Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأميركي لاري غاغوسيان إمبراطور تجارة الفنون

تعاونه مع بوتين وضعه في مرمى الاتهامات وحقق ثروته من بيع اللوحات لذوي النفوذ ومارلين مونرو أعادته إلى الواجهة

يعد الأميركي لاري غاغوسيان أحد أهم رواد جامعي المقتنيات الفنية (أ ف ب)

متعة مشاهدة الفن التشكيلي متاحة للجميع مجاناً، النظر إلى اللوحات والقطع الفنية والتدقيق في تفاصيل أصغر الخطوط بات أمراً سهلاً للغاية لكل من يرغب، بخاصة في ظل كل تلك الطرق المفتوحة عبر الإنترنت وحتى بشكل مباشر في المعارض الممتدة حيث يمكن الوقوف وجهاً لوجه أمام العمل، وهي خدمة بالطبع تتيحها أيضاً كبريات المتاحف، ولكن حينما يتعلق الأمر بالاقتناء الحصري، فإن الغالبية تتراجع وتترك المهمة لروّادها.

الأميركي لاري غاغوسيان، المولود لأبوين من أرمينيا في 19 أبريل (نيسان) 1945، أحد أهم رواد جامعي المقتنيات الفنية، الذي نجح مجدداً في ممارسة هوايته المفضلة وهي كسر الأرقام القياسية لقيمة اللوحات النادرة، فقد أصبح صاحب أغلى لوحة فنية في القرن العشرين واشتراها بمبلغ 195 مليون دولار، ويزيّنها وجه أيقونة هوليوود الراحلة مارلين مونرو وموقعة باسم فنان راحل أيضاً هو آندي وارهول. ومع هذا، فإن ما تردد في الصحف العالمية عن علاقته بالسياسيين الروس بينهم فلاديمير بوتين، أعاد ظهوره على نحو مغاير هذه المرة، فمن هو ذلك الرجل الذي يُعدّ إمبراطور تجارة اللوحات النادرة؟

رقم قياسي للوحة صاخبة

مثلما يلتقط غاغوسيان القطع الفنية النادرة غير التقليدية ولا يدخر أمواله في سبيل اقتناء أعمال كبار الفنانين، لديه أيضاً مرونة الاستغناء، بالبساطة ذاتها التي يقرر بها دفع عشرات الملايين مقابل قطعة فنية، يعيد أيضاً بيعها، والمؤكد أن علاقته بالفنون لا تقوم على الاستيلاء فقط، فالرجل المولود في كاليفورنيا لأب محاسب وأم عملت في مجال الغناء، درس الأدب الإنجليزي وتخرج في عام 1969، ولكن عينه وقلبه وعقله تعلقت مبكراً باللوحات على حوائط المعارض.

منذ أن كان في الثلاثين من عمره، نجح في أن يحقق مراده ليرتبط اسمه بمجال المعارض والمزادات، ليصبح اليوم واحداً من أشهر تجار الفنون المعاصرة، وصاحب غاليري غاغوسيان ذائع الصيت، لديه فروع متعددة في عدد من أكبر مدن العالم، بينها لندن وجنيف وباريس، إضافة إلى ثلاثة فروع في نيويورك.

اسمه دائماً موجود في المعارض العالمية، وقد طرح قبل 12 عاماً إحدى مجموعاته الخاصة في منارة السعديات بأبو ظبي الإماراتية، من خلال المعرض الذي ضمّ أعمالاً لمشاهير الفن المعاصر بينهم ساي تومبلي وروبرت راوشنبرغ وآندي وارهول، والأخير هو صاحب لوحة مارلين مونرو المفعمة بالحياة التي اقتناها أخيراً غاغوسيان، إذ اشتهر الأميركي آندي وارهول (1928 – 1987) بأسلوب البوب آرت، وامتلك موهبة ذات طبيعة خاصة جعلته مطلوباً من قبل أشهر العلامات التجارية الاستهلاكية ذات الشعبية الكاسحة، فوصلت أعماله إلى مختلف الفئات، كما أنه حرص على رسم أبرز مشاهير الفن بطريقته الخاصة بينهم إليزابيث تايلور ومارلين مونرو (1926 – 1962) التي رسم لها 5 بورتريهات تمتلئ بالألوان النابضة. فاللوحة التي باتت حديث العالم ظهرت فيها الممثلة الأميركية الراحلة بشعر أصفر متوهج وشفاه مطلية باللون الأحمر الداكن، وظلال عيون زرقاء بنفس درجة الخلفية، وهي تعود إلى عام 1964 بعد سنتين من وفاة مونرو الغامضة، وأُطلق عليها اسم "لقطة مارلين الزرقاء الرزينة"، وتمتلئ الصورة بالحيوية والألوان الخاطفة، وتبدو كبوستر دعائي.

ولع بالفن المعاصر

غاغوسيان البالغ من العمر 77 سنة، لا يزال يتبع شغفه بالفن، تماماً مثلما يعتني بتجارته باعتباره من أشهر تجار التحف وأكثرهم ثراءً، بحيث تمتلئ مدينة نيويورك ببصماته في عالم الفن الراقي، ونجح في أن يحسم المزاد الذي أقيم على لوحة مارلين مونرو بدار "كريستيز" في نيويورك لصالحه خلال دقائق قليلة، وعلى الرغم من أن المثمنيين المتخصصين كانوا يتوقعون أن تباع اللوحة مقابل 200 مليون دولار أميركي، إلا أن جامع المقتنيات الفنية المخضرم اقتنصها بمبلغ 170 مليون دولار، إضافة إلى 25 مليون أخرى قيمة الرسوم.

بالعودة إلى شغف لاري غاغوسيان بالفن، فقد بدأ معه في سن مبكرة، وعلى الرغم من أنه بدأ حياته بالتنقل بين مهن متعددة مثل أعمال السكرتارية والمكتبات والمتاجر، لكنه منذ نهاية السبعينيات انخرط في العمل مع فنانين معاصرين. تدريجاً، أصبح اسماً موثوقاً في هذا الوسط، وافتتح معرضه الأول عام 1978 في هوليوود بكاليفورنيا، حيث ضم أعمال لفيغا سيلمينز وإريك فيشل، وجان ميشال باسكيا وكريس بوردن، وفي العام ذاته أيضاً بدأ الاتفاق على شراء بعض العقارات في نيويورك لتكون مقراً لمعارضه، ومن ثمّ انطلق في رحلة نجاحه في المدينة الصاخبة، جنباً إلى جنب مع عمله في لوس أنجليس حيث قدّم معرضاً وقتها هناك لـجان ميشال باسكيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غاغوسيان يتعامل مع مدينة نيويورك على أنها عاصمة الفن المعاصر الذي يستهويه، وعن تلك الفترة يقول، "قمت بافتتاح أول غاليري في نيويورك خريف عام 1985، وضم عدداً من أعمال الفن الشعبي، البوب آرت"، وتابع في التصريحات التي جاءت على هامش المعرض الذي شارك فيه بمنارة السعديات بأبو ظبي ونقلتها "الإمارات اليوم"، "ومن يومها وأنا أنظم المعارض لعدد من المجموعات الفنية الخاصة، وهو ما أتاح لي الفرصة لاقتناء مزيد من الأعمال المهمة".

كانت نيويورك أيضاً محطته مع الأرقام القياسية من خلال حضور المزادات لشراء المقتنيات وإعادة بيعها. وعام 1988، دفع 17 مليون دولار لشراء لوحة الرسام والنحات الأميركي جاسبر جونز، وحملت عنوان "False Start" وهي لوحة مفعمة بالألوان الحيوية الدافئة، ووصف حينها بأنه "أكبر مبلغ يُدفع في عمل لفنان لا يزال على قيد الحياة"، ولكنه عاد بعدها بأعوام وكسر بنفسه هذا المبلغ مجدداً، حين اشترى قطعة فنية لجيف كونز بأكثر من 23 مليون دولار أميركي وحملت عنوان "القلب المعلق"، ثم عاد قبل أيام ليحقق رقماً قياسياً أكبر ويشتري أغلى قطعة فنية في القرن العشرين، إذ يُعدّ مبلغ الـ195 مليون دولار أيضاً أكبر مبلغ يُدفع لشراء عمل فني أميركي على الإطلاق. وكان عام 2013 شهد بيع لوحة سابقة رسمها آندي وارهول لمارلين مونرو مقابل ما يزيد على 38 مليون دولار.

جدل حول تعامله مع فلاديمير بوتين

حب اقتناء القطع النادرة يمتد أيضاً إلى المنازل الفارهة، فغاغوسيان الذي اعتبرته مجلة "ArtReview" الإنجليزية عام 2011 رابع أقوى شخصية في عالم الفن، لديه قصور وشقق فارهة بين لندن ونيويورك وهونغ كونغ وباريس وأثينا وروما تقدر بمئات ملايين الدولارات، وبعضها يرفض تماماً أن يعرض صورها على الملأ ويعتبرها قطعاً فنية لا يمكن أن يعرضها إلا لمن يقدّرها.

اللغط الأكبر في مسيرة غاغوسيان يتعلق بعلاقته بكبار رجال السياسة الروس، وهو أمر باتت تتحرى عنه الصحافة العالمية أخيراً بعد الحرب التي شنها الجانب الروسي على أوكرانيا، حيث وصفت صحيفة "نيويورك بوست" الملياردير الأميركي وقطب تجارة الفن بأنه المفضل لدى القلة الحاكمة في روسيا، وأنه بنى إمبراطوريته من خلال التعاون مع الوجوه السياسية البارزة، بدءاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والموالين له، وبحسب ما قالته الصحيفة، "فإن علاقات غاغوسيان تخضع هذه الفترة للتدقيق، بخاصة أن البعض يرى أن هذا التعاون يقلل من قيمته، ويثير التساؤلات حوله، فيما تاجر الفنون الشهير رفض الرد على اتصالات الصحيفة، علماً أن التقرير تضمن شهادات من العاملين معه في معارضه التي جابت مختلف أنحاء العالم بما فيها موسكو، الذين يؤكدون اتصالاته الوثيقة بمقتني المجموعات الفنية من ذوي النفوذ في روسيا.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات