Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة الحكومية الليبية على تعقيداتها والأمل بالمسار الدستوري

مبادرة لتشكيل حكومة مصغرة بديلة على أن يتقدم باشاغا باستقالته ويقبل الدبيبة بالتغيير

النزاع على السلطة بين باشاغا والدبيبة من الصعب حله سياسياً أو عسكرياً، ما دفع بعض الوجوه البارزة لطرح مقترح تشكيل حكومة مصغرة بديلة لهما (أ ف ب)

تسببت الأحداث التي شهدتها العاصمة الليبية، منتصف الأسبوع الماضي، في دفع المشهد الليبي إلى مزيد من الانسداد السياسي والاحتقان الأمني، وكشفت أن النزاع على السلطة بين حكومتي فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة من الصعب حله سياسياً أو عسكرياً، ما دفع بعض الوجوه البارزة في الساحة لطرح مقترح تشكيل حكومة مصغرة بديلة لهما للخروج من هذه الأزمة، ووسط ترقب حذر لمستجدات المعركة الساخنة بين الأذرع التنفيذية لأطراف النزاع الليبي، حققت الأجسام التشريعية الممثلة لها تقدماً مبشراً في المسار الدستوري، إذ تستضيف العاصمة المصرية القاهرة جولته الثانية هذه الأيام، بعد أن أعلنت اتفاقها على 70 في المئة من مواد القاعدة الدستورية للانتخابات العامة.

حكومة إنقاذ

وأثارت بعض الوجوه المعروفة على الساحة السياسية في ليبيا جدلاً واسعاً بطرحها فكرة تشكيل حكومة مصغرة لحل الخلاف على الشرعية بين حكومتي الاستقرار والوحدة، بعد أن استنفذت الحلول السلمية وغير السلمية لحلها، ووصولها إلى نفق مسدود يهدد بالعودة إلى مرحلة الانقسام قبل توقيع اتفاق جنيف في عام 2020.

وكان الحديث عن تشكيل حكومة ثالثة في ليبيا بدأ قبل حتى اندلاع الاشتباكات في طرابلس، الأسبوع الماضي، وأثناء مناقشة مجلس النواب للموازنة العامة لحكومة باشاغا، وظهرت وقتها تسريبات تفيد بوجود ترتيبات بين بعض التيارات البارزة في العاصمة لتشكيل حكومة مصغرة تتم تسميتها من المجلس الرئاسي.

واعتبر رئيس مجلس الدولة في طرابلس خالد المشري، من أبرز المؤيدين لهذا الطرح، بل تصفه بعض المصادر بأنه "عراب المشروع"، وكان قد عبر عن موقفه هذا في تعليق على الأحداث الخطيرة التي شهدتها طرابلس قبل أيام، قائلاً إنه "ينصح باشاغا بتقديم استقالته والدبيبة بقبول التغيير لحل الأزمة الحالية"، ودعا المشري إلى "التوافق على قاعدة دستورية وحكومة مصغرة هدفها إجراء الانتخابات فقط، لأن حكومتي باشاغا والدبيبة لا تريدان الذهاب للانتخابات حتى بعد خمس سنوات".

زيادة في الانقسام

واعتبر رئيس "حزب التغيير" في طرابلس جمعة القماطي أن "الحل الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية هو اتفاق شامل بين مجلسي النواب والدولة في القاهرة على قاعدة دستورية وموعد محدد للانتخابات خلال العام الحالي"، وأضاف، "أما تشكيل حكومة ثالثة فهو تكرار لحرص المجلسين على الاستمرار وتقاسم السلطة والتهرب من تجديد الشرعية السياسية، وسيربك المشهد أكثر في ‫ليبيا ويزيده تعقيداً".

مقترح منطقي

وعبر المرشح للانتخابات الرئاسية أسعد زهيو عن توافقه مع ما أعلنه المشري، واقترح "تشكيل الحكومة بناء على توافق بين النواب والدولة والرئاسي، تمهيداً للوصول إلى الانتخابات"، وأشار إلى أن "هذا الطرح سيكون في شكل صفقة بين المجلسين، لكنه حل منطقي لأنه لا حكومة الوحدة، ولا الاستقرار يمكنهما إجراء الانتخابات، فحكومة الدبيبة لم تكن جادة يوماً في الذهاب للانتخابات، ولا تستطيع حالياً الذهاب إليها أيضاً، وحكومة باشاغا لا تستطيع حتى الدخول لطرابلس وسط حالة الرفض المتزايدة لها من القوى العسكرية"، ورأى زهيو أنه "لا ينبغي الحديث عن سلطة تنفيذية جديدة مستقرة من دون التوصل لاتفاق بشأن القاعدة الدستورية التي تذهب للانتخابات، فعندها سيكون تغيير السلطة التنفيذية مجرد تقاسم للسلطة وإطالة أمد الأزمة لفترات بعيدة مرة أخرى".

شرط التوافق

أما عضو مجلس النواب علي السباعي فاعتبر أنه لا يهم في هذه المرحلة مضمون أي مشروع سياسي بل المهم التوافق عليه، وأكد أنه "مع أي مشروع سياسي يدعو لإصلاح الوضع العام وإنقاذ الوطن من الفرقة والتمزق بطرق حضارية سلمية"، وقال السباعي، "نختلف ونتفق ونتحاور ونناقش حول أي مشروع سياسي يدعو لإصلاح الوضع العام وإنقاذ الوطن من الفرقة والتمزق بطرق حضارية سلمية، لكن إذا بلغ الأمر تنفيذ أي مشروع بالقوة أو إجبار الليبيين عليه فلا نتفق ولا نتحاور، بل نرفض ونقاوم، وإن أي مشروع تسفك فيه قطرة دم واحدة فأنا ضده".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقدم بالمسار الدستوري

وفي القاهرة، نجحت اللجان التي اجتمعت على طاولة الحوار بالمسار الدستوري في تجنب تداعيات التطورات الأخيرة التي شهدتها طرابلس كما كان مرجحاً، وفاجأت الجميع بإعلانها إنجاز 70 في المئة من القاعدة الدستورية للانتخابات العامة، وأعلنت لجنة المسار الدستوري المشتركة من مجلسي النواب والدولة في بيان عن "توافقها على 140 مادة من أصل 197 مادة من مواد مشروع الدستور وتشكيل لجنة مصغرة لإعداد صياغة توافقية لنصوص المواد بعد حصرها وإحالتها إلى رئاستي المجلسين للنظر فيها"، وبينت أنها "ستناقش مواد مشروع الدستور كاملة في الجولة المقبلة مطلع يونيو (حزيران) المقبل باعتبار المشروع وحدة واحدة لا تتجزأ"، بمعنى أن تقبل مسودة الدستور كاملة أو ترفض كلها.

البعثة الأممية

وأعربت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز "عن سعادتها بتمكن لجان الحوار في المسار الدستوري الليبي في القاهرة من التوصل إلى توافق مبدئي حول مواد مشروع الدستور"، وأوضحت وليامز أنه "تم التوصل لاتفاق مبدئي حول 137 مادة في الدستور، وتوافق اللجنتين على الباب الثاني المعني بالحقوق والحريات، فضلاً عن البابين الخاصين بالسلطة التشريعية والقضائية"، مشيرة إلى أن "خلاف وجهات النظر ينحصر حالياً في عدد قليل من المواد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة"، وقالت إنها "تحترم وتقدر الجهود التي بذلها الجميع لإحراز تقدم ملموس في هذه المشاورات، ومواصلة السعي بشكل مشترك إلى إيجاد توافق في الآراء وحلول بناءة للنقاط الخلافية، وتدعو أعضاء لجنة المسار الدستوري الليبي إلى التوصل لتوافق نهائي بشأن المواد المتبقية".

حسم القليل الباقي

من جانبه، أكد رئيس وفد البرلمان الليبي في اجتماعات المسار الدستوري في القاهرة النائب سليمان الفقيه أن "الجولة المقبلة ستحسم التوافق بشكل كامل حول المواد الخلافية بين مجلسي النواب والدولة الليبيين"، واصفاً الاجتماعات التي احتضنتها القاهرة بأنها "شهدت تفاعلاً إيجابياً من وفد مجلس الدولة"، وقال رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة في اجتماعات المسار الدستوري في القاهرة النائب شعبان أبو ستة أنه "يتوقع التوافق حول مواد الدستور باعتباره القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات خلال الجولة التفاوضية المقبلة".

سفينة تركيا ترفض التفتيش

في سياق آخر، أعلنت العملية البحرية الأوروبية "إيريني"، للمرة السابعة خلال العام الحالي، أن "تركيا رفضت الموافقة على طلب للعملية لتفتيش سفينة "كوسوفاك" المتجهة لميناء مصراتة الليبي"، وقالت "إيريني" إن "تركيا رفضت الموافقة على الصعود والتفتيش على متن سفينة الحاويات كوسوفاك المتجهة إلى ميناء مصراتة في ليبيا من إسطنبول، بناء على طلب عملية الاتحاد الأوروبي الجوية والبحرية إيريني، ووفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2292 بشأن حظر الأسلحة في ليبيا، نكرر دعوة مجلس الأمن الدولي جميع أعضاء الأمم المتحدة للتعاون مع عمليات التفتيش".

وتزامنت هذه الحادثة مع توقيع رئاسة الأركان في طرابلس عقداً جديداً لشراء طائرات من تركيا، ما قد يحرك من جديد الخلافات بشأن التدخلات الأجنبية في ليبيا، وينعكس على مفاوضات اللجنتين العسكريتين "5+5"، المتعثرة أصلاً في الآونة الأخيرة.

المزيد من العالم العربي