Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من بيروت إلى بغداد... قطاع الاتصالات في وثائق "إريكسون"

تشير المعلومات عن توجه عدد من الشخصيات التي ورد ذكرها في الوثائق لرفع دعاوى قضائية ضد الشركة

وثائق مسربة تكشف عن أن شركة "إريكسون" دفعت رشوة لتنظيم "داعش" للعمل في العراق (أ ف ب)

لا تزال فضيحة تسريب التحقيقات السرية في شركة "إريكسون" السويدية للاتصالات تتفاعل بين عواصم عشر دول في أربع قارات، إذ تشير التسريبات إلى تورط الشركة في دفع رشاوى لتنظيم "داعش"، بالإضافة إلى التورط في دفع رشاوى لمسؤولين حكوميين مقابل تسهيل الحصول على العقود، وانتهاكات مدونة أخلاقيات العمل CoBE.

ووفقاً لمصادر صحافية عديدة، وصل عدد الوثائق المسربة عن نتائج التحقيقات الداخلية التي كلفت بها "إريكسون" في مزاعم فساد من قبل الشركة حول العالم، إلى 101 صفحة في عامي 2019 و2020. وتراجع سهم المجموعة المصنفة ثانية عالمياً في مجال أجهزة الاتصالات، الذي تضرر أصلاً بسبب هذا الملف في الأسابيع الأخيرة، بأكثر من عشرة في المئة بالمبادلات الأولى في بورصة ستوكهولم.

وتوظف شركة "إريكسون"، التي يقع مقرها الرئيس في ستوكهولم، 100 ألف شخص وتبيع معدات اتصالات في 180 دولة. كما تلعب دوراً رائداً في تطوير الجيل التالي من تقنية الهاتف المحمول 5G في المملكة المتحدة.

والتحقيق الداخلي أجرته الشركة بعد أن غرمتها محكمة أميركية مليار دولار بسبب انتهاكها قانون الممارسات الفاسدة الأجنبية الأميركي FCPA خلال أعمالها غير القانونية في جيبوتي والصين وفيتنام وإندونيسيا والكويت، علماً أن حكم المحكمة الأميركية لم يشمل عمل الشركة في العراق وفي لبنان.  

فضائح لبنانية

وتكشف وثائق "إريكسون" الداخلية، التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ وشاركها مع أكثر من 110 صحافيين، من 30 مؤسسة صحافية في 22 دولة حول العالم، أن الشركة الأوروبية متورطة في سلوكيات غير قانونية في لبنان كتقديم الرشاوى، وانتهاكات مدونة أخلاقيات العمل.

هذه الوثائق تتضمن معلومات واردة في التحقيقات الداخلية حول شبهات تتعلق بالفساد، عن إعطاء "إريكسون" بين عامي 2010 و2019 هدايا تصل قيمتها إلى آلاف الدولارات لمسؤولين في قطاع الاتصالات في لبنان، بينهم مديرون في شركة "ألفا"، وبين هذه الهدايا مبالغ نقدية ورحلات سفر على حساب الشركة لوزراء ومستشارين، وهواتف وأجهزة اتصالات حديثة بلغ عددها 122 جهازاً، بحسب الوثائق، التي جاء فيها أيضاً أنه بين عامي 2010 و2014، تم شراء 40 هدية للعملاء بقيمة إجمالية بلغت 37.5 ألف دولار أميركي لأعضاء وزارة الاتصالات اللبنانية.

في المقابل أشار المكتب الإعلامي لوزير الاتصالات اللبناني الحالي جوني القرم، إلى أنه يتابع من خلال الإعلام ما ينشر من وثائق، مؤكداً عدم امتلاك الوزارة المعطيات الكافية للتحرك قضائياً، مؤكداً التحرك القانوني إذا لزم الأمر، مشدداً على أن لا علاقة لإدارته الحالية بأي شكل من الأشكال بوثائق أو تحقيقات تتعلق بالإدارة السابقة.

وتشير المعلومات عن توجه عدد من الشخصيات التي ورد ذكرها في الوثائق لرفع دعاوى قضائية ضد شركة "إريكسون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التفاف وتجاوزات

وفي السياق أشار المستشار في أمن المعلومات والتحول الرقمي رولان أبي نجم، إلى أن "إريكسون" تعد واحدة من كبرى شركات الاتصالات في العالم، كما أنها تعتبر لاعباً رئيساً في إطلاق شبكات 5G في المملكة المتحدة، بعد أن حلت محل شركة الاتصالات الصينية "هواوي"، التي توقف التعامل معها بسبب مخاوف أمنية.

وأوضح أن فضائح الرشاوى التي عادة تطال الشركات العملاقة العاملة في مجال الاتصالات تهدف إلى الالتفاف على القوانين المحلية والتهرب الجمركي في شأن معدات الاتصالات، التي تفرض عليها الدول ضوابط وضرائب مرتفعة، إضافة إلى إمكانية تعارضها مع أمور عسكرية وأمنية، إضافة إلى بعض معدات شبكات الـ5G التي قد تؤثر في ترددات الطيران المدني، إذ يفترض أن تكون تلك المعدات بعيدة من محيط المطارات، وبالتالي فإن دفع الرشاوى يساعد في تجاوز الأمور التنظيمية وإجراءات السلامة العامة وتوفير في إجراءات التراخيص والضرائب.

وأضاف أنه عندما تسعى أي شركة للحصول على عقود مع الدول ولا سيما مع دول العالم الثالث، تساعد الرشاوى في موضوع تجاوز المناقصات الشفافة، وبالتالي في بعض الأحيان يقوم القيمون على الأمر بتقديم دفتر الشروط والمواصفات الفنية على قياس الشركة التي يراد إرساء العقد عليها حصراً.

العراق و"داعش"

وفي العراق كشفت الوثائق المسربة عن أن "إريكسون" التفت على العلاقة المباشرة مع الفاسدين عبر شركات وسيطة تولت التهرب من الضرائب والرسوم وأقامت علاقات مع قوى الأمر الواقع من بينها تنظيم "داعش"، حيث رصدت علاقة مالية تربط الشركة السويدية بشكل غير مباشر بالتنظيم أثناء حكمه لمناطق في شمال العراق ما بين عامي 2014 و2017، لا سيما مدينة الموصل، وهو أمر لم تستبعده الشركة على ما ورد في تحقيقها الداخلي، في وقت بلغ إجمالي صافي مبيعات "إريكسون" بين 2011-2018 نحو 1.9 مليار دولار أميركي في العراق.

وفي وقت رفضت وزارة الاتصالات العراقية التعليق على الوثائق المسربة بسبب عدم امتلاكها المعطيات الكافية، أشار الناشط السياسي العراقي نبيل جبار العلي، إلى أنه لا يبدو أن هناك مساءلة قانونية ستطال عملاء "إريكسون"، متوقعاً أن لا يقدم المدعي العام على تقديم دعاوى ضد التجاوزات التي حصلت خلال سيطرة التنظيم على ثلثي البلاد، وبناء عليه سوف يتم النظر في الظروف التي رافقت المرحلة، مستبعداً في الوقت نفسه "أي تبعات قانونية لكل ما حصل، فالشركة العالمية مستمرة في أعمالها داخل العراق".

وأشار إلى أن الشركات والمؤسسات العاملة ضمن نطاق العراق، والموصل تحديداً، "كان أداء عملائها مشابهاً لأداء عملاء شركة إريكسون"، مضيفاً "عندما تسيطر العصابات من الطبيعي أن تكون هذه طبيعة بيئة العمل!".

بيئة العمل تحت حكم التنظيم، أبرزت حسب العلي "ثلاثة أنواع من الخلل في تقرير إريكسون، وهي التهرب من الرسوم الجمركية والتهرب الضريبي والإتاوات"، موضحاً أن التهرب الجمركي عبر تغيير المسار الخاص بدخول البضائع إلى إقليم كردستان حالة شائعة ومعروفة في العراق، وتقوم بها معظم الشركات والتجار لوجود فوارق في الرسوم الجمركية بين المنافذ الرسمية والمنافذ التي يديرها إقليم كردستان.

أما التهرب الضريبي برأيه، فيتم عبر الامتناع عن تقديم حسابات ختامية عن العقود كافة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعقود مع القطاع الخاص وليس مباشرة مع الدولة، وهذه هي حال عقود إريكسون التي تمت مباشرة عبر شركتي الخليوي الأخريين في البلاد، معتبراً أن "العقود سليمة" على حد قوله.

أما الخلل الثالث أي الإتاوات، فأهميته تكمن حسب العلي "باستحالة عدم الرضوخ إليه من قبل المؤسسات كافة سواء الصغيرة أو الكبيرة أو العالمية العاملة ضمن نطاق سيطرة تنظيم داعش، التي يفرضها بالقوة لتسيير أموره الحياتية واليومية"، مؤكداً أن الإتاوات شكلت جزءاً من التجاوزات التي قام بها وكلاء شركة "إريكسون".

من ناحية ثانية، أوضح الجبار أن المبادرة جاءت من شركة "إريكسون" نفسها، إذ إنها اتخذت قرار فتح التحقيق والكشف عن قضايا الفساد المتعلق بوكلائها في العراق وذلك من باب الشفافية وإخلاء المسؤولية كما الحرص على توضيح طبيعة العمل في العراق وتسليط الضوء على المشاكل التي واجهت الشركة خلال سيطرة "داعش". ويتابع "أما إجراءاتها الصارمة بحق وكلائها حينها، فتصب في هذا الإطار"، شارحاً أن "إريكسون" تعنى فقط بتجهيز المعدات وإنشاء البنى التحتية للاتصالات، وقامت بتنفيذ عقود بالشراكة مع شركتين للاتصالات في العراق.

رد "إريكسون"

وذكر ملف بمحكمة بنيويورك يوم الجمعة أنه تم إدراج الشركة ورئيسها التنفيذي وكبير مسؤوليها الماليين متهمين في دعوى جماعية في الولايات المتحدة، لتضليلهم المستثمرين بشأن تعاملات الشركة في العراق.

وجاء في الدعوى، التي رفعتها شركة "بومرانتز" للمحاماة أمام محكمة المنطقة الشرقية الجزئية بنيويورك، أن "إريكسون" ضللت المستثمرين ضمن أمور أخرى من خلال المبالغة في تقدير المدى الذي قضت به على استخدام الرشاوى، حسب ما ذكرت "رويترز".

وقالت شركة "إريكسون" في بيان يوم أمس الجمعة إنه تم إدراج اسم الشركة و"مسؤولين معينين" بالشركة كمتهمين في دعوى جماعية في الولايات المتحدة لإدلائهم ببيانات كاذبة ومضللة بشأن أعمال الشركة في العراق، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز".

وقالت وزارة العدل الأميركية يوم الأربعاء إن الشركة تقاعست عن الكشف الكامل عن تفاصيل عملياتها في العراق في انتهاك لاتفاقية مبرمة عام 2019.

وقالت "إريكسون" في بيان مقتضب إن "الشكوى تزعم حدوث انتهاكات لقوانين الأوراق المالية الأميركية فيما يتعلق ببيانات مزعومة خاطئة ومضللة، تتعلق بشكل أساسي بالتزام الشركة بسياسات الامتثال والإفصاح والتزاماتها وسلوك أعمالها في العراق".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير