Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يعزز اكتشافاته من الغاز إثر القطيعة مع الجزائر

تأكيد وجود احتياطات بعد تشكيك عديد من الخبراء الأوروبيين في إمكانية العثور على مخزون

يكثف المغرب خلال السنوات الأخيرة تعاونه مع الشركات البريطانية في التنقيب عن الغاز (رويترز)

وقع المكتب المغربي للهيدروكاربورات، اتفاقية مع شركة "ساوند إنرجي" البريطانية المتخصصة في التنقيب عن الغاز والنفط، لربط حقل تندرارة بالخط المغاربي- الأوروبي المملوك للمكتب منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، الذي كان ينقل الغاز الجزائري إلى أوروبا عبر المغرب، إلى أن قررت الجزائر توقيف الإمدادات في أكتوبر (تشرين الأول) 2021،  إثر القطيعة مع الرباط، الأمر الذي حرم المملكة من 600 مليون مكعب من الغاز سنوياً كانت تعتمد عليها لتغطية حاجياتها.

ويكثف المغرب خلال السنوات الأخيرة تعاونه مع الشركات البريطانية في التنقيب عن الغاز، حيث أكدت معطيات الاستكشاف وجود احتياطيات مهمة من الغاز في بعض مناطق المملكة، وذلك في وقت يعتزم فيه المغرب الوصول إلى اكتفاء ذاتي في المجال الطاقي.

البحث عن بديل

أسهم إعلان الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب، في الزيادة من وتيرة بحث الرباط عن بديل للغاز الجزائري، بخاصة بعد قرار الجزائر وقف إمداد الخط المغاربي الذي يمر من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب.

وبعد تشكيك عديد من الخبراء الأوروبيين في إمكانية عثور المملكة على مخزون من الغاز، أعلنت شركة "أوروبا أويل اند غاز" المدرجة في بورصة لندن صيف عام 2021 عن اكتشاف احتياطي هائل من الغاز في ساحل مدينة أغادير جنوب البلاد، يضم أكثر من ملياري برميل من المكافئ النفطي، في مساحة تقدر بـ11,228 كلم مربع.

وفي 10 يناير (كانون الثاني) 2022، أعلنت شركة "شاريوت" البريطانية أن أعمال الاستكشاف والتقييم لبئر 'أنشوا-2' الواقع في ساحل مدينة العرائش في الشمال المغربي (المشروع الذي تملك فيه الشركة البريطانية حصة 75 في المئة، والدولة المغربية نسبة 25 بالمئة )، أظهرت زيادة كبيرة في توقعات حجم احتياطيات الغاز في المغرب، حيث توقعت الشركة أن تفوق تريليون قدم مكعب، تشمل 361 ملياراً من الموارد المؤكدة، و690 ملياراً من الموارد المحتملة.

وكان التقييم الأولي لمعطيات البئر أشارت إلى وجود تراكم للغاز بسمك إجمالي صافي قدره 100 متر، موزع على 6 مناطق، يتراوح سمكها بين 8 و30 متراً لكل منها، وبعد أيام من ذلك، أعلنت شركة "بردياتر أويل أند غاز" البريطانية عن مؤشرات لوجود احتياطي غاز طبيعي في منطقة جرسيف شمال شرقي المملكة، تبلغ 295 مليار متر مكعب، وذلك إثر إنجازها لتقرير تقني في أماكن التنقيب التي تضم أربعة آبار في مساحة تبلغ 7 آلاف متر مربع.

سياقات

في المقابل، ينتظر أن يُشرع في عملية استغلال حقل تندرارة شرق البلاد خلال العام الجاري، وتشير التوقعات إلى احتمال وصول الإنتاج في الحقل ذروته عام 2026، بما يُقدر بـ151 ألف برميل يومياً من النفط الخام والمكثفات، إضافة إلى 50 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعي، مع احتمال استمرار إنتاج الحقل حتى عام 2067.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه يوضح الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية أولاد ملود، أن اتفاق ربط حقل تندرارة بخط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي دلالات كبيرة في مجال التعاون الطاقي بين المغرب و بريطانيا، موضحاً أن للأمر سياقات إقليمية بالنظر إلى تبعات إيقاف الجزائر مد الأنبوب المغاربي- الأوروبي، القرار الذي خلف أزمة طاقية كبيرة، بخاصة الإمداد بالغاز عند الأوروبيين من جهة، ومن جهة أخرى اتجهت الجزائر للبحث عن بديل مع الشركاء الأوروبيين أنفسهم. ويضيف الباحث أن السياق الدولي المتعلق بتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا أثّر في مستوى تصدير الغاز، بالتالي تتجه عديد من الدول للبحث عن  شركاء لسد النقص الحاصل في الإمدادات.

ويوضح ملود أن نائبة وزير الخارجية الأميركية ناقشت في الرباط والجزائر إشكالية استئناف تصدير الجزائر للغاز الطبيعي عبر الأنبوب المغاربي - الأوروبي، حيث دعت السلطات الجزائرية للتفكير جدياً في استئناف توفير الغاز عبر ذلك الأنبوب.

ويشير إلى أن استمرارية ذلك الوضع، ترخي بثقلها بشكل أو بآخر على ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بخاصة في أوروبا، ما أتاح المجال للشركاء الأوروبيين، بخاصة بريطانيا، للبحث عن شريك، ووجدت في المغرب شريكاً أساسياً في مجال التنقيب على الغاز، موضحاً، أنه بحسب معطيات التنقيب فإن الغاز الطبيعي يوجد في مناطق عدة من المملكة، وأن الاكتشافات الغازية في البلاد ستمكن من ضخ ما يناهز 650 مليون برميل سنوياً في الفترة المقبلة.

ويضيف الباحث، أنه "سيتم بالتأكيد اتخاذ كل الإجراءات الجدية للسعي في تسريع إطلاق الأنبوب الغازي النيجيري -المغربي -الأوروبي، وأن ذلك المشروع سيعطي لا محالة للاتحاد الأوروبي فرصة للتوجه نحو القارة الأفريقية عبر بوابة المغرب، لأن البلاد بدأت تظهر عليها ملامح قوة طاقية مستقبلية بالنسبة إلى الأوروبيين، إضافة لكون المغرب رائداً قارياً في مجال الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح"، موضحاً أن إمكانية الاستثمار في الغاز الطبيعي في مختلف مناطق المغرب تبقى ورقة رابحة بالنسبة إلى الشركات الأوروبية لسد النقص الحاصل وتحقيق  ذلك التوازن والأمن الطاقيين من جهة، ومن جهة أخرى فإن المغرب سيستفيد من الخبرات والتجارب الأوروبية في هذا المجال.

الضغط على الجزائر

إثر الحرب الروسية على أوكرانيا، يتجه الاتحاد الأوروبي إلى تقليص الاعتماد على الغاز الروسي إلى الثلث مع نهاية العام الحالي، ومن ثم التوقف الكلي عن استيراده في أفق عام 2030، بالتالي سيعمل على الضغط على بعض الدول المصدرة للغاز من أجل تفادي أزمة الإمدادات الحالية.

ويوضح المحلل السياسي بلال التليدي، أن الجزائر ستخضع لمزيد من الضغوط الأوروبية، كونها أقرب الدول المصدرة للغاز جغرافياً إلى القارة العجوز، إضافة إلى الكلفة الزهيدة  للغاز الجزائري، وهي بذلك ستكون الأقرب لمعادلة كلفة الغاز الروسي، مشيراً إلى الاستراتيجية الأوروبية التي أعلنت عنها المفوضية الأوروبية لتقليص الاعتماد على الغاز الروسي واستخدام مصادر بديلة للطاقة من الهيدروجين والميثان الحيوي، وتكثيف المحادثات مع أبرز الدول المنتجة (النرويج، والولايات المتحدة وقطر والجزائر)، مع تنسيق استخدام المحطات وأنابيب الغاز الموجودة في أوروبا بشكل أفضل، بحيث جعلت الجزائر ضمن الدول المعنية بتكثيف التفاوض.

ويرى التليدي أن تلك الاستراتيجية الأوروبية ستؤدي إلى تكثيف حجم الضغوط على الجزائر، متوقعاً أن تشمل عناصر الضغط، توسيع حجم الإمدادات الجزائرية من الغاز إلى أوروبا، واستعمال الطاقة القصوى للأنابيب التي تربط الجزائر بأوروبا.

ويضيف أنه من المرجح جداً، أن يشمل التفاوض، إعادة تشغيل خط أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، لا سيما بعد أن أثبتت تجربة الإمدادات الجزائرية لإسبانيا تعثر خط "ميد غاز" وعدم تلبيته لحاجة إسبانيا، ولجوء الجزائر إلى النقل البحري للغاز عبر البواخر، ما شكل خسائر كبيرة لها وللجارة الإسبانية على السواء.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز