في ضربة جديدة لشركة "تيسلا"، قالت الهيئة المعنية بتنظيم سلامة المرور في ألمانيا، الأحد الثالث من يوليو (تموز) 2022، إنها ستسحب آلاف السيارات من طرازي "واي" و"3" بسبب خلل في نظام مكالمات الطوارئ التلقائية يعتقد أنه يؤثر في 59 ألف سيارة على مستوى العالم.
وقالت الهيئة التنظيمية "كيه بي إيه" عبر موقعها على الإنترنت، إن عيباً برمجياً تسبب في تعطل خدمة "آي كول" التي تستخدم للاتصال تلقائياً بخدمات الطوارئ في حال وقوع حادثة خطرة. وأضافت الهيئة أن 59129 مركبة تأثرت بالخلل على مستوى العالم، لكنها لم تحدد عدد المركبات الموجودة في ألمانيا.
ويضيف الخلل البرمجي مزيداً من المتاعب لرئيس "تيسلا" التنفيذي إيلون ماسك، بعد أن قالت الشركة أمس السبت إنها سلمت سيارات كهربائية خلال الربع الثاني بعدد يقل عن 17.9 في المئة عن الربع السابق، إذ أدت حال الإغلاق المرتبطة بجائحة "كوفيد-19" في الصين إلى تعطيل الإنتاج وسلاسل الإمداد.
وقال ماسك الشهر الماضي إن مصانع "تيسلا" الجديدة في تكساس وبرلين "تخسر مليارات الدولارات" في وقت تواجه فيه الصعاب لزيادة الإنتاج بسبب نقص البطاريات ومشكلات الموانئ الصينية.
ولم يتسن الحصول على تعليق من "تيسلا" حول سحب السيارات.
"تيسلا" تفقد مكانتها الرئيسة
وتوقعت دراسة أعدتها "بلومبيرغ إنتليجنس" أخيراً أن تفقد شركة "تيسلا" لصناعة السيارات الكهربائية مكانتها الرئيسة في العالم لمصلحة منافسيها الصاعدين، وذكرت أن شركة "فولكس فاغن" الألمانية ستضاعف إنتاجها من السيارات الكهربائية إلى مليونين بحلول العام 2024 لتزيح "تيسلا" من موقعها كأكبر شركة سيارات كهربائية في العالم.
وتقول الدراسة إن ارتفاع كلفة إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية ومحدودية طاقة الإنتاج تجعل كبار المنافسين مثل شركتي "فورد" و"جنرال موتورز" أكثر تردداً في زيادة الإنتاج بقوة مثل "فولكس فاغن"، بالتالي يمكن أن تظل "تيسلا" البائع الأكبر للسيارات الكهربائية في السوق الأميركية لكن ليس عالمياً.
وإذ تركز "فولكس فاغن" في إنتاج وبيع السيارات الكهربائية على السوق الأوروبية، توقع تقرير "بلومبيرغ إنتلجينس" أن تتوسع الشركة الألمانية في الصين أكثر من الولايات المتحدة، ولم تتجاوز المبيعات في أميركا الـ 10 في المئة من مبيعات "فولكس فاغن" العام الماضي، بحسب تقرير الأداء السنوي للشركة، كما يتوقع أن تعاني مبيعات "تيسلا" في الصين تراجعاً بسبب توسع "فولكس فاغن" في السوق الصينية.
كما أن الشركات الصينية لإنتاج السيارات الكهربائية تزيد من إنتاجها، وتشير التوقعات إلى أنها ستحصل على نصيب من السوق على حساب "تيسلا" التي باعت ما نسبته 75 في المئة من السيارات الكهربائية المبيعة داخل أميركا خلال الربع الأول من العام 2022، بحسب بيانات "كيلي بروك بوك".
وتشير الدراسة إلى أن "تيسلا" تسعى إلى الاستفادة من موقعها كأول شركة تتوسع في مجال إنتاج السيارات الكهربائية، وقد بدأت في مارس (آذار) الماضي شحن السيارات إلى الأسواق من مصنعها الكبير في برلين الذي تستهدف أن يبلغ إنتاجه 500 ألف سيارة سنوياً.
وحاول رئيس شركة "تيسلا" إيلون ماسك التقليل من أهمية المنافسين وتهديدهم لنصيب شركته من السوق، معلقاً بشكل ساخر عبر "تويتر" بأن هؤلاء يقدمون "دعاية مجانية لـ (تيسلا)".
وفي مقابلة له على قناة شركة "تيسلا" عبر موقع التواصل "يوتيوب" الأسبوع الماضي، قال ماسك إن شركتي "ريفيان" و"لوسيد" المنافستين لشركته على وشك الإفلاس إذا لم تقوما بخفض كلف الإنتاج.
هبوط القيمة السوقية
وتعاني شركة "تيسلا" تراجعاً مستمراً في سعر سهمها مما يجعل قيمتها السوقية في تآكل مستمر، ويتوقع محللون أن تستمر أسهم الشركة في الهبوط نتيجة عوامل عدة، منها مشكلات داخلية وتغريدات ومواقف رئيسها التي أصبحت "تضر أكثر مما تنفع".
وفقدت أسهم "تيسلا" نحو نصف قيمتها في السوق منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وفي الأسبوع الماضي وحده هبطت قيمة سهم "تيسلا" ستة في المئة.
ومع أن التراجع الأخير يأتي في سياق تخلص المستثمرين من مراكزهم في شركات التكنولوجيا مع ارتفاع أسعار الفائدة، فإن منحى الهبوط لسهم "تيسلا" يسبق تلك العوامل التي بدأت مع تشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي).
وزاد متاعب "تيسلا" الأنباء المتكررة الأسبوع الماضي عن المشكلات التقنية والمتعلقة بالسلامة في نظام التحكم أثناء قيادة سياراتها وكذلك السيارات ذاتية القيادة.
وكثرت خلال الآونة الأخيرة التعليقات والتحليلات التي تشير إلى أن مواقف إيلون ماسك، خصوصاً تغريداته على "تويتر"، أصبحت تشكل عبئاً على شركته الرئيسة "تيسلا"، وقبل أيام طردت شركته الأخرى "سبيس إكس" عدداً من العاملين كتبوا رسالة أعربوا فيها عن انتقادهم مواقف رئيس الشركة التي تضر بالعمل.
شكوك التجسس
كما كشف تقرير حديث أن "تيسلا" ما زالت تواجه الشكوك المتعلقة بالتجسس في الصين، حيث يتم حظر سيرها في بعض المناطق وتمنعها السلطات من الوصول إلى المناطق الحساسة، بما في ذلك مدينة ساحلية ستستضيف اجتماع القيادة السنوي للحزب الشيوعي الشهر المقبل.
وتشير التقارير إلى أن شركة صناعة السيارات الكهربائية لا تزال تواجه عدم ثقة المسؤولين حول ما إذا كان يمكن استخدام سياراتها للتجسس، على الرغم من التأكيدات المتكررة من الرئيس التنفيذي إيلون ماسك من أن شركته ليس لها أي علاقة بأعمال تجسس.
ومن المقرر أن يتم منع سيارات "تيسلا" من دخول مدينة بيدايخه، وهي منتجع بالقرب من بكين، مدة شهرين على الأقل ابتداء من يوليو وفق ما نقلت "رويترز" عن مسؤول في شرطة المرور المحلية.
وتستضيف المدينة تقليد التجمع الصيفي السنوي لأقوى السياسيين في البلاد، على الرغم من عدم الكشف عن مواعيد القمة علناً.
وكانت سيارات "تيسلا" منعت من السير على بعض الطرق وسط مدينة تشنغدو الصينية أوائل يونيو (حزيران) الماضي، تزامناً مع زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ للمدينة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مخاوف قائمة وماسك ينفي
يقول مؤسس شركة الاستشارات "سينو أوتو إنسايتس" ومقرها بكين، تو لي، إنه سمع من مالكي سيارات "تيسلا" الذين يعيشون في بيدايخه أو يزورون المنتجع بشكل متكرر، أنهم قد لا يتمكنون من قيادة سياراتهم هناك قريباً.
وخلال الفترة الماضية كان مسؤولو الحكومة الصينية متخوفين من البيانات التي جمعتها كاميرات سيارات "تيسلا" المنتشرة في معظم المناطق الصينية. ومنذ العام الماضي منعت بعض الوزارات الحكومية سيارات "تيسلا" من دخول مجمعات مكاتبها في بكين، وفقاً لما قاله مصدر يزور هذه الوكالات بانتظام لعقد اجتماعات عمل مع المسؤولين الصينيين، وطلب المصدر عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع.
وبالمثل، ووفق شبكة "سي أن أن"، أفادت التقارير بأن الجيش الصيني منع مركبات "تيسلا" من دخول مجمعاته في عام 2021 بسبب مخاوف حول التسريبات المحتملة لمعلومات حساسة. ويقول لي إن التقارير حول القيود الأخيرة لم تكن مفاجئة بالنظر إلى هذه المخاوف. وأضاف، "بالنسبة إليّ هذا مجرد استمرار للسياسة الحالية".
وتعاملت شركة "تيسلا" مع المخاوف مباشرة، وتعهدت بالاحتفاظ بأي بيانات تجمعها من السيارات المبيعة محلياً داخل حدود الصين.
وخلال شهر مايو (أيار) الماضي أعلنت الشركة إنشاء مركز بيانات جديد في البر الرئيس للصين، إضافة إلى خطط "لإضافة مزيد منه" في البلاد مستقبلاً.
وسعى إيلون ماسك إلى طمأنة الحكومة الصينية شخصياً والاجتماع بالمسؤولين، وخلال شهر مارس الماضي قال ماسك في مؤتمر نظمته وحدة حكومية، "هناك حافز قوي للغاية بالنسبة إلينا لنكون سريين للغاية مع أي معلومات".
وأضاف، "إذا استخدمت (تيسلا) السيارات للتجسس في الصين أو في أي مكان آخر فسنغلق أبوابنا".
ملاحقات قضائية
ويلاحق أحد المساهمين في "تيسلا" الشركة ومجلس إدارتها ورئيسها بتهمة التغاضي عن اتهامات وجهها بعض الموظفين على خلفيات حالات تحرش جنسي وعنصرية مفترضة.
ورفع الدعوى المساهم في الشركة سولومون تشاو أمام محكمة في أوستن بمدينة تكساس حيث مقر "تيسلا"، وفي الوثيقة القضائية تنتقد مجموعة محامين يمثلون تشاو الشركة المصنعة للسيارات على خلفية "إقامتها ثقافة مؤسساتية سامة تقوم على ممارسات تنطوي على انتهاكات ذات طابع عنصري وتمييزي على أساس الجنس، وعلى التمييز في حق الموظفين".
وأضاف محامو تشاو أن "هذه البيئة السامة تجسدت في الأجواء داخل الشركة لسنوات، ولم تظهر الحقيقة في شأن الثقافة السائدة لدى "تيسلا" سوى قبل فترة وجيزة، مما قاد إلى دعاوى سواء من الهيئات الناظمة أو الأفراد". كما توقف المحامون عند "الأذى المالي والأضرار الدائمة على صعيد سمعة الشركة".
ودينت "تيسلا" سابقاً بالتغاضي عن معاملة عنصرية تعرض لها أحد موظفيها السابقين في مصنع تابع لها في فريمونت بولاية كاليفورنيا، وحكم على المجموعة بادئ الأمر بدفع 137 مليون دولار للمدعي قبل خفض العقوبة إلى 15 مليوناً.
وينظر القضاء الأميركي كذلك في دعاوى عدة رفعها موظفون سابقون يقولون إنهم تعرضوا إلى إساءات عنصرية بسبب لون بشرتهم الأسود، أو لتعليقات جنسية مسيئة من زملاء أو رؤساء في الشركة.
وفي فبراير (شباط) أعلنت الهيئة المكلفة النظر بالدعاوى المدنية في كاليفورنيا أنها رفعت دعوى ضد "تيسلا" بتهمة التمييز العنصري في مكان العمل، مؤكدة أنها تلقت مئات الشكاوى في هذا الإطار.
وتمتنع "تيسلا" بصورة شبه كاملة من الرد على الصحافيين منذ نهاية العام 2020.