Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تاجر يهودي وراء تطوير إمساكية رمضان في مصر

ظهرت في عهد محمد علي واكتسبت في الأربعينيات صورتها الحالية

إمساكية محلات عدس التي تعد بداية ربط الإمساكية بجوانب دعائية للمحلات والشركات التجارية (مواقع التواصل)

لسنوات طويلة تنتشر الإمساكيات التي توضح مواعيد الصلاة والإفطار والسحور وموعد صلاة العيد، وتضم أحياناً أدعية وأذكاراً لتُعد واحدة من مظاهر شهر رمضان في مصر على مدار زمن طويل.

الورقة المطبوعة بطراز إسلامي اشتقت اسمها "الإمساكية" من الإمساك عن الطعام قبل الفجر استعداداً ليوم صيام جديد، وتطورت مع السنوات لتظهر بأشكال مختلفة في الشكل، ولكن بالهدف نفسه، وهو تذكير الناس بمواقيت الصلاة والصيام والإفطار.

كيف كان الظهور الأول لإمساكيات رمضان في مصر؟ وكيف تطورت لتصل إلى شكلها الحالي المتعارَف عليه، الذي لا يزال واحداً من سمات شهر رمضان في مصر مثل الفوانيس والزينات والمسحراتي.
 

 

عن بداية الإمساكية وتطورها يقول الباحث في التاريخ وسيم عفيفي، "لعصور طويلة كان الأذان هو المصدر الرئيس لمعرفة مواقيت الإفطار والإمساك في تاريخ المسلمين، إلى أن جاء عصر الدولة العباسية لتعرف مصر فكرة المسحراتي الذي كان يجول في الشوارع قبل الفجر لينادي على الناس ليذكرهم بوقت السحور والذي لا يزال موجوداً حتى الآن، ولكن بطابع فلكلوري اعتاده الناس في شهر رمضان". ويضيف "بدأ ظهور الإمساكية بشكلها المتعارَف عليه بموازاة ظهور الطباعة بشكلها الحديث في مصر في أعقاب الحملة الفرنسية فبدأت المطابع بالانتشار مع عصر محمد علي باشا الذي اهتم بإنشائها، وأهمها المطابع الأميرية التي عُدت من أكبر المطابع في البلاد آنذاك. وشهد هذا العصر بداية ظهور الإمساكية المطبوعة التي كانت تُسلَّم للموظفين في الدواوين الحكومية تحديداً وتُطبع في مطبعة بولاق، حيث ظهرت الإمساكية في عام 1262 هجرية الموافق 1846 ميلادية، وحملت عبارة "طُبعت في دار الطباعة الباهرة، الكائنة ببولاق، مصر، القاهرة"، وكان يُطلق عليها "إمساكية ولي النعم"، وحملت صورة محمد علي باشا، إضافة إلى جدول يضم مواقيت الصلاة وموعد الإفطار والسحور، وكُتب في أعلاها "أول يوم رمضان الاثنين ويرى هلاله في الجنوب ظاهراً كثير النور قليل الارتفاع ومكثه خمس وثلاثون دقيقة".

التجار يطورون إمساكيات رمضان

بمرور السنوات وتطور المجتمع شهدت إمساكية رمضان اختلافاً، وأصبحت تستغل لأغراض أخرى إلى جانب التذكير بموعد الإفطار والسحور ومواقيت الصلاة، فيقول عفيفي "تُعد مرحلة الثلاثينيات والأربعينيات هي البداية الفعلية لتطور الإمساكية، لأنه أدخل عليها الشق الدعائي فكانت كبرى المحلات التجارية في مصر ومع قدوم شهر رمضان، تقوم بطباعة كميات كبيرة من الإمساكيات لتوزعها على زبائنها أو كشكل من أشكال الدعاية لمنتجاتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "أشهر مَن طور الإمساكية في شكلها الحالي، هي محلات داوود عدس التي كانت من أشهر وأكبر متاجر القاهرة في ذلك الوقت، فكانت تطبع كثيراً من الإمساكيات بدءاً من رمضان سنة 1364 هجرية، الموافق لعام 1945 ميلادي، وكانت لا تقتصر فقط على مواقيت الصلاة والإفطار والسحور، وإنما أُدخلت إليها الأذكار والأدعية والرسوم ذات الطابع الإسلامي مثل هلال رمضان والمساجد، وتُعد هي البداية الحقيقية والانطلاقة لمفهوم وشكل الإمساكية الذي استمر وتطور بعد ذلك وظل يعرفه الناس حتى الآن، والمفارقة هنا أن داوود عدس يُعد من أشهر التجار اليهود الذين عاشوا في مصر خلال هذه الفترة، ولكنه كان سبباً رئيساً في تطوير واحدة من أهم مظاهر شهر رمضان عند المصريين".


الصحافة تدخل على خط الإمساكية

وواكبت الصحافة تطور الطباعة وانتشار الصحف اليومية في النصف الأول من القرن العشرين، فلعبت دوراً في تقديم محتوى الإمساكية في شهر رمضان داخل الصحيفة، فيقول عفيفي "خلال أربعينيات القرن العشرين كان للصحف اليومية دور في تقديم الإمساكية، ولكن بشكل غير منفصل عن الجريدة، فبدأت بعض الصحف وقتها مثل، "البلاغ" الوفدية وجريدة "المصري"، بتخصيص باب يُعنى بمواقيت الصلاة ومواعيد الإفطار والإمساك وما يقدمه الراديو في رمضان، فأصبحت الإمساكية هي جزء من الجريدة يطالعها القارئ عند قراءته للصحيفة خلال شهر رمضان لتحذو حذوها صحف عدة بعد ذلك، وتقدم أبواباً متخصصة في شهر رمضان تهتم بموضوعات دينية مرتبطة بالشهر الكريم، ومن بينها الإمساكية وتستمر في ذلك حتى الآن".

وأضاف "للأسف واقع الإمساكية حالياً بمفهومها التقليدي في تدهور، على الرغم من تطور الطباعة والتكنولوجيا، والسبب في ذلك أن التكنولوجيا أصبحت تقوم بدور الإمساكية من خلال التطبيقات المختلفة التي تختص بالتنبيه إلى موعد الإفطار والإمساك، فالغرض نفسه تغيرت طريقة التعبير عنه، فالتجار الذين كانوا يطبعون كميات كبيرة من الإمساكيات أصبحوا يعتمدون على إرسالها إلكترونياً إلى عملائهم، أو وضعها على وسائل التواصل والتطبيقات المختلفة".

المزيد من منوعات