Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الائتلاف الحكومي في إسرائيل مهدد بالانهيار بعد تلقيه ضربة من الداخل

استقالة مسؤولة بارزة في حزب بينيت تعيد الفوضى إلى الحلبة السياسية ونتنياهو يحتل الميدان مجدداً

متظاهرون يمينيون يرفعون صورة سيلمان خلال احتجاجات في القدس، يوم الأربعاء 6 أبريل الحالي (أ ب)

أعاد القرار المفاجئ لرئيسة الائتلاف الحكومي في إسرائيل، عيديت سيلمان، الانسحاب من منصبها، الأزمة السياسية التي عاشتها إسرائيل على مدى سنتين إلى المربع الأول. وقد تحسم التحركات السريعة التي يقوم بها زعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو والأحزاب الأخرى، مستقبل الحكومة التي يرأسها نفتالي بينيت خلال فترة قصيرة. وأعلنت سيلمان أنها ستشرع بتشكيل حكومة جديدة، فيما عاد نتنياهو إلى الواجهة ليجد في هذه الاستقالة حملة إعلامية داعمة لمواقفه، قد تمهد له الطريق للعودة إلى الحكومة.

خلافات أيديولوجية

أما بشأن الدوافع وراء انسحابها، وهي عضو في حزب "يمينا" الذي يرأسه نفتالي بينيت، فهي "خلافات أيديولوجية" مع أحزاب اليسار في الائتلاف، وتحديداً حزب "ميرتس" ورئيسه، وزير الصحة الحالي نيتسان هوروفيتس. وتتعلق تلك الخلافات الأيديولوجية بقضايا تتطرق إلى علاقة الدين بالدولة. وكانت المسؤولة المستقيلة على علاقة متوترة مع وزراء ونواب حزب "ميرتس" في الائتلاف الحكومي. وبلغ الخلاف ذروته في أعقاب قرار أصدره هوروفيتس أمر فيه المستشفيات في إسرائيل بالسماح للمرضى والزائرين بإدخال طعام غير "كوشر"، أي غير حلال وفق الديانة اليهودية خلال عيد الفصح العبري، الذي يصادف منتصف هذا الشهر.
وعارضت عيديت تعليمات وزير الصحة وطالبته بالتراجع عنها محذرة من أن أفعال هوروفيتس "تجاوزت الخطوط الحمر". كما دعت زعيم حزبها، رئيس الحكومة بينيت إلى طرده.

مزيد من الانسحابات

وفي تعقيبها على إعلان استقالتها من الائتلاف الحكومي قالت عيديت، "لن أساعد في إلحاق الضرر بالهوية اليهودية لدولة إسرائيل وشعب إسرائيل. سأستمر في محاولة إقناع أصدقائي بالعودة إلى الوطن وتشكيل حكومة يمينية. أعلم أنني لست الوحيدة التي تشعر بهذه الطريقة. يمكن تشكيل حكومة أخرى في الكنيست".

واتخذت عيديت قرارها من دون إبلاغ بينيت، الذي علم بقرارها من خلال التقارير الصحافية التي نشرت الخبر، ما اضطره إلى إلغاء كل لقاءاته واجتماعاته ليوم الأربعاء 6 أبريل (نيسان)، ليبدأ التحرك من أجل ضمان الحفاظ على حكومته التي باتت من دون أكثرية، ويدعمها 60 نائباً بالتساوي مع عدد نواب المعارضة، ما يعني عدم قدرة الحكومة على تمرير التشريعات من دون دعم من نواب المعارضة.

وكشف انسحاب سيلمان خلافات داخلية عدة قد تؤدي إلى مزيد من الانسحابات، فالمرشحة للانسحاب المقبل، وزيرة الداخلية إيليت شاكيد، تسود بينها وبين العديد من شركائها في الائتلاف علاقة متوترة. كذلك عضو الكنيست عن حزب "يمينا"، النائب نير أورباخ، الذي اشتبك كثيراً مع شركاء الائتلاف اليساريين.

"ميرتس" يتوجه إلى "القائمة المشتركة"

وجاءت الاستقالة في وقت تواجه الحكومة صعوبات باتخاذ قرارات ذات خلفية أيديولوجية، وذلك بسبب تشكيلتها التي تشمل أعضاء من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. وواجه بينيت وشريكه في الحكومة، يائير لبيد، صعوبات كبيرة من أجل ضمان تشكيل الحكومة، ولم ينجحا سوى بضمان أكثرية تتفوق بنائب واحد على المعارضة (61-60) وهذا بحد ذاته يضع الحكومة، طوال الوقت، أمام خطر التفكك.
ووفق التشكيلة الحالية، فإن القائمة العربية المشتركة (ستة نواب) هي الوحيدة القادرة على الحفاظ على هذه الحكومة في حال دعمها والتصويت لها. ودعا وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، عيساوي فريج، "القائمة المشتركة" إلى الانضمام للحكومة، لكن الموقف الواضح والمعروف لنواب الأحزاب العربية الثلاثة في "القائمة المشتركة" يرفض الدخول في ائتلاف حكومي ولا حتى دعمه. وردت النائبة عايدة سليمان، عن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" برفض الطلب واستهجانه قائلة، "لا تبنوا علينا، قلنا موقفنا منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة، ولم يتغير طوال هذا الوقت، على العكس فالحكومة اتخذت قرارات تجعل الصوت المعارض لها أعلى". وأضافت "كان من الأجدى بمنصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة، تفكيك هذا الائتلاف وليس العمل على تثبيته".

نتنياهو يتحرك

وأمام الأزمة الحكومية الحالية، لم يتأخر نتنياهو كثيراً، فخرج في فيديو يدعو فيه "ناخبي المعسكر الوطني للانضمام إلى عيديت والعودة إلى الوطن"، مضيفاً أنه "سيتم استقبالهم باحترام كامل وبأذرع مفتوحة". وأدلى نتنياهو بموافقه الأخيرة، على الرغم من خلافاته العميقة مع حزب "يمينا"، وسيلمان بشكل خاص، إذ شن حزبه "الليكود" حملة شرسة استمرت لأشهر ضد انضمام "يمينا" إلى الحكومة وحمله مسؤولية إطاحته. وفي حملة "الليكود"، كانت المسؤولة المستقيلة هدفاً رئيساً، حتى وصل الخلاف بين الطرفين إلى ذروته مع إعلان عيديت عن تعرضها للمضايقات بشكل متكرر والاعتداء الجسدي في محطة وقود، بينما ادعى نتنياهو في حينه أنها قد تكون اختلقت قصة الهجوم من أجل تشويه سمعة معارضي الائتلاف الحكومي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وزير الخدمات الدينية يدعوها إلى التراجع

وفور الإعلان عن انسحاب رئيسة الائتلاف، شهدت إسرائيل تحركات سياسية نشطة، قام بأبرزها نتنياهو من جهة، وبينيت من جهة أخرى. أما وزراء حكومة بينيت فعملوا جاهدين على ضمان عدم تفكك الحكومة، حتى وزراء اليمين واليمين المتطرف خرجوا ضد عيديت، ولدعم بينيت، من أجل الحفاظ على الحكومة الحالية.

ودعا وزير الخدمات الدينية، ماتان كهانا، رئيسة الإئتلاف الحكومي إلى التراجع، ودافع عن الحكومة قائلاً إنها "تقوم بأشياء جيدة للشعب، وتم تشكيلها بسبب ضرورة سياسية، لكنني أعتقد أنه من المفيد للغاية أن تستمر في العمل".

أما النائب الأكثر تطرفاً، بتسلئيل سموطرتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية، الذي كان في السابق شريكاً سياسياً لبينيت، وبات اليوم معارضاً للحكومة، فخرج بحملة تضامن ودعم لموقف عيديت واعتبره "خطوة شجاعة". وأعلن استقبال حزبه اليميني المتطرف عيديت قائلاً إن "المعسكر الوطني سيستقبل عيديت بأذرع مفتوحة وفي مكان شرف مخصص للذين أنقذوا شعب إسرائيل، وأدعو أعضاء التحالف، الذين انتُخبوا من قبل اليمين، إلى العودة إلى ديارهم. معاً، سيتم بناء حكومة يهودية وصهيونية وقومية ستفعل الكثير من الخير لدولة إسرائيل".

بينيت يحصن أعضاء حزبه ضد هجوم الليكود

 من جهته، عمل بينيت الذي أمضى يوم الأربعاء، في الاجتماعات مع رؤساء الائتلاف الحكومي، اجتمع في ساعات بعد الظهر مع نواب حزبه "يمينا" في محاولة لرأب الصدع الذي شكله قرار عيديت. ونقل عن مطلع على تحركات حزب "يمينا" أن بينيت، الذي بات رئيس حكومة مع خمسة نواب فقط، يخشى من انسحاب آخرين من حزبه، سواء على خلفية مواقف أيديولوجية معارِضة لقرارات ومواقف تتخذها أحزاب اليسار في الائتلاف الحكومي أو نجاح جهود نتنياهو في سحب أعضاء من "يمينا" وإقناعهم بالانضمام إلى تحالف جديد مع حزب الليكود، لتشكيل حكومة جديدة.

السيناريوهات المتوقعة

من الصعب حقيقة توقع ما قد يحدث للحكومة في أعقاب تماثل عدد نوابها بعدد المعارضة وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات أو تشريعات. وفي ظل الوضعية الحالية، ومع تحركات نتنياهو وسموطرتش بدعم عيديت وغيرهم من اليمين فإن الاحتمال الأكبر هو تشكيل تحالف جديد يتغلب على تحالف بينيت – لبيد، وبالتالي تقديم اقتراح حجب ثقة عن حكومة بينيت يؤدي إلى إسقاطها وإجراء انتخابات أو تشكيل حكومة جديدة.
وعلى الرغم من ضعف الحكومة فإن هذا لا يمنع بقاءها، حيث إن إسقاطها يتطلب 61 نائباً، ما سيضطرها إلى الحذر في تقديمها مشاريع القوانين أو الاقتراحات التي تواجه نقاشات قد تؤدي إلى إسقاطها، لكن تبقى المشكلة الكبرى تمرير الميزانية وهذا بحد ذاته يعيد إسرائيل إلى وضعية الجمود السياسي في عمل الحكومة.
ونُقل عن مسؤولين في وزارة المالية توقعاتهم بالانتقال إلى حالة فوضى مرة أخرى.
وحذر أحدهم من عدم قدرة الحكومة الحالية على سَن قوانين، متوقعاً أن يؤدي ذلك إلى "مساومات من جانب أعضاء كنيست من أجل الحصول على مكاسب والمس بقدرة وزارة المالية على الحفاظ على خزينة الدولة"، مضيفاً أن "الحكومة ستحاول الاستمرار في العمل من أجل تمرير ميزانية العام المقبل، أملاً بالحصول على دعم القائمة المشتركة".

يذكر أن حكومة بينيت – لبيد ولِدت بعد صعوبات كبيرة وجمود سياسي، تخللتها ثلاث جولات انتخابية خلال سنة واحدة (2019-2020) من دون أن تسفر النتائج عن تشكيل حكومة.

المزيد من الشرق الأوسط