Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوحد يختلف بين شخص وآخر ولكن المواقف السلبية منه واحدة

إن الوعي وحده غير كافٍ. من غير المقبول أن تتسبب قلة إدراك الناس بأذى حقيقي لمن يعانون من التوحد كل يوم، بواسطة جيمس كيوزاك

يجب بذل جهود مكثفة في سبيل تغيير مواقف الناس من التوحد (آي ستوك)

إنه لمهم كيف ينظر إليك الآخرون ويفهمونك. فهذا يؤثر في قدرتك على تشكيل صداقات وعلاقات، والحصول على وظيفة، وعلى المساعدة التي تحتاج إليها وعلى عيش الحياة كما تشتهي.
يدرك معظم الناس أهمية هذه النقطة، ولذا يبذلون أحياناً جهداً واعياً من أجل "إعطاء انطباع أوّلي جيد". ولكن إن كنت تعاني من التوحد مثلي، فعليك التفكير في الأثر الذي قد يتركه إطلاع الآخرين على حالتك في نظرتهم إليك كل يوم.
باعتباري أعاني من التوحد، لم أعتَد أبداً في طفولتي على نعت الآخرين لي بـ"المتخلّف" في المدرسة. وعندما أصبحت مراهقاً، اضطررت إلى الجلوس في الصف، فيما كان أحد المعلمين يخبر الجميع أمامي بأنه لا بأس إن ألقى نكتة عني لأنني لن أفهمها. وعندما بلغت سن الرشد، صادفت من قالوا لي إنه "لا يظهر علي" أنني أعاني من التوحد، فيما قال لي آخرون إن ذلك "واضح" بسبب سلوكي في بعض الأحيان (وهو غالباً سلوك لا علاقة له أبداً بحالتي).
هذا غيض من فيض، ما خفي أعظم. ليست قصتي فريدة من نوعها؛ فكل شخص أتحدث معه من الأفراد الذين يعانون من التوحد يمكنه أن يسرد قصصاً شبيهة بهذه. وربما كنت في الحقيقة محظوظاً جداً مقارنة بغيري ممن يعانون من التوحد لأن عدداً من هذه المواقف تشكّل عائقاً في الحياة.
فيما يختلف التوحد على اختلاف الأشخاص، لا تختلف الوصمة الاجتماعية والمواقف السلبية منه للأسف. أظهر استطلاع آراء أجرته "يوغوف" بطلب من "أوتيستيكا"، الجمعية الخيرية البحثية المعنية بالتوحد التي أشغل منصب رئيسها التنفيذي، أنه حتى مع ازدياد الوعي بالتوحد، لا تزال الحقائق المزيفة والأساطير المحيطة به راسخة.
يجب الاعتراض على التقبّل الواسع للمفاهيم الخاطئة حول التوحد ووضع حدّ لها قبل أن يحدث أي تغيير حقيقي. ليس التوحد صعوبة في التعلم، ومع ذلك يظهر استطلاع الآراء الذي أجريناه أن أكثر من ثلث البالغين في بريطانيا (35 في المئة منهم) يعتقدون بأنه كذلك.
إن التوحد حالة متعلقة بالنمو العصبي وتؤثر في نظرة الإنسان إلى العالم وتفاعله معه. غالباً ما يقترن التوحد لدى الأشخاص الذين يعانون منه بصعوبات في التعلم أو إعاقات ذهنية، ولكن ذلك مختلف عن كون التوحد نفسه إعاقة.
يشكّل التوحد طيفاً من نقاط القوة والحاجات المختلفة. قد لا يتفوّه بعض المصابين بالتوحد سوى ببضع كلمات وقد يحتاجون إلى الدعم بطرق معقدة. وربما يتمتّع آخرون بقدرات ذهنية تفوق القدرات العادية وحاجة ضئيلة أو معدومة للدعم. كل شخص يختلف عن الآخرين.
أظهر استطلاع الرأي كذلك أن زهاء 30 في المئة من الناس غير واثقين إن كان التوحد قابلاً للعلاج. إن التوحد حالة وراثية تلازم الشخص مدى العمر وفكرة حاجتها "للعلاج" تعزز فكرة أنها تشكل نقصاً متأصلاً في الشخص. وهي تغفل عما يعتبره أشخاص كثيرون يعانون من التوحد نقاط القوة التي يعطيهم إياها التوحد.
أكثر النقاط التي تسبب الأذى للمصابين بالتوحد في غالبية الأحيان هي اعتبارنا غير قادرين على الاهتمام بالآخرين أو غير راغبين بذلك لأننا مصابون بالتوحد. أظهر استطلاع الآراء الذي أجريناه أن 39 في المئة من البالغين في بريطانيا يعتقدون بأن المصابين بالتوحد فاقدون للقدرة على التعاطف مع الآخرين. يمكن لهذا الاعتقاد وحده أن يخلّف آثاراً سلبية في حياة الناس منها إقصاؤهم من الفعاليات الاجتماعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


كل هذه الخرافات والمفاهيم الخاطئة هي ما يؤدي إلى المواقف السلبية التي ابتُلي بها المصابون بالتوحد في حياتهم. وهي تترك أضراراً على فرصهم المستقبلية وقدرتهم على بناء العلاقات. والأهم أنها تؤثر بشكل مباشر في قدرتنا على بناء نقاش أكثر تطوّراً حول التوحد.
يجب بذل جهود جبارة من أجل تغيير مواقف الناس من التوحد ومساعدتهم في فهم المساهمة الهائلة التي يمكن أن يقدمها المصابون بالتوحد للمجتمع بكل مجالاته. ومع أن أحد أهداف "أوتيستيكا" الرؤيوي والطموح لعام 2030 هو رؤية التغيير في سلوك الناس ومواقفهم، نعلم أننا عاجزون عن تحقيق ذلك وحدنا. سوف يتطلب تحقيق هذا الهدف تضافر جهود الجميع، من المصابين بالتوحد إلى المنظمات الخيرية العاملة في مسألة التوحد، ومن أرباب العمل إلى الطاقم العامل في الرعاية الصحية.
ندرك، باعتبارنا منظمة بحثية، أهمية الدلائل في خلق التغيير. ولهذا السبب، نعمل على وضع مؤشر "أوتيستيكا" المتعلق بالمواقف تجاه التوحد، وهو مشروع بحثي جديد يهدف إلى قياس ومتابعة التغيير في المواقف تجاه التوحد والمصابين به. يمكننا، من خلال وضع مقياس صلب وسنوي يظهر أيّ آراء ومفاهيم خاطئة ومواقف سلبية لا تزال راسخة، أن نفهم الأثر الذي تُحدثه جهودنا، ونختبر أيّ الأمور ناجع وأيّها فاشل.
إن الوعي وحده غير كافٍ. من غير المقبول أن تتسبب قلة إدراك الناس بأذى حقيقي لمن يعانون من التوحد كل يوم. خلال العقد المقبل، نريد للذين يعانون من التوحد أن يزدهروا في حياتهم. ونريد أن يحصل مزيد من المصابين بالتوحد على الدعم والرعاية. ونريد لهم أن يجدوا عملاً يناسبهم. ونريد أن تصبح الأماكن العامة أكثر تقبّلاً وترحاباً بهم.
ولكي يتحقق كل ذلك، علينا زيادة فهم التوحد وتعزيز المواقف الأكثر دقة وإيجابية وتقبّلاً للمصابين بالتوحد.

الدكتور جيمس كيوزاك، أول رئيس تنفيذي لجمعية خيرية بريطانية كبيرة الذي كشف صراحةً عن إصابته بالتوحد

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة