Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجنوب الليبي... ثروات منهوبة تحت سيطرة مجموعات تشادية

استغلت الفراغ الأمني والسياسي لتكرار هجومها واستهدافها منشآت عامة وخاصة

المجموعات التشادية المسلحة تسيطر على الجنوب الليبي بالقوة (رويترز)

يتعرض الجنوب الليبي منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، إلى هجمات من قبل مجموعات أجنبية خارجة عن القانون، أبرزها المجموعات التشادية المسلحة التي استغلت الفراغ الأمني والسياسي لتكرار هجومها واستهدافها المنشآت العامة والخاصة في محاولة منها لبث الرعب لدى سكان هذه المناطق ليسهل في ما بعد السيطرة عليها.

وحاولت المجموعات التشادية توسيع أنشطتها وبخاصة تلك المتعلقة بتجارة البشر مستغلة المساحات الجغرافية الواسعة للتحرك، إضافة إلى قرب الحدود الليبية من بعض البلدان الأفريقية التي تشهد موجة نزوح متكرر نحو الجنوب الليبي الغني بالموارد المنجمية والنفطية. فاختيار الجماعات المسلحة التشادية للجنوب الليبي لم يكن اعتباطياً، بل لدوافع إستراتيجية يبقى أهمها النفط. فالجنوب يوفر نصف مليون برميل يومياً أي بمقدار نصف إنتاج ليبيا من النفط الخام.

دولة على الحدود الليبية 

تقاسم ليبيا من الجهة الجنوبية مع كل من التشاد والنيجر والسودان والجزائر، حدوداً يبلغ طولها 4389 كيلومتراً، شريط حدودي غير مراقب أمنياً استغلته هذه الجماعات لتنمية نشاطها في تجارة التهريب والتوسع في مختلف مدن الجنوب.

البداية كانت بمحاولة السيطرة على مدينة الكفرة التي توجد فيها قبائل تشادية اندمجت في المجتمع الليبي، منذ حرب التشاد كان قد استعان بها القذافي كمرتزقة، بحسب رأي عضو مجلس النواب عن الجنوب محمد أمادور.

ويؤكد أمادور أن النشاط العلني لهذه المجموعات، ظهر أواخر عام 2011 ويضم فصائل عدة أهمها، الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة، جبهة الوفاق من أجل التغيير، المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية وحركة تجمع القوي من أجل التغيير. 

تختلف الحركات التشادية عرقياً، لكنها تجتمع حول هدف أساسي يتلخص في إنشاء دولة يكون جزءاً منها من شمال التشاد والنيجر والسودان والجزء الآخر من مناطق جنوب ليبيا يشمل مدينة إجدابيا وأوباري والكفرة، وكل من منطقة تازربو ومرزق اللتين شهدتا أخيراً هجومات متكررة من قبل المعارضة التشادية كمحاولة لإخضاع سكان هذه المدن لسلطة المجموعات المسلحة، غير أن تصدي قبيلة الزوية لهذه المجموعات حال دون تحقيقها هدفها.

ونبه أمادور من تنامي دور المجموعات التشادية الذي يمثل تهديداً حقيقياً للأمن القومي، لا سيما أن هذه العناصر المسلحة مرتبطة بالقاعدة، ولها أنصار في جميع الدول التي تشترك مع ليبيا في الشريط الترابي الجنوبي. 

أهداف اقتصادية 

يزخر الجنوب الليبي بثروات نفطية ومنجمية جعلته محط أنظار التنظيمات المتطرفة، فليبيا تملك أكبر احتياطي نفطي في القارة الأفريقية يقدر بـ 3.94 في المئة من احتياطي العالم. إضافة إلى مناجم الذهب التي اكتشفت عام 2011 والتي يبقي أهمها منجم مدينة الكفرة الذي تسيطر عليه المجموعات التشادية بحسب عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب على التكبالي.

ويوضح التكبالي أن تكرار هجمات هذه المجموعات، يأتي في إطار السعي إلى السيطرة على الأحواض النفطية التي خاضت من أجلها هذه العناصر المسلحة معركة عام 2013 كبدت ليبيا خسائر فاقت 60 مليار دولار.

ونوه التكبالي أن هذه الثروات دفعت بعناصر المعارضة التشادية للتركيز على الجنوب من دون غيره من التراب الليبي، مستغلة غياب مظاهر الدولة لتنمية قدراتها الاقتصادية لإنعاش الموارد المالية للتنظيمات المتطرفة التي تحركها عبر تجارة البشر وتهريب السيارات.

وقال "يجب على السلطات الليبية بسط سيطرتها على الجنوب الليبي، ونسج منظومة أمنية حدودية بالشراكة مع دول الجوار، لتحد من هجمات هذه الجماعات التي تمثل تهديداً حقيقياً للأمن الليبي والدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعود علاقة المجموعات التشادية بالجنوب الليبي إلى عام 1986 حين نزح عدد من قبيلة التبو التشادية باتجاه مدن الجنوب.

وفي هذا السياق، يتساءل عضو المنظمة الليبية للحفاظ على الهوية الوطنية، محمد شوبار عن هوية مدن جنوب ليبيا التي أضحت مهددة بالاندثار بفعل الغزو التشادي، موضحاً أن الدافع الرئيسي لتكرار الهجمات المسلحة لهذه المجموعات، إحداث تغيير ديمغرافي عبر إجبار السكان الأصليين للجنوب على النزوح، مقابل جلب المكون التشادي ليحل مكان المواطن الليبي.

ولفت أن عدداً مهماً من سكان الجنوب تعرضوا لسياسة التهجير القصري والقتل والخطف على يد العناصر التشادية التي تستغل وجود قبائل التبو التشادية في ليبيا منذ الثمانينيات كحضانة اجتماعية لها، بمساعدة تنظيمات غير قانونية من داخل ليبيا وخارجها.

وحذر شوبار من اتساع الهوة الديمغرافية بين السكان الأصليين وقبائل التبو التشادية، لا سيما أن الأخيرة تتركز قرب حوض مرزق النفطي ما يهدد بالاستحواذ على قوت الليبيين. وأضاف "هذه المجموعات قامت بأكثر من هجوم في حق القوات الأمنية الليبية المتمركزة هناك بحجة حماية الجنوب الليبي الذي تعتبره هذه العناصر تابعاً لها.

وأوضح، أن تكرار هذه الأعمال غير القانونية يعود إلى إهمال الجنوب الليبي من قبل جميع الحكومات المتعاقبة على ليبيا منذ عام 2011 ما شجع قوات المعارضة التشادية على رسم خريطة ترمي إلي إحداث تغيير ديمغرافي في مدن الجنوب الليبي الغنية بالنفط والغاز والمعادن.

ويعاني الجنوب الليبي من سياسة التهميش الاقتصادي والسياسي وغياب تام لعنصر الأمن الحدودي ما شجع المجموعات المسلحة الأجنبية على استغلال هذه البيئة الخصبة لتنمية أنشطتها في مجال التهريب وإقامة معاقل للتنظيمات المتطرفة التي تطمح لأن يكون الجنوب الليبي نقطة رئيسة لانطلاق عملياتها القتالية تجاه دول الجوار الليبي على الرغم من حرص البعثة الأممية في ليبيا بمساعدة الإتحاد الأوروبي على تمويل مشاريع تكوين عناصر أمنية ليبية مختصة في تأمين الحدود البرية والبحرية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي