Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دلالات عقد القمة العربية في ذكرى اندلاع "ثورة التحرير" الجزائرية؟

"الموعد سيكون ناجحاً لأنه يأتي في ظرف دولي يتميز بعودة القطبية الثنائية"

وزير الخارجية الجزائري خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (التلفزيون الجزائري)

استقر موعد عقد القمة العربية المقررة في الجزائر على تاريخ الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، المصادف لاندلاع "ثورة التحرير" ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954، ما منح القمة المنتظرة نوعاً من البعد "التحرري".

وكشف الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن مصادقة وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع الدورة 157 لمجلس الجامعة العربية على مستوى الوزراء، على مقترح الجزائر الذي طرحه وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، بعقد القمة العربية المقبلة يومي الأول والثاني من نوفمبر 2022، مشيراً إلى عدم اعتراض أي طرف، وأضاف أنه بدءاً من يومي 24 و25 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 2 نوفمبر، ستكون فترة عمل مكثف للعمل العربي المشترك في الجزائر، على اعتبار أن الموعد سيسبقه اجتماع وزراء الخارجية، وقبله آخر للمندوبين الدائمين للدول العربية لمدة يومين. 

خفايا التاريخ

وفي سياق ما يخفيه التاريخ الذي تمسكت به الجزائر لرمزيته بتزامنه مع ذكرى اندلاع "ثورة التحرير" ضد الاستعمار الفرنسي قال لعمامرة، إن "الرئيس عبد المجيد تبون يسعى بالتنسيق التام مع أشقائه لضمان التحضير الجيد للقمة العربية (...) وهو على يقين أن رمزية هذا التاريخ وما تحمله من قيم النضال المشترك في سبيل التحرر وامتلاك مقومات تقرير مصيرنا المشترك، ستلهم قادتنا في اتخاذ القرارات اللازمة للارتقاء بالعمل العربي المشترك إلى مستوى التحديات المطروحة محلياً، إقليمياً ودولياً".

وأبرز أن الجزائر تبقى حريصة كل الحرص على الدفاع عن قضايا وهموم الأمة العربية، وستواصل مساعيها لتعزيز العمل العربي المشترك، مضيفاً أمام مجلس جامعة الدول العربية، أن الجزائر ترى "ضرورة الإسراع في بلورة نظرة استراتيجية تنأى بأمتنا العربية عن كل التوترات، وتعيد للعمل العربي المشترك فعاليته ومصداقيته، حتى يتسنى الحفاظ على أمننا القومي واستشراف الأخطار المستقبلية في إطار مقاربة شاملة ومتكاملة تحقق التطلعات المشروعة لشعوبنا".

وأوضح لعمامرة، أن "التطورات الخطيرة التي يشهدها العالم اليوم تستوقفنا ليس فقط لأنها تحمل بوادر تشكل موازين جديدة للقوى على الساحة الدولية، بل لأن انعكاساتها ستكون معتبرة على عالمنا العربي، خصوصاً في ظل حالة الاستقطاب التي ما فتئت تزداد حدتها، أخيراً، على الصعيد الدولي"، داعياً إلى "تجديد التماسك الجماعي بمبدأ وحدة المصير، وما ينطوي عليه من قيم والتزامات تفرض علينا تكثيف وتيرة التشاور والتنسيق لتبني مواقف موحدة، والعمل بكل جدية لإنهاء الأزمات الحادة التي تمر بها منطقتنا العربية، وجعلت منها ساحة صراعات بين عديد القوى الأجنبية".

دلالات تحررية

يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن "عقد هذه القمة في ذكرى الأول من نوفمبر مهم جداً، فذلك يحمل عدة دلالات، ومنها تذكير العالم العربي والعالم أجمع بهذا اليوم للثورة الجزائرية، كما أنها تذكير لحركات التحرر، ومنها الشعب الفلسطيني بالأساليب الفعالة من أجل تحرير الأرض، خصوصاً أن الجزائر تعمل على جمع كل الفصائل الفلسطينية في هذه القمة بنفس الطريقة التي جمعت بها ثورة أول نوفمبر كل القوى الجزائرية في تنظيم واحد هو جبهة التحرير الوطني التاريخية، كما سيذكرهم التاريخ بأن الوحدة هي الطريق الأمثل لمواجهة الأعداء"، مبرزاً أنه "يجب أن تتحول الثورة الجزائرية إلى قوة ناعمة تعطي قوة للدبلوماسية واحتراماً وتقديراً للجزائر، كما كانت تفعل في بدايات استرجاع الاستقلال"، وأشار إلى أنه سيتحول إحياء هذه الذكرى من جزائري بحت إلى إحياء من كل شعوب العالم العربي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستبعد لونيسي، أن يلقى التاريخ توجساً أو اعتراضاً خفياً لدى أطراف عربية، بدليل أن مجلس وزراء الخارجية للجامعة العربية أقر هذا التاريخ من دون أي اعتراض، واستدرك أنه ممكن أن يكون هناك اعتراض أو توجس خفي، لكن أي اعتراض علني سيضر بالبلد المعارض، مضيفاً أن "القمة ستكون ناجحة لأنها تأتي في ظرف دولي يتميز بعودة القطبية الثنائية، مما سيحرر دولنا من الضغط الأميركي، بخاصة إذا تبنت هذه الدول مبدأ الحياد الإيجابي في الصراع الدائر اليوم، وتعرف كيف توظف مختلف تناقضات القوى المتصارعة لصالحها". 

رسالة

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سمير محرز، أن الرئيس تبون منذ صعوده لسدة الحكم أعطى البعد التاريخي والقيم الوطنية بعداً مهماً في خطابه السياسي وفي برنامجه العام سواء على الصعيد الداخلي أو الدبلوماسي، و"المثال على ذلك استفتاء الدستور في 1 نوفمبر 2020، واسترجاع رفاة قادة المقاومة في 5 يوليو (تموز) 2020، والآن استضافة القمة العربية كانطلاقة للمسار الدبلوماسي الحقيقي في المنطقة العربية في 1 نوفمبر 2022". وختم أنها رسالة بالطبع لبعض الدول، وبالخصوص فرنسا، بأن الجزائر تبقى أمة ودولة تعتز بتاريخها ورموزها.

حضور الأسد من عدمه

وباعتماد هذا التاريخ لبرمجة انعقاد القمة العربية، يكون العرب أمام موعد سياسي مهم ينتظر منه فتح آفاق جديدة للعمل العربي المشترك لتمكين الدول العربية من التأثير بصفة إيجابية على مجريات الأمور على الصعيدين الإقليمي والدولي.

لكن يبدو أن موضوع حضور رئيس النظام السوري بشار الأسد من عدمه، كان له دور في قبول التاريخ بعد أخذ ورد بين الجزائر والدول العربية، حيث أوضح أبو الغيط أن "موضوع عودة سوريا لمقعدها لم يبحث في السياق العام أو الإطار العربي العام، لا في الاجتماع التشاوري، ولا في الاجتماعات الوزارية للدورة العادية لمجلس الجامعة، لأن هذا الموضوع سوف يترك للاتصالات الثنائية بين الدول العربية، إذا توافر توافق على عودة العضوية، فسيتم الأمر"، واستدرك: "لم أرصد وجود هذا التوافق بعد".

وكان الرئيس الجزائري قد كشف عن عقد القمة العربية المرتقبة ببلاده خلال الربع الأخير من عام 2022، وأوضح في تصريحات إعلامية أن التاريخ سيحدد خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في مارس (آذار) بالقاهرة باقتراح من الجزائر، نافياً ما تم تداوله بخصوص وجود خلافات بين القادة تسببت في تأجيل القمة، وقال، إن "ذلك غير صحيح"، لافتاً إلى أن الجزائر تأمل أن تخرج هذه القمة بنتائج جيدة تخدم لم شمل الدول العربية ومراجعة نصوص الجامعة العربية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير