أبرزت نتائج الانتخابات العراقية التي أجريت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بنظام الدوائر المتعددة، وجوهاً جديدة من كتل مختلفة، وستكون العملية السياسية وللمرة الأولى على أعتاب أول معارضة أنتجتها ظروف البلد خلال السنتين الماضيتين.
وتعتبر كتلة "امتداد" العراقية من أهم الكتل المعارضة، وهي ممثلة بتسعة نواب، ومتحالفة مع كتلة معارضة أخرى هي "الجيل الجديد" ممثلة أيضاً بتسعة نواب.
وعلى رغم حداثة التجربة، أعلن عدد من أعضاء أمانتها العامة استقالاتهم بسبب "خلاف سياسي"، ويوضح عضو الأمانة العامة السابق لحركة امتداد غسان الشبيب في تصريح صحافي، أن "الخلاف بدأ بسبب تصويت أعضاء من الكتلة من ضمنهم أمينها العام علاء الركابي، بالموافقة على اختيار الحلبوسي في منصبه".
ويشير الشبيب إلى أنه وعضوين آخرين من الأمانة قدموا استقالاتهم بعد "استجواب" قدموه للركابي بشأن موقفه من التصويت، بخاصة "بعد جدل كبير ضرب القواعد الشعبية للحركة" بعد تسرب أنباء عن موقف أعضاء الكتلة من التصويت على رئاسة البرلمان.
ويقول الشبيب إن "تصويت الأمين العام وأعضاء آخرين يعتبر مخالفاً لمبادئنا وتضحيات متظاهري تشرين بعدم الاتفاق مع أي جهة متورطة بالمحاصصة".
ويضيف أن "الأمين العام اعترف بلقاءات مع قادة سياسيين من ضمنهم الحلبوسي، ولم نستطع محاسبته ضمن القانون الداخلي للحركة فقررنا الخروج من الحركة".
ويصف الشبيب التصويت على الحلبوسي بأنه "خيانة للمبادئ" وحصلت من دون التنسيق مع كل أعضاء الأمانة العامة والمكتب السياسي. وبحسبه فإن الركابي نفى التصويت في البداية، لكنه أقر به بعد "استجوابه" داخل الحركة.
خيار المعارضة مطروح حالياً
كما يبرز خيار المعارضة هو الآخر مع غياب التوافق السياسي بين الكتل الشيعية حول رئيس الوزراء وشكل الحكومة الجديدة بين التوافقية التي يصر عليها الإطار التنسيقي وبين الغالبية الوطنية "السياسية" التي يشدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على تشكيلها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويكشف تحالف الفتح، عن طرح خيار المعارضة لدى الإطار التنسيقي والتيار الصدري. وقال عضو التحالف محمود الحياني في تصريح صحافي، إن "ذهاب الإطار أو التيار إلى المعارضة سوف يكون إضعاف للبيت الشيعي مقابل تكتل البيوتات الأخرى السني والكردي".
وأضاف أن "خيار المعارضة مطروح حالياً من قبل الإطار أو التيار"، مشيراً إلى أنه "في حال ذهب أحد الطرفين الشيعيين إلى المعارضة سيخضع إلى إملاءات وطلبات من قبل المكونات الأخرى مما سيجبره على تقديم تنازلات".
وأفاد الحياني، بأن "خيار المعارضة مطروح لدى الطرفين ولكن لتحقيق المعارضة الإيجابية يجب أن يمنح للطرف المعارض منصب رئيس البرلمان ورئاسة الهيئات الرقابية كهيئة النزاهة وغيرها لتقويم عمل الحكومة التي يتم انتخابها".
بداية تحول في العملية السياسية
من جهته، يرى الباحث السياسي صالح لفتة، أن العملية السياسية في العراق منذ بداية تشكيلها هي عملية توافقية لم تنتقل إلى مرحلة النضوج كما هي الحال في أغلب دول العالم الديمقراطية وتنقسم موالاة ومعارضة بل بقية إرضائية ولا يمكن استثناء أحد من المشاركة في الحكومة.
ويتابع "بسبب الظرف الذي أسست فيه وطبيعة المكونات العراقية والأحزاب المشاركة التي لن تقبل بتمثيل المعارضة خوفاً على مصالحها ومصالح من تمثل، بل حتى وصلت الحال لاستحداث مناصب لبعض السياسيين من أجل كسب ودهم وضمان مشاركتهم، وحتى عندما أعلنت بعض الأحزاب أنها معارضة كانت فقط شعارات مجافية للحقيقة لأن لها مناصب وحصص عندما تتشكل الحكومة، وهذا أفقد وجود المحاسبة البرلمانية الفعالة طيلة الفترة السابقة، وحتى عند المحاسبة فإنها تفتقر إلى المصداقية والحزم خوفاً من زعل الطرف الذي يمثله الوزير أو المسؤول الذي يراد محاسبته، مما زرع اليأس في نفوس المواطنين من وجود أي تغيير في المستقبل".
ويضيف "لكن بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة وصعود وجوه جديدة وشخصيات مستقلة اكتسبت التأييد من معارضتها السابقة خارج قبة البرلمان، حظيت بأصوات من اتخذ موقف المعارض من طريقة إدارة البلد من المواطنين، لذلك استمرت هذه الشخصيات في منهجها المعارض خوفاً من خسارة جمهورها لكنها لن تستطيع التغيير بشكل كبير لقلة عددها واختلاف توجهاتها".
أما الكتل الكبيرة التي لمحت للذهاب إلى المعارضة فإنها تحاول الضغط بخيار المعارضة أو المقاطعة من أجل تحسين وضعها التفاوضي والضغط للقبول بما تريد أو الذهاب للمعارضة بحسب لفتة الذي يشير إلى أن هذا هو مفهوم المعارضة الذي يبحث عنه المواطن، كتلة كبيرة قادرة على كشف الأخطاء والفساد في إدارة الدولة، تقابلها كتلة تشكل الحكومة تتسابق كلتا الكتلتين لطرح برامجهما ورؤيتهما في الحكم وإدارة البلد ومع ذلك فإن وجود أي صوت معارض تحت قبة البرلمان وإن قل يعتبر بداية تحوّل في العملية السياسية نحو الأفضل.