Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع قومي وعسكري على رئاسة جامعة كركوك

إعفاء الرئيس وهو تركماني وتعيين آخر كرديا

الجهات السياسية التُركمانية طالبت بأن تبقى رئاسة جامعة كركوك من حصتها (اندبندنت عربية)

منذ أسبوع، يسود التوتر مؤسسات جامعة كركوك العامة، بسبب قرار وزير التعليم العالي العراقي قصي السهيل إعفاء رئيس جامعة كركوك بالوكالة الدكتور عباس تقي من منصبه وتعيين الدكتور صباح أحمد إسماعيل رئيساً للجامعة، بسبب الصراعات والمزاحمات القومية ضمن المدينة. فالدكتور تقي تُركماني، بينما الرئيس الجديد كُردي. فقد كان مُلاحظاً أن الأمر الوزاري الخاص بجامعة كركوك وحده أثار موجة اللغط السياسي والأمني، على الرُغم من أنه كان واحداً من 12 قراراً وزارياً شبيهاً أصدرته وزارة التعليم العالي العراقية في الوقت نفسه، المُتمثل بتغيير رؤساء الجامعات العراقية. 

الجبهة التُركمانية العراقية، التي تُعتبر الجهة السياسية الأكثر تمثيلاً لتُركمان العراق، أصدرت بياناً عاجلاً بشأن الموضوع، مُعتبرة أن رئاسة جامعة كركوك كانت الوحيدة من بين الجامعات العراقية التي كانت رئاستها أصالة وليست وكالة. أضافت أن رئاسة جامعة كركوك هي من حصة المكون التُركماني، وأن تبديل الرئاسة لصالح أبناء القوميات الأخرى أنما هو "استخفاف بحقوق مكون دافع عن كركوك بصلابة ليكون ضمن العراق"، في إشارة إلى وقوف التُركمان إلى جانب السُلطة المركزية في صراعها مع إقليم كُردستان العراق على تبعية مُحافظة كركوك لأي من الطرفين. 

الجهات السياسية التُركمانية طالبت بأن تبقى رئاسة الجامعة من حصة المكون التُركماني، للحِفاظ على التوازن في المؤسسات العامة في المُحافظة، مُعتبرة أن أبناء المكون التُركماني في المُحافظة يملكون الكفاءات المناسبة لذلك.

تدخل الحشد الشعبي 

ارتفعت حدة التوتر الخميس 30 مايو (أيار) الماضي، بعد تداول أنباء عن استعانة رئيس الجامعة السابق تقي بقوة من فصيلٍ للحشد الشعبي التُركماني، لمنع الرئيس المُعين من مزاولة مهماته.  

النائب السابق عن حزب الاتحاد الوطني الكُردستاني شاخوان عبدالله صرح أن الدكتور اسماعيل تعرض لتهديدات من فصائل الحشد الشعبي. وأصدرت بهار محمود، عضو في البرلمان العراقي عن كُتلة التغيير الكُردية، بياناً انتقدت فيه تدخلات الحشد الشعبي في الشؤون التعليمية، مُطالبة رئيس الجمهورية بصفته حامياً للدستور، ورئيس الوزراء باعتباره قائداً عاماً للقوات المُسلحة، إلى التدخل السريع ومنع القوى الأمنية من التدخل في القرارات الحكومية والإدارية. 

الهيئة العامة للحشد الشعبي أصدرت بياناً خاصاً بالأمر، نفت فيه الأنباء المُتداولة عن تدخلها في شأن جامعة كركوك، مؤكدة أنها قوة أمنية نظامية تابعة للسُلطة المركزية، ولا يُمكن لها أن تتدخل وترفض أي قرار صادر عن هذه الجهة التي تتبع لها، مُضيفة أن "الهيئة التي تعد جزءاً من قوى الأمن ترفض هذه الاتهامات الباطلة، وتدعو وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية إلى استقاء معلوماتها من القنوات الرسمية المعروفة للهيئة".

شكوك بنوايا الحشد الشعبي 

جهات سياسية وإدارية كُردية في المدينة شككت في نوايا فصائل الحشد الشعبي، على الرغم من الوجه الإيجابي للبيان الصادر عن الهيئة العامة للحشد الشعبي. وأشارت إلى أن كثيراً من فصائل الحشد الشعبي تتصرف من دون قرارات مركزية من الهيئة العامة للحشد، خصوصاً في منطقة حساسة مثل كركوك، حيث تتصرف فصائل عدة باعتبارها أجنحة مُسلحة لقوى سياسية مُتصارعة ضمن المدينة، أكثر من كونها فصيلاً وجزءاً من الهيئة العامة للحشد الشعبي، تأتمر وتلتزم بالقرارات الصادرة عنها.  

كذلك، أشارت تعليقات متابعين إلى السلوكيات ثُنائية الوجه التي تصدر عادة عن فصائل الحشد الشعبي. ففي وقتٍ تنفذ مُختلف الفصائل سلوكياتها وخياراتها الخاصة، فإن هيئة الحشد العامة تُصدر بيانات نفي لمثل تلك التصرفات. مُشيرة إلى عملية تهديد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، التي حدثت من قِبل جهة معروفة من فصائل الحشد الشعبي، لكن الهيئة العامة للحشد نفت علمها وقبولها بمثل ذلك التصرف. وكانت تُشير إلى عملية قصف السفارة الأميركية في بغداد، التي كانت جهة الحشد الشعبي التي تقف وراءها معروفة، إلا أن هيئة الحشد الشعبي نفت علمها وتأييدها. 

المراقبون الأكراد أكدوا أن غالبية طلبة الجامعة هُم من الكُرد، كذلك ثمة نمو في أعداد الكادر التدريسي والتعليمي الكُردي ضمن مؤسسات الجامعة، التي تُعتبر الجهة الحكومية الأكثر حيوية ودوراً في الحياة العامة في المدينة، إلى جانب مؤسسات القطاع النفطي. ويشيرون إلى أن ذلك كان يُثير حفيظة القوى السياسية والكوادر الإدارية التُركمانية والعربية، التي كانت ترى نفسها صاحبة "السطوة" في المؤسسات العامة، بفعل تأييد السُلطة المركزية لهم.

صراع على كُل شيء 

بسبب تبدل سُلطة الحُكم الفعلية في مُحافظة كركوك أكثر من مرة طوال السنوات الخمس الماضية، صارت المكونات القومية الرئيسية في المُحافظة، الكُرد والعرب والتُركمان، يخوضون صراعاً مُستميتاً على المناصب والمواقع الإدارية والأمنية والاقتصادية، مُعتبرين أن أي موقع كان يستطيع أن يؤثر في مستقبل المحافظة وهويتها وتابعيتها السياسية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طوال العامين 2003- 2014 كانت المُحافظة مركز المناطق المُتنازع عليها بين السُلطة المركزية وإقليم كردستان العراق. لأجل ذلك، فإن الطرفين توافقا على إدارة المُحافظة بالشراكة وتقاسم المواقع الإدارية والأمنية والاقتصادية في المُحافظة.  

لكن، بعد تمدد تنظيم داعش في المناطق الغربية من البلاد عام 2014، فإن قوات البشمركة والأسايش الكُردية سيطرت تماماً على المُحافظة، بطلب من السلطة المركزية. هذه السيطرة التي سمحت للكُرد بفرض نفوذهم الإداري والاقتصادي على المُحافظة. 

لكن الأمور انقلبت بعد ثلاث سنوات، حينما أعادت قوات الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي سيطرتها على المحافظة والمناطق المتنازع عليها، بتشجيع من إيران وتُركيا. وقتها تم عزل المُحافظ الكُردي نجم الدين كريم، وعينت الحكومة المركزية محافظاً عربياً بالوكالة، هو راكان الجبوري.  

مُنذ ذلك الحين ويشكو الكُرد من عمليات الاستبعاد التي تطالهم في مختلف مؤسسات المحافظة، مُذكرين بأن تصرفات المُحافظ الجديد تشابه عمليات التعريب التي كانت تُمارسها الحكومات البعثية السابقة. 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي