Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المالية السعودية تحسم الجدل حول الضريبة: لا خفض قريباً

محللون: فرضُها أسهم في رفع قيمة الموارد غير النفطية في الناتج المحلي

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (رويترز)

حسم وزير المالية السعودي محمد الجدعان الجدل حول احتمالات خفض الضريبة القيمة المضافة قريباً، إذ تسبب التعافي الذي بدأ الاقتصاد السعودي يمر به خلال الأشهر الأخيرة في ازدياد التوقعات بين الاقتصاديين عن احتمال خفض معدل الضريبة المضافة، والذي ارتفع من خمسة في المئة إلى 15 في المئة في يوليو (تموز) عام 2020.

وقال الجدعان في مقابلة اليوم مع قناة "الشرق"، إن "الهدف من رفع معدلها كان التعامل مع صدمة جائحة كورونا، ومتى ما تحسنت المالية العامة بعد سنوات، وعلى الأرجح خلال خمس سنوات، سيتم النظر فيها".

واستدرك بالقول، "لكن لن يكون هناك خفض لضريبة القيمة المضافة في فترة قريبة"، متوقعاً أن تسجل الرياض عجزاً في الموازنة نهاية هذا العام.

فترة طويلة

مدة السنوات الخمس التي حددها الوزير لمراجعة معدلات ضريبة القيمة المضافة الحالية، يراها المحلل المالي صلاح الشلهوب فترة طويلة وكافية لتعافي الاقتصاد المحلي من تداعيات أزمة فيروس كورونا.

وقال، "أسهم انتشار فيروس كورونا وما تلاه من إغلاق لمدة عام في انعكاسات سلبية على اقتصادات الدول ومنها السعودية التي بدأت في التعافي، ومن المتوقع أن يتم تقويم الأثر بين الحين والآخر لمعرفة مدى تعافي الاقتصاد المحلي من آثارها كافة، ويمكن أن يكون هناك مراجعة لقيم الضرائب قبل السنوات الخمس"، لافتاً إلى أن إقرارها وقت الجائحة أسهم بشكل كبير في تعزيز الموارد غير النفطية، مما رفع معدل إسهامات في الناتج المحلي للدولة.

واستطرد بالقول، "إن خيار رفع معدلات ضريبة القيمة المضافة من خمسة في المئة إلى 15 في المئة كان الخيار الأفضل من ضمن عدد من الخيارات، بخاصة وأنها مرتبطة بالمصروفات والتي يمكن للأفراد التحكم بها، بخلاف لو فرضت ضرائب دخل على الرواتب مثلاً".

ضبط الإنفاق

وبالعودة لتصريحات وزير المالية السعودي الذي توقع أن تسجل الموازنة العامة للبلاد عجزاً نهاية هذا العام، حين قال، "لدينا توجه للإبقاء على ضبط الإنفاق في المملكة على الرغم من ارتفاع الإيرادات، فنحن نريد الاستمرار في العمل بكفاءة وقد نرفع الإنفاق العام، لكن أي زيادة في بنود الإنفاق مستقبلاً بما فيها رواتب موظفي الحكومة ستكون لتغطية التضخم الطبيعي".

وأكد أن السعودية تتجه للإبقاء على ترشيد الإنفاق على الرغم من ارتفاع الإيرادات. وزاد، "نحن نريد الاستمرار بالعمل بكفاءة".

ووصف إقرار مجموعة العشرين للضرائب على الشركات الكبرى بـ "الممتاز"، وسيسهم في جذب هذه الشركات للسعودية، باعتبار أن "جميع الدول سيكون لديها المزايا الضريبية نفسها، وبالتالي ستكون هناك عدالة أكبر".

تعديلات سابقة

وفي سياق متصل، أعلنت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية بدء تطبيق عدد من التعديلات الجوهرية التي أدخلتها على نظام اللائحة التنفيذية لنظام الضريبة المضافة، وتشمل التعديلات في الفقرة الـ 20 من اللائحة.

وتنص التعديلات على تغيير في تواريخ التوريد واستحقاق ضريبة القيمة المضافة على جميع توريدات السلع أو الخدمات، التي تتم من المنشآت المتعاقدة مع الجهات الحكومية، وفق العقود المبرمة مع تلك الجهات، بحسب نظام المنافسات والمشتريات الحكومية.

وأشارت التعديلات إلى أن تاريخ استحقاق الضريبة هو ذاته تاريخ إصدار أمر الدفع الخاص بالمطالبة المتعلقة بالتوريدات الخاضعة للضريبة، وفق إجراءات نظام المنافسات أو تاريخ تلقي مقابل التوريد أو جزء منه بحسب الأسبقية، وذلك لضمان تسلم المنشأة للضريبة المستحقة عن التوريد قبل الإقرار عنها وسدادها للهيئة ضمن قراراتها الدورية.

ولفت محللان اقتصاديان إلى أن القرار سيدفع الاقتصاد السعودي إلى مزيد من النمو، لا سيما وأنه دعم موجه للشركات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة والتي تعد صمام الأمان لاقتصادات الدول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأمر الذي أكده وزير المالية السعودي محمد الجدعان في تصريحات صحافية واكبت القرار بقوله، "إن القرار يؤكد استمرار الحكومة في العمل على تعزيز دور القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، إضافة إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة عبر عدد من المبادرات والبرامج التي تسهم في رفع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية في البلاد".

إزالة المعوقات

وتابع الجدعان، "إن تعديل موعد استحقاق ضريبة القيمة المضافة يأتي في إطار اهتمام الحكومة بإتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص للتوسع والنمو والتشغيل، إضافة إلى تسهيل مناخ الأعمال وإزالة المعوقات، مع الحفاظ على بيئة مستقرة تحفز النمو الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل، وتوفير ملاءة مالية أفضل للقطاع".

من جانبه، قال الأكاديمي والمحلل الاقتصادي محمد القحطاني "إن القرار سيدفع مؤسسات القطاع الخاص للنمو بشكل أكبر، لا سيما في ما يتعلق بتسهيلات عمليات الإمداد للمشاريع الحيوية في البلاد التي يتم إنشاؤها ضمن رؤية 2030 في كثير من القطاعات، وكذلك مشاريع البنية التحتية".

ولفت إلى أن اقتصاد السعودية بدأ في الانتعاش بشكل كبير بحسب البيانات الأخيرة للموازنة العامة وارتفاع قيمة الناتج المحلي لأسباب عدة، لعل من أبرزها الانتعاش في سوق النفط وارتفاع سعره، إضافة إلى الإيرادات غير النفطية التي أسهمت بشكل كبير في رفع قيمة الناتج المحلي.

وأضاف القحطاني، "القرار من شأنه أن يدفع مؤسسات القطاع الخاص بالتحرك بشكل أكبر والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للأمام، وفتح المجال لزيادة عدد الوظائف داخل القطاع، إضافة إلى تعزيز الاستيراد المقنن".

ونوه المحلل إلى أن ذلك سيسهل عمليات الشراء لوجود السيولة المالية لدى الشركات والمؤسسات، بخاصة وأن "تحصيل الضرائب سيكون مواكباً للحصول على المستحقات المالية، وهذا سيزيل عدداً من العوائق المتعلقة بالسيولة المالية للشركات ومؤسسات القطاع الخاص، وستحصل الحكومة على مستحقاتها المالية من ضرائب القيمة المضافة بعد أن تدور عجلة التنمية دورتها الكاملة، وهي سياسة تصب في مصلحة الاقتصاد المحلي".

وتوقع القحطاني أن تلي تلك التعديلات في اللائحة التنفيذية لنظام الضريبة المضافة قرارات تشجيعية وتحفيزية أخرى.

دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة

من جانبه، يرى الاقتصادي سالم باعجاجة أن القرار "دعم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تعد المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي في الدول".

وقال، "يبلغ معدل تلك الشركات 90 في المئة من إجمالي الشركات والمؤسسات العاملة في البلاد، وربط تاريخ استحقاق الضريبة بتاريخ إصدار أمر الدفع للمنشأ سيحمي من الخسائر في حال عدم توفر سيولة لديها أو تأخر وصول البضائع المستوردة وخلافه".

ونوه إلى أن الدول تدعم مؤسساتها الصغيرة والمتوسطة باعتبارها "العصب الرئيس لاقتصاد أي دولة، سواء متقدمة أو نامية، فهي تتميز بقدرتها العالية على توفير فرص العمل وانخفاض نسبة المخاطرة فيها مقارنة بالشركات الكبرى، كما أنها تسهم في تحسين الإنتاجية وتوليد وزيادة الدخل".

واختتم حديثه بأن الحكومات "تسعى دائماً إلى دعم تلك المنشآت من خلال إطلاق حزمة من القرارات التحفيزية، ولعل التعديل الأخير يأتي من ضمنها".

اقرأ المزيد