Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لهيب الأسعار يحرق جيوب المصريين والحكومة تتعهد بالرقابة

قفزت أسعار السلع عقب قرار رفع المحروقات ومطالب بحماية المواطنين من جشع التجار

شكّلت الحكومة المصرية غرف عمليات لمتابعة الأسواق ورصد عمليات التلاعب في الأسعار بعد تحريك أسعار المحروقات (أ ف ب)

تكثف الحكومة المصرية من محاولاتها لنزع فتيل تحريك أسعار المحروقات بشتى الطرق بين مصارحة المواطنين بالحقيقة، وتشديد الرقابة على الأسواق، التي لا تزال تعاني تبعات تحريك أسعار المحروقات بنحو عشرة في المئة منذ صباح الأربعاء 13 يوليو (تموز)، في ظل مخاوف من انفلات أسعار السلع الأساسية في الأسواق، بحجة ارتفاع تكلفة النقل والتصنيع، خصوصاً مع زيادة أسعار السولار للمرة الأولى منذ يوليو 2019، ليصل إلى 7.25 جنيه (0.38 دولار) بنسبة زيادة وصلت إلى 7.5 في المئة.

وإلى جانب زيادة أسعار السولار، حركت الحكومة المصرية أسعار بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة، ليرتفع سعر ليتر البنزين 95 من 9.75 جنيه (نحو 0.51 دولار أميركي) إلى 10.75 جنيه (0.56 دولار) بزيادة عشرة في المئة، بينما قفز ليتر بنزين 80 من 7.5 جنيه (0.39 دولار) إلى ثمانية جنيهات (0.42 دولار) بزيادة سبعة في المئة، في حين زاد ليتر بنزين 92 من 8.75 جنيه (0.46 دولار) إلى 9.25 جنيه (0.49 دولار) بارتفاع 6.5 في المئة.

واعتمدت القاهرة منذ يوليو 2019 آلية جديدة للتسعير التلقائي للوقود، تسمح بإعادة هيكلة الأسعار مرة كل ثلاثة أشهر، إذ يمنحها القانون تحريك الأسعار عشرة في المئة هبوطاً أو صعوداً.

ومنذ يوليو 2019 الماضي، أصدرت لجنة التسعير التلقائي للوقود 12 قراراً يخص المحروقات، كان أول قراراتها رفع أسعار المحروقات بنحو 25 قرشاً (0.013 دولار)، بينما تضمنت قراراً وحيداً بخفض أسعار المحروقات بمقدار 25 قرشاً في أبريل (نيسان) 2020، في الوقت الذي ثبتت اللجنة أسعار المحروقات طوال عام الجائحة تزامناً مع الهبوط القياسي لأسعار النفط عالمياً آنذاك، إذ ثبتت الوضع كما هو عليه على مدى خمسة اجتماعات متتالية، في حين قررت رفع الأسعار في آخر خمسة اجتماعات متتالية منذ أبريل 2021 وحتى يوليو الحالي بقيمة إجمالية بلغت 1.75 جنيه (0.092 دولار) في غضون 15 شهراً فحسب.

مصر تستورد 100 مليون برميل نفط سنوياً

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، "القرارات الصادرة عن لجنة التسعير التلقائي لأسعار المنتجات البترولية، وما تضمنته من تحريك لأسعار بعض المنتجات البترولية تأتي في إطار متابعة المعادلة السعرية بصورة ربع سنوية لتتناسب مع التغيرات في أسعار الطاقة العالمية وسعر الصرف".

وأضاف مدبولي، في كلمة متلفزة وجهها للشعب المصري، صباح الخميس 14 يوليو، "نسمع كل آراء ومشكلات المواطنين، وإيه اللي نقدر نعمله (ما يمكن فعله) عشان (لكي) نجابه التحديات غير المسبوقة اللي (التي) تمر بها مصر زي (مثل) باقي دول العالم"، مؤكداً أن "الأزمة العالمية الكبرى التي نعانيها ستذكرها كتب التاريخ كما ذكرت الحربين العالميتين الأولى والثانية".

وأوضح أن "مصر دولة مستوردة للمواد البترولية بنحو 100 مليون برميل سنوياً، والموازنة الماضية كان سعر برميل البترول بها 60 دولاراً، والآن وصل إلى 120 دولاراً، والتكلفة زادت الضعف"، موضحاً أن "استهلاك مصر من السولار يصل إلى 42 مليون ليتر سولار يومياً، وهو ما يعادل 15 مليار ليتر سولار سنوياً. ولو استمررنا بالسعر القديم ستتحمل الدولة المصرية على مدى العام 63 مليار جنيه (3.3 مليار دولار)".

وأشار مدبولي إلى "أنه لم يتم تحريك سعر منتج السولار منذ أكثر من 30 شهراً، مراعاة للأحوال المعيشية للمواطن المصري، ومراعاة للبعد الاجتماعي، على الرغم مما واجهته الدولة المصرية من تحديات في مجال الطاقة".

9 ملايين دولار خسائر يومية

وأوضح رئيس الوزراء المصري أن "تكلفة منتج السولار تصل إلى نحو 11 جنيهاً (0.58 دولار) لكل ليتر، وهو متوسط تكلفة آخر ثلاثة أشهر، وبهذا يصل فارق السعر بين التكلفة وسعر البيع الحالي قبل الزيادة إلى 4.25 جنيه (0.22 دولار) لليتر بخسارة يومية تقدر بنحو 178 مليون جنيه (9.4 مليون دولار)، ونحو 5.4 مليار جنيه (286 مليون دولار) شهرياً"، لافتاً إلى أن "تحريك سعر السولار سيقلل الفجوة لتصل إلى 3.75 جنيه (0.19 دولار)، وتقليل الخسائر اليومية بنحو 21 مليون جنيه (1.1 مليون دولار)، لتتحمل الدولة المتبقي بقيمة 157 مليون جنيه (8.3 مليون دولار) يومياً".

وأكد مدبولي أن الدولة "أجلت أي زيادات جديدة في أسعار الكهرباء حتى نهاية العام الحالي، تخفيفاً للأعباء عن كاهل المواطن في هذه المرحلة"، موضحاً أن "تكلفة هذا الإرجاء تحمل الدولة نحو عشرة مليارات جنيه (530 مليون دولار) في بند الكهرباء فقط".

زيادة طفيفة للغاية

وشدد على ضرورة عدم استغلال البعض زيادة أسعار السولار لرفع أسعار السلع، خصوصاً أن اتحاد الغرف التجارية أجرى تحليلاً على زيادة تكلفة السلع في ضوء تحريك أسعار المنتجات البترولية، فكان من نتائجه أن الزيادة لن تتجاوز نسبة تأثيرها على التكلفة واحداً في الألف، وهي نسبة طفيفة للغاية، ما يعني أنه إذا كانت قيمة سلعة 100 جنيه (5.3 دولار)، فستكون تكلفة الزيادة المتوقعة عشرة قروش فقط. بحسب المسؤول المصري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى صعيد آخر غير رسمي، تباينت توقعات المحللين والمتخصصين في حديثهم إلى "اندبندنت عربية" حول التأثير العنيف المتوقع لموجة الغلاء التي بدأت في الأسواق بعد ساعات معدودات من تحريك أسعار المحروقات، فالبعض يرى أنها "لن تكون قوية" إذا فعَّلت الدولة دور أجهزتها الرقابية، بينما يعتقد فريق آخر أن "الغلاء سيطال كل شيء"، في الوقت الذي يؤكد فريق ثالث أن تأثير القرار "لم يظهر بعد" في قطاعات بعينها وفصل الشتاء المقبل الموعد الحقيقي لبدء التداعيات السلبية لقرار الحكومة.

ارتفاع تكلفة النقل

ويرى نقيب المستثمرين الصناعيين، محمد جنيدي، أن قرار تحريك أسعار المحروقات "غير سليم، في توقيت غير مناسب"، مضيفاً،"المصريون يعانون موجة تضخم عالمي بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار أغلب السلع والمنتجات الأساسية وغيرها، وتأثير تحريك السولار تحديداً سيرفع من تكلفة النقل بما لا يقل عن 20 في المئة".

وتابع جنيدي، "تكلفة النقل مرتبطة بكل السلع الأساسية والتكميلية والخدمية"، متوقعاً "ارتفاع أسعار السلع والمنتجات والخدمات في مصر من دون استثناء بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة في أقل تقدير".

وأشار نقيب المستثمرين الصناعيين إلى أن "الزيادة لن تتوقف عند نقل البضائع فحسب، بل ستقترب من تكلفة نقل العمال من منازلهم إلى المصانع والعكس"، لافتاً إلى أن "تكلفة نقل العامل الواحد تصل إلى 25 جنيهاً (1.32 دولار) وسترتفع بكل تأكيد إلى 30 أو 35 جنيهاً (1.85 دولار) بعد التحريك".

ثبات أسعار مواد البناء

على جانب آخر، قال عضو شعبة مواد البناء بالاتحاد المصري للغرف التجارية، كمال الدسوقي، إن "زيادة أسعار السولار ليست بالزيادة الكبيرة التي تفرض على التجار والمصنعين رفع أسعار السلع والمنتجات، إنما الزيادة تكون بنسب معقولة، وبعض المنتجات لا تحتاج إلى زيادة أسعار، إذ إن تكلفة نقل البضائع لا يتم توزيعها على منتج واحد أو عبوة واحدة، إنما توزع على جميع المنتجات التي ستنقل عبر المركبات، بالتالي لن تتأثر بشكل كبير".

وأكد الدسوقي أن "الأجهزة الرقابية بالدولة لديها من الأدوات التي تمكنها من السيطرة على الأسواق والتصدي للجشع ورفع الأسعار بطرق عشوائية"، مشيراً إلى أن "أسعار الطوب والأسمنت والحديد لن تتأثر على الإطلاق لسببين: الأول أن تلك المصانع تعمل بالغاز الطبيعي لا السولار، ولذلك فليس هناك تكلفة زائدة، أما السبب الثاني فهو أن أسواق الحديد والأسمنت والتشييد والبناء في مصر تشهد ركوداً كبيراً، وأسعار الحديد والأسمنت في مصر أعلى من سعرها الحقيقي، لذلك فالتجار ليسوا في حاجة إلى رفع الأسعار وزيادة معدلات الركود".

وأعلن جهاز حماية المستهلك، في بيان، تشكيل غرف عمليات لمتابعة الأسواق ورصد عمليات التلاعب في الأسعار بعد تحريك أسعار المحروقات، مؤكداً تكليف الإدارات المتخصصة بالجهاز بتكثيف الحملات الرقابية المشتركة مع جميع الأجهزة الرقابية، على مواقف سيارات نقل المواطنين لضمان الالتزام بالتعريفات التي ستقررها الأجهزة المحلية بالمحافظات، بخاصة مع عودة المواطنين لأعمالهم بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، وأهاب بجميع سائقي سيارات نقل المواطنين الالتزام بالتعريفة المحددة منعاً لوقوعهم تحت طائلة القانون.

الشتاء موعد زيادة أسعار الدواجن

وفي المقابل، قال رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، عبد العزيز السيد، "أغلب مزارع الدواجن تعتمد على السولار مدخلاً أساسياً من مدخلات الإنتاج في التدفئة والنقل، إذ يشكلان معاً 30 في المئة من تكلفة الإنتاج". وتابع، "نحن في فصل الصيف، ولا تعتمد مزارع الدواجن على تدفئة الطيور، بالتالي استخدام السولار أقل بكثير".

وأشار السيد إلى أنه في فصل الشتاء المقبل "ستكون هناك زيادة كبيرة في أسعار الدواجن والطيور مع الاعتماد على التدفئة بشكل كبير. هناك بعض المحافظات في مصر تصل درجة الحرارة بها تحت الصفر ليلاً، بالتالي تعتمد على التدفئة على مدى الـ24 ساعة، وهنا ستظهر الأزمة. فالأزمة لدينا مؤجلة، والشتاء موعدنا".

من جانبها، قالت عضو مجلس إدارة شعبة الملابس بغرفة القاهرة التجارية، سماح هيكل، "أسعار الملابس الصيفية لن تتأثر بزيادة السولار". وأضافت، في تصريحات صحافية، "ملابس الموسم الصيفي أنتجت بالفعل، ونقلت للمحلات منذ بداية الموسم، والتأثير سيكون على الموسم الشتوي، وسيكون على الملابس المحلية بمصر".

وتوقع عضو مجلس إدارة شعبة الأحذية بغرفة القاهرة التجارية، خليفة هاشم، زيادة أسعار الأحذية والحقائب خلال الفترة المقبلة بعد زيادة السولار بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة، مضيفاً أن "تكلفة النقل تحمل على المنتج، لذا فالزيادة في النقل يحدث بعدها ارتفاع في السلعة".

مجلس النواب يتدخل

من جانبه دخل مجلس النواب المصري على خط الأزمة بعد تحريك أسعار المحروقات، إذ طالبت النائبة فاطمة سليم الحكومة بالتحرك سريعاً تجاه تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين والسولار إلى الغاز الطبيعي والتوسع في منح التسهيلات للمواطنين، خصوصاً في ظل ارتفاعات أسعار المواد البترولية في العالم، وتداعيات ذلك في الشارع المصري الذي شهد زيادة أخيرة في أسعار البنزين والسولار.

وأضافت، في تصريحات برلمانية، "التسهيلات لا بد أن تشمل مراكز تحويل في كل محافظات الجمهورية حتى تكون متاحة وقريبة للمواطنين الراغبين في تحويل سياراتهم وعدم اقتصارها على القاهرة فحسب".

ماذا يقول الشارع المصري؟

ونقلت "اندبندنت عربية" نبض الشارع المصري عقب تحريك أسعار المحروقات، إذ قالت دعاء محمد، ربة منزل، "توقعت ارتفاع أسعار البنزين، لكن لم أتوقع هذه القيمة". واعتبرت أن تلك الزيادة "ستكون فرصة ذهبية أمام سائقي مركبات النقل الجماعي (الميكروباص) والتوك توك (مركبة صغيرة للنقل الداخلي) لاستغلال المواطنين".

وتابعت، "أنفق يومياً 50 جنيهاً (2.6 دولار) للتنقل بين مدارس أبنائي الثلاثة سواء لتوصيلهم أو العودة بهم. والآن لن تكفي 50 جنيهاً للتنقل، بخلاف أسعار السلع التي ستزيد".

وقال أحمد حسين، سائق "توك توك"، "المركبة تعمل بالسولار، ومضطر إلى زيادة أسعار تعريفة الركوب التقديرية، لكن لن أغالي في التعريفة فكلنا في مركب واحد".

بينما يرى الرجل الخمسيني عوض مبروك، أن "الدولة في موقف صعب بسبب الحرب في أوكرانيا، وهي مضطرة إلى رفع الأسعار. الأزمة ليست في تحريك أسعار المحروقات، لكن في جشع التجار والسائقين". وتابع، "كل ما أطلبه هو أن تحمينا الدولة من هذا الجشع على الرغم من ارتفاع النفقات بعد زيادة أسعار البنزين لتنقلات الأبناء إلى الجامعات والمدارس علاوة على نفقات الحياة اليومية".

اقرأ المزيد