Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريحات لرئيس "المركزي الأميركي"... تثير اهتمام الأسواق العالمية

تأتي مع اشتعال الحروب التجارية والاتجاه إلى تعديل سياسة التيسير النقدي


رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول (أ.ف.ب.)

أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، اهتمامات الأسواق العالمية، بخاصة وأنها جاءت في وقت يشهد فيه العالم العديد من الأزمات والحروب التجارية وعدد كبير من التوقعات السلبية الصادمة بخصوص مستقبل الحروب التجارية ومعدلات النمو الاقتصادي ودورات التيسير النقدي.

وفتح جيروم باول الباب أمام إمكانية خفض معدلات الفائدة الأميركية، بعد أن صرّح بأن الفيدرالي مستعد للتصرف بشكل مناسب من أجل الحفاظ على النمو الاقتصادي. وأوضح أن البنك المركزي الأميركي يراقب عن كثب أثر التصعيد التجاري على الاقتصاد.

وعززت هذه التصريحات مكاسب الأسهم الأميركية، ليربح "داو جونز" أكثر من 510 نقاط بنهاية تعاملات الجلسات الماضية مع ارتفاع أسهم قطاعي التكنولوجيا والبنوك.

كما استفادت الأسهم الأوروبية من مكاسب "وول ستريت" لتغلق جلسة اليوم على ارتفاع بدعم قطاع السيارات الذي ارتفع بنحو 3.2%. أما الأسهم اليابانية فقد استقرت بنهاية تعاملات اليوم مع قوة الين.

مخاوف النمو الاقتصادي العالمي

"ما يحدث للاقتصاد الأميركي سيحدد ما إذا كانت الموجة البيعية الأخيرة في الأسواق العالمية مدفوعة بمخاوف النمو الاقتصادي العالمي سوف تمتد إلى حركة تصحيحية ملحوظة"، كانت هذه هي بداية مقال تحليلي لخبير الاقتصاد العالمي محمد العريان، الذي يرصد فيه المخاطر المقبلة من الاقتصاد الأميركي، والتي بالفعل ستؤثر بشكل سلبي على كافة أسواق واقتصادات العالم.

المقال الذي نشرته وكالة "بلومبرغ أوبينيون" الأميركية، أشار فيه "العريان" إلى أن قوة الاقتصاد الأميركي سوف تقرر ما إذا كان العالم سوف يستمر في التباين بين الدول المتقدمة التي تحدّ من تقلبات السوق أم سيشهد ضعفا اقتصاديا متفاقما في أماكن أخرى، والذي يتحول بعد ذلك إلى تباطؤ اقتصادي عالمي يأتي على كافة اقتصاديات دول العالم، المتقدمة منها قبل الناشئة.

ولأغراض هذه المناقشة، فإن الاقتصاد الأميركي يختلف عن الدول المتقدمة الأخرى بطريقتين هامتين، الأولى وبخاصة عند المقارنة مع أوروبا، حيث أن النمو الاقتصادي ارتفع خلال الربع الأول من العام الحالي متجاوزاً 3% على أساس سنوي.

أما الثانية فتتمثل في أنه بعد القدرة على زيادة معدل الفائدة 9 مرات منذ أواخر العام 2015، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي بخلاف المركزي الأوروبي وبنك اليابان، وفّر مجالا إضافيا لخفض معدلات الفائدة في حالة ضعف الاقتصاد.

توقعات بركود اقتصادي

وتعتبر هذه الحقائق بمثابة حائط صدّ أمام التهديد المتمثل في تباطؤ متزامن وطويل الأمد في النمو الاقتصادي العالمي، وفقدان الزخم العالمي المتزامن، والأهم من ذلك المعزز ذاتياً، يدفع بعض الدول للدخول في مرحلة ركود اقتصادي ما يشعل مخاوف الديون في بعض الاقتصاديات المتقدمة والناشئة ويغذي عدم استقرار إضافي في السوق من خلال انخفاض مفاجئ بالسيولة.

وذكر "العريان" أنه مع الأداء الأفضل للاقتصاد الأميركي، فإن المحرك الأكبر للنمو الاقتصادي العالمي لا يزال في حالة نشاط، كما يمكن للمدخرين في النهاية تأمين دخل مقبول من الفائدة.

ومع الأخذ في الاعتبار رغبة وقدرة بنك الاحتياطي حيال الاستجابة لضعف السوق عبر خفض معدلات الفائدة، فإن المستثمرين كانوا أكثر ثقة بشأن وجود أرضية لأي هبوط لقيم الأسهم.

وما إذا كان هذا الأمر مستمراً- إضافة إلى ظهور الشكوك أخيرا مع موجة بيعية بالأسهم وتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية، كلاهما فاقم ألم التداولات في الأسواق- فإن الأمر يعتمد على قدرة الولايات المتحدة على تجنب كلٍ من أخطاء السياسة وخطر السوق المحلي، حيث أن أيهما قد يعيق النمو الاقتصادي.

وإذا حدث خلاف ذلك فإن من شأن انضمام الولايات المتحدة لصفوف الاقتصاديات المتباطئة أن يتسبب في ميل بالاتجاه الهابط، وهو الأمر الأكثر خطورة بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي.

سياسات "إفقار الجار"

وفي وقت يشهد استقطابا سياسيا ونزعة قومية أكبر فضلاً عن الدعم القليل لنهج التعاونية الثنائية أو متعددة الأطراف لحل النزاع، فإن من شأن هذا أيضاً أن يزيد من سياسات "إفقار الجار".

ويلوح في أذهان المستثمرين هذه الأيام خطآن محتملان في السياسة الاقتصادية، والمتمثلان في حرب تجارية شاملة وتشديد البنك المركزي الأميركي للقاعدة النقدية بشكل غير ضروري.

وكان تهديد الإدارة الأميركية في الأسبوع الماضي بشأن فرض تعريفات جمركية على المكسيك، بمثابة دعوة لإيقاظ الأسواق.

ويأتي ذلك علاوة على التوترات المستمرة مع الصين، حيث أن المرحلة الأخيرة تضمنت تصعيداً جديداً من التعريفات وغيرها من القيود التجارية.

والأهم من ذلك، أنه جاء كذلك بعد أن بدأت المكسيك عملية الموافقة البرلمانية على الصفقة التجارية "يو.إس.إم.سي.إيه"، والتي تم التوصل لها مع كندا والولايات المتحدة، وتعرف باسم "النافتا الجديدة".

تهديدات البيت الأبيض

ولم يكن تهديد البيت الأبيض بسبب قضايا اقتصادية، ولكن بفعل الخلافات السياسية مع الحكومة المكسيكية بشأن مسألة تدفق المهاجرين.

والنتيجة هي شعور أكبر بكثير من عدم القدرة على التنبؤ بشأن سلوك السياسة التجارية للولايات المتحدة، حيث تم استخدام أداة اقتصادية كسلاح، ومن المحتمل أن يثير الشكوك في أذهان الشركاء التجاريين الآخرين (بما في ذلك الصين وأوروبا) فيما يتعلق بقوة الصفقات التجارية التي تم التوصل لها أو متابعتها مع الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذا استمر هذا الأمر، فمن شأنه إثارة شكوك جادة بشأن قدرة الاقتصاد العالمي على التغلب على المرحلة الحالية من الاحتكاك التجاري دون توجيه ضربة كبيرة للنمو الاقتصادي والتجارة والاستقرار المالي.

كما تثير احتمالية وجود خطأ في السياسة النقدية للفيدرالي مزيدا من القضايا المعقدة بما في ذلك المقايضة الصعبة.

ومن الواضح الآن أن اتجاه البنك المركزي الأميركي نحو رفع معدلات الفائدة خلال العام الماضي- والمرة الرابعة في ديسمبر (كانون الأول) على وجه التحديد، والتي كانت مصحوبة بتكرار نهج الخفض التلقائي للميزانية العمومية- كان مبالغاً فيه.

تحول كبير في سياسات "المركزي الأميركي"

ومع تشديد الظروف المالية بما يفوق توقعات الفيدرالي، وفي ظل الضعف في بقية العالم بشكل ملحوظ، فإن البنك المركزي الأميركي أجبر على اتّباع تحول كبير في الربع الأول من العام الحالي.

وراجع الفيدرالي توقعاته بشأن السياسية النقدية من خلال أمرين هامين: من مسار الخفض التلقائي لميزانيته العمومية إلى وقف البرنامج في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن الإشارة لتنفيذ زيادتين للفائدة في عام 2019 إلى لا زيادات نهائياً.

وتقوم الأسواق في الوقت الحالي بتسعير نهج حذر للغاية في سياسات الفيدرالي، بما في ذلك خفض متعدد لمعدلات الفائدة هذا العام والعام المقبل.

وإذا رفض الفيدرالي تأكيد هذا الأمر سريعاً عن طريق تغيير توقعات السياسة مرة أخرى، فربما تعتبر الأسواق ذلك بمثابة خطأ في السياسة.

ومن شأن الموجة البيعية الناجمة داخل الأسهم وسندات الشركات أن تؤدي إلى تشديد الظروف المالية وتهدد كلاً من الاستثمار والاستهلاك.

لكن إذا كان الفيدرالي الأميركي سيواصل مسيرته ويستسلم مرة أخرى للضغوط من الأسواق، فمن شأن هذا أن يغذي تصور البنك المركزي المتقلب الذي يفتقر للدعامة الاستراتيجية المناسبة.

وكذلك، فإن فعالية آلية نقل السياسة النقدية للاقتصاد بعيدة عن التأكيد، ما يثير الشكوك حول المدى الذي من شأنه أن يؤدي بالفيدرالي، الذي ينتهج السياسة النقدية التيسيرية، إلى تعزيز النمو الاقتصادي.

تهديدات خاصة بالمستثمرين

كل ذلك يقودنا نحو ثلاثة طرق قد يُشكل من خلالها المتداولون والمستثمرون أنفسهم تهديداً مادياً بالنسبة إلى الاقتصاد:

الأولى: يمكن أن يؤدي الضغط المتزايد من أجل تخفيف السياسة النقدية المتشددة إلى وضع بنك الفيدرالي الأميركي في موقف خاسر في كل الأحوال يقوّض مصداقية وفعالية مؤسسة ذات أهمية مركزية للرفاهية الاقتصادية والاستقرار المالي.

الثانية: استعدادهم لضمان الكثير من مخاطر السيولة في السنوات القليلة الماضية وتضمينها هيكلياً في النظام عبر انتشار صناديق الاستثمار المتداولة وغيرها من الأدوات يزيد من خطر عدم الاستقرار المالي الداخلي المتزايد الذي يمكن أن ينتقل مجدداً للاقتصاد.

الثالثة: تعرضهم المتزايد لسوء فهم ما يعني أن منحنى العائد المنعكس في أسواق الدخل الثابت عالمياً يزيد من خطر حدوث دورة ذاتية من عدم الاستقرار في السوق واضطرابات اقتصادية.

بيانات أميركية قوية

وكانت بيانات تم نشرها الأسبوع الماضي حول الدخل والإنفاق الشخصي وكذلك ثقة المستهلك بمثابة تذكير- في الأقل حتى الآن- بأن الاقتصاد الأميركي مستمر في الأداء بشكل جيد حتى رغم مواجهة بقية العالم لظروف اقتصادية أكثر صعوبة.

وتدعم البيانات استمرار الأداء المتباين بين الدول المتقدمة بدلاً من التباطؤ المتزامن، لكن النهاية أبعد ما تكون عن الوضوح.

وتعد مخاطر حدوث أخطاء في السياسة الاقتصادية ومخاطر السوق آخذة في الارتفاع، كما أن التهديد الأكبر على الإطلاق قد يكون تهديد السوق الذي لا يعتمد بدرجة كبيرة على السيولة المتوفرة فحسب، ولكنه يشعر كذلك بالحق في طلب ظروف مالية فضفاضة أكثر بغضّ النظر عن الواقع الاقتصادي المحلي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد