Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لافروف يتهم مذيعة بريطانية بالشحن العاطفي لأنها سألته عن ضحايا الحرب

لجأ مخرج برنامجي لضغط زرّ كتم الصوت كي يلغي مفعوله في كل مرّة حاولت الخارجية الروسية استخدامه لإسكاتي

إنه شخصية تثير الرهبة فهو ذراع الرئيس بوتين اليمنى ودبلوماسي مخضرم في الدفاع عن الموقف الروسي تجاه العالم (أ ف ب)

ليس من السهل منافسة فيلم "بادينغتون بيير Paddington Bear" في حصد نسبة أعلى من المشاهدات [حيث حصدت شخصية الدب البيروفي بادينغتون بطل أشهر قصص الأطفال في بريطانيا نسبة عالية من المشاهدة]، إلا أن ذلك الدب الروسي الأشيب المخضرم ــ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ــ حاول التفوق [على هذا الدب المحبب] في حصد المتابعات هذا الصباح.

ربما شعر لافروف بالحزن جراء سلسلة من الفيديوهات التي لاقت رواجاً كبيراً والتي نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الرجل الذي أدى، قبل أن يصبح الرئيس الأوكراني في زمن الحرب [الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي] صوت الدب بادينغتون في النسخة الأوكرانية من الفيلم، ولذلك مهّد الطريق ليُظهر أداءه الخاص عبر دعوته الإعلاميين لحضور مؤتمره الصحافي. 

لم يكن هذا المؤتمر الصحافي مناسبة إعلامية عادية. ففي وقت سابق خلال هذا الأسبوع، تلقيت اتصالاً هاتفياً عبر تطبيق "واتساب" من شخص يطلق على نفسه اسم نيكولاي، والذي لم أكن أعرفه من قبل، ليقول لي إنه قد تم تحديد موعد لي لأجري مقابلة اليوم (مع الوزير لافروف).

سبق وأجريت مقابلة مماثلة مع لافروف في موسكو لصالح "القناة الإخبارية الرابعة" البريطانية  Channel 4 News  في عام 2018، وسعيت للحصول على مقابلة أخرى معه منذ ذلك الوقت، لكن من دون أي نتيجة. لذلك سرني حصولي على فرصة مقابلته أخيراً، وذلك لمواجهته بعدد من الأسئلة المحرجة تتضمن الاتهامات الموجهة للرئيس فلاديمير بوتين حول حربه [في أوكرانيا].

إلا أن سعادتي لم تدم طويلاً، إذ أخبرني نيكولاي أن المناسبة ستكون عبارة عن ما يمكن تعريفه "بالمقابلة الجماعية" وأنه سيسمح لي بطرح سؤالين فقط.

على الرغم من ذلك، توجهت إلى الاستوديو المحدد لإجراء المقابلة، وكنت من بين مجموعة معدودة على أصابع اليد من الصحافيين المختلفي الجنسيات الوافدين من كافة أنحاء العالم الذين أدخلوا إلى الاجتماع الذي تستضيفه وزارة الخارجية الروسية عبر تطبيقها على زوم. استمرت التحضيرات لمدة ساعة من الزمن، فيما كان مساعدو لافروف الرسميون منشغلين في تصويب المشكلات التقنية التي عانت منها إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية المشاركة في المقابلة، إضافة إلى انشغالهم في استقبال المذيع الأميركي (الشهير) لفترة أخبار الصباح جورج ستيفانوبولوس  George Stephanopoulos.

وأخيراً تم تجهيز المقعد الجلدي الأبيض الذي عمد لافروف إلى الارتماء عليه. إنه شخصية تثير بعض الرهبة، فهو ذراع الرئيس بوتين اليمنى ودبلوماسي روسي مخضرم في الدفاع عن موقف بلاده تجاه العالم، وهو أيضاً رجل لا يهاب (كما اختبرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس) إهانة محاوريه.

وعلى الرغم من قلقي، قررت مواجهته بخصوص قضية الفتاة (الأوكرانية) بولينا زابادينسكايا Polina Zapadynskaya، وهي في السنة الأخيرة من دراستها الابتدائية أطلق عليها النار جنود روس خلال انتقالها بسيارة والديها في العاصمة كييف. وطلبت من لافروف أن ينظر إلي في عيني وأن يقول لي كيف ينام ليلاً وهو يعلم أن القنابل والرصاص الروسي يقتل الأطفال [في أوكرانيا].

قدّم لافروف تعازيه، مؤكداً أن "حياة كل شخص لا تقدر بثمن"، مشدداً على أن "أفراد جيشنا الذين يشاركون الآن في هذه العملية الخاصة لديهم تعليمات صارمة لاستخدام المعدات العسكرية ذات التصويب بدقة عالية فقط لتدمير الإمكانيات العسكرية [الأوكرانية]". 

إلا أن الواقع على الأرض، كما في كثير من الأحيان، يروي قصة مختلفة حول ما يجري في هذه "العملية الخاصة"، أو حرب بوتين وهو التعبير الأدق لوصف ما يجري.

فالقصف الروسي عشوائي لا يميز [بين المدني والعسكري] إلى درجة أنه أدى إلى مقتل مئات المدنيين منذ بداية الاجتياح في الأسبوع الأول بحسب الأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هل تلطخت أيادي لافروف بدماء الطفلة بولينا؟ رداً على هذا السؤال، الذي وصفه لافروف بـ"الساخن" ويهدف إلى "شحن الجمهور عاطفياً"، عمد لافروف إلى اتهامي بأنني أتصرف و"كأنني مقدمة برامج حوارية"، متسائلاً لماذا لم نحقق في عدد الضحايا الذين سقطوا خلال "المغامرات الغربية في العراق".

وفي هذا الصدد أؤكد أن "القناة الإخبارية الرابعة" البريطانية Channel 4 News قامت بالفعل بتغطية [عدد ضحايا الحرب في العراق] مرات كثيرة.

ولدى مواصلته "المقابلة الجماعية" زادت حماسة لافروف وواصل محاضرته وانتقادنا لطرحنا الأسئلة "العاطفية"، وكرر لفت نظرنا لضرورة مراجعة موقع وزارة الخارجية على الإنترنت لرصد ما وصفه بـ"الحقائق".

في إحدى المراحل بدا لافروف وكأنه يائس عندما قال لنا "الأسئلة التي تطرحونها تشير إلى أن لا أحد من بينكم يستمع إلى ما أقول".

لم أتمكن سوى من طرح سؤالين إضافيين وذلك بعدما شن مخرج برنامجي مارتين كوليت حربه الخاصة مع زرّ كتم الصوت عن المايكروفون، ليكرر إلغاء كتم الصوت الذي حاولت وزارة الخارجية الروسية استخدامه لإسكاتي. روسيا لا يمكنها إسكاتنا، على الأقل ليس في هذه المرحلة.

ويندرج ما حصل معي في صميم الحرب الإعلامية التي يبدو أن روسيا بصدد خسارتها في هذه المرحلة على الأقل لصالح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. يواصل الرئيس الأوكراني مرتدياً سترة صيفية نشر أشرطة فيديو مسجلة مؤثرة للغاية الواحد تلو الآخر، ويتم إعادة بث ما ينشره عبر "تويتر" لتصل رسائله إلى مختلف المناطق في العالم.

في كل مرة يظهر فيها الرئيس الأوكراني على شاشاتنا، فإننا ننصت له وهو يسعى لتحجيم الادعاءات الروسية، إن كان ذلك من خلال توجيهه كلمة ارتجالية إلى البرلمان الأوروبي (دافعاً الجميع إلى الوقوف والتصفيق له)، أو من خلال ظهوره وهو يحث على المقاومة في شوارع العاصمة كييف. ربما لا يمتلك (زيلينسكي) القنابل الحرارية الضغطية التي تحدث كماً هائلاً من الموت والدمار ــ ناهيك عن عدم امتلاكه لمنظومة أسلحة نووية ــ لكن حساباً على "تويتر" هو أفعل الأسلحة التي بمتناوله، وهو يستخدمها بشكل يؤدي إلى إلحاق أقسى الضرر (بالمعتدين الروس). 

بالمقارنة، يظهر الرئيس فلاديمير بوتين ومعاونوه الأوفياء وكأنهم يستخدمون لغة خشبية في أدائهم ويبدون كسياسيين تقليديين في عهد التكنولوجيا الرقمية، يحتاجون إلى أيام طويلة قبل أن يتمكنوا من الدعوة لاجتماع من أجل تسجيل "مقابلة جماعية"، يعطون خلالها إجابات مسهبة مليئة بما يطلقون عليه "الوقائع" التي لا يصدقها أحد حالياً.

يبدو جلياً أن قدرات الرئيس زيلينسكي على التواصل قد تركت جروحاً عميقة للدولة الروسية. وإلا لماذا يعكف (الروس) على إغلاق المؤسسات الإعلامية المستقلة في البلاد؟

لكن دعونا أن لا نكذب على أنفسنا إذ هناك حدود لما يمكن لشريط فيديو مسجل على التويتر أن يفعله. عندما يتعلق الأمر باستخدام الدبابات والقنابل والرصاص، فإن روسيا بالتأكيد لا يمكنها أن تفشل في تحقيق النجاح [والفوز في الحرب]. ويبقى حينها السؤال الوحيد الذي يتعين الإجابة عنه هو شكل هذا النصر. 

يتحدث لافروف بشيء من عدم المبالاة عن حرب عالمية ثالثة وعن نية روسيا القتال "حتى النهاية" في أوكرانيا. لكن أين ومتى سيتم وضع حد لما يجري؟ وماذا سيبقى من أوكرانيا بعدما تنتهي روسيا من عمليتها؟ هل سيجلس لافروف وحيداً أمام شاشة خلال إجرائه "مقابلة جماعية" مع اثنين من أزلامه الإعلاميين؟

انعتني بالعاطفية إن أحببت ــ اطلب منا ــ كما فعل لافروف ــ أن "نبحث عن المزيد من الوقائع"، إلا أن أسئلتنا ستبقى بحاجة لمن يجيب عنها.

*كايتي نيومان هي مذيعة "نشرة أخبار الساعة السابعة على "القناة الرابعة" البريطانية Channel 4 News

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات