Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في غزة لا عقد زواج إلا برخصة

سجل القطاع ارتفاعاً في حالات الطلاق وانخفاض عدد الزيجات

تعد رخصة الزواج الآمن إلزامية في إجراءات عقد الزواج مثل الفحص الطبي والإجراءات الإدارية والقانونية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

بعد سنتين من الأخذ والرد، تمكنت نهى من إقناع أهلها بأن انفصالها عن زوجها يُعد "أفضل الحلول"، إذ كانت تعيش على مدار خمس سنوات من الزواج مع رجل يدمن تعاطي المخدرات مع عيشه في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، وفضلاً عن ذلك، فإنه يمارس العنف الأسري بحقها وبحق أطفالها.
تقول نهى، "كنت دائماً أنظر إلى زوجي باستغراب، وأتساءل عندما أتعامل معه، كيف يمكن لشخص يعاني اضطرابات نفسية واجتماعية واقتصادية أن يتزوج؟ في كل وقت أشعر بأنه لا يدرك الحقوق الزوجية، ولا يملك طريقة للتعامل معي ومع أطفاله، إذ إن أسلوبه في الحوار فظ، فضلاً عن ذلك فإنه عاطل عن العمل، ولا يستطيع توفير أدنى متطلبات الحياة".

وبعد عدة جلسات في المحاكم الشرعية، لمحاولة الإصلاح بين نهى وزوجها، اقتنع القاضي بأن أفضل حل للخلافات بينهما هو الطلاق، إذ يصعب استمرار الحياة الأسرية في أجواء من العصبية والتوتر النفسي، وانعدام أسلوب الحوار والجهل بالحقوق والواجبات الزوجية.
 


ارتفاع حالات الطلاق

في الواقع، يعتقد الباحثون الاجتماعيون أن أغلب حالات الطلاق مردها تزايد معدلات الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل وسوء الأوضاع الاقتصادية وسط مجتمع غزة، لكن الإخصائيين الأسريين يعتقدون أن الانفصال بين الأزواج لا ينتج عن هذه الأسباب، إذ إن وقوع حالة الطلاق ترتب عليه دفع تكاليف مالية كبيرة، ومن غير المنطقي أن يتخذ هذه الخطوة رجل يعيش على خط الفقر.
ويرجع الإخصائيون الأسريون ارتفاع عدد حالات الطلاق في غزة إلى جهل الزوجين بالحقوق والواجبات الزوجية، وعدم إدراك الأزواج دور كل منهما وأهمية تكوين الأسرة وقواعدها الأساسية.

أرقام صادمة

في عام 2021، أظهرت نتائج مسح المعاملات التي وصلت إلى المحاكم الشرعية (مسؤولة عن عقود النكاح الدينية) صدمة كبيرة للمسؤولين الحكوميين والمؤسسات الأسرية، إذ لوحظ ارتفاع في حالات الطلاق وانخفاض في عقود النكاح.
ووفق رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة حسن الجوجو، فإن معدلات الزواج في القطاع انخفضت، إذ سُجلت 20 ألف وثيقة عقد نكاح في عام 2021. ويُعتبر هذا العدد منخفضاً مقارنةً بالأعوام العشرة الماضية التي كانت تسجل عادة نحو 35 ألف حالة زواج.

وبحسب الجوجو، فإن حالات الطلاق في غزة ارتفعت بنسبة ملحوظة، إذ سجلت المحاكم الشرعية 4913 واقعة انفصال بين الأزواج، بزيادة نحو ألف حالة طلاق عن عام 2020.
 


رخصة الزواج الآمن

وصول العلاقات الأسرية إلى طريق مسدود، دفع لجنة الإرشاد الأسرى في وزارة العدل بغزة، إلى دق ناقوس الخطر، وإقرار مشروع "رخصة زواج آمن"، يستهدف المقبلين على الزواج من الجنسين، من أجل المحافظة على تماسك المجتمع، وعدم تفكك العلاقات الاجتماعية بعد الزواج.

وتتمثل "رخصة الزواج الآمن" بأنها عبارة عن مجموعة دورات تدريبية لتأهيل وتهيئة الشباب والفتيات لمرحلة ما قبل الزواج وبعده، ونشر التوعية الشاملة بحقوق وواجبات الطرفين عند تشكيل أسرة، إضافة إلى نشر مفاهيم الثقافة الأسرية الصحيحة، بالاعتماد على تعاليم وأحكام القانون والشريعة الإسلامية، من أجل تهيئة جو أسري سليم لتنشئة الأبناء وزيادة الترابط الأسري.

وبحسب القائمين على "رخصة الزواج الآمن"، فإن الحصول عليها إلزامي لجميع المقبلين على الزواج للمرة الأولى، وتقع ضمن إجراءات عقد الزواج كباقي الإجراءات مثل الفحص الطبي والإجراءات الإدارية والقانونية، ومن دونها لا يمكن إتمام الزواج.

وتقول رئيسة مشروع الإرشاد النفسي ومديرة دائرة المرأة بوزارة التنمية الاجتماعية، اعتدال قنيطة، إن "رخصة الزواج الآمن جاءت نظراً لملاحظة الارتفاع الكبير في نسبة الطلاق في قطاع غزة خصوصاً في السنة الأولى من الزواج". وتضيف قنيطة، "أغلب حالات الطلاق التي سُجلت كانت نتيجة أسباب أهمها عدم تفاهم الزوجين، وعدم وعي الأزواج بدور كل منهما وأهمية تكوين الأسرة والقواعد الأساسية لذلك، ومن هذا المنطلق نعمل على رخصة الزواج الآمن لتأهيل الخطاب لبناء علاقات أسرية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قد تُطبق في غزة فقط

وتتلخص "رخصة الزواج الآمن" في "تأهيل المقبلين على الزواج من نواح نفسية واجتماعية واقتصادية وصحية وشرعية"، وفق حديث قنيطة التي تُعد المسؤولة المباشرة عن إدارة الرخصة.

وتشرف على رخصة الزواج الآمن 6 هيئات حكومية في القطاع، بينها وزارات الصحة، والعدل، والاقتصاد، والشؤون الدينية، والتنمية الاجتماعية، ومجلس القضاء الشرعي، ولجنة تعزيز السلوك القيمي. وصرح وكيل وزارة العدل أحمد الحتة، بأن "الهدف الرئيس من هذه اللجنة المكلفة برخصة الزواج الآمن، هو تقديم خدمة تأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، لإعداد أسرة متماسكة وقوية، تكون عصية على الانكسار أمام أي عوائق تفرضها ظروف الحياة، من أجل تقليل نسبة الطلاق في غزة". وأضاف الحتة "في كل شهر سيجري تأهيل نحو 2500 شاب وفتاة، وهذا العدد نفسه الذي تسجله دائرة القضاء الشرعي بأنه واقعة عقد زواج، وبعد إجراء ذلك من المؤكد أننا سنتابع مؤشرات حالات الطلاق، ونأمل أن نلاحظ نتائج جيدة ولصالح تماسك الأسرة".

يُذكر أنه قد يتم تطبيق رخصة الزواج الآمن في قطاع غزة فقط، أما باقي الأراضي الفلسطينية فإن مشروع الرخصة ما زال على طاولة الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ولم يتم إقراره حتى الآن ليكون ساري المفعول في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.

المزيد من تقارير