Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقترح لإدارة دولية للنفط الليبي لمنع استخدامه في الصراع السياسي

"أولويات الحكومة قيادة الدولة للانتخابات وتحسين حياة المواطن والقضاء على الفساد"

عاد النقاش بشأن المقترح الأميركي لتكليف جهات دولية لإدارة النفط الليبي مع تكرر إيقاف ضخه على يد محتجين لأسباب سياسية (رويترز)

مع استمرار مسلسل الإغلاق لحقول وموانئ النفط الليبية، واستخدامها المتكرر كورقة ضغط من أطراف الصراع السياسي، عاد النقاش في ليبيا بشأن مقترح إدارة موارد النفط بإشراف دولي، وهو المقترح الذي تقدمت به الولايات المتحدة قبل فترة وجيزة، ولم يلق صدى كبيراً وقوبل بالرفض الشعبي والرسمي وقتها.

وبتغير الظروف وتسارع المستجدات وفقدان البلاد نصف إنتاجها النفطي نتيجة احتجاجات على سياسات الحكومة الموحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ورفضها تسليم السلطة للحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، بدأ البعض يقترح تنفيذ المقترح الأميركي لتجنيب البلاد الآثار الاقتصادية لتعطل الانتاج النفطي الرافد الرئيس للموازنة العامة.

مقترح واشنطن

وكانت الولايات المتحدة على لسان سفيرها بطرابلس، ريتشارد نورلاند، طرحت مقترحاً أثار جدلاً واسعاً في ليبيا، في شهر مارس (آذار) الماضي، قال بشأنه إن "واشنطن تقترح سبلاً لإدارة إيرادات النفط، لمساعدة البلاد خلال الأزمة السياسية، مع تنافس رئيسي وزراء على السلطة". وأوضح نورلاند أن "المقترحات الأميركية تهدف إلى منع اتساع نطاق الأزمة لتشمل حرباً اقتصادية، من شأنها أن تحرم الليبيين من الرواتب والسلع المدعومة والاستثمارات الحكومية وتؤثر في أسواق الطاقة العالمية"، وأضاف، "القضية هي توصل الحكومة إلى الطريقة المثلى لضمان استخدام ثروة ليبيا النفطية حيث يحتاجها الشعب، وتكون محل مراقبة كي يثق الشعب في عدم تحويلها لأغراض سياسية أو غير مناسبة". وقال السفير الأميركي إن "الولايات المتحدة تقترح آلية قصيرة الأمد من شأنها البناء على هذا النموذج، لكن بطريقة أكثر تنظيماً وبإشراف مالي أكثر شفافية، إذ سيصدر الجميع بيانات بشأن الإيرادات والمصروفات، بما يمكن من تفسير أي تناقض".

مقترح محاط بالشكوك

في ليبيا، ما زال المقترح الأميركي محاطاً بالشكوك والاتهامات من قبل كثيرين من المهتمين بالشأن السياسي، ويعتقد المحلل الاقتصادي سليمان الشحومي أن "يكون الهدف الحقيقي من وراء تصريحات المسؤولين الدوليين بشأن المؤسسات الليبية وعوائد النفط، هو إضفاء الشرعية على حكومة الدبيبة، عبر تصويرها كطرف أساسي في هذا الصراع والتجاذب السياسي، على الرغم من انتهاء ولايتها، وإهدارها المال العام وتحديداً من مخصصات التنمية". وتساءل الشحومي عن "سبب عدم طرح البعثة الأممية والمجتمع الدولي مقترحات التجميد للعوائد النفطية أو توزيعها بعدالة، خلال فترة الانقسام السياسي التي عاشتها ليبيا قبل سنوات قليلة، وغيرها من فترات الاضطرابات والتجاذبات التي لم تختفِ من الساحة". واستبعد صدور قرار من مجلس الأمن بشأن تجميد الإيرادات النفطية أو فرض حظر عليها، واصفاً بقية المقترحات في هذا الإطار، بأنها "غير قابلة للتطبيق". ورأى أن "وجود مكتب تابع للبعثة للسيطرة على موارد البلاد وإداراتها يعني تهميش وانتهاء دور كل من وزارتي المالية والتخطيط، وأيضاً المصرف المركزي، بالتالي فالأمر أشبه بإعادة احتلال البلاد، وهذا لا تسمح به القوانين الدولية، ولا يوجد ليبي واحد يقبل به".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتفق عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني على أن مقترح إنشاء مكتب يتبع الأمم المتحدة لإدارة عوائد النفط في ليبيا، "يمثل آخر مسمار يدق في نعش السيادة الوطنية". ودعا "جميع الليبيين بمختلف طوائفهم وتياراتهم لرفض هذا المشروع كونه واجباً وطنياً".

دعوة لمناقشة المقترح

أما عضو مجلس النواب يوسف الفرجاني فطالب بمناقشة المقترح قبل رفضه قائلاً إن "الحديث الدولي عن ضرورة ضمان تحييد المؤسسات الليبية عن الصراع السياسي، أو التفكير في آلية لتجميد إيرادات النفط بما يحول دون تغذيتها للصراع المحتدم حول السلطة التنفيذية، يعد أمراً إيجابياً تنبغي مناقشته، وليس رفضه بشكل مطلق، شرط أن يكون التطبيق ليبياً، ووفقاً لتشريع، وليس عبر فرض وصاية دولية". وأشار إلى أنه "في ظل عدم وجود موعد محدد لانتهاء هذا الصراع، يتوجب على مجلس النواب، سواء بشكل منفرد أو بالتنسيق مع مجلس الدولة، استباق المواقف، والسعي لإصدار تشريع بتجميد الإيرادات، أو لإيجاد آلية لإدارتها، بحيث يتم قصر الإنفاق على المرتبات والدعم". واعتبر أنه "بجانب ما سيضمنه هذا التشريع من حفاظ على العوائد النفطية وعدم إهدارها عبر قرارات غير رشيدة تتخذ من قبل حكومة الدبيبة، فإنه سيبدد الشكوك الراهنة، ولو بدرجة ما، بشأن حيادية رؤساء بعض المؤسسات السيادية، في ما يتعلق بتعاملاتهم مع أطراف الصراع الداخلي أو مع أطراف دولية".

من نعمة إلى نقمة

في المقابل، رأى رئيس حزب "الائتلاف الجمهوري" عز الدين عقيل أن "النفط أصل اللعنة في ليبيا، ولو لم يكن هناك نفط في ليبيا لما تدخل الناتو في عام 2011 وأسقط الدولة الليبية، ومعظم الإشكاليات التي يعاني منها القطاع النفطي في ليبيا هي في الأصل تدخلات أجنبية". وانتقد عقيل إيقاف ضخ النفط في وقت وصلت أسعار الخام لمستويات قياسية في السوق الدولية، "لا يمكن للأطراف المسيطرة على شرق البلاد، والتي تتمتع بقدر عال من الوطنية، أن تقوم بقطع النفط في هذه الفترة الذي يشهد فيه النفط انتعاشة كبيرة، وتحرم الليبيين من تحقيق ثروة مهمة". واتهم الولايات المتحدة بـ "الوقوف وراء إغلاق النفط، والمطلوب إثبات أن ليبيا دولة فاشلة، يجب إجبارها على آلية مالية تسيطر عليها أميركا وبريطانيا على طريقة (النفط مقابل الغذاء)، وهو ما تسوّق له المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، والمبعوث الأميركي ريتشارد نورلاند، إذ إن وليامز تحدثت عن التوزيع العادل للثروة، فما علاقة ذلك بوقف النفط؟".

وتساءل عقيل أيضاً "إذا كان الذين أوقفوا النفط يطالبون بانسحاب الدبيبة من المشهد السياسي وتسليم الحكم، فلماذا طالب المبعوث نورلاند ونائب مساعد وزير الخزانة الأميركية إريك ماير بتخصيص مبالغ مالية كبيرة لمؤسسة النفط؟ لأن هناك مشروعاً توريطياً آخر، وهو دفع واشنطن لليبيا لزيادة الإنتاج النفطي لتعويض الصادرات الروسية، واستغلالها وغيرها من الدول لإطالة أمد الحصار على روسيا".

أول اجتماع لحكومة باشاغا

ووسط هذه الأجواء السياسية المشحونة، عقدت حكومة الاستقرار المكلفة حديثاً من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا أول اجتماع لها في سبها، جنوب غربي البلاد، أصدرت في ختامه بياناً تلاه المتحدث باسمها عثمان عبد الجليل قال فيه إن "أولويات الحكومة قيادة الدولة للانتخابات وتحسين حياة المواطن والقضاء على الفساد وبناء مؤسسات الدولة بشكل عصري وحديث". وأضاف عبد الجليل في مؤتمر صحافي على هامش الاجتماع الأول للحكومة أنه "تم إقرار الميزانية التي ستقدم لمجلس النواب الأسبوع المقبل"، مؤكداً أن "اعتمادها يعد سابقة لم تحدث منذ عام 2014، حيث أن كل الحكومات منذ ذلك التاريخ كانت تعمل من دون اعتماد ميزانيتها من البرلمان، وعندما تكون هناك ميزانية معتمدة، تكون هناك رقابة شاملة على المصروفات". ونفى عبد الجليل الإشاعات المتكررة حول نية الحكومة الجديدة دخول طرابلس بالقوة، قائلاً إن "الحكومة ستعمل في القريب العاجل من داخل العاصمة، لكنها ستدخلها بالطرق السلمية، والتي لا تؤدي لصدام بين الليبيين وإسالة الدماء"، وبين أن "الحكومة لا تركز على توقيت دخول طرابلس بشكل رئيس، وكل تركيزنا على الدخول الآمن السليم، وهي تستطيع العمل من كل مدن ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي