Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استثمار الغاز... نقلة نوعية في قدرات العراق التصديرية خلال عام 2025

شركة "توتال" الفرنسية ستبني أربعة مشاريع عملاقة لإنتاج الطاقة الكهربائية في محافظة البصرة

العراق يعتزم تعزيز قدراته على استثمار الغاز الطبيعي (أ ف ب)

 

يعتزم العراق استثمار الغاز الطبيعي الحر والمصاحب في حقوله، ما يعزز من قدراته على تصدير الغاز المسال (LPG) والقطرات الثقيلة من الغاز، ويعجل من برامجه التي تستهدف إحلال الغاز كوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية بدلاً من الوقود السائل.

صناعة متأخرة

وعلى الرغم من وصف وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، الاستثمار في مجال الغاز بأنه "صناعة متأخرة" في العراق، يؤكد الوزير العراقي بأن شركة "توتال" الفرنسية ستبني أربعة مشاريع عملاقة لإنتاج الطاقة الكهربائية في محافظة البصرة الغنية بالنفط أقصى جنوب البلاد.

وأكد وزير النفط خلال كلمة له في القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة الثلاثاء الماضي، تحت شعار "الغاز الطبيعي، رسم مستقبل الطاقة"، الاستثمار بالغاز وهو ما يضمن تحسناً كبيراً في مخرجات إنتاج الطاقة الكهربائية والتقليل من الانبعاثات المضرة للبيئة. وفي هذا السياق، فإن العراق قد التزم تمويل خطط مشاريع كبيرة مع شركائه في شركة غاز البصرة، ومشاريعه المنظورة مع بقية الشركات الكبرى.

وقال إن انعقاد هذا المنتدى يتزامن في مرحلة حساسة ومهمة يشهدها قطاع الطاقة العالمي، وما يرافقه من حالة عدم الاستقرار واليقين في تحديد مسارات الاستثمار في ضوء خطط وبرامج الانتقال نحو الطاقة النظيفة، إضافة إلى التحدي الكبير الذي يواجه العالم، المتمثل في الموازنة بين تعزيز أمن الطاقة العالمي والقضاء على فقر الطاقة، بما يوازي الطلب العالمي المتزايد عليها، خصوصاً في مرحلة التعافي من تداعيات "كوفيد 19"، لما تمثله من عصب أساس في نمو الاقتصاد العالمي، ومن جانب آخر، التزام الدول تطبيق متطلبات الحد من التغير المناخي وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وفقاً لاتفاقيات الأمم المتحدة.

كما أكد الوزير العراقي على استمرارية دعم العراق لجهود منتدى الدول المصدرة للغاز لتعزيز مكانة المنتدى في قطاع الطاقة العالمي، وأهميته التي تنطلق من كونه منصة لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون الفني والتقني بين الدول وتطوير الخبرات والمشاريع المشتركة.

وتابع أن العراق ماضٍ بجهد وطني لزيادة الموثوقية في احتساب التخزين الاحتياطي للغاز الحر في صحراء غرب العراق، وهو ما سوف يشكل نقلة نوعية في قدرات العراق التصديرية للغاز المسال والقطرات الأخرى خلال عام 2025، وينهي استخدام الوقود السائل في إنتاج الطاقة الكهربائية، خصوصاً أن العراق مقبل على الحاجة لتأمين حوالى 50 ألف ميغاواط من الطاقة لتغطية النمو السكاني الكبير.

صناعة متأخرة

ووصف عبد الجبار، في وقت سابق، الاستثمار في مجال الغاز بأنه "صناعة متأخرة" في العراق.

وقال في تصريح صحافي، إن "الاستثمار في مجال الغاز هو صناعة متأخرة في العراق، إذ إنه دائماً يتجه لاستثمار أمواله في المشاريع سريعة العوائد"، مبيناً أن "عملية الصرف على المشاريع النفطية يمكن إرجاعها خلال شهرين، في حين عملية الصرف على المنشآت الغازية يتم إرجاعها بعد سبع سنين".

وأضاف أن "الوزارة اتجهت بشراكة مع شركة (شل) لتأسيس شركة غاز البصرة (بي جي سي) المكونة من شركة (شل) و(ميتسوبيشي) وشركة غاز الجنوب"، لافتاً إلى أن "الشركة حققت نجاحات وحولت العراق من مستورد إلى مصدر لبعض المنتجات".

كما أشار إلى أن "الخطوات ما بعد شركة غاز البصرة كانت خجولة، وأكبر خطوة ما بعد ذلك هي (بي جي سي) وهو عقد الوزارة مع شركة توتال الفرنسية للاستثمار في مجال الحقول الغازية"، مردفاً "الشركة ستبني أربعة مشاريع عملاقة للطاقة في محافظة البصرة، ما سيمكن السكان المحليين من الحصول على الكهرباء من خلال استخدام أكثر استدامة لموارد البلاد الطبيعية، والحد من حرق الغاز".

ويمتلك العراق احتياطات هائلة من النفط والغاز، وهو الدولة الثانية في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، ويشكل النفط أكثر من 90 في المئة من إيراداته، لكنه يواجه أزمة طاقة حادة ويعاني من انقطاع مستمر في التيار الكهربائي، ويقوم باستيراد الغاز الجاف من إيران لتشغيل محطاته الكهربائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبلغ إنتاج العراق الحالي من الغاز الطبيعي نحو 2.7 مليار قدم مكعب.

ووفق تقديرات سابقة، يمتلك العراق مخزوناً قدره 132 تريليون قدم مكعب من الغاز، جرى إحراق 700 مليار قدم مكعب منها، نتيجة ضعف القدرة على استغلاله.

ولا يزال العراق يستورد الغاز من إيران، عبر أنبوبين بواقع نحو 20 مليون قدم مكعب يومياً، لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية في البلاد، فيما تبلغ حاجة البلاد نحو 70 مليون قدم مكعب يومياً.

استثمار الغاز في حقل الحلفاية

وكانت وزارة النفط العراقية أعلنت في وقت سابق، عن إنجاز نسبة 51‎ في المئة من مشروع استثمار الغاز المصاحب للعمليات النفطية في حقل الحلفاية بمحافظة ميسان.

ويهدف المشروع إلى استثمار 300 مقمق (مليون قدم مكعب قياسي في اليوم).

وقال مدير عام شركة نفط ميسان علي جاسم في بيان صحافي، إن "هذا الإنجاز يأتي في إطار جهود وخطط وزارة النفط وشركة النفط الوطنية العراقية عبر ذراعها التنفيذية شركة نفط ميسان، لاستثمار الغاز المصاحب وتحويله إلى طاقة مفيدة".

وأشار جاسم إلى أن "الشركة تواصل جهودها الرامية لتطوير هذا القطاع عبر تنفيذ المشاريع الحيوية ذات الجدوى الاقتصادية، التي تنعكس على حياة المواطن بالدرجة الأولى من خلال دعم قطاع الكهرباء، وتنفيذ مشروع معالجة الغاز في حقل الحلفاية بطاقة (300) مليون قدم مكعب قياسي".

وتابع "المشروع ينفذ من قبل شركة بتروجاينا الصينية، والمقاول الرئيس للحقل شركة CPECC الصينية، فضلاً عن مجموعة من الشركات الثانوية وبإشراف ومتابعة لجنة فنية متخصصة في شركة نفط ميسان".

ولفت جاسم إلى أن "مدة تنفيذ المشروع 30 شهراً لبناء المنشآت، و30 شهراً أخرى للتشغيل والصيانة. وبلغت نسب الإنجاز الفعلي 51 في المئة لغاية تاريخ 14 شباط (فبراير) 2022، حيث من المقرر إنجاز المشروع وبدء التشغيل التجريبي منتصف عام 2023".

وعن أهمية المشروع، قال معاون المدير العام لشؤون الإنتاج أحمد رحيم أحمد، بحسب البيان إن "الجهود المشتركة تهدف إلى معالجة جميع كميات الغاز المصاحب المنتج في حقل الحلفاية بطاقة 300 مقمق، والاستفادة منها لتجهيز محطات توليد الطاقة الكهربائية بالغاز الجاف، إضافة إلى إنتاج الغاز السائل (غاز الطبخ) والكبريت، فضلاً عن إنتاج مكثفات النفط  +C5  التي سيتم حقنها مع النفط المصدر لتحسين المواصفات المطلوبة إضافة لاستخدامها في الصناعات الأخرى".

وأضاف أن "المشروع الذي سوف يوقف حرق الغاز في الحقل حفاظاً على البيئة، قابل للتوسع إذ سيعالج أيضاً الغاز الخام من حقول الجهد الوطني (العمارة ونور والفائض من حقول ميسان),

حالة فريدة من نوعها

بدوره، يشير الباحث الاقتصادي، بسام رعد، إلى أنها حالة فريدة من نوعها، إذ جاء العراق ثانياً بعد روسيا عالمياً بين أعلى الدول إحراقاً للغاز في عام 2020. وبحسب التقديرات، يحرق العراق عشرة أضعاف الكميات التي يستوردها من الغاز، كما أنه مازال يعتمد على واردات الغاز من إيران، وبعد تراجع إمدادات الغاز من إيران لأسباب عدة، فقدت منظومة الطاقة الكهربائية 35 في المئة من الطاقة المنتجة، وأدى ذلك إلى حصول أزمة في الطاقة الكهربائية. لذلك تسعى الحكومة إلى إيجاد حلول سريعة قبل فصل الصيف".

ويكشف رعد "من بين هذه الحلول توقيع اتفاق مبدئي مع دولة قطر لاستيراد الغاز منها، وتنويع مصادر استيراد الغاز. إلا أنه بات واضحٍاً من خلال المعطيات، أن عملية استيراد الغاز من قطر قد تستغرق وقتاً يمتد إلى أكثر من سنة في حال توافر الإمكانات اللازمة، كما أن هذه الخطوة لن تسد حاجة العراق وسيبقى الاعتماد على الغاز الإيراني لفترة طويلة. من جانب آخر، تحاول الحكومة وبشكل حثيث إلى استثمار الغاز المصاحب للنفط والغاز الحر، وفي هذا السياق اتفق العراق مع شركة ساينوبك(SINOPEC)  الصينية على تطوير حقل المنصورية الغازي، الذي يعد ثاني أكبر حقل للغاز الحر في العراق. كما أبرم عقوداً مع شركة "توتال" العالمية من ضمنها عقد لاستثمار الغاز بطاقة 600 مليون قدم مكعب قياسي، ما يسهم في إيقاف حرق الغاز المصاحب".

ويعتقد رعد أنه "في حال نجاح العراق في استثمار الثروة الغازية، فإنه إضافة إلى الآثار الإيجابية البيئية الناتجة من إيقاف حرق الغاز المصاحب، فبإمكانه أن يكون طرفاً مؤثراً في صناعة الغاز العالمي، إذ إن كميات الغاز المتوفرة في العراق المقدرة بأكثر من 124 تريليون قدم مكعب، يمكن أن تكون بديلاً لصادرات النفط العراقي".

مستقبل واعد في أسواق الطاقة

بدوره، يرى الباحث الاقتصادي صالح لفتة، أن "الغاز العراقي كان ولا يزال يحرق بكميات هائلة، ومن المفترض المباشرة بالتعاقد مع الشركات الأجنبية والاستفادة من الخبرات الدولية لتطوير حقول الغاز، وتقليل الحرق، وزيادة الإنتاج الوطني منذ زمن، وأن تجري التعاقدات بشكل مواز مع جولات التراخيص الأولى لتطوير حقول النفط، بالتالي لأصبح العراق في موقع أفضل ويحتل مكانة متميزة في أسواق الغاز العالمية، ولكان بإمكانه تزويد أوروبا بالغاز من طريق الأنابيب، مع تحقيق الاكتفاء الذاتي بتوفير الوقود لكافة المحطات الكهربائية التي تعتمد على الغاز المستورد".

ويضيف "على الرغم من أن هذه الخطوة قد تأخرت لأسباب سياسية وأمنية وسوء التخطيط، لكن أن تأتي متأخرة أفضل من أن لا تأتي، وهي التفاتة جيدة من قبل الحكومة الحالية لاستثمار ثروات العراق، وعلى الحكومة المقبلة أن تستمر بهذا الجانب، وأن تركز أكثر على تطوير إنتاج الغاز لما له من مميزات جيدة، ربما سيشكل البديل عن النفط في السنوات القليلة المقبلة، وتتابع المفاوضات والمشاورات والتعاقد مع الشركات العالمية المعروفة لتطوير كافة الحقول الغازية في العراق، إضافة إلى إنشاء محطات عزل الغاز المصاحب وزيادة الإنتاج الوطني العراقي من الغاز وتعاظم المردود الاقتصادي".

وختم حديثه بالقول "العراق يمتلك احتياطات غاز كبيرة وله مستقبل واعد في أسواق الطاقة إذا ما تم المضي في الاستثمار الأمثل لهذه الثروات".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز