Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تداعيات الحراك تطال الإعلام الجزائري... قنوات رجال الأعمال في طريق الزوال

تتعامل الحكومة بحساسية كبيرة مع فضاء السمعي البصري في البلاد

يترقب الشارع الجزائري ما سيحل باعلامه المرئي والمسموع والمكتوب (أ.ب)

في حين بدأت الأمور الجدية تواجه رجل الأعمال الجزائري علي حداد، بعد التماس النيابة العامة اليوم الإثنين، السجن النافذ في حقه لمدة 18 شهراً "في قضية واحدة"، أعلن مجمع الصحافة التابع له، وقف بث قناته التلفزيونية مع ترجيح عملية تسريح قد تطال أكثر من مئة عامل، في أول انسحاب حقيقي للأزمة الحالية على المشهد الإعلامي. وأوضح المجمع في بيان أنه تقرر الشروع في "إعادة هيكلة داخلية تمليها الإستراتيجية الجديدة للمجمع"، مفضلاً تسمية العملية بمسار توحيد القناة العامة "دزاير" والقناة الإخبارية "دزاير نيوز" في قناة واحدة اعتباراً من الخامس والعشرين من الشهر الحالي. أضاف المجمع أن "القرار أملته الوضعية المالية الصعبة، وهي الوضعية التي تواجه قطاع الإعلام بالجزائر بفعل الظروف الاستثنائية". ويعتبر رجل الأعمال علي حداد، أحد أصحاب المال القلائل، ممن تمكنوا من إنشاء "إمبراطوريات" إعلامية في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إذ مكنت سياسة الرئيس السابق، من استحواذ مقربيه على بعض القنوات الناشطة في البلاد.

توقع إغلاق وسائل إعلام

قدمت شخصيات مرتبطة بالحكومة في فترة سابقة، تطمينات بخصوص مصائر استثمارات رجال الأعمال الموجودين بالسجون على ذمم تحقيقات قضائية في تهم فساد، إلا أن سقوط أول قناة تلفزيونية وتسريح عمالها، ينذر ببداية وضع صعب في قطاع السمعي البصري. ويملك حداد مجمعاً إعلامياً من صحيفتين وقناتين تلفزيونيتين، فيما يملك رجل الأعمال أسعد ربراب جريدة "ليبرتي" الناطقة بالفرنسية، وهو أيضاً مسجون على ذمة التحقيق في سجن الحراش. كما يملك غيرهما من رجال الأعمال، وسائل إعلام ثقيلة، ويدير رجل الأعمال الشهير محي الدين طحكوت قناة "نوميديا"، فيما يملك عيسيو أيوب قناة "الجزائرية وان". ويرتبط اسم رجال الأعمال من عائلة "جمعة" بقناة "البلاد". ونددت جمعية صحافيي الجزائر العاصمة بــ"حالات الفصل التعسفي التي تمت بحق الصحافيين في مجمع حداد"، ودعت إلى "التضامن الكامل والمطلق مع صحافيي وعمال المجمع المفصولين تعسفياً". وأمام تساؤلات عن مصير عدد كبير من وسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص، حضت الجمعية السلطات العمومية "للشروع في ضم المؤسسات التي تواجه صعوبات للقطاع العمومي، حفاظاً على المناصب وعلى الكفاءات المهنية، في إطار استرجاع الأموال العامة المنهوبة وفتح ملف المنظومة الإعلامية الفاسدة التي تنتج الكراهية والعنصرية والجهوية والتمييز بين الجزائريين والجزائريات".

الوضع الإعلامي

لطالما وصف الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، بصاحب "هوس إعلامي بنفسه"، في سياق تفسيرات تشرح "مزاجاته" تجاه الصحافة، منذ قوله في السنوات الأولى لحكمه إنه "رئيس التحرير الوحيد لوكالة الأنباء الجزائرية". وأنتجت سياساته في السنوات السبع الأخيرة، وضعاً "هجيناً" نشطت بموجبه أكثر من 50 قناة جزائرية وفق القانون الأجنبي، قبل أن يتقلص العدد إلى نحو عشر قنوات فقط بحساب المشاهدة، واضطرت هذه الوضعية مسؤولي تلك القنوات، لتحويل أموال ضخمة بالعملة الصعبة إلى الخارج، على الرغم من منع القانون للعملية، وبعلم السلطات الأمنية في تلك الفترة. وسمح بوتفليقة، بفتح قنوات تلفزيونية خاصة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، منذ عام 2011، في سياق استجابته لمذكرات استخباراتية، نصحت بمنح الفرصة لقنوات جزائرية، أمام أخرى دولية ترشح الجزائر وقتها لـ"ربيع عربي" قد يأتي على حكم بوتفليقة. وأصدرت الجزائر أول قانون إعلام لقنوات خاصة عام 2012، ومن ثم أصدرت قانون السمعي البصري في 2014. والغريب أن كلا القانونين لم يطبقا إلى يومنا هذا، بعدما تراجعت الجزائر عن فكرة توزيع سبع ترددات فقط للبث، على رجال أعمال لقنوات تتخصص في الأحداث (إخبارية تتضمن نقاشات) والثقافة والشباب وفن الطبخ والاكتشافات والمسلسلات والترفيه والرياضة. وتسمي الحكومة هذا التصنيف بـ"القنوات الموضوعاتية" الذي تشترط فيه حجماً منخفضاً للأخبار.

إغلاق ثلاث قنوات في ثلاث سنوات

استمرت السلطات الجزائرية في تأجيل ملف الإغلاق سبع سنوات على الأقل بعد صدور قانون الإعلام الذي حرّر السمعي البصري في 2012. وأطلقت الجزائر رخصاً لنشاط قنوات في ظروف 2011 بقرارات فوقية بعد ملاحظة الحكومة حينها أن إعلاماً عربياً يحاول توجيه خطط "الربيع العربي" نحوها. ووفق الحكومة فإنه من بين 50 قناة فضائية موجودة في الجزائر هناك خمسة فقط معتمدة بصفة نظامية والباقي ينشط بصفة غير قانونية وخاضع لقوانين أجنبية. وعلى الأقل توجد ثلاث قنوات مملوكة لكبار رجال الأعمال، بينهم الرئيس السابق لمنتدى المؤسسات الجزائرية علي حداد. وتتعامل الحكومة بحساسية كبيرة مع فضاء السمعي البصري في البلاد، ما أدى سابقاً إلى تشميع قناتين، هما قناة "الأطلس" في خضم حملة الرئاسيات الماضية في 2014. وكانت الحجة "نقل القناة بشكل مفرط نشاط حركة بركات المناهضة يومها لترشح بوتفليقة لولاية رابعة"، وقناة "الوطن" التلفزيونية الخاصة (2015)، بعد بثها تصريحات لأمير الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحل سابقاً مدني مزرقي توعد فيها بوتفليقة بـ"إسماعه كلاماً لم يسمعه من قبل"، في حال لم يتراجع عن قرار منعه ورفاقه من تأسيس حزب سياسي. وكانت قناة "الوطن" الخاصة، ثاني قناة تنشط خارج القانون الجزائري، يتم إغلاقها بقرار مباشر من السلطات، وفي يونيو (حزيران) 2017، أغلق مجمع "الخبر" الإعلامي، قناته التلفزيونية "كاي بي سي" لصعوبات مالية وفق مساهمي المجمع. وفي قطاع الصحافة المكتوبة، بدأت الحكومة الحالية، عملية مراجعة لـ"الإشهار العمومي" بحثاً عن "عدالة" بين مئات الصحف. ويتهم ناشرون، النظام السابق، باعتماد "الزبائنية" في توزيع الإشهار العمومي. وعاد الإشهار العمومي إلى جريدة "الوطن" الخاصة بعد سنوات من المنع بقرار سياسي، وتترقب جرائد أخرى رفع الحظر عنها، بينها جريدة "الفجر"، إذ تقول مديرتها حدة حزام لـ"اندبندت عربية"، إن "الإشهار العمومي لطالما كان يوزع على أساس الولاء والجريدة كانت دائماً ضحية بوتفليقة والعصابة المحيطة به".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي