Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسعار السلع الغذائية في إيران تتحول بسرعة إلى مسألة سياسية

مع أن التظاهرات ما زالت صغيرة الحجم نسبياً إلا أنها تقع خلال فترة حساسة بشكل خاص بالنسبة لإيران فيما تزداد المخاوف على خلفية الأزمة الغذائية العالمية الوشيكة

ارتفاع الأسعار بعد رفع الدعم عن بعض السلع وراء التظاهرات في الشوارع الإيرانية (رويترز)

تهز الشارع الإيراني منذ أيام تظاهرات غذائية وعمالية دورية اتخذت بسرعة منحى سياسياً وخلفت قتيلاً واحداً على أقل تقدير إضافة إلى إصابة أشخاص آخرين بالرصاص.

أظهرت الفيديوهات المحملة على شبكة الإنترنت مشاهد من الفوضى. يندد المتظاهرون بحكم رجال الدين وبالرئيس إبراهيم رئيسي. ويرددون شعارات مؤيدة لرضا بهلوي، نجل آخر ملك إيراني، الذي خُلع من منصبه منذ أكثر من  40 عاماً. وتطلق السيارات المارة في المكان أبواقها تضامناً معهم.

تُطلق الشرطة النار على الحشد. ينهب اللصوص أحد المتاجر. يمر المتظاهرون في مدينة هفشجان الجنوبية الغربية بالسيارات ويقتحمون مقراً لميليشيات الباسيج الطوعية التابعة للحرس الثوري الإيراني فيما يرقد أحد الرجال جثة هامدة على الأرض، تظهر عليها إصابة واضحة بطلق ناري.

ثم يُسمع صوت رجل في مقطع الفيديو القصير يقول "ارفعوه! ارفعوه!".

وتهتف مجموعة كبيرة من المتظاهرين في مدينة دزفول "الموت لرئيسي! الموت لرئيسي!". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يتسن التأكد من صحة أي من الفيديوهات بشكل مستقل، ولكن بدا أن معظمها جديد. ضُيق الخناق بشكل كبير على خدمة الإنترنت في بعض المناطق الإيرانية خلال ذروة التظاهرات التي يبدو أنها كانت عفوية، وهي خطوة كانت تشير في السابق إلى سعي السلطات للسيطرة على تدفق المعلومات المباشرة [وتقييدها] بشأن الخلافات السياسية التي تعيشها.

ويقول الناشطون، إن المئات تعرضوا للاعتقال، فيما تقول الحكومة إنها لم تحتجز سوى عشرات الأشخاص.

وسط هذه الاضطرابات، اعتقلت المخابرات الإيرانية في 7 مايو (أيار) سائحين فرنسيين، هما المسؤولة في نقابة المعلمين سيسيل كولر وزوجها بتهم تجسس، واتهمتهما بمحاولة دعم المعلمين الذين يقومون بإضرابات دورية مطالبين برفع أجورهم وتحرير زملائهم المُعتقلين. 

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها، "تشجب الحكومة الفرنسية هذا الاعتقال الذي لا أساس له. وهي تدعو إلى الإفراج الفوري عن المواطنين الفرنسيين وستبقى معبأة بالكامل لهذه الغاية".

وتبدو الاحتجاجات التي اشتعلت شرارتها من جنوب غربي البلاد السريع الانفجار الذي يقطنه سكان من أصول عربية ووصلت إلى العاصمة، أصغر حجماً بكثير من تلك التظاهرات التي عمت البلاد وجاهرت بمعارضتها للنظام، وانطلقت في أواخر عام  2017 في إيران ثم تجددت في صيف عام 2018 كما التظاهرات التي قامت على خلفية ارتفاع أسعار الوقود في عام 2019 وشح مستويات المياه الزراعية في عام 2021.

ولكنها تندلع في فترة حساسة بشكل خاص. وهي تزيد من الضغوطات التي ترزح طهران تحت وطأتها وسط مفاوضات صعبة مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية. تريد إيران رفع العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، فيما تريد الولايات المتحدة من إيران تقييد برنامجها المتعلق بالتكنولوجيا الذرية.

ويبدو كذلك أن هذه هي أول موجة احتجاجات تحدث منذ تنصيب رئيسي المتشدد، إحدى معجزات المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وقد استقطبت اهتماماً عالمياً.

وكتب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس على "تويتر" "يدافع المتظاهرون الإيرانيون الشجعان عن حقوقهم. من حق الشعب الإيراني مُساءلة حكومته. نحن ندعم حقه بالتجمع السلمي وحرية التعبير على الإنترنت كما على أرض الواقع، بلا خوفٍ من عنفٍ أو انتقام". 

انطلقت التظاهرات بعدما خفضت حكومة السيد رئيسي بتاريخ 3 مايو (أيار) الدعم على القمح وزيت الطهي ومشتقات الحليب، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وقد سجلت أسعار السلع الغذائية أعلى ارتفاع لها حول العالم خلال سنتين على خلفية الهجوم الروسي على أوكرانيا. إذ يُعد البلدان الأوروبيان الشرقيان من بين أكبر مصدري الغذاء في العالم.

حاول التلفزيون الرسمي الإيراني عرض الشكاوى المتعلقة بارتفاع الأسعار، فيما قلل المسؤولون الإيرانيون إجمالاً من أهمية التظاهرات. ومن أجل تخفيف أثر ارتفاع الأسعار، تعهد السيد رئيسي بزيادة الدعم النقدي لجميع المواطنين الإيرانيين، ما عدا الأثرياء منهم، وتوزيع قسائم إلكترونية على الفقراء.

اشتكى الإيرانيون من ارتفاع سعر الخبز والمعكرونة إلى أكثر من الضعف، فيما ازداد سعر زيت الطهي ثلاثة أضغاف تقريباً، ولكن الرواتب ظلت على حالها، وقضى التضخم، الذي قُدر بأكثر من 40 في المئة العام الماضي، على جزء كبير من المدخرات والأجور.  

يوم الاثنين، اعتُقل عدد غير محدد من سائقي الباصات الذين كانوا يحتجون داخل العاصمة للمطالبة بتحسين الأجور.

أُنهك الاقتصاد الإيراني بسبب سوء الإدارة وفساد الهيئات الدينية التي تدعمها الدولة، والتدهور البيئي، إضافة إلى العقوبات الأميركية القاسية التي تمتد حتى إلى الدول الثالثة التي تحاول إقامة علاقات تجارية مع إيران. كان الاقتصاد في تحسن بعد الاتفاق المُبرم مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية في عام 2015، الذي خفف العقوبات مقابل تقييد برنامج إيران النووي.

ولكن أثناء ولاية الرئيس دونالد ترمب، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق وشددت العقوبات، مما تسبب بتراجع قيمة العملة الإيرانية ووضع الاقتصاد على مسار الانهيار. وعلى الرغم من استقرار الاقتصاد بعد ذلك، لم يتعاف من الضعف والهشاشة [الضمور] أمام ارتفاع الأسعار العالمي في الآونة الأخيرة بسبب الحرب على أوكرانيا.

وتقول الولايات المتحدة وإيران إنهما ترغبان بالعودة إلى اتفاق عام 2015، ولكنهما وصلتا إلى طريق مسدود في هذا الإطار على خلفية رفض واشنطن إزالة تصنيف الحرس الثوري، وهو جزء من الجيش الإيراني، تحت خانة المنظمات الإرهابية.

© The Independent

المزيد من دوليات