قالت منظمة العفو الدولية إن القصف العشوائي الروسي للبنى التحتية المدنية، بما في ذلك ملاعب الأطفال في مدينة خاركيف الأوكرانية، يرقى لمستوى جريمة حرب.
وأكدت المنظمة الدولية أن مئات المدنيين الأوكرانيين لقوا حتفهم فيما تعرض عشرات الأشخاص للتشويه والإصابات جراء الهجمات الروسية على خاركيف.
وتقع المدينة الأوكرانية الشمالية الشرقية بمحاذاة الحدود مع روسيا، وكان يسكنها 1.5 مليون نسمة قبل أن يطلق فلاديمير بوتين غزوه للبلاد.
وبحسب الدراسة الجديدة فقد تعرضت لقصف بالذخائر العنقودية المحظورة دولياً وبصواريخ غير موجهة في انتهاك صارخ للقانون الإنساني، وأظهرت الدلائل التي تم العثور عليها في حفر متناثرة بأرجاء خاركيف بأن قوات الكرملين أطلقت بشكل متكرر باتجاه المدينة صواريخ من طراز "غراد" Grad و "أوراغان" Uragans فضلاً عن ذخائر 9N210/9N235 العنقودية المحظورة دولياً.
وأشارت منظمة العفو إلى أن "القصف العشوائي المتكرر الذي أسفر عن مقتل وإصابة المدنيين أو ألحق أضراراً بأغراض تعود لمدنيين يشكل جرائم حرب". وأضافت في تقريرها، "تملك القذائف المدفعية غير الموجهة هامش خطأ يفوق الـ 100 متر. وفي الأحياء السكنية حيث لا تتباعد المباني عن بعضها سوى بضعة أمتار، فمن شأن هذه الضربات غير الدقيقة أن تؤدي إلى وقوع خسائر حتمية في صفوف المدنيين وتسبب دماراً واسعاً في البنى التحتية المدنية".
وفي هذا السياق، اعتبرت دوناتيلا روفيرا كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو بأن خاركيف التي لا تزال تخضع لسيطرة أوكرانيا تعرضت "لوابل لا هوادة فيه من الهجمات العشوائية خلال الأشهر الأخيرة".
وقالت، "قتل الأشخاص في منازلهم وفي الشوارع والملاعب والمدافن وأثناء انتظارهم في طوابير المساعدات الإنسانية أو أثناء شرائهم الطعام والدواء"، مضيفة "القوات الروسية المسؤولة عن هذه الهجمات الفظيعة يجب أن تحاسب على أفعالها، ويجب أن يُمنح الضحايا وعائلاتهم تعويضات كاملة".
وإضافة إلى تفقد موقع الهجمات، تحدث الباحثون في منظمة العفو مع شهود عيان وضحايا مصابين وعائلاتهم، وفي المحصلة حققوا في ما مجموعه 41 هجمة أسفرت عن مقتل 62 شخصاً على الأقل وإصابة حوالى 200 شخص.
وأعلن مدير القسم الطبي في الإدارة العسكرية الإقليمية في خاركيف لمنظمة العفو أن حصيلة القتلى من المدنيين تبلغ حوالي 606 مدنيين و1248 مصاباً منذ بداية الحرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كانت أوكسانا ليتفينينكو (41 عاماً) من بين الذين قتلوا نتيجة القصف الروسي بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بجروحها في الـ 11 من يونيو (حزيران) بعد أسابيع من تعرضها إلى إصابة حرجة.
وكانت ليتفينينكو تسير بالقرب من ساحة تضم ملاعب برفقة زوجها إيفان وابنتهما البالغة أربعة أعوام من العمر عندما اخترقت شظية جسمها وثقبت رئتيها وعمودها الفقري.
تحدث الزوج إيفان في الـ 26 من أبريل (نيسان) لمنظمة العفو قائلاً بأنه رأى وميضاً ودفع ابنته بينه وبين شجرة لحمايتها، ومن ثم نظرا حولهما ليشاهدا أوكسانا ممددة في بركة من الدماء. "انقلبت حياتنا رأساً على عقب" قال حينها، فيما لم يكن واثقاً إن كانت زوجته ستتماثل للشفاء أم لا.
وفي هجوم آخر قتل ستة أشخاص على الأقل بينما أُصيب 15 آخرين بجروح في الـ 24 من مارس (آذار) عندما أمطرت القوات الروسية وابلاً من الذخائر العنقودية بالقرب من محطة قطارات "الأكاديمي بافلوف"، حيث كانت الحشود تنتظر في طوابير لتلقي المساعدة.
وفي هذا الإطار، قال ضابط في الشرطة المحلية شهد على الهجوم "كان الوضع مرعباً للغاية والشظايا تنهمر مثل المطر الغزير".
وتعد النتائج الأخيرة التي توصلت إليها منظمة العفو الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة من جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها روسيا ويتم التحقق حالياً من هذه الاتهامات من قبل المحاكم الدولية، في وقت تستمر فيه موسكو بنفي قيام قواتها باستهداف المدنيين على الرغم من الأدلة التي تدحض ذلك.
ويشار إلى أنه في وقت سابق خلال الحرب تم العثور على مئات الجثث في بوتشا، إحدى ضواحي كييف التي كانت ترزح تحت الاحتلال الروسي، وفي مناطق أخرى أظهرت صور التقطتها الأقمار الاصطناعية مقابر جماعية حفرت قرب مدينة ماريوبول التي قصفتها قوات الكرملين على مدى ثلاثة أشهر من دون توقف، قبل السيطرة عليها في مايو (أيار) الماضي.
وخلال الهجوم الدموي الأخير حاولت روسيا قصف مدينة سيفيرودونيتسك [في الدونباس] بالقذائف المدفعية لإخضاعها، وتسيطر قواتها حالياً على معظم المدينة الواقعة شرق البلاد والمتنازع عليها بشدة.
وفي هذا الصدد، قال سيرهي غايداي حاكم مقاطعة لوهانسيك يوم الإثنين، "يدمر الروس الحي تلو الآخر".
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأحد أن روسيا تحاكم من قبل العالم بأسره على الهجمات العشوائية التي تشنها والتي أسفرت عن مقتل مئات الأطفال والسكان الآخرين، مضيفاً "ستسلط هذه الوقائع الضوء بشكل كبير على الطريقة التي ينظر فيها العالم إلى روسيا".
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 14 يونيو 2022
© The Independent