Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختفاء إسرائيل!

هي المتفرج الوحيد على عرس الدم ومحفل التهجير على مسرح الشرق الأوسط

عقب الربيع العربي غدت إسرائيل وكأنها دولة في كوكب المريخ (أ.ب)

دولة الجيش والحرب!

سبعون سنة خلون وبُعيد الحرب الكبرى، تخلصت أوروبا من مشكلة مزمنة عُرفت بالمسألة اليهودية، فهُجر مواطنون أوروبيون بدواعي دينية، وتحت غطاء أسطوري، أُسّست دولة إسرائيل في المنطقة العربية، وبقوة الغرب هُجر الفلسطينيون إلى الشتات، أو فُصلوا بأسوار القرون الوسطى. هذه الحقيقة الأساس خلخلت الأمن في الشرق الأوسط، فبهدف الحفاظ على الغيتو الذي حُول إليه المواطنون الأوروبيون اليهود، أقيمت قلعة أمنية مدججة بالسلاح وأنيابها نووية.

تأسيساً على هذه الخلخلة في بنية الشرق الأوسط الجيو تاريخية، غدت المنطقة تعيش على بركان حرب مشتعلة أو مضمرة، واضطُرت دولة الغيتو الدينية إلى أن تكون إسبارطة العصر الحديث، فمنذ يوم إعلانها كدولة في إضبارات ومنابر الأمم المتحدة وحتى الساعة، تخوض المعارك الحربية المعلنة والسرية.

وكل يوم يمر على هذه الدولة، تتطور فيه بنيتها في منحى ذو بعد واحد، يتسم بالانغلاق فالتمترس المتعصب، ومن ثم حشد كل المقومات التي يمكن توفرها للدولة الجيش.

حقائق الحروب كمعنى للوجود  

حقيقة هذه الدولة تجلت في الواقع، في الحروب العلنية الشهيرة 1948، و56، و67، و73، و82 ثم عام 2006م، وفي معارك لا حصر لها. وعليه، عاش العرب من أثر هذه الحروب، ولدواعي أخرى داخلية، في حروب بين دولهم، وفي حروب أهلية لم تنته بعد.

وكذا كان الشرق الأوسط خلال السبعين سنة تلك، في نزاعات وصراعات إقليمية، على النفوذ ومن أجل المصالح المتباينة، واتخذ هذا الاصطراع سُترات إثنية وطائفية ودينية، وكان ذلك دائماً في إطار دولي وتدخل إمبريالي، خصوصاً من بريطانيا العظمى ووريثتها الولايات المتحدة. أما ما هو مسكوت عنه، أو جاء في صيغة العداء لهذه الدولة، فهو الحروب السرية التي تتمثل في تدخل إسرائيل، بالدول العربية والإقليم وكل من تعدهم من أعدائها، وهي حروب يومية، بل أنها أكسجين وجود هذه الدولة الجيش.

ولقد تأسس عن وجود إسرائيل معطيات موضوعية في المنطقة، الجيو سياسي منها والأيدولوجي، فبزوغ منظمات مسلحة وما شابه، وحتى مبررات وجود لنظم سياسية، واتخذ من عدوان إسرائيل وحروبها حجة للقمع والعسف في الكثير من الدول العربية والمنطقة، وكانت ولا شك الحافز الرئيس لظهورِ فهيمنةِ البعث الديني والقومي، وبخاصة التطرف عند كليهما. وحتى إن الجامعة العربية، التي تأسست قبيل إعلان دولة المهجرين اليهود في فلسطين، قد تحولت، خصوصاً على مستوى قممها، كجامعة لردع العدوان الصهيوني.       

الدولة المَخفية والدور المغيب!

عقب الربيع العربي تقريباً، اختفت دولة إسرائيل وكأنها غدت دولة في كوكب المريخ، وبات أي حديث عنها يُعد في باب نظرية المؤامرة، عن دور هذه الدولة، وأثرها في ما يحدث في الشرق الأوسط، وهي تهمة لا تختلف البتة عن تهمة العداء للسامية. وهذا لا يمنعك حق، أن تصف الحروب التي اندلعت شرق إسرائيل، بالحروب الدينية والطائفية وأن غزة دويلة سنية، وبالتبعية من لزوم ما يلزم، أن تمحو من على الخريطة في ذهنك أي وجود لإسرائيل، وعليه ما لا وجود له لا دور له، وهذه الحتمية الافتراضية متحققة في الواقع الإعلامي وما شابه...

إسرائيل المتفرج الوحيد على عرس الدم، ومحفل التهجير على مسرح الشرق الأوسط، ولها حقوق المتفرج صون أمنها، ومن دون أي استحقاق، وليس عليها أي واجب حتى التشجيع، لهذا تطلب إدارات الولايات المتحدة المتعاقبة أخيراً من إسرائيل: الصمت وعدم التعليق البتة، ربط الجأش، عدم الوقوع تحت طائلة الانفعال، ولا رد فعل ما دام الأمر لم يطل أمنها، ولذا روسيا تغض النظر، عن رد فعل إسرائيل في المستعمرة الروسية: سوريا.

دولة الصفقة الغامضة!

هذه الدولة المخفية دورها المتجلي، في جني المحاصيل الإيجابية من الحاصل فحسب، أما في الحاصل فدورها التَغيبْ والحق المُغيب، لأن المطلوب تغييب العقل والمنطق، كي تكون إسرائيل دولة مختفية في المنطقة، وأن لا دور لها في ما يحدث من حروب، ومن ازدهار للخراب واستفحال للتهجير، ومن ظهور وإخفاء لدولة الخلافة الإسلامية (داعش)!

وإن عدت دولة لا وجود لها، فمن المحتم أن لا مصلحة ولا ضرر يطالُها من الحادث، وإن جاء نبأ عاجل بإسرائيل، فسرعان ما يغطيها عاجل داعشي ما يمحوها من الاستذكار، فلا ذكر لإسرائيل إلا باعتبارها صفقة القرن الدامغة، صفقة القرن، ما تتمثل كما محفل يهودي ديني غامض، لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه، وفي حالة الغموض هذه تتجلى الدولة الصهيونية إسرائيل المخفية منذ حقبة من ذي الزمن.

المزيد من آراء