Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بالوخز والإشارات يتواصل ركاب غزة مع "السائق الأصم"

الابتسامات المتبادلة تعد وسيلة الخطاب الوحيدة التي يمتلكها سامح ويفهمها الجميع

يعتمد السائق على لغة الإشارة والعبارات المكتوبة للتعامل مع الركاب في القطاع (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

"أنا أصم وأبكم، إذا بدك تنزل اهمزني". على لافتة كبيرة كتب سامح هذه العبارة وعلقها على الزجاج الأمامي لسيارته، فالوخز على الكتف يعد المنبه الوحيد الذي يستطيع من خلاله أن يفهم السائق أنه وصل بالركاب إلى نقطة الوصول.

الأوضاع المعيشية الصعبة في غزة قادت سامح إلى العمل كسائق سيارة أجرة، على الرغم من أنه يفتقد لحاستي السمع والنطق. وفي محاولة منه لتنبيه الركاب لحالته علق لافتة "اهمزني" على زجاج مركبته.

طريقة التواصل

اللافتة هذه جعلت عربة سامح المهترئة والتي لا تصلح من الأساس للعمل عليها مشهورة جداً في غزة، وباتت علامة لجذب الركاب من شوارع وأزقة القطاع. بلغة الإشارة يقول "أشعر أن جميع الناس يفضلون الركوب معي على الرغم من أن سيارتي قديمة، ولا أنظر لذلك على أنه تعاطف مع حالتي، بل هو دعم ومساندة".

ووفق روتينه المعتاد، يبدأ سامح يومه عند الساعة السادسة صباحاً بتلميع سيارته قبل أن يقودها بين الأزقة بحثاً عن زبون.

على حافة الطريق أشار أحدهم إلى سامح، مباشرة توقف قرباً منه، وأدار له لافتة كتب عليها "أهلاً بك، أنا من الصم والبكم، رجاء اكتب لي أين وجهتك لأقوم بتوصيلك". تبسم الرجل وكتب له على شاشة هاتفه الذكي المكان الذي يرغب في الذهاب إليه، وما إن بدأت الرحلة حتى تبادل الطرفان الابتسامات التي تعد وسيلة الخطاب الوحيدة التي يمتلكها سامح ويفهمها جميع الركاب.

ومن طريق الإشارات يبلغ السائق الراكب أنه يعتمد طرقاً مختصره للوصول سريعاً إلى الوجهة المنشودة. وعند سؤاله كيف ساعدت اللافتة التي علقها في تسهيل عمله، يوضح أنها سمحت للركاب بأن يكونوا على علم بحاله.

صعوبات

ويضيف سامح بلغة الإشارة "الجميع استغرب عملي في البداية لأن هذه المهنة تعتمد بشكل أساس على حاستي السمع والنطق، لكن خلال عملي لم ألحظ أي انتقادات بل وجدت تشجيعاً كبيراً".

في العادة يسلك الأصم طرقاً فرعية ويحاول أن يتجنب السير في الطرقات الرئيسة خوفاً من أن يضبطه شرطي المرور ويصادر مركبته، فأمثال سامح من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يحق لهم قيادة مركبة أجرة، إذ يمنع القانون الفلسطيني ذلك بذريعة أن النطق والسمع يعدان أهم مهارة لدى السائق العمومي، وهذه الفئة لا تمتلك وسيلة تواصل مع عموم الناس، فيما يجيز القانون للصم والبكم الحصول على رخصة قيادة مركبة خاصة فقط.

حال سيارة سامح تشبه حال وضعه المعيشي، فهي بسيطة ومتواضعة لكنه يصارع ويكافح ليستطيع توفير لقمة العيش لعائلته المؤلفة من ثمانية أفراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يحاول إصلاح عربته بنفسه

تكبدت أسرة سامح الفقيرة عناء لتوفير ثمن هذه السيارة، ويقول "اضطررت إلى بيع ذهب زوجتي كي أشتري سيارة تمكنني من توفير المتطلبات الأساس لأسرتي. في الواقع الحياة في غزة صعبة، وأنا أعمل 10 ساعات لأحصل على 15 دولاراً فقط".

تصدر السيارة عند كل عطل يصيبها أصواتاً لا يتمكن سامح من سماعها، لكن الركاب عادة ما ينهبونه في شأن ذلك، وبواسطة مهاراته التي لا تقتصر على القيادة وحسب، يحاول صيانة عربته في حال إصابتها بأعطال.

ويشير سامح إلى أنه في كثير من الأوقات يحاول صيانة عربته بنفسه ليستطيع توفير كلف الصيانة لمستلزمات أخرى. يضحك الشاب ثم يشير في يديه قائلاً "نحن نعيش في غزة، هنا الوضع المعيشي صعب جداً والجميع يدرك ذلك".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات