Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقيب الممثلين اللبنانيين: المسرح يعيش عصر غياب الآباء

نعمة بدوي حوَّل مهنة التمثيل إلى عمل نقابي ودافع عن الحقوق الاجتماعية للفنانين

نعمة بدوي نقيب الممثلين في لبنان (صفحة الممثل - فيسبوك)

يجمع أهل الفن والثقافة في لبنان على أن الممثل والمخرج نعمة بدوي استطاع منذ انتخابه نقيباً لممثلي السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة في لبنان، أن يطور النقابة مفهوماً وإدارة وعلاقات، وأن يعيد إليها هالتها السابقة، لا سيما بعد أن شهدت حالاً من التصدع النقابي والفني. وعمد بدوي إلى تنفيذ خطة جديدة للنهوض بالنقابة، على مستويين: المستوى العملي أو النقابي الصرف، بهدف ترسيخ حقوق جميع الممثلين اللبنانيين في جميع الحقول الاجتماعية، وترسيخ علاقتهم بالمنتجين، والمستوى المهني والفني عبر إحياء اللقاءات والمهرجانات وحفلات تكريم كبار الممثلين ومتابعة أحوالهم وأوضاعهم ومطالبهم. وتمكن بدوي من تحقيق انفتاح فني على سائر النقابات الفنية العربية، وخلق فرص تعاون على أكثر من صعيد. وعلى الرغم من انهماكه في النشاط النقابي فهو يواصل نشاطه الفني كممثل ومخرج مبدع ومتميز وصاحب خبرة مهمة وتخصص أكاديمي. شارك بدوي في مهرجانات عربية وعالمية، ويضم رصيده كثيراً من الأعمال الدرامية اللبنانية والعربية. وبرز من خلال إخراج الأفلام الوثائقية القصيرة لصالح وزارة الثقافة.

بداية يتحدث بدوي عن صعوبة ظروف العمل النقابي في لبنان قائلاً، "العمل النقابي تطوعي، والمنصب تكليف وليس تشريفاً، ومن يشغل هذا المنصب يجب أن يكون على قناعة بأنه يريد العمل في الشأن العام الفني، وأن يكرس وقته له، وهذه المسألة لا تخلو من الإحراج لكونه بحاجة إلى العمل. ولكنني أقول الحمد لله وأرضى بما يقسمه لي. لا يمكنني أن أغير قناعاتي بسبب العمل، وأنا كنت موظفاً في وزارة التربية وملحقاً في وزارة الثقافة لفترة طويلة، وبعد التقاعد اختارني الزملاء لأن أتولى منصب النقيب".

نقابة لكل فئة فنية

عن دور نقابة الممثلين في حماية الممثل في وقت يشعر فيه معظم الممثلين بأنهم غير محميين كما هو حال معظم الشعب اللبناني. يقول، "الممثل له حقوق وعليه واجبات، وعمل النقابة هو حماية حقوق الممثلين الذين ينتمون إليها. ونقابتنا هي أول نقابة أُسست في لبنان والعالم العربي، وهي في نضال مستمر لتحسين أوضاع المنتسبين إليها، ونحن نحلم بأن نصبح نقابة مهنية كما في مصر، حيث توجد نقابة لكل فئة فنية على حدة، ويجمع بينها اتحاد النقابات، بينما يجتمع في سوريا كل الفنانين في نقابة واحدة بموجب قرار جمهوري، في حين أن هموم الموسيقي تختلف عن هموم الممثل أو المطرب أو المسرحي أو الرسام، لذا نحن مع تخصص النقابات". ويتابع "عام 2008 صدر قانون تنظيم المهن الفنية، ولأنه لم تكن له مراسيم تنظيمية بقي حبراً على ورق، وبموجب القانون التنظيمي 801 أنشئ صندوق التعاضد الموحد للفنانين وضم مجموعة من النقابات الفنية، تتأمن مداخيله من اشتراكات المنتسبين ومن ضريبة الـ10 في المئة التي يدفعها كل فنان أجنبي يعمل على الأراضي اللبنانية مهما كان نوع عمله، واثنين في المئة من عائدات الأموال التي يدفعها الجمهور في الحفلات والمهرجانات، كما أن وزارة الثقافة خصصت حصة للصندوق. وهذا الصندوق يقدم مجموعة من الخدمات الطبية والاجتماعية ومنح التعليم ومنح الزواج ومنح الوفاة، كما أنه خصص راتباً تقاعدياً للفنان، ولكن مداخيل الصندوق لا تسمح بأن نمنح الممثل الذي بلغ الـ65 سنة معاشاً تقاعدياً، لذا استعضنا عنه بمساعدة لمن تجاوزوا سن الـ80 سنة".

ورداً على سؤال عن فائدة هذه الإجراءات بما أن بعض الفنانين يعجزون عن دفع تكاليف دخولهم المستشفيات وآخرون في بيوتهم من دون عمل؟ يجيب "الصندوق يضم نحو ألف منتسب والنقابة متعاقدة مع إحدى شركات التأمين، وتتشارك مع الفنان في دفع نصف قيمة البوليصة، وهذا التأمين يشمل عائلته أيضاً. بدل اشتراك الانتساب للنقابة لا يتجاوز الـ200 ألف ليرة لبنانية سنوياً، ولكن هناك من لم يقتنع حتى بالانتساب، وهذا ليس ذنب النقابة، وبحسب النظام الداخلي يجب أن تمر ثلاث سنوات على انتساب الفنان إلى نقابة لكي يستفيد من خدماتها".

انقسام النقابات الفنية

 وعن شكاوى الفنانين التي تتحدث دائماً عن ضياع حق الفنان بسبب انقسام النقابات الفنية. يقول بدوي "هذا الأمر كان سابقاً، ولكن منذ أن دخلت النقابة مددت اليد لزميلي جهاد الأطرش عندما كان نقيباً وقبله لإحسان صادق ثم جورج شلهوب، وطلبت أن يكون هناك توحيد للقرارات، خصوصاً أنه لم يصدر حتى اليوم مرسوم يحدد علاقة الممثلين بالمنتجين. وتبين لي أنه في عام 2016 تم تقديم مرسوم يحدد أسس علاقة الفنانين بعضهم ببعض أي بالمنتجين وسواهم، ولكنه منسي في أدراج مجلس شورى الدولة. وبالصدفة أخبرتني ابنة أحد أصدقائي بأنه يوجد في المجلس مرسوم يخص النقابة تمت الموافقة عليه، ولكن لا أحد يطالب به. وعندما اطلعت عليه وجدت أنه يتضمن ثلاث مواد من بينها أن يكون العقد موحداً بين الفنان وشركات الإنتاج. عندما كان يصل هذا الموسم إلى مجلس الوزراء كانت تستقيل الحكومة، ولكنني تعرفت إلى وزير الثقافة محمد وسام مرتضى الذي نصحني بإضافة كل ما نحتاج إليه. وأكد لي بأنه إذا لم يوقع هو عليه فلن يوقع عليه وزير آخر، ثم اختار لي مجموعة من المستشارين واجتمعنا معاً على مدى 13 جلسة إلى أن أنجزنا قانوناً بمرسوم يضم كل المطالب التي نحلم بها، وأحيل على مجلس شورى الدولة للموافقة عليه، ولكنه اعتبر أنه لا يحق للممثل أن يعمل في المهنة إذا لم يكن منتسباً للنقابة، لكني اعترضت وطلبت أن يكون 90 في المئة من المشاركين في العمل هم من المنتسبين و10 في المئة من خارجها، ولكن بعد الحصول على إذن منها. ويضم المرسوم 11 مادة وتم إقراره في آخر جلسة لحكومة الرئيس ميقاتي، وذلك بعد نضال قارب الـ40 عاماً، علماً بأن المرسوم يشمل كل النقابات الفنية في لبنان".

"فريش دولار"

وعن الحل الذي يفترض أن تعتمده النقابة لمشكلة حصر شركات الإنتاج تعاملها مع عدد معين من الممثلين، يشير بدوي إلى أنه تواصل مع هذه الشركات وطلب منها إعطاء فرصة أمام عدد أكبر من الممثلين، موضحاً أنهم أجابوا بأنهم يرتاحون للتعامل مع بعض الممثلين، ويضيف، "بموجب المرسوم الذي صدر أخيراً واستناداً إلى النظام الداخلي للنقابة والذي نجري بعض التعديلات عليه، سأضيف طلباً أن يكون 90 في المئة من الممثلين المشاركين في أي عمل هم من النقابيين و10 في المئة من خارجها، بعد أن تأذن لهم النقابة بذلك. وربما يعتبر المنتج أن نسبة من هم من خارج النقابة قليلة ولكن كل شيء قابل للنقاش، ويمكن أن نرفعها قليلاً شرط ألا تصبح النسب متعاكسة". ورداً على شكاوى الممثلين الذين يؤكدون أن الممثل الأجنبي يتقاضى أجره من المنتج اللبناني بـ"الفريش دولار" والممثل اللبناني بالعملة الوطنية. يقول، "كل شركات الإنتاج التي تعمل في لبنان والتي يذهب إنتاجها لصالح المنصات تدفع للممثل بـ(الفريش دولار) وأنا شاركت في عمل لإحدى المنصات وتقاضيت أجري بـ(الفريش دولار)، ولقد بدأ العمل بهذا الإجراء قبل نحو أربعة أو خمسة أشهر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتحدث بدوي في الإطار نفسه عن حرمان الممثل اللبناني من أدوار البطولة في الأعمال المشتركة، موضحاً، "أنا مسؤول عن كل الممثلين اللبنانيين وليس عن المنتسبين إلى النقابة فقط. المنتج يقول إن بطل المسلسل يتقاضى الأجر الأعلى وإن العمل يباع على اسمه، لذا أنا طلبت من المنتجين أن يشتغلوا أكثر على الممثل اللبناني لكي لا يبقى (سنيداً)، ولكي يتمكنوا لاحقاً من البيع على اسمه. ولقد أدخلت على المرسوم الجديد بنداً ينص على أنه يحق للممثل أن يتقاضى من التلفزيون 10 في المئة من قيمة أجره عند إعادة عرض أي مسلسل له على شاشتها، والأمر نفسه ينطبق على الكاتب والمخرج وكل شخص مشارك في العمل". 

أما عن الدور الذي يمكن أن تلعبه النقابة في نهضة المسرح، فيجيب "المسرح هو أبو الفنون، ويبدو أن التلفزيون والمنصات فرضا علينا عصر قتل الآباء، فانحسرت الأضواء عنه بسبب صعوبة إمكاناته، مع أنه أصبح وهاجاً في العالم العربي على مستوى المشاركات والمهرجانات. حتى في لبنان توجد تجارب مهمة جداً ونحن بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح نظمنا دورتين من المسرح الوطني اللبناني، والثالثة توقفت بسبب كورونا، ولكننا سنطلقها قريباً. المسرح هو الواحة الوحيدة التي تتنفس حرية كما أنه الوحيد الذي يعطي الأوكسجين للإنسان والمجتمع وهو لا يمكن أن يكون ملوثاً على الإطلاق". 

مشهد واحد

هل يعتبر بدوي كممثل وفنان أن النقابة ستشغله عن مهنته الأساسية؟ يجيب "الكل يعرف أنني انتقائي في أدواري وبأنني أعتذر عن كثير من الأعمال، وآخر أعمالي كانت مشاركتي كضيف شرف في مشهد واحد في مسلسل (البحث عن براندو) من كتابة جورج خباز وإنتاج مؤسسة الصباح". وعما إذا كان رفضه كثيراً من الأعمال يعكس عدم رضاه عن مستوى الدراما؟ يرد "الأمر ليس كذلك، ولكن الأدوار التي عرضت لم تكن تناسبني، وأنا الممثل الوحيد الذي يقول (لا يمكنني أن ألعب هذا الدور)". 

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة