Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرشحة بايدن للمحكمة العليا تدخل التاريخ وتترك خلفها إرثا جدليا

هاجمها الجمهوريون بسبب دفاعها عن متهمين بالإرهاب في معتقل غوانتانامو

بايدن مع القاضية جاكسون بعيد تأكيد ترشيحها للمحكمة العليا (رويترز)

بعد جلسات استماع طاحنة، صادق مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الخميس، على مرشحة الرئيس جو بايدن للمحكمة العليا، القاضية كيتانجي براون جاكسون (51 سنة)، لتصبح أول سيدة من أصول أفريقية تخدم في أعلى محكمة في الولايات المتحدة.

وحظيت جاكسون بأصوات 53 عضواً في مجلس الشيوخ، منهم 3 جمهوريين فقط، في حين رفض 47 عضواً جمهورياً التصويت لصالحها، مما يعكس حدة الاستقطاب السياسي والخلافات العميقة بين الحزبين. ومن المقرر أن تخلف جاكسون القاضي ستيفن براير الذي سيتقاعد هذا الصيف، ولكنها ستبقى في منصبها الحالي كقاضية في محكمة الاستئناف إلى حين تأدية اليمين.

وعلى الرغم من أن الموافقة على ترشيح جاكسون لن يقلب التوازن الأيديولوجي للمحكمة العليا، فإن انتصارها حظي برمزية كبيرة كونها أول امرأة سوداء تشغل هذا المنصب. ومع ذلك، لم ينجُ سجل القاضية المقبلة في المحكمة العليا من نقد الجمهوريين، الذين نبشوا في ماضيها حين كانت محامية عامة، إذ انتقدوا دفاعها عن سجناء متهمين بالإرهاب في سجن "غوانتانامو باي"، واستهجنوا ما وصفوه بـ "أحكام لينة" بحق المدانين بقضايا حيازة مواد إباحية للأطفال.

"مثّلتُ إرهابياً"

ولدت جاكسون في العاصمة واشنطن، وكان والداها يعملان معلمين في المدارس العامة، وانتقلت عائلتها في ما بعد إلى ميامي عندما كانت لا تزال طفلة، حيث عمل والدها محامياً في مجلس مدارس المدينة، في حين عملت والدتها مديرة لمدرسة عامة.

والتحقت القاضية بجامعة هارفارد، حيث تخرجت في عام 1992، ثم عملت لفترة وجيزة في مجلة تايم كمراسلة وباحثة، قبل أن تعود إلى هارفارد لتتخرج من كلية القانون عام 1996، وتبدأ مسيرتها في المجال القانوني كاتبة لدى قضاة فيدراليين فمحامية عامة حتى أصبحت قاضية في محكمة الاستئناف.

وعملت جاكسون محامية دفاع عام من 2005 إلى 2007، وهي الفترة المثيرة للجدل في تاريخها، التي جعلتها في مرمى نيران الجمهوريين، الذين انتقدوا تمثيلها لسجناء متهمين بالإرهاب في معتقل غوانتانامو منهم، طارق محمود أحمد السواح، الذي وصفته الحكومة الأميركية بأنه خبير متفجرات في تنظيم "القاعدة"، قبل إسقاط التهم الموجهة إليه، وتحويله إلى البوسنة والهرسك عام 2016.

وجاء تكليف جاكسون بقضايا معتقلي غوانتانامو بعد قرار المحكمة العليا عام 2004 الذي أقرّ حق المحتجزين في المعتقل الطعن في سجنهم، والحصول على "محامي دفاع عام"، يتولى وفق القانون الأميركي الدفاع عن العملاء الذين لا يستطيعون دفع أتعاب محامٍ خاص.

ولم تطل المدة التي قضتها القاضية في تمثيل سجناء المعتقل الشهير، إلا أنها قالت إن تمثيلها للأفغاني خاي علي غول، كان من بين أهم أعمالها كمحامية. وكانت الوثائق تصف غول بأنه ضابط استخبارات تابع لطالبان، وتعتبره متورطاً في التخطيط لهجوم استهداف قاعدة أميركية في أفغانستان بستة صواريخ، قبل إعادته إلى أفغانستان في عام 2014.

وحين سألها السيناتور توم كوتون، "هل مثلتِ يوماً إرهابياً في غوانتانامو؟" قالت نعم، على رغم أنها لم تستطع تذكر اسم غول. لكن جاكسون أكدت بأنها مثلت غول في الفترة من 2005 إلى 2007، وكتبت له موجزاً يطعن في تصنيفه كمقاتل واحتجازه في غوانتانامو.

وأمام مجلس الشيوخ، أدرجت القاضية قضية غول كواحدة من أهم عشر قضايا تعاملت معها كمحامية، وكانت قد أدرجت القضية مرتين من قبل، عند ترشيحها للعمل كقاضية اتحادية في مقاطعة كولومبيا، ثم قاضية في محكمة الاستئناف الفيدرالية.

وبينما أعرب بعض الجمهوريين، بمن فيهم السناتور ليندسي غراهام عن تقديرهم لوقتها خلال خدمتها محامية دفاع عام، انتقد كوتون القاضية لتمثيلها مشتبهاً فيه بالإرهاب، واتهمها بأن لها مصلحة في "مساعدة الإرهابيين".

ووصف الحزب الجمهوري جاكسون بأنها "ناشطة يسارية متطرفة" وانتقد حماستها في تمثيل معتقلي غوانتانامو، في حين كتبت قائلةً، إنه بموجب "القواعد الأخلاقية التي تنطبق على المحامين، فمن واجب المحامية تمثيل موكليها بحماسة"، بغض النظر عن آرائهم الخاصة، ويشمل ذلك، الأشخاص الذين مثلتهم على رغم اتهامهم بالعمل للقاعدة وطالبان.

وفي خضم هجوم الجمهوريين، انبرى الديمقراطيون للدفاع عنها، وكتب مسؤولون في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما للكونغرس قائلين، "المدافعون المتميزون المستعدون للدفاع عن أكثر الأشخاص المكروهين في المجتمع، من دون تأييد الجريمة، هم أحد أعمدة نظامنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب "أسوشييتد برس"، لم تتم إدانة أي من الأشخاص الذين مثّلتهم جاكسون من قبل اللجان العسكرية التي تم إنشاؤها لمحاكمة المعتقلين، كما أسقطت التهم التي وجهت إلى بعضهم، قبل إطلاق سراحهم.

وأشار زميل سابق لها إلى أن جاكسون لم تذهب إلى غوانتانامو لزيارة عملائها، بخلاف زملائها الآخرين، إذ كان عملها مقتصراً على البحث والكتابة القانونية.

"التساهل" مع المجرمين

وإضافة إلى عمل جاكسون محامية دفاع عام، لاحق الجدل العديد من أحكامها المتعلقة بقضايا استغلال الأطفال في المواد الإباحية خلال جلسات الاستماع أمام الكونغرس، حيث وصف الجمهوريون أحكامها بأنها "متساهلة". في المقابل، قال أنصارها إن سجلها يتوافق مع الطريقة التي يتعامل بها القضاة الفيدراليون الآخرون، المعينون من الديمقراطيين والجمهوريين.

وأظهرت القاضية انفعالاً في مواجهة اتهامات بالتهاون مع "المتحرشين الجنسيين" والتي رددها بعض النواب الجمهوريين لساعات. وقالت "هذا أبعد ما يكون عن الواقع"، مشيرةً إلى أنها "ما زالت تعاني كوابيس حتى اليوم" بسبب هذه الملفات.

وعند المقارنة بين الأحكام التي أصدرتها جاكسون بالأحكام الصادرة عن قضاة آخرين، يبدو واضحاً أن أحكامها ضد المدانين في قضايا استغلال في مواد إباحية أقل من الأحكام التي نصّت عليها اللائحة التوجيهية التي أقرها الكونغرس، ولكن هذا ليس أمراً غير معتاد في هذا النوع من القضايا بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، إذ وجد تقرير نشرته لجنة إصدار الأحكام العام الماضي أن القضاة الفيدراليين في جميع أنحاء البلاد يصدرون عادةً أحكاماً أقل صرامة من الإرشادات الفيدرالية.

وخلال عام 2019، تلقى المدانون بهذه القضايا أحكاماً تختلف عن الإرشادات الفيدرالية في ما يقرب من ثلثي القضايا. وأصدر القضاة أحكاماً بالسجن لمدة لا تقل عن سنتين، أقل من الحد الأدنى للمدة التي دعت إليها الإرشادات. ومع ذلك، فإن متوسط ​​مدة سجن الجناة أكبر مما كان عليه قبل أكثر من عقد.

ودافعت جاكسون عن قراراتها، قائلةً إنها في كل قضية اتبعت ما سمح لها الكونغرس بفعله، وأشارت إلى عدم سنّ الكونغرس إرشادات محدثة للقضاة الفيدراليين بخصوص قضايا استغلال الأطفال في المواد الإباحية، مشيرةً إلى أن الإرشادات الحالية التي "تبدو غير متسقة مع كيفية ارتكاب هذه الجرائم"، الأمر الذي يخلق ما تصفه بـ "تباين شديد" في أحكام هذه القضايا.

تأييد جمهوري متواضع

وأظهرت نتيجة التصويت رفض الجمهوريين لمرشحة بايدن، على رغم انضمام أعضاء جمهوريين مثل سوزان كولينز من ولاية مين وميت رومني من ولاية يوتا وليزا موركوفسكي من ألاسكا إلى الديمقراطيين للتصويت لصالحها.

وعند الإعلان عن دعمهما لجاكسون، أعربت كولينز وموركوفسكي عن قلقهما بشأن ما وصفوه بـ "تسييس" عملية المصادقة على مرشحة المحكمة العليا. وقالت موركوفسكي في بيان إنها ترفض ما وصفته بـ "التسييس المدمر لعملية المراجعة لمرشحي المحكمة العليا، من قبل الجانبين، التي تزداد سوءاً وانفصالاً عن الواقع عاماً بعد عام".

من جانبها، قالت كولينز إنه "كان من الشائع أن يحترم أعضاء مجلس الشيوخ اختيار الرئيس للمرشح، بغض النظر عن الحزب السياسي". وأضافت أن هذا النهج "غرس الثقة في استقلالية ونزاهة القضاء وساعد في إبقاء المحكمة فوق الصراع السياسي"، مؤكدةً أنها ستواصل اتباع هذا النهج في مواجهة "الاتجاه المزعج لتسييس عملية الترشيح القضائي ".

وعلى مدى 232 عاماً من وجودها، لم تضم المحكمة العليا في الولايات المتحدة في صفوفها إلا قاضيين من السود، أحدهما كلارنس توماس وكان عينه الرئيس الأسبق جورج بوش الأب ولا يزال عضواً في المحكمة.

ويعتبر تعيين جاكسون في المحكمة العليا جزءاً من أهداف الرئيس بايدن لتنويع القضاء الفيدرالي من حيث العرق والجنس والخبرة المهنية، حيث كان قد تعهد بترشيح أول امرأة سوداء للمحكمة العليا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير