Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوسكار 2022... صفعة سحبت السجادة من تحت الأفلام

ردّ اعتبار للسينما العالمية المهمة وعرض أزياء واستعراض مواقف إيديولوجية

من فيلم "كودا" الفائز بجائزة أفضل فيلم (الخدمة الإعلامية)

وزّعت أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها مساء الاثنين (بتوقيت أميركا) جوائز الدورة الرابعة والتسعين من الـ"أوسكار" التي أقيمت في مسرح دولبي في لوس أنجليس، وهي تخص الأعمال التي عُرضت بين الأول من مارس (آذار) ونهاية  ديسمبر (كانون الأول) 2021. الأفلام المرشحة كثيرة ومتنوعة، ولو إن العناوين التي وصلت إلى النهائيات، لا تقدّم أفضل صورة عن الإنتاج السينمائي في العالم. تختزل هوليوود سينمات العالم بهذه الاحتفالية، مانحة الانطباع الخاطئ بأنها خلاصة السينمات، في حين أن هذه الاختيارات ليست سوى وجهة نظر مجموعة من القائمين على الأكاديمية. في دورة هذا العام، أحصينا مجموعة من 53 فيلماً في كافة الفئات المرشحة التي يبلغ عددها 23 فئة. 

رد اعتبار

حفلة الـ"أوسكار" هي في الأساس أمسية لرد الاعتبار إلى الأفلام الجيدة والممتازة وصنّاعها، لكنها في السنوات الماضية، أضحت منبراً لعرض الأزياء على السجّادة الحمراء واستعراض المواقف الإيديولوجية وتكريس سياسات الهوية من مثل دعم الأقليات العرقية والجنسية أو الفئات المهمشة أو التضامن مع الشعوب التي تمر في محن والتنديد بالحروب. وهذا كله له تأثير كبير في آراء المصوتين. الصوت الذي سيقترعون به شديد التأثر بكلّ ما يحيط بالفيلم من أجواء ليست دائماً فنية وسينمائية. فقبل ساعات من إنعقاد الحفلة الـ94، انتشر خبر مفاده أن الممثّل الأميركي شون بن الذي كان في أوكرانيا لتصوير فيلم وثائقي عن الحرب، طالب مرشحي الـ"أوسكار" بمقاطعة الحفلة، إذا لم يكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جزءاً منها، الأمر الذي أثار موجة سخرية على وسائط التواصل الاجتماعي. فهذه الجائزة كانت غرقت في الكثير من وحول السياسة وتسجيل المواقف في السنوات الماضية، وهي في غنى عن المزيد. إلا أن أكثر ما سيبقى في الذاكرة من حفلة هذا العام هو اللكمة التي وجهها الممثّل ويل سميث (فاز بـ"أوسكار" أفضل ممثّل عن دوره في "الملك ريتشارد" لرينالدو ماركوس غرين) لوجه كريس روك بعدما انزعج الأول من سخرية الثاني من زوجته جادا بينكيت سميث، إذ قال ممازحاً إنه ينتظر أن تنضم إلى الجزء الثاني من فيلم "جي أي جاين"، حيث كانت تلعب ديمي مور دور جندية حليقة الرأس.

ولجأ سميث إلى هذا التصرف بعدما رأى معالم الامتعاض ترتسم على وجه زوجته من نكتة روك في شأن رأسها الحليق الذي هو في الحقيقة نتيجة مرض تعاني منه يتسبب في تساقط الشعر. كثر اعتقدوا في البداية أن الفصل العنيف هذا استمرار للدعابة، والأمر كله متفق عليه مسبقاً، لكن انقطاع الصوت عندما راح سميث يطلب من روك ألا يأتي على ذكر اسم زوجته أكد بأن الحادثة لم تكن مزاحاً. استحوذت الحادثة على اهتمام كبير فانقسم الجمهور كالعادة بين مؤيد لتصرف سميث ومنتقد له، وانتشرت أخبار حول احتمال أن يتم سحب الجائزة منه بعد استنكار الأكاديمية في تغريدة قالت فيها إنها "لا تؤيد أي نوع من أنواع العنف". المؤسف أن حادثة عرضية سحبت السجادة من تحت الأفلام. 

"كودا" أفضل فيلم

هذه الحادثة يجب ألا تنسينا أن "كودا" للمخرجة سيان هيدر فاز بـ"أوسكار" أفضل فيلم، من بين عشرة أفلام رُشِّحت لهذه الجائزة، وذلك خلافاً للتوقعات التي رجّحت كف "قوة الكلب" للنيوزيلاندية جاين كامبيون (ترشح في 12 فئة). هذا الفوز يجعل "كودا" أول فيلم من إنتاج منصّة "آبل تي في بلاس" يفوز بتلك الجائزة، رغم ان "نتفليكس" لطالما سعت لنيلها، وفوتت عليها تلك الفرصة يوم ترشّح لها "روما" للمخرج المكسيكي ألفونسو كوارون، إلا أن الحظ كان حليف "آبل تي في بلاس" منذ أول ترشيح لها. والمستغرب أن الفيلم لم يترشّح لجائزة أفضل مخرج، رغم ترشّحه لأفضل فيلم، لا بل هو أقل الأفلام ترشّحاً (3 ترشيحات) نالها كلها: أفضل فيلم، وأفضل ممثّل في دور ثانوي (تروي كوتسور - أول ممثّل أصم يفوز بهذه الجائزة)، وأفضل سيناريو مقتبس كتبته المخرجة بنفسها. "كودا" هو إعادة للفيلم الفرنسي "العائلة بيلييه" للمخرج إريك لارتيغو الذي خرج في العام 2014 وحقق نجاحاً ضخماً في شبّاك التذاكر، اذ جذب نحو 8 ملايين مشاهد في الصالات ليحتل موقع ثاني أكثر الأفلام تحقيقاً للايرادات في بورصة تلك السنة.

السينما الأميركية التي سبق أن أعادت مئة فيلم فرنسي في أقل تقدير، وجدت في هذا العمل مناسبة لإعادة صوغه ووضعه في سياق اجتماعي أميركي. انطلقت عروض "كودا" في مهرجان ساندانس 2021 الذي عُقد افتراضياً بسبب جائحة كورونا، ثم بدأ عرضه في الصالات في الصيف من العام نفسه بالتزامن مع عرضه على منصّة "آبل تي في بلاس"، ونال عدداً من الآراء الإيجابية، فاعتبره معهد الفيلم الأميركي أحد أهم عشرة أفلام أميركية. تدور الأحداث في بلدة صيادين تقع في ماساتشوستس. روبي (إيميليا جونز)، إبنة السابعة عشرة، هي الوحيدة التي تسمع في عائلة كلّ أفرادها الصم. تقتصر يومياتها على ترجمة كلام والدها ومساعدته وشقيقها على متن قارب الصيد، قبل التوجه إلى المدرسة. ذات يوم تنضم إلى جوقة المدرسة الثانوية، فتكتشف الغناء وتقع في حبّ شريكها مايلز. بدعم من معلّمها المتحمس الذي يشجّعها للتقدم إلى إحدى أرقى مدارس الموسيقى، تجد روبي نفسها ممزقة بين الالتزامات التي تعتقد أنها تدين بها لعائلتها والسعي لتحقيق أحلامها.   

"قوة الكلب" لجاين كامبيون

الجائزة الثانية من حيث الأهمية بعد أفضل فيلم، ذهبت لجاين كامبيون عن فيلمها "قوة الكلب" الذي أسال الكثير من الحبر في الأشهر الماضية، وهو قراءة جديدة للوسترن الأميركي في ضوء المتغيرات. الفيلم إنتاج "نتفليكس" شاهدناه في مهرجان البندقية الأخير حيث فازت كامبيون بجائزة الإخراج. يعتمد الفيلم على الإيقاع البطيء لسرد الأحداث. صناعة الصورة متقنة والشخصيات قاسية وهشّة، والأجواء تعيد إلى الأذهان المخرج الأميركي جون فورد الذي استلهمت منه كامبيون أسلوبه في التأطير، إلا ان الحسّ النسائي في عرض الشخصيات صنع الفارق. تدور الأحداث في أوائل القرن العشرين في ولاية مونتانا في نصّ مقتبس من رواية لتوماس سافاج حول مُزارع جذّاب يُدعى فيل بوربانك (بنديكت كامبرباتش) ينشر الخوف والذعر أينما حلّ. وفيل هذا الذي يتميز بشخصية شديدة السادية يطلق حملة ضد أرملة شابة (كرستن دانست) تزوجت من شقيقه وجاءت للعيش في المزرعة. تقول كامبيون: "وهبتُ نفسي بالكامل لقصّة سافاج الرائعة وتركتها تكتسحني. شعرتُ بالعاشق في شخصية فيل وكذلك بالوحدة الرهيبة في داخله. رأيتُ أهمية كل شخصية من الشخصيات وقوتها وكيف يتم الكشف عن تفاصيل كل منها في النهاية". 

الممثّلة الكبيرة جيسيكا تشاستاين البالغة من العمر ٤٥ عاماً، نالت "أوسكار" أفضل ممثّلة عن دورها في "عينا تامي فاي" للمخرج مايكل شووالتر (نال أيضاً أفضل ماكياج وتصفيف شعر) حيث لعبت دور زوجة المبشّر التلفزيوني جيم باكر المثير للجدل. الفيلم يستعرض العلاقة المضطربة بين الزوجين وكذلك مساندة الزوجة للمثليين. تحدثت تشاستاين في خطاب تسلّمها الجائزة عن انتحار الشباب الذي يضرب المجتمع الأميركي وسبق أن ضرب عائتلها، معترضة على بعض القوانين التمييزية التي أقرت في أميركا والتي تسعى إلى تقسيم المجتمع بحسب تعبيرها، وصرحت أنها في لحظات كهذه تستلهم من الشخصية التي لعبتها للتسلّح بالحب. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحفة ستيفن سبيلبرغ "قصّة الحي الغربي" كانت الخاسر الأكبر في هذه الحفلة ولم تفز الا بجائزة واحدة: أفضل ممثّلة في دور ثانوي لأريانا دوبوز. خاسر آخر كان يستحق التفاتاً أكبر: "أسوأ إنسان في العالم" للمخرج النرويجي جواكيم ترير الذي كان ترشّح في فئة أفضل فيلم أجنبي. الأكاديمية فضّلت عليه "سوقي سيارتي" للياباني روسوكي هاماغوتشي المقتبس من رواية هاروكي موراكامي الذي تربّع على عرش أكثر الأفلام المحببة عند النقّاد بعد عرضه في مسابقة مهرجان "كان" الأخير حيث نال جائزة السيناريو. 

كل الجوائز التقنية ابتلعها فيلم "دون" لدوني فيلنوف وعددها ٥: أفضل ديكور وأفضل تصوير وأفضل إنجاز صوتي وأفضل مؤثرات بصرية وأفضل مونتاج. بالاضافة إلى أفضل موسيقى تصويرية نالها هانز زيمر فاستلمها من مكان تواجده في أمستردام حيث يقدّم سلسلة حفلات ضمن جولة أوروبية. أما بقية الجوائز فجاءت على الشكل الآتي: أفضل سيناريو أصلي لـ"بلفاست"؛ أفضل وثائقي قصير لـ"ملكة كرة السلة"؛ أفضل وثائقي طويل لـ"صيف سول"؛ أفضل أغنية أصلية لـ"لا وقت للموت"؛ أفضل فيلم تحريك طويل لـ"إنكانتو"؛ أفضل ملابس لـ"كرويللا"؛ أفضل فيلم قصير لـ"الوداع الطويل". 

اقرأ المزيد

المزيد من سينما