أدّى استمرار القتال يوم الأحد إلى عرقلة جهود إجلاء 200 ألف من سكان مدينة ماريوبول الأوكرانية، التي تحاصرها القوات الروسية، لليوم الثاني على التوالي، بينما تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المضي قدماً في حملته التي قال إنها تتقدم وفق الخطة المقررة، ما لم تستسلم كييف.
ينام معظم المحاصرين في المدينة الساحلية تحت الأرض هرباً من القصف شبه المستمر منذ ما يزيد على ستة أيام من جانب القوات الروسية التي طوّقت المدينة وقطعت عنها إمدادات الغذاء والمياه والطاقة والتدفئة، وفقاً للسلطات الأوكرانية.
وقالت الأمم المتحدة، إن عدد القتلى المدنيين في الأعمال العدائية في أنحاء أوكرانيا، منذ أن شنّت موسكو غزوها في 24 فبراير (شباط)، بلغ 364، منهم أكثر من 20 طفلاً، مضيفة أن مئات آخرين أُصيبوا.
وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، إن غالبية القتلى والمصابين بين المدنيين سقطوا نتيجة استخدام "أسلحة تفجيرية ذات تأثير واسع النطاق، ويتضمن ذلك القصف بالمدفعية الثقيلة وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة الفوهات وبالقذائف الصاروخية والضربات الجوية".
ونفت موسكو مراراً مهاجمة مناطق مدنية. وطلب بوتين من أوكرانيا وقف القتال خلال اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دعا إلى وقف إطلاق النار. وقال الكرملين في بيان، إن بوتين أبلغ أردوغان بأنه مستعد للحوار مع أوكرانيا والشركاء الأجانب، لكن أي محاولة لإطالة أمد المفاوضات ستفشل.
وقالت وسائل إعلام روسية، إن بوتين أجرى محادثات استمرت قرابة ساعتين، الأحد، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال مكتب ماكرون، إنه أكد خلال الاتصال مخاوفه إزاء الهجوم الوشيك المحتمل على ميناء أوديسا الأوكراني التاريخي.
وجددت كييف مناشدتها للغرب تشديد العقوبات بما يتجاوز الجهود الحالية التي أضرت بالاقتصاد الروسي، كما طلبت المزيد من الأسلحة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، متحدثاً خلال زيارة إلى مولدوفا المجاورة لأوكرانيا، إن واشنطن تدرس "بكل فاعلية" كيف يمكنها إرسال طائرات لبولندا إذا قررت وارسو إمداد أوكرانيا بطائراتها الحربية.
وعزز جنود أوكرانيون الدفاعات حول العاصمة الأوكرانية كييف، الأحد، السادس من مارس (آذار)، وحفروا خنادق، وأغلقوا الطرق، ونسقوا مع وحدات الدفاع المدني، في وقت قصفت فيه القوات الروسية المناطق المحيطة، وهاجمت البلدات والقرى المجاورة، في حين تعثّرت عمليات إجلاء المدنيين عبر ممرات آمنة في ماريوبول.
وبينما كانت القوات المسلحة والمتطوعون المدنيون يباشرون أعمال الحفر في كييف، واصل آلاف الأشخاص محاولة الفرار من المدينة التي يبلغ تعدادها 3.4 مليون نسمة مع انتشار المخاوف من وقوع هجوم شامل. وتفادت كييف أسوأ المعارك حتى الآن، لكن البلدات والقرى المحيطة بها تشهد معارك عنيفة، ونشرت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، لقطات لبعض مركباتها العسكرية وهي تتحرك بالقرب من العاصمة.
ومع دخول الحرب على أوكرانيا يومها الـ11، أفاد تقرير لهيئة الأركان العامة الأوكرانية نُشر على "فيسبوك"، الأحد، بأن الجيش الروسي يواصل هجومه "مركّزاً جهوده الكبرى على محيط مدن كييف وخاركيف (شرق) وميكولايف (جنوب)".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع استمرار القتال، تفاقمت الأزمة الإنسانية مع بلوغ عدد اللاجئين خارج أوكرانيا 1.5 مليون شخص منذ بدء الغزو في 24 فبراير، وفق الأمم المتحدة.
وطالبت أوكرانيا الدول الغربية بتزويدها بمقاتلات وأنظمة دفاع جوي، معتبرةً أن رفض الحلف الأطلسي إقامة منطقة حظر للطيران فوق أراضيها "مؤشر ضعف". ويبرر الحلف قراره بتجنب الدخول في حرب مباشرة مع روسيا.
ووجّه الرئيس الروسي، السبت، تحذيرات جديدة إلى حلف شمال الأطلسي، وهدّد بحرمان أوكرانيا من "وضع الدولة"، ورأى في العقوبات الدولية التي تُفرض على روسيا "إعلان الحرب". واعتبر بوتين أن أي بلد سيسعى إلى فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا ستعتبر موسكو أنه أصبح طرفاً في النزاع. وهدّد بـ"عواقب وخيمة وكارثية، ليس لأوروبا فحسب، ولكن للعالم بأسره" إذا أنشئت منطقة حظر كهذه.
في غضون ذلك، حثّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون زعماء العالم على الانضمام إلى خطة من ست نقاط للرد على الغزو الروسي لأوكرانيا، تضمنت إقامة تحالف إنساني دولي من أجل كييف ودعم دفاعها عن نفسها وزيادة الضغط الاقتصادي على موسكو لأقصى حد.
وأعلنت شركتا الدفع بالبطاقات "فيزا" و"ماستركارد" أنهما ستعلقان عملياتهما في روسيا، لتنضمّا بذلك إلى عدد متزايد من الشركات الأميركية الكبرى التي علقت أعمالها في هذا البلد.
وفي حين أن القتال مستمر، ستُعقد جولة ثالثة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، الاثنين، بحسب سلطات كييف، لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جداً، فقد حذر بوتين من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكناً إلا إذا تم قبول "كل المطالب الروسية"، بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا كدولة "محايدة وغير نووية"، و"إلزامها بنزع سلاحها".
تابعوا آخر التطورات الأوكرانية في هذه التغطية المباشرة.