الأميرة هيا تطوي ملف النزاع مع حاكم دبي

أعلنت الأميرة هيا بنت الحسين، الأخت غير الشقيقة للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، طي صفحة الخلاف مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بعد نزاع قضائي طويل في لندن حول حضانة ولديها زايد والجليلة، من دون التطرق إلى التفاصيل.

وقالت الأميرة هيا إن الإجراءات القضائية الطويلة انتهت، وشكرت، في بيان صدر عنها باللغة الإنجليزية، الملك عبدالله الثاني وشقيقها الأمير علي بن الحسين، لتضامنهما معها، كما عبّرت عن امتنانها لوقفة الشعب الأردني، وتقدّمت بالشكر للموظفين في محكمة شؤون الأسرة، الذين منحوها وأطفالها شعور الأمان. وقالت: "كلنا امتنان للذكريات الطيبة، وأعتبر دبي بلدي وموطن أبنائي وسأستمر بتربيتهم على أساس احترام قيم وتقاليد بلديهما كطفلين متعلمين وصادقين ولطيفين ينحدران من عائلة ملكية".

نزاع الأميرة والحاكم

وطالبت الأميرة هيا، خلال النزاع القضائي، بالحماية من الزواج القسري ووصاية طفليها، بينما طالب حاكم دبي باستعادة الطفلين إلى دبي. وقبلت المحكمة الدعاوى بعد وصول الأميرة هيا إلى لندن، حيث تقيم في منزلها، البالغة قيمته نحو مئة مليون دولار، بالقرب من قصر كينسنغتون.

وقال متحدث باسم الشيخ محمد بن راشد، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إنه يواصل رفض الاتهامات، التي وجهت إليه، ويأمل في الإيضاح أنه "يحب طفليه، ويعتز بحبهما له، كما أنه كان دوماً يوفر لهما الرعاية، وكل ما يحتاجانه، وسيستمر في فعل ذلك".

وفي حكمه النهائي، قال القاضي آندرو ماكفرلين، إن الشيخ محمد بن راشد أحب طفليه، وإنهما بادلاه حباً بحب.

وسابقاً، أصدر طرفا القضية بياناً أوضحا فيه أن الدعوى التي تنظر فيها محكمة الأسرة في المحكمة العليا في لندن تتعلق أساساً بحضانة الأطفال. وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية قد ذكرت في 1 يوليو (تموز) 2019، أن معركة قضائية اندلعت في لندن بين حاكم دبي والأميرة هيا على خلفية هروبها من الإمارات إلى لندن. 

وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، رد الشيخ محمد بن راشد على حكم محكمة الأسرة بالمحكمة العليا البريطانية حول قرصنة هاتف الأميرة هيا وذلك مع نشر أحكام القضية علانية بأمر من القاضي ماكفرلين.

وقال الشيخ محمد بن راشد، في بيان: "لطالما نفيت المزاعم الموجهة ضدي، وما زلت أفعل ذلك. هذه الأمور تتعلق بعمليات مفترضة لأمن الدولة. وبصفتي رئيس حكومة مشارك في إجراءات عائلية خاصة، لم يكن من المناسب لي تقديم أدلة على مثل هذه الأمور الحساسة، سواء شخصياً أو من خلال مستشاري، في محكمة أجنبية"، بحسبما ذكرت شبكة "سي أن أن".

وأضاف: "لا طرف لإمارة دبي أو دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه الإجراءات، ولم تشاركا في الجلسة. وبالتالي فإن النتائج تستند حتماً إلى صورة غير مكتملة". وتابع بالقول: "إضافة إلى ذلك، استندت النتائج إلى أدلة لم يتم الكشف عنها لي أو لمستشاري. لذلك أصر على أنها صدرت بطريقة غير عادلة".

واختتم الشيخ محمد بن راشد بيانه بدعوة وسائل الإعلام إلى أن "تحترم خصوصية أطفالنا، ولا تتدخل في حياتهم في المملكة المتحدة".

ووكل الطرفان اثنين من كبار المحامين في بريطانيا ممن تولوا قضايا المشاهير من قبل أمام المحاكم البريطانية، إذ يتضمن فريق الأميرة هيا المحامية الشهيرة فيونا شاكلتون، والبارونة شاكلتون، من مجموعة "باين هيكس بيتش للمحاماة"، التي تولت قضايا مشاهير، من بينهم أشخاص من العائلة المالكة البريطانية. بينما ضم فريق الشيخ محمد بن راشد القانوني المحامية الشهيرة هيلين وارد، من شركة المحاماة "ستيوارتس" الشهيرة، التي تولت أيضاً قضايا لمشاهير.

الأردن يتجاهل 

وكانت وسائل الإعلام الأردنية الرسمية تجاهلت البيان الصادر عن الأميرة هيا تماماً، بينما نشرته بعض المواقع الإخبارية قبل أن تحذفه لاحقاً، ما يؤكد أن هذه القضية لم تؤثر مطلقاً في متانة العلاقات الثنائية بين عمان وأبو ظبي.

ففي فبراير (شباط) الماضي، أجرى العاهل الأردني زيارة رسمية إلى الإمارات، ترافقه قرينته الملكة رانيا العبد الله. وقال الملك عبد الله الثاني خلالها، إن أمن الإمارات من أمن بلاده، مؤكداً إدانته "الاعتداءات الحوثية" عليها، وأعرب عن تضامن المملكة ووقوفها مع الإمارات في وجه كل ما يهدد أمنها واستقرارها.

وفي أغسطس (آب) 2020، ثار جدل كبير بعد نشر الأمير علي بن الحسين، شقيق الأميرة هيا، تغريدة قاسية ومسيئة للإمارات حول اتفاق سلام مع إسرائيل، حُذفت لاحقاً، وتسببت في إحراج العاهل الأردني الذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع أبو ظبي. وفي حينه، فضل الأردن الصمت إعلامياً وسياسياً حيال اتفاق السلام الإماراتي- الإسرائيلي، باستثناء موقف يتيم عبر عنه وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي ربط نتائج الاتفاق بتصرفات إسرائيل، بينما خلا الإعلام الرسمي من أي إشارة أو مقال يوضح موقف الأردن.

ورأى مراقبون أن تغريدة الأمير علي جاءت في سياق معركة الطلاق المريرة التي خاضتها شقيقته الأميرة هيا، من زوجها السابق الشيخ محمد بن راشد، وأن ثمة أطرافاً تحاول زعزعة العلاقات الأردنية- الإماراتية الجيدة، واستثمار أي خلافات مستقبلية.

مَن الأميرة هيا؟

ولدت الأميرة هيا بنت الحسين في عمان، عام 1974 للملك الحسين بن طلال وزوجته الراحلة الملكة علياء، التي توفيت في حادث سقوط طائرة مروحية عام 1977، في وقت لم تتجاوز الأميرة هيا عامها الثالث. وهي الأخت غير الشقيقة للملك عبد الله الثاني، وشقيقة الأمير علي بن الحسين.

تزوجت الأميرة هيا من الشيخ محمد بن راشد من 2004 إلى 2019. وأنهت الأميرة هيا تعليمها الابتدائي في الأردن والتحقت بمدارس بادمنتون وبرينستون في إنجلترا، حيث اجتازت البرنامج الأكاديمي البريطاني للثانوية العامة، وتخرجت لاحقاً في كلية سانت هيلدا من جامعة أكسفورد، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في السياسة والفلسفة والاقتصاد.

عام 2000، نافست الأميرة هيا في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني، وفي 2002 شاركت في بطولة العالم للقفز عن الحواجز في إسبانيا. وانتُخبت رئيسة للاتحاد الدولي للفروسية عام 2006.