إلى الجنوب الشرقي على بعد 40 كيلومتراً من مدينة الحسكة وعلى مقربة من محافظة الموصل عند الحدود العراقية يقع مخيم الهول، أكبر مخيمات شمال شرقي سوريا، يقطنه آلاف العائلات التي كانت جزءاً من تنظيم "داعش" أو من الذين كانت مناطقهم خاضعة له، وعانت من المعارك التي اندلعت لمحاربته في محافظتي دير الزور والرقة. هذا المخيم كان في السابق للاجئين العراقيين الذين فرّوا من بطش نظام صدام حسين.
ينقسم المخيم إلى قسمين أكبره يأوي العائلات السورية والعراقية، والآخر مخصص لعائلات مسلحي "داعش" الأجانب، حيث كنّا في انتظار هولندية، هي زوجة أحد مقاتلي التنظيم الهولنديين. وبعد حين ظهرت "الداعشية" الهولندية بعباءة سوداء وتنورة بنية داكنة وجوارب وقفازات سود مثقوبة عند أحد أصابع اليد اليمنى، لا يظهر من وجهها من تحت البرقع سوى عينان خضراوان ورموش وحواجب شقراء مائلة إلى اللون البرتقالي.
جلست "الداعشية" بهدوء وعرّفت عن نفسها باسم أم ابراهيم الهولندية، ذات الـ 25 عاماً، وقالت إنها "دخلت الأراضي السورية في العام 2015 وهي في الـ 21 من عمرها، آتيةً من هولندا عبر الأراضي التركية، بعد أن نسقت عبر الانترنت مع إحدى صديقاتها "الداعشيات" في سوريا، التي زودتها بكل الأرقام والأماكن في تركيا لتتمكن من الوصول إلى الرقة".
"أم إبراهيم" التي تعلمت العربية بإتقان خلال الفترة التي أمضتها مع الدواعش العرب، تقول لـ "اندبندنت عربية" إن "الوصول إلى سوريا كان سهلاً جداً"، فهي استقلت طائرة من هولندا إلى مطار إسطنبول، بعدها توجهت بالحافلة إلى مدينة غازي عنتاب على الحدود مع سوريا، حيث انتظرتها سيارة أوصلتها إلى الحدود. وهناك كان جمع من الرجال في انتظارها، ثم دخلت الأراضي السورية مشياً على الأقدام. وأكدت أم ابراهيم أنها لم تواجه أي صعوبات أثناء تجولها في تركيا ووصولها إلى الحدود السورية، وأنها كانت تتواصل مع أصحاب أرقام الهواتف باللغة الإنجليزية، وكانت مهمة هؤلاء فقط إيصالها من داخل تركيا إلى مدينة الرقة.
مشاكل عائلية
تحدثت أم إبراهيم، التي درست التجميل في بلادها، عن سبب مجيئها إلى سوريا والتحاقها بـ"داعش"، كاشفةً عن اعتناقها الإسلام في هولندا قبل أربعة أشهر من مجيئها إلى سوريا، الأمر الذي تسبب بمشاكل وصعوبات مع عائلتها وفي المطعم الذي كانت تعمل فيه، مضيفةً أن تواصلها مع "الداعشية" في سوريا شجعها على العيش في مجتمع مسلم، على حد تعبيرها.
سنوات من الخوف
حسرة الندم
بعد مرور سنة على انضمامها إلى "داعش"، بدأت أم ابراهيم الهولندية تشعر بالندم، محاولةً العودة إلى بلادها، لكنها لم تفلح في ذلك. وبعد سنتين آخرين، حاولت الهرب من بلدة الغرانيج قرب دير الزور لكنها فشلت بسبب إجراءات ومراقبة إرهابيي التنظيم لها وتهديدهم بقتل كل مَن يحاول الهرب. وهي تصف عملية الهروب من مناطق سيطرة "داعش" بالصعبة جداً خصوصاً أنها لم تملك الكثير من المال، إلى أن استسلمت لمصير البقاء في سوريا، كاشفةً عن "حزنها وشوقها الشديدين لعائلتها".
دموع الحزن
رسالة الداعشية
تقول أم ابراهيم "لو إنها علمت مسبقاً بما كان سيحصل لها مع تنظيم داعش لما جاءت إلى سوريا". ووجهت نصيحة لكل مَن يمر بظروف كتلك التي عاشتها مع عائلتها ومجتمعها في هولندا، "ألا يلتحقوا بالتنظيمات المتشددة وأن العيش في أجواء هذه التنظيمات صعب جداً".
حسرة العودة إلى الأهل
مخيم الهول
وتقول همرين حسن، الإدارية في مخيم الهول، إن "الخدمات المقدمة في المخيم غير كافية لسد احتياجات القاطنين بسبب بطء توزيع السلات الغذائية ونقص خدمات المطابخ والحمامات ومياه الشرب، وعدد الخيم غير الكافي والنقص في توزيع الألبسة واللوازم الصحية".