يوجه قطاع واسع من اليمنيين والناشطين اتهامهم لجماعة الحوثي الموالية لإيران بحجز المقطورات المحملة بالمشتقات النفطية القادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تلتزم بدعم من التحالف العربي إمداد السكان هناك باحتياجاتهم الكافية من الوقود، وسط اتهام الحوثي بخلق أسواق سوداء موازية في مناطق سيطرته، لبيع الكميات المخصصة للسكان لجهات خارجية عبر ميناء الحديدة بأسعار مرتفعة.
ووفقاً لصور تداولها ناشطون على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر ازدحام الطرق العامة في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بآلاف السيارات المتراصة في طوابير طويلة أمام محطات تعبئة الوقود عقب رفض ميليشيا الحوثي دخول الكميات المحتجزة على امتداد الطريق الرابط بين العاصمة صنعاء ومحافظة مأرب المنتجة للنفط، في كل من محافظات الجوف والبيضاء وذمار.
فوق المحتمل
هذا الوضع تسبب بارتفاع في أسعار المواد الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة المصنفة "إرهابية" أخيراً في الأمم المتحدة، وذلك جراء تحكمها الذي أفرز استمرار انعدام المشتقات النفطية بشكل غير مسبوق.
وتقول المصادر المحلية، إن أسعار صفيحة البترول سعة (20 لتراً) في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت نحو (40 ألف ريال) ما يعادل (70) دولاراً.
هذه الحال امتدت إلى أسعار أسطوانات الغاز المنزلي التي بلغ سعر الأنبوبة الواحدة في جميع مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية (25 ألفاً) ما يعادل (42) دولاراً، فيما يبلغ سعره في محافظة مأرب (4500 ريالاً) للأسطوانة الواحدة، أي نحو (7.5) دولار.
افتعال أزمة
وكانت الحكومة قد حملت الميليشيا مسؤولية أزمة الوقود في مناطق سيطرتها، مؤكدة بأن الميليشيا تقوم بافتعال الأزمات لجني الأرباح من الأسواق السوداء.
وقالت على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، إن "استمرار ميليشيا الحوثي في وقف الإمدادات النفطية القادمة "براً" من المناطق المحررة، واحتجاز مئات الناقلات النفطية ومنعها من العبور، يؤكد تعمدها افتعال أزمة المشتقات النفطية، لإدارة السوق السوداء ومضاعفة أسعار المشتقات".
ودان في تصريح صحافي، اليوم، ما تقوم به ميليشيا الحوثي التي وصفها بـ "الإرهابية التابعة لإيران"، من احتجاز لناقلات النفط، وافتعال أزمة في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.
استغلال
الإرياني أشار إلى أن ما تقوم به ميليشيا الحوثي منذ الانقلاب من سياسات إفقار وتجويع ممنهجة، واستغلال لاحتياجات الناس، وتلاعب بسبل عيشهم، دون أي اكتراث بأوضاعهم المعيشية الصعبة، يؤكد أننا إزاء عصابة إرهابية تتخذ المدنيين رهائن لتحقيق مكاسب مالية وسياسية، بل والمتاجرة بمعاناتهم في المحافل الدولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطالب الوزير اليمني، المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي، بإدانة الممارسات الحوثية، التي تفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وممارسة ضغط حقيقي على قياداتها لرفع الحظر عن الإمدادات النفطية، وعدم وضع عراقيل أمام تداولها ووصولها للمدنيين بالأسعار الطبيعية.
نمنع الاحتياجات الخاصة
من جانبهم، اعترف الحوثيون باحتجاز الشحنات المحملة بالمشتقات النفطية في إحدى المنافذ التي تسيطر عليها الجماعة بمحافظة الجوف، وذلك عقب تقارير إعلامية تحدثت عن احتجازهم لمئات المقطورات محملة بالمشتقات النفطية.
وقال القيادي في الميليشيا محمد علي الحوثي في تغريدة على حسابه في "تويتر"، إن "التفاوض (يجري) مع مُلّاك القواطر على إيصالها لشركة النفط".
وفي توضيح لقرارات المنع الصادرة من قبلهم، أضاف أن "هناك من يحاول إدخالها تحت مبرر احتياجات خاصة لمصنع أو ما شابه، والشركة ترفض وتشترط أن يتم عبرها وتحت رقابتها".
كما برر احتجاز الشاحنات بأنه "منع للسوق السوداء"، واعداً بأن يتم حل الإشكالية خلال الساعات المقبلة.
تفنيد سلطة مأرب
وفيما أرجع الحوثيون أسباب الأزمة إلى نتيجة امتناع سلطات محافظة مأرب عن تزويد المحافظات الخاضعة لسيطرتها بمختلف مشتقات النفط والغاز، أكدت السلطة المحلية في مأرب على لسان وكيل أول للمحافظة، عبدربه مفتاح، أن أزمة الوقود الخانقة التي تشهدها العاصمة صنعاء، وكذلك باقي المحافظات الخاضعة للميليشيا مفتعلة، وأن محافظة مأرب ملتزمة تزويد كافة اليمنيين في كل المناطق بالخدمات الأساسية المتوفرة لديها من الغاز والمشتقات النفطية، ومن دون أي استثناءات.
ونُقل عن الوكيل مفتاح قوله، إن المحافظة لم تتوقف يوماً عن تزويد جميع المحافظات بمادة الغاز، وكذا باقي المشتقات النفطية الأخرى من دون النظر إلى التقسيمات الجغرافية أو الاعتبارات السياسية، وحتى المذهبية التي أفرزتها الحرب الحوثية.
تأكيد أممي باختلاق الأزمة
وفي تقريره الصادر أخيراً أكد فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن في تقريره المرفوع لمجلس الأمن الدولي، أن الحوثيين يخلقون أزمة مفتعلة في المشتقات النفطية، من أجل إجبار التجار على بيع الوقود في السوق السوداء التي يديرونها ويجمعون من ورائها رسوماً غير قانونية.
وأوضح تقرير الفريق الأممي أن حجم إمدادات الوقود من طريق البر لكافة المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) 2021م، بلغ قرابة (10 آلاف برميل) يومياً وهو ما مثل نحو 65 في المئة من إجمالي الوقود المستورد إلى اليمن، مقابل إمدادات بلغت قرابة 6 آلاف طن يومياً قبل هذا التأريخ، وهو ما يدل على وجود اتجاه تصاعدي.
وقال التقرير، إن الحوثيين يخلقون ندرة مصطنعة للوقود من أجل إجبار التجار على بيعه في السوق السوداء التي يديرونها، وجمع الرسوم غير القانونية المفروضة على تلك المبيعات، مشيراً إلى أن الحوثيين حصلوا على إيرادات رسمية من واردات الوقود خلال عام 2021 المنصرم تقدر بنحو (70 بليون ريال يمني)، وهي ما يقول عنها تقرير الخبراء إنها أرباح خيالية جداً يتحصل عليها كثير من الحوثيين من بيعهم المشتقات النفطية في الأسواق السوداء نتيجة لاصطناعهم الأزمات الخانقة والمفتعلة في هذا الإطار.
الحوثيون يوافقون على تفريغ "صافر"
إلى ذلك، قال مسؤول من جماعة الحوثي اليمنية، إن "الجماعة وقعت اتفاقا مع الأمم المتحدة لتفريغ شحنة ناقلة نفط معطلة تنطوي على خطر تسريب 1.1 مليون برميل من النفط الخام قبالة ساحل الدولة التي تمزقها الحرب".
وفي الشهر الماضي، قال مارتن جريفيث، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، إن "هناك اتفاقا من حيث المبدأ لنقل النفط من الناقلة صافر إلى ناقلة أخرى. ولم يحدد موعدا لذلك".
والناقلة صافر عالقة قبالة الميناء النفطي اليمني رأس عيسى على البحر الأحمر منذ أكثر من ست سنوات، وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن الناقلة يمكن أن يتسرب منها أربعة أمثال النفط الذي تسرب في كارثة إكسون فالديز قبالة ألاسكا في عام 1989.
وقال محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا الحوثية، في منشور على تويتر في وقت متأخر أمس السبت "تم توقيع مذكرة تفاهم مع الامم المتحدة بشأن السفينة صافر".
ويسيطر الحوثيون الذين يقاتلون الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على المنطقة التي ترسو فيها السفينة وعلى شركة النفط اليمنية التي تملكها.
وتم في السابق التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يفحص فريق فني من الأمم المتحدة السفينة التي تتدهور حالتها والمصنوعة عام 1976 وإجراء الإصلاحات التي يمكن أن تكون مجدية فيها لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول الترتيبات اللازمة.
ولم تُجر أي عمليات صيانة لصافر منذ عام 2015 عندما تدخل تحالف تقوده السعودية في اليمن ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران بعد أن طردوا الحكومة المعترف بها دوليا من العاصمة صنعاء. ويسيطر التحالف على أعالي البحار قبالة اليمن.