقعات النمو، وأصبحت تكاليف المعيشة "أكثر غلاء لعدد متزايد من الناس" في ألمانيا، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء والمواد الغذائية.ويواجه أكبر اقتصاد في أوروبا تحديات عدة، منها إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم استمرار الاختناقات في سلاسل التوريد العالمية، وتراجع الطلب العالمي الذي أدى إلى تباطؤ شديد في القطاع الصناعي الألماني. وفي فترات التراجع الاقتصادي السابقة كان قطاع الخدمات يتباطأ بينما ينمو قطاع التصنيع، أو العكس. أما هذه المرة فإن "الأمر المزعج أكثر هو مدى اتساع نطاق الضعف ليشمل كل قطاعات الاقتصاد"، كما يقول رئيس معهد "آيفو" كيلمينز فويست.

  منطقة اليورو

بدا ذلك جلياً في عدم تحقيق الاقتصاد الألماني أي نمو في الربع الأخير، بينما حققت اقتصادات دول منطقة اليورو ككل نمواً بنسبة 0.7 في المئة في المتوسط. وفي الشهر الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصادي الألماني في العام المقبل 2023 في المتوسط إلى 0,8 في المئة، وذلك بشطب 1,9 في المئة من توقعاته السابقة، وتلك أعلى نسبة خفض لتوقعات النمو لأي اقتصاد في العالم يعلنها الصندوق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الوقت الذي حققت فيه دول أوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا نمواً اقتصادياً أقوى من المتوقع، تراجع الاقتصاد الألماني، ذلك لأن تلك الدول شهدت إنفاقاً استهلاكياً قوياً من جانب السياح الذين يقصدونها، بينما اعتمدت ألمانيا على الطلب المحلي الذي شهد تراجعاً شديداً. فمع ارتفاع معدلات التضخم، وتحسب المستهلكين الألمان لارتفاع جديد في الأسعار، تراجع إنفاقهم الاستهلاكي بشدة، لكن العامل الأهم في التباطؤ الاقتصادي لأكبر اقتصاد أوروبي هو انخفاض الطلب العالمي بشكل عام، بالتالي هبوط التصنيع، ونتيجة اعتماد اقتصاد ألمانيا على التصدير انكمش النمو الاقتصادي.

عوامل جيوسياسية

ونتيجة أن التصنيع والتصدير يمثلان نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب الإنفاق الاستهلاكي، تواجه ألمانيا ربما أكثر من غيرها من دول الاتحاد الأوروبي تبعات التوترات الجيوسياسية في العالم. فهناك تخوف دائم من وقف إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، سواء نتيجة العقوبات الأميركية/الغربية على موسكو التي تشارك فيها ألمانيا، أو كإجراء انتقامي من جانب روسيا تجاه الاقتصاد الأكبر في أوروبا، وتعتمد ألمانيا على إمدادات الطاقة الروسية بشكل كبير، يتجاوز نسبة اعتماد أي بد أوروبي آخر.

ثم هناك أيضاً التصعيد بين الولايات المتحدة والصين، بخاصة بشأن جزيرة تايوان أخيراً، الذي يمكن أن يضر أكثر بالصناعة والتجارة الألمانية في حال تشددت واشنطن تجاه بكين وطالبت حلفاءها الغربيين ومنهم ألمانيا بأن يحذوا حذوها.وبدا تأثير ذلك واضحاً في المسح الأخير لمعهد آيفو حول الثقة في المناخ العام للأعمال، إذ شهد المؤشر الشهر الماضي أدنى مستوى له في نحو عامين، وقالت نسبة 73.3 في المئة من الشركات التي يشملها المسح إنها تعاني نقصاً في مدخلات الإنتاج، وفي قطاعات الإلكترونيات وصناعة الآلات وصناعة السيارات بلغت النسبة 90 في المئة من الشركات التي اشتكت أنها لا تستطيع توفير المواد والمكونات التي تحتاج إليها في التصنيع.