Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير الفلاحة التونسي: قطاعات زراعية واعدة في البلاد لكن التحدي قائم

محمود الياس حمزة لـ "اندبندنت عربية": البلاد في منأى عن اضطراب التزود بالمواد الغذائية

وزير الفلاحة التونسي محمود الياس حمزة (اندبندنت عربية)

طرحت الحرب الروسية - الأوكرانية مسألة الأمن الغذائي لدى البلدان الموردة للمواد الأولية الفلاحية، والتي يرجح تأثرها بتعطل سلاسل إمدادات السلع بسبب المواجهات العسكرية، ومن بينها عدد من البلدان العربية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط التي تستورد الزيوت والقمح من بلدان المواجهة، ما دفع إلى تناول آلية التخزين وجدواها والكميات المخزنة ومدى استجابتها لحاجيات هذه الشعوب وسقف الاكتفاء الذاتي.

وتفاوتت حدة الأزمة الغذائية المفترضة لقائمة البلدان الموردة للأغذية بحسب الطاقة الإنتاجية لبعض المواد الفلاحية ومنها تونس، وفي هذا السياق، كشف وزير الفلاحة التونسي محمود الياس حمزة لـ "اندبندنت عربية" عن أن تونس قطعت شوطاً كبيراً في مجال تحقيق الأمن الغذائي وهي تنتج استهلاكها من المواد الغذائية ما عدا بعض الزيوت النباتية والحبوب، وتستعين البلاد بالتوريد لتغطية نسبة من حاجياتها من القمح اللين في حين توفر 80 في المئة من كميات استهلاكها من القمح الصلب.

لا خوف من اضطراب التزود

ونفى الوزير التونسي وجود إشكالية في ما خصّ تزود البلاد بالحبوب بسبب الحرب أو تسجيل نقص في المواد المتأتية من القمح في المستقبل. وتتوافر الحلول المغايرة لتأمين مخزون الحبوب باستيراد القمح من أوروبا وأسواق أخرى، وتمكن ديوان الحبوب (حكومي) خلال الفترة الماضية من تجسيم برنامج الشراءات لتأمين تغطية استهلاك البلاد بالحبوب إلى غاية نهاية أيار (مايو) 2022 بالنسبة للقمح الصلب والشعير وإلى نهاية يونيو (حزيران) 2022 بالنسبة للقمح الليّن، وستكون تونس في منأى عن الاضطرابات الناتجة من الصراعات بمنطقة حوض البحر الأسود، باعتبار أن المزودين العالميين قاموا بتغيير هذه المنطقة بمصادر أخرى على غرار الأرجنتين والأوروغواي وبلغاريا ورومانيا بالنسبة للقمح اللين أساساً، وفرنسا بالنسبة للشعير العلفي، كما تتجه الجهود لتأمين وصول الشراءات المتعاقد بشأنها إلى الموانئ التونسيّة .

نحو الاكتفاء الذاتي

علماً أن تونس تستهلك 3.4 مليون طن من الحبوب بين 1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب والقمح اللّين، ومليون طن من الشعير، وبلغ الإنتاج المحلي من الحبوب 1.6 مليون طن في 2021، وتستورد بقية حاجياتها، وتتمثل أساساً في القمح اللين إذ تنتج البلاد 20 في المئة من حاجياتها منه، وتستورد البقية بينما يغطي الإنتاج التونسي للقمح الصلب 80 في المئة من الحاجيات، ولا يتم استيراد غير 20 في المئة من مجموع الاستهلاك الوطني، وقال إلياس حمزة إن الإنتاج الوطني من الخضر ومنتوجات الصيد البحري والغلال يغطي الحاجيات بأكملها، بل تسجل تونس فائضاً في بعض المنتوجات على غرار الطماطم بإنتاج مليون طن سنوياً يتم تحويل 80 ألف طن منها إلى مادة مركزة، علاوة على فوائض في البقول والخضر واللحوم البيضاء والغلال، ويوفر الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء 95 في المئة من الاستهلاك العام، إضافة إلى المنتوجات الفلاحية التي تغطي السوق المحلية، وتوجه نسبة منها إلى التصدير، وأهمها زيت الزيتون بإنتاج 200 ألف طن عام 2021 وهو موسم اعتبر أقل من المتوسط، أما المعدل السنوي  فهو أكثر من 300 ألف طن، أما التمور فيتراوح انتاجها الوطني السنوي بين 350 و360 ألف طن توجه منه 200 ألف طن للسوق الداخلية، واقتربت تونس بهذا الإنتاج من تحقيق الاكتفاء الذاتي، في وقت تواصل البلاد العمل من أجل تحقيق السيادة الغذائية التامة.

12 في المئة من الدخل القومي

وعن مشاركة القطاع الفلاحي في الجهد التصديري والدخل القومي الخام، كشف وزير الفلاحة التونسي أن الفلاحة التونسية من أكثر القطاعات الجاذبة للعملات وتساهم بنسبة 12 في المئة من الدخل القومي الخام بل تتجاوزه، وتمثل 10 في المئة من الجهد التصديري الوطني، وتوفر صادرات المنتوجات الفلاحية ثلاثة مليارات دينار سنوياً (مليار دولار)، وتبلغ الكميات المصدرة من التمور 150 ألف طن  بقيمة مليار دينار (338 مليون دولار)، ويتراوح  حجم الصادرات السنوية من زيت الزيتون بين 170 و180 ألف طن، وتبلغ قيمة صادرات زيت الزيتون 1.5 مليار دينار (508 ملايين دولار)، وتتسع السوق التي تستقطبها الصادرات الفلاحية التونسية سنوياً، وهي لا تقتصر على بلدان الاتحاد الأوروبي الشريك الأول لتونس بل تمتد إلى اليابان وبلدان جنوب شرقي آسيا والخليج العربي والولايات المتحدة الأميركية وكندا.

استثمار المستقبل

ومن جملة القطاعات الزراعية الواعدة في تونس، المنتوج الفلاحي البيولوجي الذي يسهم فعلياً في الدورة الاقتصادية، ويوفر مواطن شغل ويخلق استثمارات لشبان ناشطين في زراعات موجهة إلى الاستهلاك المحلي والتصدير وجاذبة للعملات، ولها آفاق كبيرة وتخلق ديناميكية بيئية وسياحية ولها تأثير في نسق الصادرات، وتطورت المساحات المستغلة في  الزراعات البيولوجية إلى سبعة في المئة من مجموع الأراضي الفلاحية في المجمل، بينما تمثل غابات الزيتون البيولوجية 19 في المئة من جملة الأراضي الفلاحية و30 في المئة من مزارع الزيتون، وهي من القطاعات التي تعول عليها تونس في المستقبل بحكم تلبيتها حاجيات السوق العالمية وأهليتها للتسويق والتصدير وجودتها. ويمثل زيت الزيتون البيولوجي أكثر من 50 في المئة من صادرات الزيت التونسي، ويتوجه إلى 30 سوقاً عالمية، وتأتي تونس في المرتبة الثالثة في العالم من حيث تصدير زيت الزيتون البيولوجي بعد إيطاليا وإسبانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحتل تونس المرتبة الأولى في أفريقيا من حيث المساحات البيولوجية والمرتبة الأولى عالمياً على مستوى مساحات الزيتون البيولوجية، وفاق عدد المنتجين البيولوجيين 7200 متدخل بين فلاحين ومحوّلين ومصدّرين، كما ارتفعت الصادرات البيولوجية التونسية إلى ما يزيد على 85 ألف طن بعائدات ناهزت 712 مليون دينار (241.3 مليون دولار)، وحصلت البلاد على الاعتراف المتبادل مع كل من الاتحاد الأوروبي والفيدرالية السويسرية والمملكة المتحدة كبلد مصدر للمنتجات البيولوجية في تيسير الولوج إلى هذه الأسواق، واحتلت المرتبة الأولى أفريقياً وعربياً من حيث الكميات المصدرة، وأضاف الوزير التونسي أن دفع الفلاحة البيولوجية يرتكز على حماية الصحة والحفاظ على المحيط وتحسين المردودية الاقتصادية .

الإشكاليات

وعن الإشكاليات التي تواجه الفلاحة في تونس تحدث محمود الياس حمزة عن ضرورة العمل على خلق توازن بين منظومة الإنتاج وحاجيات المستهلكين، كما تهدف الاستراتيجية الحالية إلى توفير هامش ربح مريح للفلاح، فمثل كل القطاعات، يعيش القطاع الفلاحي جملة من الصعوبات ترى الوزارة أن أهمها الإشكاليات التي يواجهها الفلاح خلال سلسلة الإنتاج وما يتخللها من مصاريف ولا سيما كلفة الإنتاج، وفي حال ارتفاع كلفة الانتاج وجبت مراعاة المنتج في ما خص الأسعار والأخذ في الاعتبار تنظيم السوق بما يوفر هامش ربح للفلاحين ما يضمن المحافظة على منظومة الإنتاج برمتها، وتمت الاستجابة إلى مطالب الفلاحين في هذا الإطار بالزيادة في سعر القمح عند البيع، وتعمل الوزارة على وضع استراتيجية خاصة بكل قطاع زراعي على حدة من أهم مقوماتها الإحاطة بالمنتج وإرشاده، إضافة إلى اعتماد التقنيات الحديثة وتعصير الزراعة.

ورداً على سؤال حول معضلة ندرة الأسمدة التي واجهها الفلاحون في تونس في السنتين الماضيتين، قال حمزة إنه إشكال خارج عن نطاق وزارة الفلاحة والقطاع بصفة عامة، بحكم ارتباطه بنسق الإنتاج الوطني للفوسفات بعد أن تراجع إلى مستويات منخفضة، وهو المادة الأساس التي يتم اعتمادها لصناعة الأسمدة المستعملة بالعديد من الزراعات وأهمها الحبوب. وذكر الوزير التونسي أن وحدة صنع الأسمدة استعادت نسبة مهمة من نسقها، وتوفر كميات مهمة حالياً من شأنها أن تسهم في تقدم موسم التسميد في شهر أبريل (نيسان)، بالتالي المساهمة في وفرة الإنتاج.

المزيد من حوارات