Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسعار النفط مستقرة رغم هجوم خليج عمان

خبراء: الإعتداء على الناقلات يهدد أمن الملاحة والفائض وانخفاض الطلب عززا هدوء السوق

منصة نفط إكوينور بحقل يوهان سفيردروب في بحر الشمال (رويترز)

بعد شهر من الاعتداء على 4 سفن قبالة إمارة الفجيرة، استُهدفت ناقلتان جديدتان، إحداهما يابانية والأخرى نرويجية في خليج عُمان. وبعد ساعات اتهمت واشنطن إيران بأنها وراء الهجمات الجديدة، التي لم يسقط فيها ضحايا.

ويسهم هذا الوضع في زيادة التوتر بمياه الخليج، الممر البحري الاستراتيجي، الذي يعبر منه خُمس الطلب العالمي على النفط.

ردة فعل الأسواق كانت فورية، فارتفع برميل بحر الشمال برنت، المرجع الرئيسي لسوق النفط الخام العالمية بأكثر من 4٪، وبلغ 61 دولاراً. أما برميل تكساس، فارتفع هو الآخر بنسبة 2.3٪ إلى 52.30 دولار.

مشغّلو الناقلات
ويعكس التوتر الواضح في السوق حساسية الوضع بمنطقة توجد فيها نصف احتياطيات العالم من البترول، إضافة إلى أن مضيق هرمز هو نقطة عبور استراتيجية لتزويد العالم بالطاقة (18 مليون برميل تمر يومياً عبره أو ما يقرب من 20٪ من الاستهلاك اليومي في العالم).

وبعد الهجوم مباشرة، سارع مشغّلو ناقلات البترول إلى التعبير عن مخاوفهم. وقال باولو داميكو، رئيس "الرابطة الدولية لأصحاب ناقلات النفط المستقلين"، "لدينا أشخاص من جميع الجنسيات، وسفن تحمل أعلاماً مختلفة، تعبر هذا الممر البحري المهم، وإذا أصبحت تلك المياه غير آمنة، فقد تكون الإمدادات إلى العالم بأسره في خطر".

تأثير محدود
القراءة الأولى لحركة السوق تشير إلى أن عنف هذه الهجمات في منطقة حاسمة لحركة النفط العالمية (2400 ناقلة تخرج منها كل سنة)، لم يكن له تأثير كبير على السوق. لكن خطورة هذه الأحداث أنها تأتي في وقت تشهد فيه الأسعار اضطرابات، فبعدما ظلت مستقرة نسبياً لعدة أشهر ما بين 60 دولاراً و70 للبرميل، هبطت فجأة في نهاية شهر مايو (أيار) الماضي إلى حدود 60 دولاراً.

يقول الخبير في شؤون النفط وليد خدّوري، "من المفترض أن ترتفع أسعار النفط في مثل هذه الأوضاع القلقة. فهذه الحوادث بالمنطقة في خلال 4 أسابيع، هو أمر غير مسبوق، وينذر بالمخاطر"، لكنه لاحظ، رداً على أسئلة "اندبندنت عربية"، أنه "فيما ارتفعت تكلفة التأمين على الناقلات المتوجهة إلى الخليج العربي، لم ترتفع الأسعار بما يعكس خطورة الوضع الأمني في المنطقة، التي باتت في جو غير آمن لتصدير الإمدادات، إضافة إلى المخاطر التي بدأت تهدد المنشآت البترولية في شبه الجزيرة العربية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أسباب مطمئنة
شركات أبحاث الطاقة تعتبر أن أسواق النفط كانت استوعبت هجمات الشهر الماضي، وأتت السلسلة الثانية منها لتزيد منسوب القلق، لكنها ما زالت تراهن على أن التوترات المشتعلة لن تتحول إلى صراع كامل.

يُضاف إلى ذلك أن الحرب التجارية أضعفت الطلب على النفط، في حين أن عودة الإنتاج الأميركي من الزيت الصخري نمى أخيراً بنسبة استثنائية (17%)، وهذان العاملان يمكن أن يعوضا أي هزة في إمدادات النفط العالمية.

ويوضح خبراء أبحاث الطاقة هذه النقطة أكثر بقولهم إن "الولايات المتحدة قللت من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط في الأعوام الأخيرة، بعد التوسع في إنتاجها من النفط الصخري. وتمثل منتجات الخليج الخام منها والمكررة الآن قرابة 5٪ فقط من الاستهلاك الأميركي. لكن الطلب العالمي على نفط المنطقة تتصدره الاحتياجات الصينية الضخمة. وقد بدأت المعركة التجارية بينهما تؤثر في النمو الصيني، وبالتالي الطلب على الطاقة. وهناك عنصر آخر حاسم في خفض الأسعار، وهو الارتفاع السريع في إنتاج الزيت الصخري الأميركي، الذي لا يزال يتجاوز التوقعات. فمنذ عدة أشهر، أنتجت الولايات المتحدة أكثر من 12 مليون برميل يومياً، ما عزز موقعها أكبر منتج في العالم. وهذا الموضوع سيكون، إلى جانب التوترات في مياه الخليج على قائمة الاجتماع المقبل لدول منظمة (أوبك) في حضور السعودية وإيران، في أواخر يونيو (حزيران)، في فيينا".

فائض عالمي
ويرى الخبير خدّوري، أن "عدم ارتفاع الأسعار إلى معدلات قياسية، سببه الفائض في المخزون التجاري النفطي، الذي تراكم منذ الربع الأخير للعام الماضي، حين أنذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات شديدة على الصناعة النفطية الإيرانية، وطالب الدول المنتجة بزيادة إنتاجها تحسباً لهذا الحصار".

ويؤكد أن "الدول المصدّرة كانت تجاوبت في حينه، فراكمت فائض مخزونها بما هدد مستوى الأسعار، وبالذات بعدما تراجعت واشنطن في اللحظة الأخيرة قبل بدء الحصار، وأعلنت أنها ستمنح الدول المستوردة النفط الإيراني مهلة حتى منتصف السنة 2019، وأدى الفائض إلى تخوّف الدول المصدّرة (أوبك وحلفاؤها، لا سيما منهم روسيا) من مواصلة سياسة تخفيض الإنتاج، التي كانت قد تبنتها سابقاً لجعل سقف الأسعار في حدود 70 - 75 دولاراً للبرميل. وأدت زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي إلى رفع الولايات المتحدة إنتاجها إلى مستويات قياسية".

أمن النفط
ويبلغ عرض المضيق، الذي يفصل بين الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان من جهة، وإيران من جهة أخرى، 21 ميلاً في أضيق نقطة، لكن عرض خط الشحن في أي من الاتجاهين لا يزيد على ميلين، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. ويتوجه الجزء الأكبر من حركة المرور هذه إلى الأسواق الآسيوية كالصين والهند واليابان. وتخرج عبره كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، الذي تنتجه دولة قطر، وهذا الاتجاه سيستمر، لأن الخبراء يقدرون أنه بحلول 2030 سيمر ما يقرب من 30٪ من حركة النفط عبر هرمز، ويعتبرون أن الموضوع حسّاس وعصبي، لأنه لا يوجد طريق بديل".

وتظهر الهجمات، التي ارتُكبت على بعد عشرات الكيلومترات، وفق متخصصي أمن ناقلات النفط، أنها على مستوى من التطور أعلى من تلك التي استهدفت ناقلات الفجيرة. ويقول أحدهم، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن "من الصعب للغاية الاقتراب من تلك الناقلات، فهي مزودة بمجموعة متطورة من أنظمة الرادارات والاستشعار التي تطلبها شركات التأمين لمكافحة القرصنة".

ويرى هؤلاء "أن إيران تواصل منذ أشهر التحدث عن إمكاناتها واستخدام قدراتها في الرد والإزعاج، في مواجهة الحرب الاقتصادية، التي تفرضها عليها الولايات المتحدة".

ويمتد الساحل الإيراني على الجزء الأكبر من الجانب الشرقي للخليج. ويقول محللون إنه "في وقت تشدد فيه الولايات المتحدة العقوبات على إيران، فستكون طهران في وضع يسمح لها بمضايقة الملاحة إما بقوارب صغيرة أو بصواريخ أو بألغام وغيرها من الأسلحة".

 

الحرب مستبعدة
يعتبر الخبير وليد خدّوري أن "هناك شعوراً متزايداً بأن النزاع الأميركي الإيراني سيبقى محدوداً، بمعنى أنه لن يتطور إلى حرب شاملة في المنطقة، نظراً إلى الأوضاع الداخلية في كل من الولايات المتحدة وإيران. فبالنسبة إلى الأخيرة، تدهور وضعها الاقتصادي كثيراً، وهوت قيمة عملتها. كما أن الدخول في حرب شاملة مع الولايات المتحدة سيضيف إلى الدمار الاقتصادي دماراً للبلاد، وتقويضاً للمساعدات المالية المهمة، التي تقدمها طهران لوكلائها في المنطقة. وقد بدأت إيران تقلص تلك المساعدات في الفترة الأخيرة".

ويضيف، "أمَّا بالنسبة إلى واشنطن، فارتكبت الإدارة الأميركية أخطاء دبلوماسية عدة، أفقدتها دعم حلفائها الأوروبيين، ناهيك بخصومها مثل روسيا والصين، وخير مثال على ذلك أنها انسحبت منفردة من الاتفاق النووي الإيراني، ومن ثمّ بقاء الرئيس ترمب وحيداً في المعركة الراهنة مع ايران، وسيتوجب عليه دفع ثمن باهظ لكسب مساندة الحلفاء في أي حرب كبيرة مع إيران، كما فعلت إدارة الرئيس جورج بوش عند غزو العراق".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد