على الرغم من أن الارتفاعات في أسعار النفط منذ أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي انعكست بصورة واضحة على ميزانية السعودية والتي حققت ارتفاعاً في فوائضها في الربع الثاني لهذا العام بـ20.7 مليار دولار، فإن الإيرادات غير النفطية كما أظهرت بيانات الميزانية السعودية نصف السنوية ارتفعت إلى 214.26 مليار ريال (57 مليار دولار) بنهاية النصف الأول 2022.
وأسهمت الضرائب بأكثر من 80 في المئة من إجمالي الإيرادات غير النفطية وتعادل 172.5 مليار ريال (46 مليار دولار) في الميزانية نصف السنوية، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي والتي بلغت 162.6 مليار ريال (43.4 مليار دولار) وبزيادة 7 في المئة.
في حين بلغ إجمالي مساهمة الضرائب في الربع الثاني من هذا العام 99.7 مليار ريال (26.6 مليار دولار).
وتتنوع الضرائب بين ما هو على دخل وأرباح الشركات والمعاملات الدولية، وما هو على السلع والخدمات.
أهمية الفائض
ويرى محللون اقتصاديون أن ارتفاع حجم الفوائض سيعزز من الاحتياطيات المالية، ويخفض من معدلات الاقتراض مما يسهم في ارتفاع في معدلات النمو الاقتصادي محلياً، وهو ما يتوافق مع توقعات صندوق النقد الدولي الأخيرة، فمن المتوقع أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 6.7 في المئة في عام 2022.
وقال عضو مجلس الشورى فضل البوعينين "ما زالت أرقام الميزانية السعودية تحقق تحسناً لافتاً مستفيدة من تحسن أسعار النفط، ما انعكس إيجاباً على الإيرادات الكلية، بالتالي تسجيل فائض 77.9 مليار ريال (20.7 مليار دولار) في الربع الثاني، بالتالي يصبح مجمل الفائض في النصف الأول 135 مليار ريال (35.93 مليار دولار) وهو فائض مهم سيسهم في تعزيز الاحتياطيات المالية واستقرار أكبر للمالية العامة، وربما يحد من التوسع في الاقتراض الخارجي لصالح تعزيز الاحتياطيات المالية، وهو أمر تفرضه الظروف الحالية والمستقبلية التي تتصف بعدم اليقين في مستقبل الاقتصاد العالمي والمخاطر الجيوسياسية".
وأضاف "من المهم الإشارة إلى ارتفاع الإيرادات غير النفطية إلى 214.26 مليار ريال (57 مليار دولار) بنهاية النصف الأول 2022، وبنسبة 43 في المئة عن إيرادات الفترة المماثلة من 2021، حيث تعتبر الإيرادات غير النفطية المؤشر الحقيقي على نجاعة الإصلاحات الاقتصادية، بخاصة في حال تنوع مصادرها وهو ما يستوجب التركيز عليه مستقبلاً".
واستطرد بالقول "إن انضباطية الإنفاق وفق المخطط له في الميزانية أمر مهم ومن أسباب المحافظة على الفوائض المالية والاستفادة منها في تعزيز الاحتياطيات من جهة، والحد من الاقتراض السيادي من جهة أخرى".
ولفت إلى أن الحكومة نجحت في تجاوز مرحلة مالية حرجة تسببت بها جائحة كورونا وما تبعها من متغيرات حادة في أسواق النفط، وهي اليوم أمام تحدي تقليص حجم الدين العام وضمان استدامة نمو الاقتصاد.
آثار إيجابية
من جانبه أشار المحلل الاقتصادي سليمان العساف إلى أن الفائض المحقق خلال الربع الثاني أعلى بمعدل 15 في المئة مما تم تحقيقه في الربع الأول من هذا العام.
وقال "السبب في تحقيق الفوائض يعود إلى زيادة أسعار النفط والتي بدأت في الارتفاع منذ أواخر شهر فبراير الماضي لليوم، وهي تمثل كامل الفترة للربع الثاني وثلث فترة الربع الأول".
استطرد بالقول "تحسن الأوضاع الاقتصادية داخل البلاد نتيجة لضخ الحكومة كثيراً من الأموال على مشاريع البنية التحتية مما أسهم في دفع عجلة الاقتصاد للأمام، وأسهم بشكل كبير في تسجيل نمو في معدلات الاقتصاد السعودية بشكل متواصل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع العساف أن تستمر الميزانية في تسجيل فوائض طيلة هذا العام 2022، واستدرك بالقول "من المتوقع أن يكون هناك انخفاض في معدل الفوائض في الربع الأخير من العام بسبب دفع الحكومة جميع المصروفات والالتزامات والتي جرت العادة على سدادها أواخر كل عام".
وحول انعكاسات ارتفاع معدلات الفائض أوضح العساف أنها إيجابية، لا سيما أنها ستعمل على تضخيم حجم الاحتياطي النقدي للبلاد، كما أنها ستخفض من عملية الاقتراض الحكومي.
كفاءة الإنفاق
ويتفق المحلل الاقتصادي صلاح الشلهوب مع العساف في توقع استمرار تسجيل ميزانية البلاد فوائض خلال الربعين المتبقيين من هذا العام.
وقال "يعد ارتفاع أسعار النفط عاملاً رئيساً في تحقيق فوائض خلال النصف الأول، ولكن هناك عامل آخر وهو كفاءات الإنفاق".
واستطرد بالقول "لعبت كفاءات الإنفاق دوراً كبيراً في تقليص المصروفات كما تظهر بيانات الميزانية نصف السنوية، إضافة إلى برامج الخصخصة التي تعمل عليها الحكومة، مما أسهم في تخفيض المصروفات الحكومة وانعكس بشكل إيجابي على تحقيق الفوائض".
الفائض بلغ 35.9 مليار دولار
ويذكر أن وزارة المالية السعودية أعلنت أمس تحقيق نمو في عائدات الربع الثاني من موازنتها بنسبة 49 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي بفائض يبلغ 77.9 مليار ريال (20.7 مليار دولار)، بفضل الزيادة الكبيرة في عائدات قطاع النفط، كما سجل الاقتصاد السعودي نمواً بمعدل 12 في المئة في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي 2021.
وقالت وزارة المالية في بيانها "إنها سجلت إيرادات بلغت 370.3 مليار ريال (98.7 مليار دولار)، فيما بلغت المصروفات 292.4 مليار ريال (77.9 مليار دولار) بفائض قدره 77.9 مليار ريال (20.7 مليار دولار)".
وكان الربع الأول من العام الحالي قد سجل أيضاً فائضاً يبلغ 15 مليار دولار، ما يجعل إجمالي صافي النصف الأول لموازنة العام الحالي يبلغ 35.93 مليار دولار.
وكانت السعودية توقعت تحقيق فائض يبلغ 90 مليار ريال (24 مليار دولار) في موازنتها لعام 2022.
وجاء الارتفاع الكبير في عائدات الربع الثاني للعام الحالي مدفوعاً بزيادة قدرها 89 في المئة في العائدات النفطية مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي، كما زادت عائدات الضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية بـ42 في المئة مقارنة بالعام الماضي.