Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عائلات ضحايا لقاح "كورونا" في بريطانيا لم ينالوا سوى التجاهل

تقدمت بأكثر من ألف و200 مطالبة إلى "برنامج التعويض" ولم تتلقَّ أي مردود مالي بعد

فيكي سبيت مع شريكها زايون الذي توفي بعدما واجه رد فعل نادراً تجاه لقاح "أسترازينيكا"  (فيكي سبيت)

في المملكة المتحدة، تقول عائلات لقي أحباب لها حتفهم بعد أخذ لقاح "كوفيد- 19" أو عانوا من آثار جانبية خطيرة بعد  التطعيم إنها "تلقى التجاهل".

"برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات" (VDPS)، الذي يمنح من يلتمسون التعويض ويستوفون الشروط المطلوبة ما يصل إلى 120 ألف جنيه استرليني إذا ما ثبت وجود صلة سببية بين التطعيم ومواجهة رد فعل صحي شديد أسفر عن إصابة جسدية أو وفاة، استلم ما يزيد على ألف و200 مطالبة بالتعويض.

ولكن حتى الآن، لم تدفع الحكومة البريطانية بعد أي شكل من أشكال التعويض للمتضررين.

كان بعض أصحاب المطالبات المتعلقة ببرنامج التعويضات ينتظرون منذ عام تقريباً، على الرغم من أن لدى العائلات شهادات طبية تؤكد أن التطعيم كان مسؤولاً عن وفاة أحبائهم.

وتقول الحكومة إن متوسط المطالبة بـ VDPS يجب أن يستغرق "حوالى ستة أشهر" للتحقيق والمعالجة.

وذكرت سارة مور، محامية تمثل 95 أسرة تسعى إلى التقدم بمطالبات تلتمس التعويض، إن موكليها شعروا بأنهم تعرّضوا لـ"الإسكات والتجاهل"، مضيفة أنه يتعذر عليهم التحدث علانية عن الإصابات الصحية المتصلة باللقاح المضاد لفيروس كورونا، لأنهم بذلك يجازفون بمواجهة اتهامات تصفهم بأنهم مناهضون للتطعيم.

"لذا تراهم عاجزين حتى عن التعبير عن حزنهم بالطريقة الطبيعية"، قالت مور في تصريح أدلت به إلى "اندبندنت".

فيكي سبيت، التي توفي شريكها زايون عن عمر يناهز 48 سنة بعدما واجه رد فعل نادراً إنما شديداً على لقاح "أسترازينيكا" المضاد لفيروس كورونا، تقول إنها وعائلات متضررة أخرى تنتظر الدعم قد لقوا "التجاهل التام" والسخرية منهم، واتُّهموا بأنهم كاذبون.

وذكرت سبيت أنها اتُّهمت بأنها التحقت بالحملة المناهضة للتحصين، بيد أنها أصرت على أن "زايون فعل الصواب، والآن هو وآخرون صاروا في طي النسيان، ولم يبحث في أمرهم".

لقد ثبت أن لقاحات "كوفيد" مأمونة وفاعلة جداً، ذلك أنها أنقذت مئات الآلاف من الأرواح، ولكن شأن أي دواء يتناوله ملايين الناس، من المتوقع حدوث آثار جانبية نادرة.

وتتراوح الآثار الجانبية لتطعيمات كورونا بين تجلطات (تخثرات) دموية نادرة جداً رُصدت لدى بعض الأشخاص الذين تلقّوا لقاح "أسترازينيكا"، علماً أن الهيئة المنظمة للأدوية في بريطانيا اعترفت بهذه الصلة بين الجرعة التحصينية والتخثرات الدموية، وحالات صحية أخرى، من قبيل التهاب العضلة القلبية، أو التهاب القلب، الناجم عن لقاح "فايزر".

من بين عشرات الملايين من السكان الذين تلقّوا لقاحات "كوفيد" في المملكة المتحدة، توفي 79 شخصاً نتيجة اضطراب نادر من تخثر الدم تسبب به "أسترازينيكا"، الذي توقفت بريطانيا عن التطعيم به.

أصيب ما مجموعه 440 شخصاً بتجلط الدم المتصل بلقاح "أسترازينيكا"، وفق "هيئة تنظيم الأدوية" في المملكة المتحدة.

في هذا الصدد، ذكرت المحامية مور أنه من الضروري أن تقدم الحكومة البريطانية الدعم المالي للفئة القليلة من الناس الذين، وفي حالات استثنائية، تعرضوا للأذى بسبب التطعيم، أو حتى لقوا حتفهم.

في الواقع، "أنشئ برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات الذي وضعته الحكومة البريطانية للإقرار بالخسائر التي تكبدتها العائلات المتضررة، وتقديم بعض الدعم المالي لها"، على ما قالت مور.

ولكن وفق مور، "بعد مرور عام على تقديم التماسات أولية، لم تتلقَّ أي من العائلات التي نتعاون معها أي تعويضات من برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات".

"بدلاً من ذلك، ما زالوا يواجهون صراعات وصعوبات مع برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات، بينما يحاولون أيضاً أن يتصالحوا مع حزنهم، وأن يتأقلموا مع تحمّل مسؤوليات جديدة تتعلق برعاية المتضررين في بعض الحالات"، كما أوضحت مور.

من جهتها، أقرّت الحكومة البريطانية بوجود "زيادة" في الأدلة العلمية "التي تدعم وجود صلة تربط بين لقاحات كوفيد وبعض الآثار الصحية السيئة [السلبية] النادرة جداً والمحدودة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نتيجة لهذا الدليل، أصبح المسؤولون "الآن في وضع يسمح لهم بالمضي قدماً في [معالجة] المطالبات الموجودة [التي سبق تقديمها]"، وفق رسالة أرسلتها "هيئة خدمات الأعمال في الخدمات الصحية الوطنية" إلى أحد أصحاب المطالبات في 15 فبراير (شباط) 2022.

معلوم أن الحكومة البريطانية قد تعاقدت مع "كروفورد أند كو"، وهي شركة لمعالجة المطالبات بالتعويضات، لبدء النظر في الطلبات المقدمة. وسينطلق التقييم الأول في الأسبوع الذي يبدأ في 16 مايو (أيار) الحالي.

لكن مور قالت إن "برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات" كان يعمل ببطء شديد، وإن غالبية عملائها انتظروا "أكثر من ستة أشهر" قبل الحصول على تعويض بعدما تقدموا بالمطالبات.

قدمت إحدى العائلات التي تمثلها مور التماسها بالتعويض منذ أكثر من 50 أسبوعاً. وفي رسالة إلكترونية وردتها الثلاثاء، أخبرها المسؤول عن ملفها في "برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات" أنهم "غير قادرين على تعيين موعد زمني دقيق بشأن وصول المطالبة بالتعويض إلى نتيجة، وأقدم اعتذاري في هذا الشأن"، مضيفاً أنهم يتوقعون "حالياً أن يستغرق الأمر ما يصل إلى 12 أسبوعاً".

يتنوع عملاء المحامية مور بين أشخاص كابدوا آثاراً جانبية حادة نادرة من جراء لقاحات "كوفيد"، وعائلات خسرت أحباء لها بعد التطعيم.

تلقى عشرة من عملاء مور شهادة وفاة نهائية أو مؤقتة تفيد بأن التطعيم كان مسؤولاً عن وفاة قريبهم أو شريكهم. وقالت السيدة إن خمسة من هؤلاء قدموا التماساتهم بالتعويض منذ أكثر من ستة أشهر.

وفي حالة أخرى، كتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون شخصياً إلى أحد المطالبين يعده بتقديم المساعدة له، ولكن لم يتمخض العرض عن أي أمر ملموس، على حد قول مور.

تكشف بيانات أنه اعتباراً من 25 مارس (آذار) 2022، تلقى "برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات" ما مجموعه ألف و210 مطالبات تتعلق بلقاحات "كوفيد". في العادة، يستقبل البرنامج 80 مطالبة فقط سنوياً، وفق معلومات "اندبندنت".

لاستيفاء شروط الحصول على تعويض مالي بموجب "برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات"، على المتقدمين بالمطالبات إثبات أن إعاقتهم ناتجة من التطعيم وأن الإصابة المترتبة عليه "خطيرة"، بما يجعلهم معوقين بنسبة 60 في المئة في أقل تقدير أو أكثر، وفق المقياس الذي تعتمده "وزارة العمل والمعاشات" للإصابات الناجمة عن حوادث العمل.

 

 

في هذا النطاق، يُطلب من المتقدمين إبراز السجلات الطبية وإثبات مواعيد المستشفى المتعلقة بحالتهم.

ولكن عائلات عدة كانت وصفت "برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات" بالقديم والبالي، في تصريحات أدلت بها إلى "اندبندنت"، وأنه "متوافر ورقياً فقط في عالم يعج بالتكنولوجيا"، وأن أي إصلاحات لم تضَف إليه كي تؤخذ لقاحات "كوفيد" في الاعتبار.

كذلك قالت مور إنه لا يتوافر عدد كافٍ من العاملين الاجتماعيين المتخصصين في هذه الحالات للمساعدة في دعم العائلات، التي يعتصر الحزن والأسى قلوب كثر منهم، والرد على الاستفسارات.

بدورها، كشفت سبيت أنها "لم تتلقَّ أي مساعدة" أثناء التقدم بطلب إلى "برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات" بعد أن فقدت شريكها، الذي نتجت وفاته من التطعيم، حسبما أكد الطبيب الشرعي. "لقد تلقّيت إجابات متعددة ومختصرة عن أسئلتي، إنما القليل جداً من الإجابات الحقيقية"، كما قالت.

"فقدت إيماني بالنظام إلى حد كبير. ما زلت أعاني عاطفياً وعقلياً وجسدياً. الطريقة التي أمطرونا بها بوعود كاذبة مراراً وتكراراً زادت الطين بلة، علاوة على الخسائر التي تفوق التصور التي منيت بها نتيجة فقدان زايون على حين غرة بعد علاقة دامت 21 عاماً"، أضافت سبيت.

في نفس مشابه، قال مارتن برايتي، الذي أصيب بتجلط نادر في الدم بعد تلقّيه اللقاح المضاد لفيروس كورونا إن حكومة بلاده "تخلت عنه" و"خانته".

وأضاف برايتي أنه وأمثاله ليسوا "ضد اللقاح، لقد لبّينا النداء من أجل مصلحة المجتمع ككل، ولكن كل ما جنيناه أننا صرنا مكلومين أو معوقين، ثم كان التجاهل من نصيبنا. يبدو جلياً أن الحكومة برمّتها خائفة جداً إلى حد يحول دون اعترافها بنا وبمعاناتنا".

وقال اللورد فيليب هانت، العضو في "حزب العمال" وأحد السياسيين القلائل الذين أثاروا قضية [التعويض على المتضررين من اللقاحات] في البرلمان البريطاني، إن "نظام [التعويضات] الحالي قديم وبطيء الاستجابة".

وأردف أن "على الحكومة البريطانية إعادة النظر في البرنامج والحرص على تقديم المدفوعات بأسرع ما يمكن للعائلات والأفراد المتضررين"، موضحاً أن "المصلحة العامة تقتضي حصول الناس على الدعم المطلوب في حال ألحق بهم اللقاح أذى جسدياً".

في تطور متصل، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية إنهم يشتغلون "بأقصى سرعة على المطالبات التي تلقاها برنامج التعويض عن أضرار اللقاحات"، ولدى "هيئة خدمات الأعمال في الخدمات الصحية الوطنية" (NHSBSA) فريق من المتخصصين المعنيين ببحث الحالات المكرسين من أجل إبقاء المطالبين على اطلاع دائم بالمستجدات.

"تعاقدت هيئة خدمات الأعمال في الخدمات الصحية الوطنية أيضاً مع جهة ممولة لمراجعة التقييمات الطبية بصفة خاصة من أجل تقديم نتائج للمطالبين في أسرع وقت ممكن، ولكن ليس قبل حصولها على السجلات الطبية الكاملة للمدعي، التي من شأنها أن تستغرق وقتاً".

وذكرت الحكومة البريطانية أن جميع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المطروحة في المملكة المتحدة تفي بالمعايير الصارمة التي تعتمدها "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" بشأن سلامة الاستخدام والفاعلية والجودة.

وإلى يومنا هذا، وزّعت بريطانيا على سكانها أكثر من 140 مليون لقاح ضد "كوفيد".

نشرت اندبندنت هذا المقال في 30 أبريل (نيسان) 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة