Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتجاج جورجي على روسيا ينفجر في وجه بوتين

تطالب المعارضة بانتخابات مبكرة ضد "دمية" موسكو

عشية ذكرى الحرب الروسية الجورجية، في 8 أغسطس (آب) 2008، عادت أجواء الأخوّة اللدودة بين رفيقتي الدرب في الزمن السوفياتي (أعلن الاتحاد في 1922 وتفكك في 1991).

فجورجيا التي حكم مواطنها جوزف ستالين (1878-1953)، من الكرملين في موسكو، البلدان التي ورثها الشيوعيّون من الإمبراطورية القيصرية، ومن ضمنها جورجيا، لم تقبل أن يجلس عضو في مجلس الدوما الروسي (البرلمان)، سيرغي غافريلوف، لدقائق في كرسي رئيس برلمانها.

لقد أعادت حركة البرلماني الروسي في البرلمان الجورجي ذاكرة سيطرة موسكو على تبليسي، التي تقول بعض المصادر التاريخية الروسية أن حتى "ابنها" ستالين كان يتوجّس من كرهها الكامن لموسكو ويحذر من سياسييها ونخبتها المثقفة وما يكمنونه و"يدبرونه" ضد الكرملين.

وعلى الرغم من تحسّن العلاقات التجارية والسياحية بين روسيا وجورجيا، خلال العامين الماضيين، توترت الأجواء سريعاً بينهما. علماً أن تبليسي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع موسكو عام 2008، بعد اعتراف الكرملين باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا.

اتهام

واعتراض أعضاء البرلمان الجورجي من الحزبين المعارضين، "جورجيا الأوروبية" و"الحركة الوطنية الموحدة"، على حركة "زميلهم" الروسي، سرعان ما تحوّل تظاهرات واعتصامات.

وانتقدت المعارضة والجورجيّون القوميّون دعوة الوفد الروسي الذي يرأسه غافريلوف للمشاركة في الدورة العامة للجمعية البرلمانية الأرثوذكسية، واتهمت زعيم ائتلاف "الحلم الجورجي" الملياردير والسياسي الجورجي بدزينا ايفانيشفيلي بتدبيرها ضمن محاولته إعادة جورجيا إلى الحضن الروسي.

ورفع الجلسة لم ينهِ المشكلة التي تبدو أعمق وأعقد من الحركة المستفزة من جانب البرلماني الروسي. فهناك احتجاج جورجي على روسيا، وهناك حذر لدى المعارضة والقوميين الجورجيين تجاه عودة العلاقة مع موسكو، لكن هناك أيضاً قراءة المعارضة لسياسة الحزب الحاكم القريب من الكرملين، إذ تعتبر أنه لم يحقق وعوده ويبالغ في الاهتمام بمصالح موسكو ومصالحه على حساب مصالح جورجيا.

ويصف مطلعون على ما يجري في جورجيا بأنه "احتجاج مزدوج، فهو من جهة داخلي على الوضع الاقتصادي ومن جهة أخرى هو خارجي على تنامي العلاقة مع روسيا وسياسة فلاديمير بوتين".

تنامي الغضب

وقد تجمّعت، الأحد 23 يونيو (حزيران)، حشود المحتجين أمام الفندق حيث ينزل الوفد الروسي. وطالبت البرلماني الروسي بالاعتذار العلني ومغادرة أراضي جورجيا... فوراً.

وإذ لم يحصل ذلك، رشق المحتجون موكب الوفد الروسي المتجه إلى المطار بحماية الشرطة الجورجية بالزجاجات الفارغة.

وتنامى الغضب والتظاهرات. وحمل المحتجون لافتات منها "روسيا لن تستعبد بلدي مرة أخرى"، وهتفوا "استقيلوا". وتوجه المحتجون نحو مبنى البرلمان وطالبوا باستقالة رئيسه إيراكلي كوباخيدزه، الموجود في العاصمة الأذربيجانية، باكو. وتوجّهوا إلى محيط مقر الحكومة وعطلوا حركة السير في عدد من الطرق الرئيسة في العاصمة.

فأعلن رئيس البرلمان الجورجي، الذي اتهمته المعارضة بالخيانة، أنه كان سيبدي رد الفعل المطلوب والفوري، على تصرف البرلماني الروسي، لو كان موجوداً في البلاد. وقال "كنت سأطلب بوقف الجلسة فور علمي بالموضوع".

ذاكرة الإرغام وانتخابات مبكرة

وعلى الرغم من ذلك لم تهدأ النفوس، التي استحضرت ذاكرة السيطرة والحرب التي أطلقتها روسيا على جورجيا "لإرغامها على السلام"، كما أسماها الرئيس آنذاك ديميتري ميدفيديف. وكانت تلك الحرب هي المرة الأولى التي تتحرك فيها روسيا خارج حدودها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.

وفي ذلك التاريخ، بدأت القوات الجوية الروسية قصف أهداف في جورجيا، بعد قصف القوات الجورجية مدينة تسخينفالي، عاصمة إقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي، الموالي لروسيا، ومقتل أكثر من 10 جنود حفظ سلام روس. وعبرت القوات الروسية حدود إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ودخلت الأراضي الجورجية.

وقبل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 2020، تطالب المعارضة بإصلاحات وإجراء انتخابات مبكرة، وتعتبر أن ائتلاف "الحلم الجورجي" الحاكم قد فشل في إخراج البلاد من الركود الاقتصادي.

وأظهرت لقطات بثّتها قناة روستافي المؤيدة للمعارضة، الأحد، نشر عناصر شرطة مكافحة الشغب أمام مقرّ إقامة إيفانيشفيلي على قمّة تلّة تطلّ على تبليسي.

واستنكرت المعارضة حملة العنف التي مارستها الشرطة وأسفرت عن إصابة 240 من المتظاهرين وضباط الشرطة بجروح.

"لقد سئمنا"

وفيما استبعدت رئيسة جورجيا، سالموي زورابشفيلي، إمكان التقارب بين بلادها وروسيا، أعلن بوتين وقف رحلات الطيران بين موسكو وتبليسي، اعتباراً من 8 يوليو (تموز).

وندّدت روسيا بالتظاهرات واعتبرت أنّها "استفزاز ينمّ عن مشاعر كراهية للروس"، لكنّ المتظاهرين قالوا إنّهم ضدّ بوتين وليسوا ضد المواطنين الروس العاديين.

وقال الروائي الجورجي الشهير لاشا بوغادزي الذي شارك في التظاهرات الأحد "نحن نحارب ضدّ البوتينية... وليس لدينا مشاكل مع الشعب الروسي، ولا نعاني من كراهية الأجانب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال كاخا فاسادجي وهو موسيقي يبلغ من العمر 28 سنة "لقد سئمنا، قام الدمية الروسية إيفانيشفيلي بالاستيلاء على السلطة في جورجيا".

وظلّت العلاقات بين جورجيا وسيّدتها السابقة روسيا متأزّمة لوقت طويل بسبب محاولة تبليسي الانضمام إلى كلّ من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وتفيد بيانات شركات الطيران الروسية أن جورجيا أصبحت الوجهة الخارجية الأكثر شعبية للسياح الروس وخصوصاً فئة الشباب.

وفيما ذكر الاتحاد الروسي لصناعة السياحة أن 1.7 مليون روسي زاروا جورجيا في 2018، تشير إحصاءات الجانب الجورجي إلى 1.4 مليون زائر روسي.

وتتصدر روسيا استيراد النبيذ الجورجي، ففي الربع الأول من 2019، صدرت جورجيا 13.2 مليون زجاجة إلى روسيا بواقع 68 في المئة من جميع صادراتها من النبيذ.

كذلك تتصدر قائمة الدول التي تنطلق منها حوالات نحو جورجيا. فالجورجيون المقيمون في روسيا يعتبرون المانحين الرئيسيين لاقتصاد وطنهم، وتمثل حوالاتهم ربع التحويلات إلى البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات