Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التنحي أولاً... انقسام سوداني حول دعوة البرهان للتوافق

إطلاق سراح المعتقلين ووقف العنف وإلغاء الطوارئ شروط القوى الثورية قبل بدء الحوار

يعتبر مراقبون سودانيون أن فقدان الثقة في المكون العسكري يلزمه بدء خطوات عملية لحل الأزمة الراهنة (أ ف ب)

تباينت آراء المراقبين والسياسيين السودانيين حول تصريحات قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الجمعة، التي أعلن خلالها اتخاذه إجراءات، في غضون 48 ساعة، تقود إلى تهيئة المناخ للحوار، وصولاً لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)، فبينما رحب البعض بالخطوة، كونها تمثل بادرة حسنة في اتجاه التسوية السياسية الشاملة، اعتبر آخرون أن "فقدان الثقة في المكون العسكري يلزمه بدء خطوات عملية، وليس إطلاق أحاديث في الهواء الطلق".

حزمة متكاملة

مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني للشؤون الولائية، عبد الجليل الباشا، يقول إنه "في ظل الأزمة السياسية الراهنة التي تسبب فيها انقلاب البرهان، وما تبعها من إجراءات قمعية، واعتقالات لسياسيين ورجال مقاومة وناشطين، وقتل متظاهرين سلميين، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، كل ذلك أدى إلى فقدان ثقة الشارع السوداني وقواه السياسية بالمكون العسكري. صحيح أن المبادرة خطوة في الاتجاه الصحيح قد ترحب بها بعض القوى، لكن لا بد أن تكون في شكل حزمة متكاملة، فالمطلوب العمل وليس القول، وذلك بالإطلاق الفوري للمعتقلين، ورفع الطوارئ، وتكوين لجنة تحقيق في ما حدث من انتهاكات وقتل، ووقف العنف في التظاهرات".

ويتابع الباشا، "من المؤكد أنه إذا أظهر العسكريون جديتهم في تنفيذ مطلوبات الشارع المعلومة لديهم، فإن ذلك من الممكن أن يفتح الأمل، ويعيد تلاحم المكونين المدني والعسكري من جديد، لكن إذا لم تحدث خطوات عملية فسيكون الموقف في محله، لأن القوى الثورية الجادة يهمها الخطوات العملية في إطار الحزمة المتكاملة، وبالتالي الكرة الآن في ملعب المكون العسكري".

ويرى مساعد رئيس حزب الأمة أن "ضغوط الشارع والمجتمع الدولي والإقليمي وتفجر الأزمة الاقتصادية والتدهور الأمني المريع وراء تراجع البرهان عن تشدده، إذ لم يعد لديه خيار غير هذا التراجع".

رفض وقبول

أحد قيادات لجان المقاومة السودانية، محمد همشري، يؤكد أن "الشارع السوداني، بخاصة فئات الشباب، لا تثق في أي وعود أو تصريحات للبرهان، الذي يعتقد أنه وصي على المواطن السوداني، فضلاً عن أنه، حتى هذه اللحظة، تلاحق أجهزته الأمنية لجان المقاومة والناشطين للزج بهم في المعتقلات، هؤلاء الشباب تجاوزوا مثل هذه الأحاديث التي تهدف لإجهاض الثورة، لكن هيهات هيهات". ويوضح همشري، "الشارع سيقابل هذه التصريحات المزيفة بالمزيد من العنفوان والفوران، والحل في تنحي البرهان من المشهد السياسي، ولا بديل غير ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبها، رحبت الجبهة الثورية بإجراءات تهيئة المناخ التي أعلن عنها البرهان لانطلاق الحوار وحل الأزمة السودانية. وقال بيان باسم الناطق الرسمي للجبهة، أسامة سعيد، إن "مبادرتها التي سلمتها للقوى المدنية والعسكرية، تضمنت خريطة طريق تبدأ باتخاذ إجراءات لبناء الثقة وتهيئة المناخ، من بينها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من قوى الثورة، وإلغاء حالة الطوارئ، وبالتالي فإن الاستجابة لتنفيذ تلك المطلوبات يشكل بادرة حسن نية وجدية لبدء حوار يفضي إلي تسوية سياسية شاملة، وفي المقابل، هناك أيضاً مطلوبات من القوى المدنية عليها القيام بها، في مقدمتها وقف التصعيد، ونبذ خطاب التهييج السالب، والقبول بالحل السياسي عبر الحوار". وأضاف البيان، "ستواصل الجبهة الثورية لقاءاتها ببقية القوى السياسية، وهي تؤكد أن مبادرتها أحدثت اختراقاً كبيراً في حال الانسداد التي لازمت البلاد، وأصبحنا على مقربة من انطلاق حوار سوداني- سوداني عبر مبادرة سودانية خالصة، بتيسير ودعم من البعثة الأممية والأفريقية".

طريق التحول

قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني) وصفت تصريحات البرهان بأنها خطوة ضرورية لبناء الثقة وتهيئة المناخ للحوار، الذي يفضي إلى بناء توافق وطني وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية للقوة الحية، بهدف إعادة البلاد إلى طريق التحول الديمقراطي. وأشارت، في بيان، إلى ضرورة انتهاج منهج للحوار السلمي للوصول إلى توافق حول قضايا السودان المعقدة، ووضع طريق سليم نحو الانتقال إلى مرحلة الانتخابات الحرة. داعية الجميع للعمل الجاد والمساهمة الفاعلة من أجل تنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال هياكل السلطة الانتقالية.

وكان البرهان أبدى استعداده للتنحي من منصبه، في حال التوافق بين القوى السياسية، مؤكداً في كلمة خلال إفطار رمضاني بالخرطوم، إجراءات سيجري اتخاذها خلال 48 ساعة بهدف تهيئة المناخ للحوار، بما فيها الإفراج عن جميع المعتقلين.

ومضى البرهان في القول، "مستعدون في حال اتفاق القوى السياسية أن نجلس بعيداً إذا توافقوا على ذلك"، لافتاً إلى أنه عقد اجتماعاً مع النائب العام ورئيس القضاء، لدراسة الوضع القانوني للمحتجزين وتسريع الإجراءات الخاصة بهم، و"خلال يومين أو ثلاثة سيكونون في الخارج ليسهموا مع الآخرين".

ونوه قائد الجيش السوداني إلى أنه أصدر توجيهاً للأجهزة المختصة لمراجعة حالة الطوارئ والإبقاء على بعض البنود الخاصة بحالة الاقتصاد وغيره، ما يساعد على تهيئة المناخ، مشدداً على أن المرحلة الحالية تتطلب من الجميع تقديم تنازلات، وأن السبيل للعبور بالفترة الانتقالية بسلام هو التوافق والتراضي بين الجميع.

توحيد 35 مبادرة

مجلس حكماء السودان أعلن، في وقت سابق، عن توحيد جهود 35 مبادرة لحل الأزمة الراهنة، في وثيقة السودان الدستورية 2022، وبحسب عضو المجلس، محمد حسين أبو صالح، فإنه تم التوصل إلى إعادة صياغة الوثيقة الدستورية، والترتيب لعقد مؤتمر، هذا الأسبوع، للتوقيع عليها بعد مشاورات مع الاتحاد الأفريقي ومبعوثه، محمد ود لبات، وقوى سياسية، و4 تحالفات ضمت أكثر من 200 جهة حزبية وطرق صوفية.

وأكد أبو صالح أن الوثيقة الجديدة لا تقصي أحداً شارك في الثورة، وتضمنت تكوين حكومة تكنوقراط راشدة وحكيمة بمواصفات مهنية، ويتمتع أفرادها بمهارات قيادية، وتم وضع آلية لاختيارهم بشفافية ليمارسوا خطاباً سياسياً يمنع الاستقطاب.

وكان البرهان قاد مع قادة عسكريين آخرين انقلاباً في 25 أكتوبر، منهياً ترتيبات لتقاسم السلطة استمرت عامين مع ائتلاف سياسي مدني بعد الإطاحة بعمر البشير، ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 94 شخصاً في حملات أمنية على الاحتجاجات واعتُقل العشرات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير