Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخيارات الصينية في الحرب التجارية

بكين ستنتقي بعض القطاعات الاقتصادية الأميركية وتفرض عليها رسوماً جمركية إضافية

السياحة إحدى الأدوات التي تلجأ إليها الصين في حروبها التجارية واستخدمتها سابقاً ضد اليابان وكوريا الجنوبية (أ.ب)

مع استمرار الضغط الأميركي على الصين بفرض مزيدٍ من الرسوم الجمركية متوقعٌ أن تضاعف الصين الضغوط على بعض القطاعات الاقتصادية الأميركية، مثلاً ستخفّض من الأفواج السياحية، وربما تخفّض قيمة عملتها، وأيضاً ستفرض مزيداً من الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الزراعية، مثل فول الصويا.

العلاقة التجارية بين الصين والولايات المتحدة قديمةٌ، وكذلك النزاعُ. انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية في العام 2002، وتقدمت أميركا بشكوى ضدها في 2004، ثم في 2009 أعلن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما رسوماً جمركية بـ35٪ على الواردات من الإطارات الصينية.

في يناير (كانون الثاني) 2018 فرضت الولايات المتحدة الأميركية رسوماً جمركية على الواردات الصينية من ألواح الطاقة الشمسية وغسّالات الملابس، أخيراً في مايو (أيار) رفع الرئيس ترمب الرسوم الجمركية على واردات صينية تعادل 200 مليار دولار من 10٪ إلى 25٪.

في المقابل أعلنت الصين رسوماً جمركية 25٪ على واردات أميركية تعادل 60 مليار دولار، وفي تصعيد جديد حذَّر الرئيس دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية على ما تبقى من الواردات الصينية إلى 25٪ في حال عدم لقاء الرئيس الصيني في قمة مجموعة العشرين باليابان نهاية هذا الشهر، وبلغ حجم الواردات الصينية 540 مليار دولار في 2018، في المقابل تصدّر أميركا إلى الصين فقط 129 مليار دولار.

ما الخيارات الصينية في الحرب التجارية؟

السياحة
هي إحدى الأدوات التي تلجأ إليها الصين، استخدمتها سابقاً ضد اليابان وكوريا الجنوبية.

أظهرت التقارير الصادرة عن المكتب الوطني للسفر والسياحة تراجع عدد السائحين الصينيين بنسبة 5.7٪ في العام 2018 إلى 2.9 مليون سائح اختار الولايات المتحدة الأميركية وجهة سياحية مقارنة مع 3.2 مليون سائح في 2017، وهذا التراجع هو الأول خلال 15 عاماً على أساس سنوي.

الأرقام تشير إلى أن إنفاق السائح الصيني أكثر بنسبة 50٪ مقارنة مع إنفاق السيَّاح الأجانب في أميركا، ويشير بعض الأرقام الخاصة بالإنفاق إلى 6.700 $ لكل سائح صيني، مؤكدٌ أن هذا الانخفاض في العدد سينعكس سلباً على إيرادات قطاع الفنادق والطيران والتجزئة في الولايات التي يقصدها الصينيون.

في العام 2017 بلغ إجمالي ما أنفقته السياحة الصينية بأميركا 35.3 مليار دولار، أكثر من إنفاق كل من (بريطانيا، وأستراليا، وألمانيا)، هذه الدول الثلاث مجتمعة بلغ إنفاق السيَّاح منها نحو 32.3 مليار دولار، يمكن أن تستمر الصين في الضغط على مواطنيها لتغيير وجهاتهم السياحية بعيداً عن أميركا.

خفض قيمة اليوان
تعتمد الصين سياسة سعر الصرف الثابت Fixed Rate وتحديد نطاق الحركة اليومي بالسماح للعملة الصينية اليوان (الرينمبي) بالارتفاع والانخفاض في نطاق محدود، أدنى سعر للعملة  الصينية مقابل الدولار كان 8.73 في 1994، وأعلى سعر لليوان كان 1.53 في 1981.

خلال الفترة بين 1995 - 2005 ظلّ سعر صرف اليوان مرتبطاً بالدولار عند مستوى ثابت هو 8.3 لكل دولار أميركي واحد، وبعدها أعلنت الصين فك هذا الربط، والسماح للعملة بمزيد من المرونة في الحركة، وبدأت موجة ارتفاع للعملة الصينية بعد العام 2008، وارتفع إلى مستوى قريب من 6.0000 يوان لكل دولار في صيف 2013، ثم عاود الهبوط إلى مستوى قريب من 7.0000 في 2017، وفي منتصف 2018 كان يُتداول عند مستوى 6.3000. هذا التذبذب في سعر صرف اليوان الصيني يبعث ببعض المخاوف بشأن تحوُّل هذه الحرب التجارية إلى حرب عملات. سعر صرف العملة الصينية اليوم 6.93، وهذه هي المرة الثالثة التي يقترب فيها من مستوى الـ7.0000 مقابل الدولار خلال السنوات العشر الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما يُقلق صنّاع القرار في الصين هو تداعيات انخفاض قيمة اليوان أكثر من 7.0000 مقابل الدولار، والتأثير السلبي في تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة، إضافة إلى زيادة حجم الأموال الصينية، التي تتحوّط بالاستثمار في أصول أجنبية وأسواق خارجية. سيكون صعباً على الصين إدارة الاحتياطي من النقد الأجنبي، الذي يبلغ 3.101 تريليون دولار.

في 2015 عندما خفَّضت الصين قيمة اليوان استخدمت بعد ذلك ما يعادل تريليون دولار للحفاظ على استقرار سعر صرف العملة، إذ تبيع سندات الخزانة الأميركية والدولار لمنع استمرار هبوط عملتها (مع كل خفض لسعر الصرف هناك صناديق استثمارية عالمية تضارب على العملة الصينية).

قد يهبط اليوان إلى أعلى من 7.0000 مقابل كل دولار، لكن إمكانية لجوء الصين إلى استخدام سعر الصرف في حربها التجارية ستكون محدودة، نسبة إلى المخاطر الكبيرة التي تصاحب ذلك على الاقتصاد الصيني من تراجع أسواق المال الصينية، وتخارج رؤوس الأموال، إضافة إلى ذلك قد تتسبب في شرارة حرب عملات في آسيا.

فول الصويا
تعتبر الصين أكبر مشترٍ في العالم لمحصول فول الصويا، وتستورد نحو 60٪ من الإنتاج الأميركي (قبل الحرب التجارية)، بما يعادل 12 مليار دولار حسب النشرة الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية للعام 2017، مع استمرار الحرب التجارية بين بكين وواشنطن. خلال العام 2018 قامت الصين بشراء 16.6 مليون طن من أميركا مقارنة بـ32.9 مليون طن في 2017، وكانت الصين فرضت رسوماً جمركية بلغت 25٪ على واردات فول الصويا الأميركية في 6 يوليو (تموز) 2018، هذا الأمر زاد من الضغوط على المزارعين في ولايتي أيوا وإلينوي، وتكتسب هاتان الولايتان أهمية سياسية كبرى، إذ استطاع الرئيس دونالد ترمب أن يكسب كثيراً من الأصوات في أيوا خلال انتخابات العام 2016.

وعليه يبدو أن الصين أرادت أن تستخدم هذه السلعة ضمن أدواتها في الحرب التجارية، مثلاً في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 خفَّضت الصين وارداتها من فول الصويا الأميركية إلى الصفر.

الصين لا تمتلك كثيراً من الخيارات في هذه الحرب، لكنها ستنتقي بعض القطاعات الاقتصادية الأميركية لتفرض عليها رسوماً جمركية إضافية. فرضت الصين رسوماً جمركية على بضائع أميركية تبلغ 110 مليارات دولار (مثلا قطاع البتروكيماويات كان نصيبه منها 10.8 مليار دولار). الميزان التجاري بين البلدين لصالحها، وتحقق فيه فائضاً تجارياً بفارق كبير، إذ تصدر بـ540 مليار دولار، وتستورد بـ130 ملياراً، لذا صادراتها ستكون باستمرار تحت مرمى نيران الرسوم الجمركية، إضافة إلى عامل آخر يتعلق بالتكنولوجيا، إذ ستستمر في حاجة إلى الابتكارات الأميركية، إضافة إلى شرائها نحو 1.3 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية.

بشكل عام يترقّب العالم قمة دول العشرين نهاية هذا الشهر باليابان، واللقاء المرتقب بين الرئيسين الأميركي والصيني.

غرّد ترمب يوم الثلاثاء ''بأنه أجرى مكالمة هاتفية جيدة جداً مع الرئيس الصيني، وسيلتقيه على هامش اجتماعات مجموعة العشرين''. هذه التغريدة أزاحت كثيراً من الشكوك حول قيام هذا اللقاء، وكان تأثيرها إيجابياً على تداولات الأسهم الأميركية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد