Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يحل "التبني" أزمة الأطفال مجهولي النسب في السودان؟

ولادة 7 آلاف طفل لا يعرف أبويه خلال 9 سنوات بالخرطوم وبعض الأسر تبنت عدداً منهم ثم استغلتهم جنسياً

أطفال السودان يستحقون شملهم برعاية الدولة (حسن حامد)

تثير قضية الأطفال مجهولي النسب في السودان قلقاً كبيراً لأسباب متعلقة بارتفاع نسبتهم، وغياب الرعاية الصحية الكافية لهم، بخاصة بعد الكشف عن تجاوزات بدار "المايقوما" لإيواء الأطفال مجهولي الأبوين، حيث تبين أنها تعاني تدهوراً يهدد سلامة الأطفال ورعايتهم وتوفير الخدمات الصحية والنفسية والبيئية لهم.

وكشفت نور حسين، مديرة منظمة شمعة للرعاية الاجتماعية، "وجود ما لا يقل عن سبعة آلاف حالة ولادة خارج الإطار الشرعي بولاية الخرطوم، في الفترة ما بين 2011 و2022، وأرجعت ذلك إلى الفقر والتفكك الأسري الذي شهده المجتمع خلال السنوات الأخيرة". وأوضحت أن منظمتها تعمل على دمج الأطفال خارج الإطار الشرعي مع ذويهم، والسعي لإزالة الوصمة الاجتماعية التي تتعرض لها الأسرة والطفل.

تبني الأطفال

وبالعودة إلى عام 2020، فإن المدير العام لدار "المايقوما" قرر إيقاف الكفالة الخاصة بتبني أطفال الدار نهائياً، إلى أن تنظر الدولة في الأمر، وذلك بعد انتهاكات حدثت مع غالبية أطفال الدار الذين تكفل بهم عدد من الأسر، استغلتهم جنسياً وجسدياً، ووصل الأمر إلى بيع بعضهم.

ونتيجة لذلك، أعلنت الدار شروطاً للتبني، أهمها الزواج، ومن ثم إرسال الملف إلى المحلية التي يتبع لها، ثم تسجل إدارة الدار زيارة لسكن الأسرة المتكفلة لمعرفة إن كان السكن لائقاً أم لا، بعدها تأتي الأسرة التي تريد تبني الطفل لزيارة الدار يومياً لمدة أسبوع حتى يعتاد الطفل عليهم، وإذا لم يحدث لن يأخذوه، كما عاقبت الدار كل من ارتكب جريمة في حق الأطفال الذين تم تبنيهم، مثل إسقاط حقوق الكفالة.

وفي هذا الصدد قالت الناشطة الحقوقية إيمان سليمان، إن "مسألة تبني الأطفال مجهولي الأبوين في السودان بقدر ما هي صعبة وبها عديد من الشروط حتى تتم العملية، بقدر ما تعرض الأطفال لمخاطر كبيرة ناتجة من عدم وجود جهات حقيقية تتابع الأطفال بعد التبني، والدليل على ذلك حدوث حالات اعتداء جنسي وبدني على عدد كبير من الأطفال من قبل أسر تبنتهم، واتخذت إجراءات، أقل ما يقال عنها إنها عقيمة ولا تناسب الفعل".

وعن كيفية تحقيق عملية تبنٍّ مستقرة وتحافظ على الطفل، قالت سليمان إن "التبني يجب أن تكون له شروط صارمة وحقيقية، مع توفير وضع جيد للأطفال وتقديمهم لأسر ذات سمعة طيبة. مع التواصل مع الأسرة حتى بلوغ الطفل السن القانونية التي يستطيع فيها حماية نفسه. وكذلك توفير مراكز تأهيلية تقدم للأسرة استشارات مجانية في ما يخص صحة الطفل النفسية، وأيضاً التواصل مع الأسر المتبنية شهرياً عبر الزيارة أو استضافتهم في مقر الدار أو وزارة الرعاية الاجتماعية. وتقديم فرص أكبر لهؤلاء الأطفال عن طريق تقديم نشاطات اجتماعية ودمجهم مع بقية الأطفال، خصوصاً إذا ما تم التبني في عمر الإدراك".

وفاة الأطفال

لم تكن دار المايقوما المكان الأكثر أماناً للأطفال مجهولي الأبوين، حيث أعلنت مديرة الدار، منى عبد الله، في فبراير (شباط) 2022 "وفاة 50 طفلاً خلال ثلاثة أشهر".

وقالت الناشطة الطوعية سلمى الحاج إن "دار المايقوما لم ولن تكون الوجهة الأمثل لرعاية الأطفال مجهولي الأبوين، لأنها تفتقر إلى أبسط المقومات. مع وجود خلل إداري واضح وتجاهل الدولة لها، حيث تحصل الدار على التبرعات والدعم من منظمات ومبادرات خيرية وبعض الأفراد الذين يمدون الدار بالخدمات. مع ذلك هنالك فساد كبير داخل الدار التي لا تقدم للأطفال جميع الحاجات التي يوفرها متطوعون. مع سوء البيئة هناك وعدم وجود طاقم مؤهل لرعاية الأطفال".

وأضافت الحاج "نوفر حاجات الأطفال أسبوعياً ونلاحظ غياب الرعاية الطفلية، حيث يعاني عدد كبير من الأطفال سوء التغذية وأمراضاً أخرى متعلقة بسوء المكان الذي لا يوفر بيئة صحية لهم".

وفي ظل الظروف التي يعيشها الأطفال مجهولو الأبوين، ترى الناشطة النسوية ملاذ ياسر أن "تبني الأطفال بواسطة أسر مستطيعة هو الحل الأمثل للمشكلات الكارثية، فعندما أعلنت الحكومة إيقاف عملية التبني عام 2020 لم تكن تعلم أنها أجحفت حق الأطفال الذين يعيشون في دار ليست المكان الأمثل من كل النواحي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبخصوص الطريقة المثلى لتحسين حياة الأطفال، قالت ياسر "هنالك آلاف الأسر على استعداد تام لتبني أطفال من الدار، وهم على قدر كبير من المسؤولية، لكن إذا فكرنا قليلاً لوجدنا أن الأمهات اللاتي يتخلصن من أولادهن المولودين خارج الإطار الشرعي، يفعلنها بسبب الضغوط المجتمعية، لذلك يجب أن نتخلص من الوصمة المجتمعية عن طريق برامج توعوية عبر وسائل الإعلام وحث الأمهات على الاحتفاظ بأطفالهن بدلاً من التخلص منهم لدوافع متعلقة بالخوف من المجتمع. مع توفير الحماية لهن، وكذلك احتياجاتهن كاملة حتى يتخطين المرحلة الصعبة".

وعن السؤال الأهم: هل تبني الأطفال سيحل مشكلة زيادة عدد الأطفال مجهولي الأبوين، أجابت ياسر بأن "عملية التبني هي الأمثل، وستنهي مشكلة هؤلاء الأطفال الذين لا يريدون أن يتذكروا طفولتهم القاسية داخل دور الرعاية".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي