كثيراً ما يثار الجدل حول علاقة النظام السوري بإيران وحزب الله، لكن هل يمكن أن نتصوّر أن رئيس النظام السوري بشار الأسد كان من الممكن أن يتخلى عن هذين الحليفين مقابل صفقة ما، هذا ما كشفه الدبلوماسي الأميركي فريدريك هوف، الذي عمل بشكل مكثف مع وزارة الخارجية الأميركية حول سوريا نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي قبل أن يتقاعد ويشغل مناصب عدة في مراكز أبحاث والتدريس الأكاديمي.
في تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الأربعاء عرضت فيه تفصيلياً لكتاب الدبلوماسي الأميركي، نقرأ القصة الكاملة، حيث كان هوف تحدث عن فحوى كتابه "بلوغ المرتفعات: قصة محاولة سرية لعقد سلام سوري – إسرائيلي" في مقال له بموقع معهد "نيولاينز" قبل عام، وذكر فيه ملخصاً لاتفاق سلام سوري-إسرائيلي كاد أن يتم لولا توقف التواصل بسبب اندلاع الاحتجاجات في سوريا وتطور الأمور بعد ذلك، كما سبق أن أشار إلى شعوره بالاحباط في مقال له بموقع "بوليتيكو" عام 2015، من التغلغل الإيراني في العالم العربي، وتحدث عن شكوك نتنياهو بشأن الاتفاق، وتردده في أي تقديم تنازلات بشأن الجولان، لكنه كان مرحبا بكل ما يمكن أن يبعد سوريا عن إيران وحزب الله وحركة حماس.
تضمن الكتاب تفاصيل المفاوضات غير المباشرة التي ذكرها فريدريك هوف، وبما أنه عسكري سابق في القوات الأميركية كان له الإسهام الأكبر في تحديد خط الرابع من حزيران 1967 الذي كان سيمثل الحدود بين سوريا وإسرائيل في معاهدة السلام.
الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي
بين أبريل (نيسان) 2009 ومنتصف مارس (آذار) 2011، كان الدبلوماسي والمبعوث الأميركي فريد هوف «يعيش الحلم». فكرة تحقيق سلام بين سوريا وإسرائيل، خطرت في ذهنه للمرة الأولى عندما كان يزور دمشق وهو في السادسة عشرة من عمره، باعتباره طالباً أميركياً زائراً. وبعد 45 عاماً، سنحت له فرصة تحويل الفكرة إلى «حقيقة». لكنها كغيرها من فرص السلام الضائعة، سرعان ما وصلت إلى «فشل يلاحقني بقية أيام حياتي».
وساطة هوف خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، لم تقم على المقايضات السابقة «الأرض مقابل السلام»، أي أن تقوم إسرائيل بإعادة هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل توقيع دمشق اتفاق سلام وإقامة علاقات طبيعية، ولا على معادلة «السلام مقابل السلام»، كما اقترحت أفكار أخرى، بل قامت على مقايضة من نوع آخر: إعادة الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي. بأن تعيد تل أبيب الجولان مقابل تخلي دمشق عن تحالفها وعلاقاتها العسكرية مع إيران و«حزب الله» و«حماس».
هذا هو جوهر الحراك الأميركي السري بين 2009 و2011. وهذا ما فهمه أيضاً المبعوث الأميركي السابق دينس روس؛ إذ يقول إن «بلوغ المرتفعات» لم يقدم «صيغة الأرض مقابل السلام، وإنما قدمت صيغة الأرض مقابل إعادة الترتيب الاستراتيجي لسوريا، مع ابتعاد سوريا عن إيران و«حزب الله».
يشار إلى أنه بعد انطلاق عملية السلام في مؤتمر مدريد 1991، جرت جولات عديدة من المفاوضات السورية - الإسرائيلية العلنية والسرية، السياسية والأمنية والعسكرية، في أميركا وأوروبا.
ورقة المناقشة
في 2009، قام ميتشل وهوف بزيارة دمشق مرتين وتل أبيب أيضاً، لاختبار احتمال استئناف مفاوضات المسار السوري، وفي 2010، تواصلت رحلات هوف الدورية إلى سوريا وإسرائيل. مفتاح التحرك للوساطة الأميركية، تحول تدريجياً من الحصول على «الوديعة» إلى إقناع قادة إسرائيل بالفوائد الأمنية المحتملة من السلام مع سوريا بدلاً من صيغتهم «الأرض مقابل السلام».
في خضم ذلك، وفي مايو (أيار) 2010، اجتمع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، جون كيري، بالأسد في دمشق، حيث ظهر من خلال وثيقة خطية «انفتاح الأسد على اتفاق سلام يلبي جميع المتطلبات الإسرائيلية في مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى خط 4 يونيو 1967»، في موازاة ذلك، نجح المبعوث الأميركي السابق دينيس روس في ترتيب عقد لقاءات له وهوف مع نتنياهو، حيث عرض الأميركيان مسودة وثيقة، قبل تقديمها إلى الأسد.
وحسب قراءة هوف، فإنه «رغم الشكوك القوية حول وثيقة كيري والنوايا السورية، يتفق في نهاية المطاف على أن (ورقة المناقشة) التي صاغتها أميركا لمسودة معاهدة سلام إسرائيلية - سورية، من الممكن أن تشكل الأساس لوساطة السلام الأميركية»، وسافر ميتشل وهوف إلى دمشق في سبتمبر (أيلول) في محاولة للحصول على موافقة الأسد على إجراء من شأنه تجنب طريق «الوديعة» المسدود. و«وافق الأسد فوراً على منهجية الوساطة الجديدة»، حسب قول هوف. وكان هوف وروس كتبا «ورقة المناقشة»، وناقشا المسودة الأولى مع فريق صغير من الإسرائيليين يعينهم نتنياهو.
موقف إسرائيل، كان: وجوب تناول جميع عناصر ورقة المناقشة في آن واحد، بما في ذلك تراجع سوريا وضبط العلاقات الإقليمية التي تشكل تهديدا لأمن إسرائيل. سوريا توافق على أن بحر الجليل (بحيرة طبريا) بأكمله يمكن أن يكون تحت السيادة الإسرائيلية.
الأسد للأميركيين: ستتفاجأون بالتزام نصر الله باتفاق سلام سوري-اسرائيلي ومزارع شبعا سورية
في بداية 2011، استمرت جهود بلورة ورقة المناقشة. وتنقل هوف بين دمشق وتل أبيب، مع مشاركة دينيس روس في المباحثات مع الفريق الإسرائيلي. وإذ أبلغ نتنياهو ضيفيه الأميركيين بـ«شكوكه المتزايدة في التزام الأسد الشخصي بوساطة السلام وبالسلام نفسه»، حسب وثائق الاجتماعات، فإنه «رحب بالفكرة الأميركية الخاصة بربط رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بتنفيذ دمشق لالتزامات معاهدة السلام».
تعهد خطي من بايدن للأسد
في 22 مايو 2010، زار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري دمشق والتقى الأسد في القصر الرئاسي. وقد شجع البيت الأبيض، الذي «انزعج بشدة من التقارير التي تفيد بأن نظام الأسد ينقل صواريخ سكود إلى (حزب الله)»، كيري على القيام بزيارة سوريا و«مواجهة الأسد بشأن هذه المسألة»، موضحاً للأسد أن «الفوائد التي ستعود على سوريا من الحوار الثنائي، ستنتهي ما لم تكن سوريا راغبة في التخلص من مهمة تزويد حلفاء إيران اللبنانيين وعملائها بالأسلحة الفتاكة».
حسب المحضر الأميركي للاجتماع الذي عقد في التاسعة صباحاً من يوم 22 مايو، قال كيري للأسد «طلب الرئيس أوباما مني شخصياً أن آتي لمقابلتكم. لقد استدعاني إلى البيت الأبيض، وتحدثنا عن المنطقة، وأعرب عن قلقه بشأن الأوضاع الراهنة».
وصل كيري حاملاً مسودة رسالة مُعدة لتوقيع الأسد، تُنقل إلى الرئيس أوباما «من خلال السيناتور كيري. وتتضمن مسودة الرسالة تأكيد الأسد على أن معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل، بما في ذلك الحدود التي تعكس استعادة سوريا الكاملة للأراضي التي فقدتها في يونيو 1967، من شأنها أن تنهي كل دعم سوري للأعمال، والسياسات، والتعاون الذي يهدد أمن إسرائيل من جانب الدول وغير الدول على حد سواء.
موافقة على الفور
قال كيري للأسد «تعكس هذه الرسالة التفاهمات التي توصلنا إليها في المرة الأخيرة»، وجاء رد فعل الأسد إيجابياً على الفور «يجب أن نوافق على هذه الرسالة». إلا أن وزير الخارجية المعلم اعترض، قائلاً إنه يجب أن يسبق ذلك رسالة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة، تؤكد فيها أن الاتفاق الشامل يستلزم انسحاب إسرائيل الكامل إلى خط 4 يونيو 1967. وقد تدخل كيري على الفور قائلاً «هذا ليس ضرورياً: لقد أكدت مع نائب الرئيس (جوزيف بايدن) بالأمس أن موقف الولايات المتحدة يستلزم عودة الجولان بالكامل إلى خط 1967».
تطرق لقاء الأسد وكيري إلى علاقة سوريا بـ«حزب الله»، بالتزامن مع قيام مساعديهما بتنقيح مسودة الاتفاق السوري - الإسرائيلي، بحيث تضمن خمس نقاط، أكدت على أن معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل، بما في ذلك الحدود التي تعكس الاستعادة السورية الكاملة لمرتفعات الجولان حتى خط 4 يونيو 1967، ستسفر عن علاقة ثنائية بين سوريا وإسرائيل.
لقاء مباشر
هذا التفاؤل، شجع هوف في اجتماع مع نتنياهو وفريقه على «السعي لعقد اجتماع مباشر مع الأسد لتقييم التزام الرئيس الشخصي بإعادة توجيه الاستراتيجية السورية التي من شأنها تعزيز الأمن الإسرائيلي». هنا، وفي محادثات هاتفية مع نتنياهو ووزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم والأسد، أكدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على النوايا الإسرائيلية وتمهد الطريق للقاء هوف مع الأسد.
قبل وصول هوف إلى دمشق في فبراير (شباط) 2011، أبلغ الأسد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين الزائرين، أن السلام مع إسرائيل لا بد أن يستند إلى «مراجع محددة» تغطي الأرض والأمن. عندها، قام روس وهوف بصوغ هذه «المراجع المحددة»، وفي 28 فبراير، وافق الأسد، في اجتماع مع هوف في دمشق، على «المراجع المحددة بشأن الأمن (التي تقضي بإنهاء الأنشطة والعلاقات السورية التي تشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي)»، حسب المبعوث الأميركي. ويضيف، أن الرئيس السوري أكد أن «لبنان وإيران و(حزب الله) سوف يلتزمون بمعاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل». كما أعرب عن ارتياحه لمفهوم رفع العقوبات الأميركية مع تنفيذ سوريا لالتزاماتها التعاهدية. خلال كل ذلك، بقي الانسحاب الإسرائيلي الكامل حتى خط 4 يونيو 1967 مطلباً أساسياً للأسد.
التحفظ الوحيد
في 27 فبراير (شباط) 2011، وصل هوف إلى دمشق للقاء الأسد، حيث تحدث المبعوث الأميركي عن اهتمامه بتحقيق «سلام سوري - إسرائيلي وبناء علاقة رسمية ودية بين دمشق وواشنطن، يتجلى من خلالها دفء علاقات الصداقة التي تربط بين الشعبين». وقد ردّ الأسد بشكل إيجابي.
وبعد تناول تصريحات صحافية وزيارات أميركيين لسوريا وعقوبات واشنطن ضد دمشق، تحدث هوف عن مسودة الاتفاق التي كان صاغها وتوصل إليها.
وحسب نص الكتاب «مع ذلك، سيكون ردك على الحواشي، سيدي الرئيس، أساسياً لتحديد بلادي للقرار الخاص بمواصلة هذه العملية. نحن في حاجة إلى معرفة ما إذا كانت سوريا والولايات المتحدة الأميركية متفقتين على ما تحتاج سوريا إلى القيام به لتنفيذ التزاماتها المتعلقة بمعاهدة السلام، ما يلزم الولايات المتحدة الأميركية برفع العقوبات أم لا».
طلب الأسد توضيح ومعرفة ما إذا كانت تلك الحواشي مهمة للطرف الآخر، فأجاب هوف «نعم، لكني أكدت على أن تلك النقاط لها القدر نفسه من الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأن موافقته عليها سوف تمكّن أميركا من المُضي قدماً الآن باتجاه القضايا المتبقية المتعلقة بالأرض، وبدء عملية التخطيط المتعلقة برفع العقوبات. وسوف يتيح تنفيذ سوريا تلك الأمور، بمجرد إقرار معاهدة السلام، للولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات، وقد أشار الأسد إلى تفهمه وموافقته».
سلم هوف الورقة إلى الأسد، وقرأها ببطء وحرص على ما يبدو. وأعرب قبل تطرقه إلى الحواشي عن اهتمامه بفهم أفضل لجوانب النقاط الخمس. وأشار إلى أن النقاط الأربع الأولى تتضمن مرجعيات خاصة بلبنان، لكن النقطة الرابعة فقط ذاتها هي التي تذكر اسم البلد صراحة. وتساءل عما إذا كان من الملائم ذكر لبنان في نص معاهدة سلام سورية - إسرائيلية. وقال إن «هذا هو تحفظه الوحيد»، وأعرب الأسد، حسب الكتاب، عن موافقة حماسية على النقطة الخامسة بما تتضمنه من دعوة إلى سلام عربي - إسرائيلي شامل، ثم تحدث لدقيقتين عن «المصالح».
ويقول هوف «امتنعت عن الرد على النقطة التي أثارها بشأن لبنان؛ لأنني أردت التطرق إلى لبّ المسألة دون التورط في الأمر، فأنا في النهاية لم أكن أعلم الوقت الذي سيمنحه لي الرئيس الأسد، وافترضت أنه نحو ساعة كحد أقصى، وكانت قد مرت خمس عشرة دقيقة بالفعل، واقترحت أن يقرأ أو يعيد قراءة الحواشي حتى نتمكن من مناقشة كل واحدة منها. بدأ بالتركيز على الشرط الخاص بطرد حركة «حماس» وجماعات أخرى، وسأل عما سيكون مطلوباً من سوريا في حال ظهور أحدهم على شاشة التلفزيون السوري وطلبه التزام إسرائيل بالعدالة مع الشعب الفلسطيني؟ هل يعني ذلك أنه من الضروري طرده من البلاد؟ وكان ردي بالنفي، لكنني أضفت أنه سيكون على أي شخص يؤيد أو يخطط أو ينفذ أعمال عنف أو تهديد بتنفيذ أعمال عنف ضد إسرائيل من الأراضي السورية الرحيل بمجرد دخول معاهدة السلام حيز التنفيذ».
تحول انتباه الأسد بعد ذلك نحو اللغة الخاصة بـ«حزب الله»، حيث أشار إلى أن «الجميع سيفاجأون بالسرعة التي سوف يلتزم بها حسن نصر الله، أمين عام (حزب الله)، بالقواعد بمجرد إعلان كل من سوريا وإسرائيل التوصل إلى اتفاق سلام»، حسب هوف.
وزاد «أجبته بقولي إنني سأكون من بين الأشخاص الأكثر تفاجؤاً، وسألت الرئيس كيف ستكون لديه تلك القناعة بالنظر إلى ولاء نصر الله لإيران و(للثورة الإسلامية) الإيرانية. بدأ الأسد بإيضاح أن نصر الله عربي لا فارسي، وأشار إلى ضرورة أن تكون سوريا ولبنان ضمن مسار عملية السلام العربي – الإسرائيلي؛ إذ يعتمد المسار اللبناني على سوريا، وقد أخبر ميشال سليمان، الرئيس اللبناني، بضرورة تجهيز فريق مفاوض مع اعتزام سوريا المضي قدماً في حال تعاون إسرائيل. لقد أكّد لي أنه في حال توصل سوريا إلى سلام مع إسرائيل، لن يتمكن نصر الله من الحفاظ على منصبه الحالي كزعيم «للمقاومة».
كما وصف الأسد «(حزب الله) بأنه الحزب السياسي اللبناني الوحيد الحقيقي، مشيراً إلى أنه ممثل أكبر جماعة طائفية في لبنان وهي الشيعة، وهي مؤسسة قدرها هو الاضطلاع بدور قيادي في السياسة اللبنانية الداخلية».
سأل هوف الأسد «عما إذا كانت رؤيته بشأن خروج نصر الله من عالم المقاومة سوف تتطلب من سوريا إعادة مزارع شبعا إلى لبنان بمجرد جلاء إسرائيل عن قطاع هضبة الجولان؟».
وأضاف «مع ذلك، في ظل عدم حديث الأسد الآن عن الحق في مزارع شبعا، أكّد لي أن الخرائط توضح أن مزارع شبعا هي أراض سورية، وربما يكون إجراء تعديلات مستقبلية مع لبنان أمراً ممكناً، لكن الأرض محل التساؤل كانت سوريا.
وأكّد الأسد بشكل عفوي أن سوريا لم تكن دولة عميلة لإيران، حيث كان اتفاق سلام مع إسرائيل شأناً سورياً لا إيرانياً، وأضاف أنه لم يخطر إيران حين بدأت جهود الوساطة التركية في اتفاق السلام».
يضيف هوف «سألت الأسد عما إذا كان قد وجد أمراً مستهجناً في حواشي مسودة الاتفاق، وكان رده مباشراً وقاطعاً بالنفي، وطلب أن أخبر الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون بأنه ليس لديه مشكلة في أي منها. وطلب الأسد أن يتم إخبار إسرائيل بأن سوريا أيضاً لديها رأي عام، وعلى السوريين الاقتناع بأنه قد تمت استعادة أرضهم بالكامل، فلا يوجد أي مجال للتلاعب. وكان ردي هو التأكيد مرة أخرى للأسد على اعتقادي بإحراز تقدم جاد في المسائل المتعلقة بالأرض».
نهاية المحاولة
اندلعت الاحتجاجات السورية في منتصف مارس. وفي 18 مارس، ردت قوات الأمن السورية بالعنف الشديد على المتظاهرين في درعا. كما ردت قوات الأمن بعنف على الاحتجاجات في دمشق. وقتها، علقت الوساطة «بسبب الفوضى الرسمية» في سوريا. سعى هوف إلى زيارة دمشق، لكنه مُنع الحصول من على إذن من البيت الأبيض كي يناقش مع الأسد الآثار المترتبة على الوساطة إثر العنف الحكومي السوري، وفي 13 مارس، استقال ميتشل من منصبه كمبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط، وفي 19 من الشهر نفسه، قال أوباما، في خطاب لوزارة الخارجية، إن «الأسد يجب أن يقود انتقال سوريا إلى الديمقراطية أو يتنحى عن الحكم». وفي في 18 أغسطس (آب)، أعلن أوباما أن «الوقت قد حان لتنحي الأسد». أما هوف، فانتقل من فريق السلام في الشرق الأوسط إلى تقديم المشورة إلى وزير الخارجية ومكتب الشرق الأدنى بشأن تفاقم الأزمة السورية.
تطورت الأمور في سوريا وانحدرت لسنوات مؤلمة وطويلة. وفي 25 مارس 2019، أصدر الرئيس دونالد ترمب إعلاناً يعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان: الجزء الرئيسي من الأراضي موضوع النزاع خلال وساطة السلام بين عامي 2009 و2011، والمسألة المحورية في الجهود الدبلوماسية السابقة التي بذلتها تركيا في عامي 2007 و2008، والولايات المتحدة بين عامي 1993 و2000.
يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الإعلان قد رفع مرتفعات الجولان والمناطق المتاخمة المتنازع عليها من جهة الغرب من طاولة محادثات السلام المستقبلية بين إسرائيل وسوريا.