Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوتر الدبلوماسي بين الجزائر والمغرب ينتقل إلى التصعيد الاقتصادي

تأكيدات مغربية رسمية لضمان استمرار عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا

أحد حقول إنتاج النفط والغاز في الصحراء الجزائرية (أ ف ب)

يتصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب بشكل يدعو للقلق، فبعد إعلان الأولى قطع العلاقات، وإغلاق الثانية سفارتها في العاصمة الجزائرية، جاء الدور على تلميح الجزائر إلى الاستغناء عن نقل الغاز إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية.

تصريحات وزير الطاقة

وجلبت تصريحات وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، عقب لقاء جمعه بالسفير الإسباني لدى الجزائر، فرناندو موران كالفو سوتيلو، اهتمام الرأي العام المحلي والخارجي، بعد تأكيده أن كل إمدادات الغاز الطبيعي الجزائري نحو إسبانيا ستتم عبر أنبوب "ميدغاز"، مشدداً على التزام بلاده التام بتغطية كل إمدادات الغاز الطبيعي نحو إسبانيا. وأكد عرقاب قدرة الجزائر على تلبية الطلب المتزايد على الغاز من الأسواق الأوروبية وبخاصة السوق الإسبانية، وذلك بفضل المرونة من حيث قدرات التسييل المتاحة للبلاد.
وأبرز عرقاب المشاريع الأخيرة التي تم إطلاقها، مثل مشروع توسيع طاقة خط أنابيب "ميدغاز" الذي يربط الجزائر مباشرة بإسبانيا، والتي "تندرج في إطار الاستثمارات الكبيرة التي تمت لإيصال الغاز الطبيعي إلى هذه السوق في أفضل الظروف"، مجدداً "إرادة الجزائر تعزيز العلاقات والشراكة بين البلدين بما يعود بالنفع على الطرفين". ودعا الشركات الإسبانية إلى تعزيز وجودها في الجزائر والاستفادة من المزايا التي يوفرها المشروع الجديد.

تحوّط جزائري مسبق

وتعليقاً على القرار، رأى المحلل الاقتصادي، مراد ملاح، أن "الاعتماد على أنبوب ميدغاز لتزويد إسبانيا بالغاز الجزائري، يأتي في سياق تحوط جزائري مسبق حتى لا يتحول الموضوع إلى ورقة ضغط، وهي خطوة متوقعة لاعتبارات عدة، ناهيك بأن ذلك أتى استجابةً لتقاليد دولة مصدّرة للغاز والنفط بامتياز، تحرص على الوفاء بتعهداتها لزبائنها، وسط منافسة محمومة على حصص سوق الغاز في أوروبا"، مضيفاً أن "القرار الجزائري استبق لجوء المغرب إلى هذه الخطوة، وفق ما تحدثت عنه تقارير صحافية مغربية. وقال ملاح إن "المتابع والعارف بتقاليد الدبلوماسية الجزائرية يدرك أن سياسة ليّ الذراع ليست من الأمور التي يمكن أن تقبل بها الجزائر مهما كانت التبعات". وختم قائلاً إن "القرار الجزائري يشكل رسالة سياسية تعبر عن حالة من عدم التفاهم أضحت تميّز العلاقة بين الجارين".

المغرب مستعد للتجديد

في المقابل، أشارت المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بن خضرة، في تصريحات إعلامية إلى أن "المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي"، موضحةً أن بلادها أعربت عن موقفها من مسألة مواصلة العمل بأنبوب الغاز في محادثات خاصة وفي تصريحات علنية، وأكدت أنه يمثل أداةً للتعاون الإقليمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


امتيازات ضائعة

ويُعتبر أنبوب الغاز الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب، واحداً من المصالح الاستراتيجية التي تجمع البلدين المتجاورين، إذ لم تجد الجزائر طريقاً أفضل لتصدير الطاقة نحو أوروبا سوى تدشين أنبوب غاز يمر عبر التراب المغربي، وتم إنجاز هذا المشروع في عام 1997، بتكلفة استثمارية تبلغ 2.3 مليار دولار، خُصص منها قرابة 900 مليون دولار للشطر البري الممتد في المغرب ومضيق جبل طارق، ويمتد على طول 2136 كيلومتراً، انطلاقاً من الصحراء الجزائرية.
وبموجب الاتفاق المبرم بين إسبانيا والجزائر والبنك الأوروبي للاستثمار، تحصل الرباط بدل الرسوم الضريبية على عشرة في المئة من عائدات الغاز الجزائري المُسال في الأنبوب العابر لأراضيها. وتُقدَّر كمية الغاز الجارية به بنحو 20 مليار متر مكعب سنوياً، أي أن نصيب المغرب يقارب ملياراً ونصف المليار دولار سنوياً.
وتنتهي آجال العقد المبرم بين الجزائر والرباط بخصوص أنبوب الغاز المذكور في 31 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

"سوناطراك" تدخل على الخط

ويبدو أن الجزائر كانت تستعد لهذا اليوم منذ مدة، إذ أكد المدير العام لشركة "سوناطراك" البترولية الحكومية، توفيق حكار، منذ أسابيع، أن الشركة لا تزال قادرة على ضمان تموين إسبانيا بالغاز الطبيعي عبر أنبوب الغاز المتوسطي "ميدغاز" وهذا بفضل قدرات التمييع التي تملكها، مضيفاً في رده على سؤال حول إمكانية عدم تجديد عقد الامتياز لأنبوب الغاز المغاربي- الأوروبي الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب، "اتخذنا كل الإجراءات الضرورية في حال عدم تجديد عقد الامتياز لخط الغاز المعني". وأوضح أنه "حتى في حالة عدم تجديد هذا العقد الذي سينتهي في نوفمبر المقبل، فإن الجزائر ستكون قادرة على إمداد إسبانيا، وستستجيب أيضاً لأي طلب إضافي محتمل من السوق الإسبانية من دون أي مشكلة".

تصعيد في غير صالح البلدين

من جانبه، يرى الحقوقي المغربي، عبد المجيد بن شاوية أن "التصعيد ليس في صالح البلدين، ونحن أساساً كدول وكأنظمة في كماشة قبضة القوى الدولية المتحكمة في اللعبة". وأبرز أنه "بدل التفكير في قضايانا وإبداع المخططات الاستراتيجية للخروج من أزماتنا، فإننا نعمل على النقيض، ونصب الزيت على النار لنحرق الأخضر واليابس، ونحطّم كل المكتسبات وما تبقى من مبادرات".
في المقابل، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سمير محرز، أن "الخطوة تندرج ضمن سياسة الضغط الصامت على الجارة المغربية، وسيكون لها تأثيرات في المستقبل القريب في الاقتصاد المغربي"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الجزائر لم تكن ترغب في أن تصل الأمور إلى هذه المرحلة".

المزيد من العالم العربي