Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المستنقعات والسدود تنافس الشواطئ الجزائرية بالتهام الغرقى

انعدام المرافق لا يبرر تعريض الأطفال للموت سباحة في الأماكن الوعرة

تضيق المسابح بالشباب والأطفال لقلة عددها خلال فصل الصيف (وكالة الأنباء الجزائرية)

عادت التحذيرات لتتسيد المشهد السياحي في الجزائر، مع ارتفاع حوادث الغرق في المستنقعات والسدود، ولعل ارتفاع درجات الحرارة، هذه السنة، قد يحطم الأرقام التي سجلتها الجهات المعنية سابقاً، ما يجعل استعجال اتخاذ إجراءات احترازية أمراً ضرورياً قبل استفحال الكارثة.

حوادث وتبادل اتهامات

ولم يعد خافياً على أحد تكرر حوادث الغرق في البرك المائية والآبار والمستنقعات والأودية والسدود، بداية كل صيف، بشكل يؤكد وجود خلل، على اعتبار أن غالبية المناطق المعنية بالظاهرة تقع بعيداً من شمال البلاد وسواحلها، وفي حين تعزو جهات معنية أسباب هذه المآسي إلى غياب الاهتمام بسكان المناطق الداخلية من حيث توافر إمكانات ووسائل الراحة، والاستجمام من مسابح ومنتجعات، وكذلك ضعف وسائل النقل باتجاه الشمال، وغلاء أسعار الفنادق، ترى أطراف أخرى أن إهمال الأولياء أبناءهم لاعتبارات عدة، وتهاون الفلاحين والمستثمرين في حماية الأحواض المائية، وكذلك غياب الدولة في ما يتعلق بمراقبة السدود والمستنقعات، كلها عوامل دفعت بالسكان، وبخاصة الأطفال والشباب منهم، إلى المغامرة بالسباحة في هذه الأماكن الخطيرة.

ويلجأ كثيرون من شباب المناطق الداخلية والصحراوية، مع ارتفاع درجات حرارة الصيف، إلى البحث عن مقاصد تطفئ لهيب الطقس، فلم يجدوا سوى الأحواض المائية التقليدية التي يتخذها الفلاحون لري الأراضي الزراعية، أو الأودية والبرك الراكدة والسدود، على الرغم من أن البلاد تزخر بسواحل تمتد على مسافة أكثر من 1400 كيلومتر، إلا أن نقص وانعدام المسابح، وارتفاع تكاليف التنقل إلى شواطئ البحر وبعد المسافة، يمنع هؤلاء من السباحة في ظروف مريحة وتوافر الحماية والمراقبة.

 

المناطق الداخلية تدفع الثمن

ورأى المتخصص في علم الاجتماع علي زروقي أن البرك والمستنقعات والسدود أصبحت تنافس شواطئ البحر في التهام الغرقى، الذين يفارقون الحياة بعيداً من السواحل.

وأشار إلى أن المأساة، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة بمحافظات داخلية عدة، تمس، بشكل لافت، الأطفال والمراهقين، موضحاً أن السباحة في مثل هذه الأماكن خطيرة للغاية، وخطورتها تكمن في الجيوب المائية التي تتخللها، وقد يصل عمقها إلى ثلاثة أمتار، لكن الحوادث تتكرر مع كل صيف على الرغم من التحذيرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع زروقي أن اللجوء إلى البرك والمستنقعات والأحواض بغرض السباحة سببه انعدام المسابح وغياب المرافق والمنشآت التي تحتضن الشباب، بخاصة في فصل الصيف، وإن وجدت، فهي تعرف اكتظاظاً يومياً، وما زالت غير قادرة على تلبية رغبة الآلاف من الأطفال والشبان الفارين من الحرارة المرتفعة.

وقال إنه، من دواعي الاستغراب، أن تمتلك البلاد 1400 كيلومتر من السواحل، بينما الشباب والأطفال يموتون غرقاً في البرك والسدود.

وشدد أستاذ علم الاجتماع على أهمية إلزام الفلاحين بحراسة ومتابعة الآبار والأحواض والحواجز المائية، التي يستعملونها في نشاطهم، كما على السلطات مراقبة السدود والمستنقعات، وتوسيع دائرة الاهتمام بتنمية المناطق الهشة والمعزولة الداخلية والصحراوية بما يمنح حيوية للنشاط الثقافي والسياحي، مشيراً إلى أن أطفال العائلات المعوزة، الذين يعملون صيفاً في جني وجمع المحاصيل الزراعية، كعمال موسميين لدى الفلاحين، وعلى الرغم من أن ذلك ممنوع بالقوانين الدولية والمحلية، يقصدون في أوقات القيلولة هذه الأماكن للسباحة، غير أن بعضهم يعود إلى البيت جثة هامدة.

أرقام وتنافس

وتأتي الحصيلة التي قدمتها مصالح الحماية المدنية بتسجيل غرق 56 شخصاً، بين 22 غريقاً على مستوى البرك المائية، و10 آخرين بالحواجز المائية، وتسعة غرقى على مستوى الوديان، وتسعة آخرين بالأحواض والمسابح، وستة على مستوى السدود، وذلك منذ بداية موسم الاصطياف، في يونيو (حزيران) الماضي، ما يؤكد الخطر الذي أصبح يهدد أطفال وشباب المناطق الداخلية، لا سيما أنه تم تسجيل، في الفترة نفسها، غرق 24 شخصاً، بينهم 12 قبالة الشواطئ المسموحة للسباحة، و12 آخرين بالشواطئ الممنوعة.

انعدام المرافق وإهمال الأولياء

وفي السياق، أكد المكلف الإعلام في المديرية العامة للحماية المدنية، نسيم برناوي، أن معظم التدخلات الخاصة بإنقاذ الغرقى يكثر في موسم الاصطياف حيث ترتفع نسبة توافد الأطفال على الأنهار والوديان ومواقع تجمع المياه من أجل السباحة واللعب، لا سيما في المناطق الداخلية حيث تقل المسابح وأماكن الترفيه، ويتجنب الأولياء اصطحاب أطفالهم إلى الشواطئ لبعد المسافة ونقص الإمكانات، مبرزاً أن انعدام المرافق لا يبرر تعريض الأطفال أنفسهم للموت، بالسباحة في الأماكن الوعرة حيث يتم تسجيل عدد كبير من الوفيات في حالات يصعب على رجال الحماية الوصول إليها.

ودعا برناوي الأولياء إلى الحرص على منع الأطفال من اللعب أو السباحة في الأماكن الخطيرة على غرار البرك والمستنقعات والسدود إضافة إلى الآبار.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير