Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا يقيم سكان مكة طقوس عيد الأضحى؟

يعمل أهل المدينة المقدسة منذ القدم في خدمة الحجاج

مظاهر الاحتفال بالعيد في أحياء مكة  تكاد تكون معدومة (خاص اندبندنت عربية )

تختلف طقوس الأعياد الإسلامية في دول العالم، والتي تعود في الغالب إلى اختلاف العادات والتقاليد في كل بلد إسلامي بحسب الموروث الاجتماعي فيها. وعلى الرغم من هذا الاختلاف في طرق الاحتفال، فإن مظاهره في مكة المكرمة تكاد تكون معدومة، ويرجع المؤرخون ذلك إلى امتهان سكانها خدمة ضيوف الرحمن خلال رحلتهم لأداء الفريضة والتنقل معهم في الأماكن المقدسة، سواء عرفات أو مزدلفة ومنى.

وقال المؤرخ السعودي سمير برقة، "غالبية سكان مكة المكرمة يعملون في المهن المخصصة لخدمة ضيوف الرحمن منها السقاية والطوافة، وكذلك في عملية تصعيدهم إلى جبل عرفة في التاسع من ذي الحجة وما يسبقه بيوم وهو يوم التروية والذهاب لمزدلفة، ومن ثم العمل على تنظيم عمليات النفر لمنى وما يتبعها من مناسك وهي من الأعمال المتوارثة بين سكان مكة المكرمة منذ آلاف السنين".

الانشغال بالحج

واستطرد بالقول، "هذا الانشغال في خدمة الحجاج طيلة فترة الحج يحول بينهم وبين الاحتفال بهذا العيد كما يحتفلون بعيد الفطر، وتحتفل به بقية شعوب العالم الإسلامي".

 

ولفت إلى أن صلاة العيد في المسجد الحرام تختلف في مظهرها العام عن باقي صلوات العيد في جميع مساجد العالم، "فالمصلون يوم عيد الأضحى حول الكعبة المشرفة أو في سائر المسجد جميعهم بلباس الإحرام، متوشحين بأرديتهم البيضاء، في مشهد خلاب مهيب، يهتز له وجدان من يراه من المسلمين عبر النقل المباشر".

طقوس أخرى

ولفت إلى أنه على الرغم من اختفاء معالم ومظاهر العيد في مكة المكرمة، بما يخص الرجال، وجدت عادات وتقاليد متوارثة لنساء مكة لا تزال تقام ليومنا هذا، "من أبرز تلك العادات ما يعرف بـ"الخليف"، ويوافق اليوم التاسع من ذي الحجة لكل عام، سمي هذا الاسم لأن جميع زوار المسجد الحرام فيه هم ممن لم يتيسر لهم الحج أو المساهمة في خدمة حجاج الرحمن سواء بسبب المرض أو كبر السن"، أي إن الجميع تخلفوا عن أمر يتمنون مشاركتهم فيه، لكن حبسهم العذر.

وفي الوقت الذي يؤدي الحجاج المناسك على صعيد عرفات، ويكون رجال مكة منشغلين بخدمتهم تنتهز العائلات فرصة خلو الحرم المكي والشوارع من الازدحام بالصلاة والطواف والدعاء والإفطار حول الكعبة المشرفة، وتبقى فيه حتى منتصف ليلة العيد، وتكون غالبية الزوار في الحرم من النساء والأطفال وكبار السن. تبدو تلك الظاهرة أكثر وضوحاً في ساحات الحرم المكي التي يغطيها اللون الأسود وهو اللون المعروف للعباءات النسائية في السعودية، في منظر استثنائي للحرم الملكي.

 

عادة القيس

ولا تتوقف العادات المتوارثة بين سكان البلد الحرام، على عادة الخليف، بل تشمل كذلك عادة أخرى كانت النساء يحرصن على إقامتها في الماضي، والتي تكاد تكون معدومة في وقتنا الحاضر وهي عادة القيس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوثق المهتمون بالتاريخ المكي أنها كانت تقام على مدار ثلاثة أيام في الحارات المكية القديمة، فبحسب الروايات التي يرويها قدماء مكة ممن عاصروها، فإن طقوس القيس تبدأ من يوم التروية، وتستمر لمدة ثلاثة أيام، يمارس البعض من نساء مكة المكرمة مظهراً احتفالياً يتمثل في التنكر بزي الرجال، ولعب أدوار مختلفة لشخصيات اعتبارية لحفظ الأمن، وكان (بعضهن) يخرجن في منتصف الليل، متنكرات بـالثوب والعمامة أي يرتدين ملابس الرجال سواء ملابس أزواجهن، أو إخوانهن، أو أبنائهن.

هجاء المتخلفين عن الحج

وتصاحب الاحتفالية عادة إيقاعات وأهازيج تنساب إلى المسامع داخل الأحياء القديمة وحارات مكة المكرمة باللهجة العامية للمنطقة مطلعها، "يا قيسنا يا قيس، الناس حجوا، وأنت قاعد ليش؟ الليلة نفرة، قوم اذبح لك تيس، قوم روح لبيتك، قوم خبز عيش".

وتشير العبارات التي يتغنى بها نساء إلى الرجال المتخلفين عن الحج من دون مبرر وهو أمر غير مرغوب به في المجتمع المكي القديم، كما يفرض عليهم عدم مغادرة منازلهم كنوع من العقاب لعدم الذهاب للحج أو التخالف عن خدمة حجاج بيت الله.

ولا يزال سكان مكة حتى الآن على الرغم من كثرة أعدادهم مقارنة بالماضي، ينصرفون إلى الاهتمام بالحج، إما بالعمل فيه أو التفاعل مع محيطه في المدينة التي تعتمد أفراحها الكبرى على زائريها وقاصدي بيتها الحرام من الحجاج والمعتمرين، فلا يهتمون كثيراً بذبح الأضاحي، فالهدي الذي يذبحه الحجاج يغرق مكة باللحوم، لدرجة أن الدولة أنشأت تنظيماً خاصاً يقوم بحفظه من التلف يشرف عليه "البنك الإسلامي"، بعد أن كان حفظه فوق قدرة الأهالي إلى عهد قريب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير