Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فساد نظام بوتفليقة ينعش تجارة المخدرات في الجزائر

تورط عناصر أمن في مساعدة شبكات تهريب على الإفلات من المراقبة والحواجز الأمنية

ضبط كمية من المخدرات في وهران شمال غرب الجزائر (الإذاعة الجزائرية)

انتعش مجال تجارة وتهريب وتعاطي المخدرات في الجزائر بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وباتت أخبار اعتقال مروجين ومتعاطين وحجز كميات من القنب الهندي تجد لها مكاناً على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون يومياً، جنباً إلى جنب مع أحداث السياسة والرياضة، ما يكشف عن حجم الخطر الذي يهدد المجتمع الجزائري نتيجة توسع دائرة المتعاطين والمتاجرين، بخاصة في ظل تفشي البطالة وتدهور المقدرة الشرائية وانتشار الآفات الاجتماعية كالطلاق والخلع وغيرها، التي شهدت انتشاراً رهيباً خلال فترة حكم الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.



7 آلاف نشاط أمني تحذيري من خطر المخدرات

أكد الرقم الذي كشفت عنه المديرية العامة للأمن الجزائري بخصوص نشاطاتها التحذيرية من أخطار استهلاك المخدرات وتأثيراتها العقلية، أن مكافحة ترويج والإتجار بالمخدرات باتت معركة تستوجب تجنيد ومشاركة كل القوى الحية في المجتمع، إذ أوضحت أنها نظمت 7097 نشاطاً توعوياً وتحسيسياً خلال الثلاثي الأول من عام 2019، في إطار تنفيذ مخطط التوعية والتحذير من أخطار استهلاك المخدرات وتأثيراتها في العقل.
ووُضع برنامج التحذير بعد إجراء دراسةٍ ميدانية وتحليل للإحصاءات المسجلة من قبل فرق الشرطة المختصة في مكافحة الإتجار غير الشرعي بالمخدرات، تحت إشراف كوادر وأخصائيين نفسيين يتمتعون بخبرة واسعة وتجربة ميدانية في مجال التنشيط التربوي للتوعية من أخطار استهلاك المخدرات.

 



الجزائر... من "بلد عبور"إلى مستهلك

كانت الجزائر إلى وقت قريب معبراً للمخدرات نحو الشرق الأوسط وأوروبا، ثم تحولت إلى بلد إتجار وترويج بامتياز، خلال الـ 20 سنة الأخيرة. وصرح الخبير الأمني جمال عمراوي أن "موقع الجزائر وحجم الكتلة النقدية المتداولة خارج الأطر القانونية، وتفشي الفساد على كل المستويات، هي من بين أهم الأسباب التي حوّلت الجزائر من بلد عبور إلى بلد استهلاك". وتابع أن "المخدرات التي تصل إلى الجزائر قادمةً من المغرب الذي يُعتبر من بين أكبر منتجي القنب الهندي في العالم، وأميركا اللاتينية بالنسبة إلى المخدرات الصلبة من كوكايين وهرويين".

عائدات "مغرية"

وأوضح عمراوي أنه على الرغم من جهود الأجهزة الأمنية للحد من تهريب المخدرات إلى الجزائر، إلا أن تغيير شبكات الإتجار بالمخدرات لمسالكها يصعّب المهمة، بخاصة في ظل تواطؤ شبكات محلية، مشيراً إلى أن تجارة المخدرات في الجزائر تطورت وباتت مداخيلها تستهوي حتى كبار رجال المال والأعمال والمسؤولين، الأمر الذي كشفت عنه عملية حجز أكثر من 700 كيلوغرام من الكوكايين على متن باخرة آتية من إسبانيا، أو ما يُطلق عليها قضية "البوشي" أو "الجزار"، التي فضحت مسؤولين ورجال أعمال مرتبطين بتجارة المخدرات في الجزائر.
وأبرزت مديرية الأمن أنه تمت معالجة 150 قضية على المستوى الوطني خلال شهر رمضان الماضي، أسفرت عن حجز أكثر من طن و384 كيلوغراماً من المخدرات، وحوالى 40 ألف قرص مهلوس، وتوقيف 230 مشتبه في تورطهم بحيازة وترويج المخدرات والأقراص المهلوسة. وتشير تقارير أمنية إلى أن استثمار مليار سنتيم في تهريب المخدرات من المغرب إلى الجزائر، يجني 4 مليارات سنتيم، أما في حال استثمار المبلغ نفسه في تهريب الكوكايين نحو أوروبا، فقد يجلب عائداً يصل إلى 20 ضعفاً أي 20 مليار سنتيم، وهو مبلغ ضخم يؤكد أن هذا النشاط الإجرامي الخطير سيستقطب مزيداً من الجهات في الجزائر بسبب الإغراء الذي توفره العائدات المادية.



تكذيب واعتراف

ونفى جمال قسوم، رئيس المصلحة المركزية لمكافحة المخدرات في المديرية العامة للأمن مزاعم بشأن تورط ضباط ومسؤولين كبار في جهاز الشرطة بعمليات تهريب المخدرات في الجزائر، وعلى رأسها قضية 700 كيلوغرام من الكوكايين. وأضاف أن أجهزة الأمن كشفت عن تورط عناصر من الشرطة والدرك والجمارك، ساعدت شبكات تهريب المخدرات للإفلات من عمليات المراقبة والحواجز الأمنية، معترفاً بأن الربح السهل والمال غالباً ما يكونان الدافعين وراء هذه المحاولات.
في السياق ذاته، رأى المحلل السياسي مومن عوير أن "مَن يتاجر بالمخدرات ويروّج لها بشكل كبير، هم أصحاب المال الفاسد، بهدف تبييض أموالهم وزيادة أرباحهم"، مشيراً إلى تسهيلات يقدمها عناصر من الأمن بحماية من مسؤولين. وقال إن "تجارة وتعاطي المخدرات في العالم شهدت تزايداً من بدايات القرن الـ 21، غير أنها في الجزائر باتت منتشرة بشكل لافت منذ أكثر من 10 سنوات".
 

المخدرات... معركة النظام العتيد

وأزاحت قضية "البوشي" الستار عن العالم الخفي لتجارة المخدرات الصلبة في الجزائر، حيث كشف تقرير أمني عن أن "مَن يقف خلف هذه التجارة هم أشخاص يملكون قوة مالية سمحت لهم بالتقرب من دوائر السلطة، بسبب الفساد الذي أسس له الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومن وراءه شقيقه سعيد، وهو المناخ التي "يعشق" تجّار المخدرات التحرك فيه وربط علاقات أمنية وسياسية لحماية مصالحهم، الأمر الذي يجعل من محاربة تجارة وترويج وتعاطي المخدرات معركة صعبة للسلطة العتيدة في الجزائر.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي