Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تطغى ملابسات موت مارلين مونرو على موهبتها التمثيلية اللافتة؟

يتناول فيلم مزعج وبغيض جديد على "نتفليكس" قصة حسناء هوليوود بأسلوب وثائقيات الجريمة الحقيقية. لكن في ظل تناول أعمال عدة موت مونرو أكثر من عملها الفعلي كممثلة، فهل كنا حقاً بحاجة إلى مشاهدة إنتاج آخر؟

"تصبح الشخصية المركزية للفيلم أكثر من مجرد جسد، نحن مدعوون لمعرفتها عن كثب وبحميمية" (رويترز)

تبدو مارلين مونرو أشد حزناً في اللقطات البطيئة. وبشكل متزايد، يبدو أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي نراها بها. ربما يكون سبب ذلك هو أنه من الأسهل بكثير تفحص وجهها بحثاً عن الكآبة عند تشغيل لقطات من الأرشيف ببطء شديد، سواء كانت تمشي في شوارع المدينة أو تتخذ وضعيات مختلفة أمام عدسات المصورين. تصبح ابتسامتها صلبة أو متجمدة وراء حزن خفي. كل إغلاقة جفن تجعلها تبدو ثكلى لفترة وجيزة. إذا تم طرح فلتر عبر "إنستغرام" لمارلين مونرو فسيكون اسمه "الاكتئاب الجميل".

تتجلى هذه الصورة بأوضح أشكالها في وثائقي "نتفليكس" الجديد "لغز مارلين مونرو: تسجيلات غير مسموعة" The Mystery of Marilyn Monroe: The Unheard Tapes، الذي بدأ عرضه في 27 أبريل (نيسان). يصور العمل أيقونة هوليوود الخالدة بأسلوب وثائقيات الجرائم الحقيقية، إذ يدقق المؤلف أنتوني سومرز - الذي كتب سيرة مونرو الأكثر مبيعاً "الفاتنة" Goddess - في ادعاءات لم تُنشر سابقاً حول الساعات الأخيرة من حياتها. لا يتم تقديم أي تأكيدات، ما يجعل المهمة برمّتها بلا جدوى نوعاً ما، لكن هناك تلميحات إلى علاقة مونرو العاطفية بكل من الرئيس جون إف كينيدي وشقيقه روبرت - الأمر الذي جعلها ربما هدفاً للحكومة - إضافة إلى الادعاءات بأنها كانت تخضع لتحقيق ومراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب سياساتها اليسارية. نسمع في العمل للمرة الأولى أيضاً تسجيلات لمقابلات مع أصدقاء وزملاء شاركوا ما يعرفونه عن وفاتها، أو تحفّظوا عمداً في بعض الحالات، وذلك في سياق تحقيق أجري عام 1982 حول موت مونرو الذي بدى انتحاراً.  

في أغسطس (آب) المقبل، يكون قد مر على وفاة مونرو 60 عاماً، الأمر الذي يفسر كثرة المواد التي تنشر عنها هذه السنة. من بينها فيلم السيرة الذاتية "شقراء" Blonde من بطولة آنا دي أرماس، الذي تأخر إصداره كثيراً ووُصف بأنه غير تقليدي في مقاربته ومغضب لدرجة حصوله على التصنيف الرقابي الأكثر صرامة في الولايات المتحدة الذي يحظر مشاهدة العمل على أي شخص يقل عمره عن 17 سنة.  ومن المقرر أيضاً عرض فيلم وثائقي فرنسي في شهر يونيو (حزيران)، يتفاخر بأنه تمكن "أخيراً" من تحديد هوية والد مونرو البيولوجي.

لا يمكن أبداً تفسير افتتاننا الثقافي بمونرو. فهي في النهاية النموذج الأصلي لكل أشكال "الشخصية الظاهرة" في وسائل الإعلام الحديثة، من غموض وجاذبية "المرأة شديدة الشقرة" في الترفيه الشعبي (خذوا مسلسل "توين بيكس" Twin Peaks  على سبيل المثال أو أي عمل تلفزيوني على طرازه)، إلى التركيز المفرط على معاناة المرأة الشابة التي تكون في دائرة الضوء. هناك شعور أيضاً بأن الفضل يعود إليها في ظهور "متلازمة المرأة البيضاء المفقودة"، أو ذلك التمييز الذي يمنح الأشخاص المفقودين أو ضحايا الجريمة تغطية إخبارية أكبر نسبياً عندما يكونون في سن الشباب، وأصحاب بشرة بيضاء وإناثاً جميلات. ربما لم تكُن مونرو المثال الأول لأي مما سبق، لكنها النموذج الأولي الذي يختصر كل ذلك، امرأة يتم غالباً ربط موهبتها وجمالها باضطراباتها الخاصة.

على كل حال، أثارت مشاهدة "لغز مارلين مونرو" انزعاجي. إنه لا يتجاوز كونه العمل الأحدث في قائمة طويلة جداً من الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية والكتب حول حياة مونرو ومسيرتها المهنية، ولا يقل تطفلاً على حياتها عن أي من الأفلام أخرى. في الواقع، شكل العمل هو الذي يثير القلق. يصنف الوثائقي ضمن نوع محدد جديد لسرد القصص، الذي تتربع "نتفليكس" على عرشه، بحيث يتم تشريح الوفيات المروعة والتكهن بها كما لو كانت قصص مسلسلات تلفزيونية. من الناحية المرئية، هناك ما يكفي من اللقطات التي يحتاج إليها العمل لشوارع المدينة المظلمة ومسجلات الأشرطة المشؤومة التي تطلق أصواتاً تؤكد وقوع جريمة، ونرى أيضاً إعادة تمثيل أحداث بطريقة درامية وصور جثث، والمادة الأرشيفية بطيئة الحركة التي تحدثت عنها قبل قليل. من الناحية السردية أو البصرية، هناك اختلاف بسيط بين سلسلة مونرو وسلسلتي "والدنا" Our Father  و"محادثات مع قاتل: تسجيلات جون وين غيسي"  Conversations With a Killer: The John Wayne، إذ يدور العملان الأخيران أيضاً حول جرائم تاريخية قاتمة، ويبدأ عرض كليهما على "نتفليكس" خلال الأسبوع الأخير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يكشف العمل عن بعض الأمور. لم أكُن أعرف المؤثرات التي كشفها الفيلم الجديد في حياة مونرو الشخصية. على سبيل المثال، أنها فكرت في تخيلات انتقامية تمارس فيها سفاح القربى مع والدها البيولوجي الذي لم تعرفه أبداً. أو أن جزءاً كبيراً من حياتها بدا كمسيرة لا نهاية لها من الاعتداء الجنسي والاستغلال والبلطجة من رجال تعلقت بهم عاطفياً كثيراً. تتم بشكل عرضي مناقشة معاناتها من أجل الحمل بطفل، والميول المدمرة التي بدا أنها تستيقظ فيها. لكن مثله مثل عدد من قصص الجريمة الحقيقية على "نتفليكس"، تصبح الشخصية المركزية للفيلم أكثر من مجرد جسد، نحن مدعوون لمعرفتها عن كثب وبحميمية: إنها ركيزة يمكن الاستناد إليها. تشعر إلى حد ما كأنك شخص يختلس النظر إلى عملية تشريح جثة.

بالطبع، تكون المأساة أكبر بكثير عندما تدور أفلام الجريمة الحقيقية هذه حول موتى ليسوا مشهورين، مثل ضحايا تيد بوندي أو إد جين المنسيين في كثير من الأحيان. في هذه النماذج، ينصب التركيز على قاتليهم، يقتصر كيان الأشخاص المقتولين على الطريقة التي انتهت بها حياتهم فقط. على كل حال، بالمثل، بات من الصعب العثور على عمل حديث يحتفل بمونرو بعيداً من قصة موتها، أو بالموهبة التي كانت لديها، أو جاذبيتها الفائقة كنجمة سينمائية. إن القراءة السطحية لجاذبيتها ستقول دائماً إن شكلها كان يطغى على جوهرها - فاتنة هوليوود المحبوبة بسبب مظهرها فقط، التي يزين وجهها الآن القمصان والديكورات الجدارية. تغيب عن تلك القراءة المهارة الأولية التي امتلكتها كممثلة: دهاؤها المعقد في فيلم "البعض يحبها ساخنة" Some Like It Hot، أو الجاذبية الخطيرة التي استحضرتها في فيلم النوار "نياغارا"  Niagaraالذي لم يحصل على التقدير الواجب، أو الشعور الواخز بالوحدة في أدائها في آخر أفلامها "المشاغبون" The Misfits.

كي أكون منصفاً في حكمي على وثائقي "لغز مارلين مونرو"، فإنه يقدم لنا مقاطع من عدد من أشهر أدوارها، إضافة إلى شهادات تتحدث عن عبقريتها الفنية والجهد الذي كانت تبذله في أدائها. في أحد المقاطع، تقول صديقتها الممثلة جين راسل التي شاركتها بطولة فيلم "الرجال يفضلون الشقراوات" Gentlemen Prefer Blondes : "في كل ليلة، كانت تذهب إلى مدرب [التمثيل] الخاص بها... أرادت أن تكون جيدة. وعندما يتم تشغيل الكاميرا، بدا الأمر وكأنه تم تشغيل ضوء كهربائي ساطع. إنها ببساطة في قمة حيويتها".

لكن هذه اللحظات تبدو حاضرة بسبب الضرورة التي يفرضها هذا النوع من الأعمال، إذ تم تقديم السياق بشكل بسيط في البداية قبل أن يبدأ عرض المؤامرات. حتى وقت كتابة هذا التقرير، لا يتوافر أي من أفلام مونرو الفعلية للمشاهدة على منصة "نتفليكس" في المملكة المتحدة، ما يجعل وثائقي "لغز مارلين مونرو" النافذة الأولى - وربما الوحيدة - للجماهير التي تتطلع إلى التعرف على النجمة. يا له من أمر مؤسف، ويا لها من فرصة ضائعة.

يعرض وثائقي "لغز مارلين مونرو: تسجيلات غير مسموعة" عبر منصة "نتفليكس" حالياً.

© The Independent

المزيد من سينما