Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاناة الأوكرانيين الذين لم يرحلوا مع عائلاتهم ليحاربوا روسيا

سبق أن نقلنا قصة ساشا بوبنوفسكا، التي هربت من أوكرانيا مع ابنتيها بعد مرور أيام عصيبة، لكن اليوم، يتحدث ديفيد كوهين إلى الزوج الذي تركته وراءها

شهر على الحرب في أوكرانيا: دمار وعائلات مقطعة الأوصال (غيتي)

قال ديما بوبنوفسكا، "أحسست فجأة بالوحدة الشديدة"، وهو يتذكر لحظة تمزق فؤاده وهو ينظر إلى زوجته ساشا وابنتيهما صوفيا "ست سنوات" وميا "سنتان"، يسرن باتجاه الحدود البولندية، في مشهد تلاشى عند الأفق.

 كان ما زال أمامهن كيلومترات عدة قبل أن يصلن إلى بر الأمان، لكنه انعطف بسيارته عائداً صوب الخطر. وذكر، "كل غرائزي كوالد كانت [تدفعني] إلى الذهاب معهن، غير أن الأحكام العرفية فرضت خلاف ذلك".

 وأضاف، "لقد قضينا هذا الأسبوع العارم معاً، نهرب من القذائف، ونفترش الأرض في بيوت آمنة، بعدما اختبأنا قبل ذلك طيلة أيام ثمانية في قبو بيتنا في مدينة إربين التي تتعرض للقصف منذ اليوم الأول. والآن، ها قد أجبرنا على أن يودع بعضنا بعضاً".

وتابع ديما، "من الصعب أن أعبر عن مشاعري بالكلمات، لكنني شعرت كمن أخذ منه كل الأشياء المهمة في حياته. قلت لفتاتيَّ كلتيهما إنني أحبهما، وبأن الوقت لن يطول قبل أن يلتئم شملنا من جديد، إلا أنني شعرت في داخلي بالخواء. خشيت أنني قد لا أراهما من جديد على الإطلاق، مع أنني كنت أحاول التشبث بالأمل بكل ما أوتيت من عزم".

لم يستطع ديما، البالغ من العمر 29 سنة، الذي يحمل شهادة جامعية في علوم الكمبيوتر، المجازفة بالعودة إلى إربين، فقاد سيارته إلى تروسكافيتس، وهي بلدة تبعد 90 كلم عن الحدود في غرب أوكرانيا، حيث استضافته والدة صديق له "80 سنة"، في غرفة شاغرة لديها، وهو ما زال يقيم فيها حالياً.

على غرار جميع الشباب الأوكرانيين، من المحتمل أن يستدعى ديما إلى التجنيد الفوري في الجيش، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن.

وقال، "أعترف بأن فكرة القتال في الخطوط الأمامية مخيفة للغاية. بالطبع، يمكنني أن أحمل سلاحاً وأذهب للقتال وأموت، إلا أنني أشعر بالقلق بشأن مستقبل عائلتي. ثمة العديد من الشباب الذين يريدون حقاً أن يحاربوا الروس، وليس هناك ما يكفي من السلاح لكل منهم. وفي غضون ذلك، أشعر أنني أستطيع أن أفيد بلدي أكثر من خلال المساهمة في النشاط الاقتصادي. حتى أن حكومتنا طلبت من أولئك القادرين على العمل المواظبة عليه لندعم اقتصادنا وندفع الضرائب. وبالتالي، ثمة العديد من الرجال في غرب أوكرانيا يعملون حالياً مثلي تماماً".

بيد أن ديما، الخبير في مجال تكنولوجيا المعلومات، يجد صعوبة في التركيز على العمل. واعترف قائلاً، "أفتقد حقاً زوجتي والطفلتين، وأبذل جهداً جباراً للتركيز. تلقيت مكالمة الليلة الماضية من ساشا التي أخبرتني بأن ميا كانت تبكي كثيراً لأنها مشتاقة إليَّ كثيراً ولا تفهم لماذا لا يمكنني أن أنضم إليهن. لقد فطر ذلك قلبي".

علاوة على ذلك، يشعر ديما بالقلق أيضاً على بيتهم والحيوانات الأليفة التي خلفوها وراءهم.

وأردف، "آخر ما سمعته قبل نحو ستة أيام هو أن والد ساشا هرب من إربين وذهب للعيش في وسط أوكرانيا. في ذلك الوقت، كان هناك بيتان في شارعنا قد أصيبا [بقذائف]. لدينا كلب لابرادور أسود اسمه كلود، وقطة تدعى لوليتا، ولم نستطع إحضارهما معنا لأنه لم يكن هناك حيز كاف في السيارة، لكن والد ساشا قد ترك المفاتيح مع أحد الجيران وآمل أنه استطاع أن يقدم لهما الطعام. نحن نحرص جداً على بيتنا ونحافظ على مظهره، ولا نعرف ما إذا كان بيتنا الجميل لا يزال قائماً وما إذا كان الحيوانان الأليفان النفيسان اللذان تركناهما، كلود ولوليتا، حيين أو ميتين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والدا ديما مطلقان لكنهما يعيشان في أوديسا، شأنهما شأن جديه، وهم باقون فيها حتى اللحظة الراهنة. يبدو غرب أوكرانيا إلى الآن آمناً نسبياً على حد تعبيره، مع أن صافرات الإنذار التي تحذر من الغارات الجوية تنطلق "نحو أربع مرات في اليوم".

بالكاد خرج ديما من المنزل منذ وصوله إلى تروسكافيتس، ما عدا ذهابه إلى المتجر مرة يتيمة لكي يخزن ما يكفي من الطعام.

 

 

ولفت إلى أن أصدقاء له قرأوا المقال الذي نشرناه، ووزعوه على نطاق واسع، وأعرب عن امتنانه لنشره لأنه كان طريقة لإبلاغ الآخرين بما حصل لهم وإيضاح أنهم كانوا في أمان.

 أخبرت ديما كيف التقيت ساشا مع ابنتيه الشجاعتين بعدما تركهن بساعات قليلة فقط. كن يأخذن قسطاً من الراحة بعيداً من البرد القارس في خيمة مخصصة للأم والطفل يشرف عليها الصليب الأحمر وجمعية كاريتاس الخيرية في معبر كروسينكو الحدودي.

 وقلت أيضاً إننا قد بدأنا، إلى جانب شقيقتنا صحيفة "إيفنينغ ستاندارد"، نداء "مرحباً باللاجئين" من أجل جمع تبرعات لنداء أوكرانيا الإنساني لـ"لجنة طوارئ الكوارث"، الذي يدعم 13 جمعية إغاثة بريطانية، بما في ذلك الصليب الأحمر، وقد جمعنا حتى الآن ما يزيد على 300 ألف جنيه استرليني.

 وقد سره أن ينقل أن ساشا كانت آمنة وتحاول أن تتعود مع البنتين على نوع من أنواع الروتين، بعدما سافرت عبر كراكوف إلى كوبلنتز في ألمانيا حيث عثرت على مكان للإقامة عن طريق أقرباء.

 واعتبر ديما أن "الغرب كان، خصوصاً البولنديين والألمان، سخياً معنا بشكل مدهش... وسنكون ممتنين لهم إلى الأبد".

 لا يزال ديما يتذكر الصدمة التي شعروا بها جميعاً في اليوم الذي بدأت فيه الحرب. وأوضح أنه "كان يوم عيد ميلاد آناستازيا شقيقة ساشا التاسع عشر، وكنا قد أعددنا لها كعكة جميلة. اضطررنا إلى قطع الكعكة على أرض الملجأ، وكان بوسعك أن تسمع القنابل والقذائف تتساقط. كانت تلك طريقة مرعبة ومحزنة لبدء عامها العشرين".

 وأضاف، "مر 21 يوماً فقط على بدء الحرب ومعنوياتنا عالية فيما معنويات الجنود الروس في الحضيض، ولذا فنحن نعتقد أنه ستكون هناك مفاوضات ناجحة خلال الشهرين المقبلين لإنهاء الحرب".

 وأردف، "في هذه الأثناء، أتأمل في الكارثة التي يعيشها الناس العالقون في ماريوبول حيث لقي 2500 شخص حتفهم، وهذا يساعدني على وضع حالتي الشخصية في نصابها الصحيح. أشعر أن عائلتي بعيدة جداً، لكنها، في الأقل، في أمان. ونحن نتحدث عبر تقنية الفيديو كل يوم. مع أنني لا أستطيع الانتظار للقائهم من جديد وعلى الأريكة نفسها. أشعر بعزلة لا تحتمل من دونهم".

 لكن مع ذلك. لقد مررنا بهذه التجربة من قبل. وعلينا أن نعتقد، بصرف النظر عن مدى حدة الوضع الدولي حالياً بشأن أوكرانيا، بأنه ليس لدينا حقاً مجانين يمسكون بزمام المسؤولية ممن سينسفوننا، ويحكمون على أنفسهم وعلينا بالهلاك في الجحيم.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات