Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بات المغرب على أعتاب "موجة عطش"؟

الحكومة تعلن حالة طوارئ مائية إثر الجفاف والتراجع الكبير في تساقط الأمطار

حذرت الهيئات المحلية والدولية منذ أشهر من أزمة ندرة المياه التي يشهدها المغرب  (أ ف ب)

أعلنت الحكومة المغربية حال طوارئ مائية إثر موجة الجفاف التي تشهدها البلاد جراء التراجع الكبير في التساقطات المطرية، الذي نتج عنه انخفاض الاحتياطي المائي في السدود.

ولتجنب موجة عطش أطلقت الحكومة حملات للحد من تبذير استعمال المياه، وقالت إنه "في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد المائية يعرف منحنى استهلاك المياه بين المستخدمين ارتفاعاً".

وأضافت الحكومة "أمام هذا الوضع فمن الضروري أن ندعو إلى التوقف عن ممارسة أي شكل من أشكال تبذير الماء حفاظاً على الموارد الحالية، ومن أجل ضمان التوزيع العادل للمياه لفائدة الجميع".

وتشهد مناطق مغربية عدة انقطاعات في الإمداد بماء الشرب، مما يثير مخاوف بعضهم من احتمال حدوث موجة عطش في ظل حر فصل الصيف.

وضع مقلق

نبهت عديد من الهيئات المحلية والدولية منذ أشهر لأزمة ندرة المياه التي يشهدها المغرب، الأمر الذي يستلزم اعتماد إجراءات عاجلة لتفادي الكارثة.

الخبير البيئي المغربي مصطفى بنرامل رئيس "جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ"، يرى أن المغرب "يعيش وضعاً حرجاً مرتبطاً بأمنه المائي بصفة عامة، والماء الصالح للشرب على وجه الخصوص".

وقال بنرامل "وزارة التجهيز والماء تحتاج إلى إيجاد حلول آنية بسبب الانخفاض الحاد في الموارد المائية، وزيادة الظواهر المتطرفة بسبب تغير المناخ".

وأضاف أن كلاً من المجلس الحكومي، والمجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حذروا من الوضعية المائية المقلقة التي ستقبل عليها المملكة، مشيراً إلى أن تقرير البنك الدولي لسنة 2020 حذر من أن "الحق في المياه يواجه تهديداً متزايداً يوماً بعد يوم، ومتوسط الحصة السنوية للمواطن المغربي من الموارد المائية المتجددة والقابلة للتجدد يتجه نحو الانخفاض المستمر".

وشدد الخبير في المجال البيئي على أن تلك الوضعية أضحت تثير قلق المواطنين والمجتمع المدني والخبراء، في ظل زيادة الطلب على موارد المياه الجوفية بشكل مفرط وبطرق غير عقلانية، إضافة إلى التأخير الحاصل في مشاريع معالجة المياه العادمة وتثمينها.

ولفت بنرامل إلى مشكلة تلوث مياه الوديان والأنهار والبحيرات، ونقص حجم مخزون السدود بسبب تأخر الأمطار نتيجة تغير المناخ، مشيراً إلى أنه بحسب التوقعات الرسمية ينتظر أن تسهم التغيرات المناخية في تراجع حصة الفرد من المياه ما بين 10 و20 في المئة بحلول 2030، إلى ما بين 40 و50 في المئة خلال 2050.

مرحلة الإجهاد

يوضح متخصصون أن المغرب وصل مرحلة متقدمة في ندرة المياه، نظراً لكونه معرضاً بشكل كبير للتغيرات المناخية، ويرى محمد الشيخاوي الباحث في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة أن المغرب دخل مرحلة "الإجهاد المائي"، وذلك ليس بسبب سوء التدبير، لكن لمجموعة من الأسباب المتداخلة.

وأوضح الشيخاوي أن السبب الأساس مرتبط بالموقع الجغرافي للمغرب، باعتباره يوجد في حوض البحر الأبيض المتوسط، وما لتلك المنطقة من قابلية كبيرة للتأثر بعامل التغير المناخي، معتبراً أن "هشاشة" المغرب تجاه التغيير المناخي على مستويات عدة، منها عدم انتظام التساقطات زمنياً وجغرافياً مما ينعكس على الموارد المائية، إضافة إلى عامل ارتفاع درجة الحرارة الذي يزيد من حجم تبخر المياه، كما أن الدراسات تؤكد أن التساقطات ستنخفض بنسبة مهمة تتراوح بين 1 و30 في المئة في أفق عام 2050.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار بنرامل إلى أن مدير العمليات لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، جيسكو هينتشل، أوضح الأسبوع الماضي خلال مائدة مستديرة خصصت لتقديم تقرير تتبع حول الوضع الاقتصادي في المغرب، أن "الإجهاد المائي الذي يواجهه المغرب يستلزم اعتماد سياسات تكميلية كتلك التي يتضمنها النموذج التنموي الجديد، والتي من شأنها أن تعكس القيمة الحقيقية للموارد المائية وأن تشجع استخدامها بطريقة أكثر فاعلية وعقلانية".

من جانبه، أوضح بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن الحكومات المتعاقبة لم تستفذ من التجارب السابقة حينما شهد المغرب موجة جفاف قاسية، بالتالي لم تتخذ تدابير لتوقي تكرار المآسي التي حدثت آنداك.

واستغرب الخراطي من عدم استغلال المغرب لمياه الأمطار التي تذهب نسبة كبيرة منها نحو البحر، ونبه لمخاطر بعض المنتجات الفلاحية المعدة للتصدير، مثل الدلاح (البطيخ) التي تستنزف حجماً كبيراً من المياه.

تحرك متأخر

وقال بنرامل إنه "على الرغم من تخصيص الدولة نحو مليارين و42 مليون درهم (ما يقارب 200 مليون دولار) خلال الفترة 2021 – 2022 لمواجهة ندرة المياه التي يعانيها عدد من الأحواض المائية، فإن هذه الإجراءات أتت متأخرة ولن يكون لها أثر كبير في الآونة الحالية، لا في وضعية المياه ولا في التزود بشكل آمن ولائق للساكن بماء الشرب، في حين ستشهد الوضعية الزراعية الويلات إن لم تجد عليها السماء بخيراتها في الموسم المطير".

من جانبه، أكد وزير التجهيز والماء المغربي نزار بركة أن البلاد تعاني حالياً من ندرة المياه، وقال لقد "قمنا بعديد من التدابير لمواجهة هذا الأمر خصوصاً بالنسبة للأحواض المائية الأكثر تضرراً، واشتغلنا كذلك في هذا الإطار على التفاعل مع الإشكاليات الكبرى التي يعانيها مجال الماء".

وأوضح بركة أن أزمة ندرة المياه "لا يمكن أن تعالج في أشهر معدودات، باعتبار أن الوضعية تتطلب استراتيجية جديدة ومنظوراً جديداً وتدابير مهيكلة، وهو ما شرعت فيه الحكومة".

حلول

إضافة إلى الحملات التي أطلقتها الحكومة من أجل الحد من تبذير المياه، تدعو "جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" الحكومة المغربية إلى مواكبة الجهود المتعلقة بتطوير سياسات تدبير الطلب على المياه التي تشجع الاستخدام المستدام والفعال والعادل للموارد المائية.

ودعت الجمعية لتزويد القرى المتضررة من ندرة المياه بماء الشرب عبر الشاحنات الحاملة لخزانات المياه، وعلى ضرورة مضاعفة الجهود لتقليص ضياع المياه في قنوات التوزيع والإنتاج وتدبير الضغط المائي بالنظر للوضع الحرج على مستوى أغلب الأحواض المائية في المغرب.

كما دعت للاستثمار في المشاريع المسهمة في زيادة المخزون الاستراتيجي وإدماج القطاع الخاص في هذا المجال، مثل إضافة محطات تحلية لتشمل جميع المناطق الساحلية وتطويرها في الزراعة، إضافة إلى استمرار النهج المتبع في معالجة مياه الصرف الصحي".

وطالبت الجمعية بتطوير الإجراءات والتشريعات لمنع الحفر غير القانوني للآبار، ووقف سقي المساحات الخضراء بمياه الشرب واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وتخزين مياه الأمطار في الخزانات الحضرية في المدينة أو محيطها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير