تدرس الحكومة البريطانية الآن تأخيراً إضافياً مثيراً للجدل لفرض ضوابط استلزمها بريكست على الواردات من الاتحاد الأوروبي بسبب الانزعاج المتزايد إزاء تفاقم أزمة تكاليف المعيشة.
ومن المقرر أن تدخل الضوابط (التي أُجِّل فرضها بالفعل ثلاث مرات) حيز التنفيذ أخيراً في يوليو (تموز)، لكنها ستضيف ما يقدر بنحو مليار جنيه استرليني (1.31 مليار دولار) إلى تكاليف التجارة، التي انخفضت بالفعل منذ بريكست.
أثيرت كذلك مخاوف من اختيار الموردين في الاتحاد الأوروبي تجنب المملكة المتحدة مع تنامي الكمية الكبيرة من الروتين الإداري المتصل ببريكست، الأمر الذي سيؤدي إلى اختفاء بعض الأغذية من المتاجر ومزيد من الارتفاعات في الأسعار.
والآن علمت "اندبندنت" أن بعض مساعدي بوريس جونسون "متعاطفون" مع فكرة التأخير الإضافي، ومن المتوقع إطلاع رئيس الوزراء على الموضوع في الأيام المقبلة.
وطالب وزير "فرص بريكست"، جاكوب ريس-موغ، بالتخلي عن الضوابط تماماً، وسيطلب من السيد جونسون (في غياب الإجماع في الحكومة) أن يتخذ القرار.
وقال مصدر حكومي: "ينظر الوزراء في هذا الأمر مرة أخرى في ضوء ضغوط تكاليف المعيشة وضغوط سلاسل الإمداد. كذلك غيرت الحرب في أوكرانيا السياق الاقتصادي".
ومن شأن أي تأجيل آخر للضوابط الكاملة أن يشعل اتهامات بأن الحكومة تتهرب من العواقب المترتبة على بريكست غير السلس الذي اختارته، وتفشل في "استعادة السيطرة" على حدودها، وهو أمر وعدت بتنفيذه.
أما الشركات التجارية الأكبر (التي أنفقت مبالغ ضخمة على الإعداد للمعاملات الإضافية) فقد تشعر بالغضب أيضاً من مكافأة الشركات غير الجاهزة فعلياً على فشلها في التصرف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول منتقدون، إن التأخير يمنح أيضاً شركات الاتحاد الأوروبي ميزة تنافسية، فهي ستتمكن من إرسال البضائع إلى المملكة المتحدة من دون البيروقراطية المكلفة التي تواجه المصدرين البريطانيين.
وعُزِي إلى غياب تكافؤ الفرص هذا هبوط بنسبة 16 في المئة في صادرات الأغذية والمشروبات في الفصول الثلاثة الأولى من عام 2021، مقارنة مع عام 2019 (وهو خفض بلغت قيمته 2.7 مليار جنيه)، في حين ارتفعت المبيعات إلى أسواق خارج الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات، يزعم البعض في الحكومة أن "الخطر الأساسي" المتمثل في عدم فرض الضوابط لم يتغير، على الرغم من أن المملكة المتحدة تركت السوق الموحدة والاتحاد الجمركي التابعين للاتحاد الأوروبي.
ومن ناحية أخرى، تتجمع السحب الاقتصادية السوداء الناجمة عن بريكست، ما اضطر حتى وزير المالية، ريشي سوناك، إلى الاعتراف بأن السبب يعود إلى الأداء التجاري البريطاني المخيب للآمال أخيراً.
واستنتج مكتب مسؤولية الميزانية بأن الواردات والصادرات ستنخفض بنسبة 15 في المئة، ما سيؤدي إلى فقدان أربعة في المئة من الإنتاجية.
وكان من المقرر فرض المجموعة الأخيرة من الضوابط على الاستيراد في يوليو، وبدء العمل بشهادات صحة التصدير والصحة النباتية على شحنات المنتجات ذات المنشأ الحيواني والنباتي – وبروز الحاجة إلى دفع أتعاب إلى بيطريين في مقابل توفيرها.
وستُفرَض ضوابط مادية عشوائية عند الوصول، بعيداً من الموانئ، في مواقف للشاحنات في كنت، هي إما قيد الإنشاء أو مخطط لها.
وكتبت هيئة الواردات والجمارك الملكية إلى آلاف عدة من شركات النقل في الاتحاد الأوروبي لمحاولة ضمان جاهزيتها، ووفرت كتيبات معلومات عن القواعد الجديدة بلغات متعددة.
وعلمت "اندبندنت" أن السيد ريس-موغ هو الذي يقود الدعوات إلى تجميد الضوابط أو إلغائها تماماً، بما في ذلك خلال اجتماع هذا الأسبوع للجنة (عمليات) بريطانيا العالمية.
وقال الناطق باسمه: "يقول جاكوب إن هذه تكاليف مفروضة ذاتياً، ولا تتناسب مع المخاطر على الأرض. وفي وقت يتسم بارتفاع معدل التضخم وصعوبات في سلاسل الإمداد، لا ينبغي لنا أن نفرض ضوابط مرهقة من شأنها أن تضيف تكاليف على أنفسنا، على الشركات والمستهلكين".
ويحض السيد ريس-موغ زملاءه من الوزراء على انتظار اختتام الخطط الحكومية الرامية إلى إنشاء "الحدود الأكثر فاعلية في العالم"، التي يتحمل هو المسؤولية عنها الآن.
وستستخدم الاستراتيجية البيانات والتكنولوجيا والعلاقات الموثوق بها، من أجل تيسير التدفقات التجارية بحلول عام 2025، إلا أن بعض التحسينات تستحق قبل ذلك التاريخ.
بيد أن الحكومة تجازف أيضاً بتحد قانوني بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، إذا استمرت في منح معاملة تفضيلية لواردات الاتحاد الأوروبي.
© The Independent